12 / 04 / 2009, 56 : 07 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 29 / 12 / 2008 | العضوية: | 18488 | المشاركات: | 20,729 [+] | بمعدل : | 3.56 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 2270 | نقاط التقييم: | 83 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:ـ نتناول اليوم جانباً من جوانب حياة شباب صدر الإسلام رضوان الله عليهم، واجتهادهم في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، يبلغون دعوة الله ويسيرون على نهج رسول الله صلى عليه وسلم. إن جهد النبي صلى الله عليه وسلم في إعداد الشباب للدعوة أنتج جيلاً من الدعاة يحملون رسالته، ويدعون من بعده إلى شهادة أن لا إله اللّه، وأن محمداً رسول الله، متبعين منهجه في دعوته، داعين إلى اللّه على بصيرة، بالحكمة، والموعظة الحسنة، كما قال سبحانه: )قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ( [يوسف: 108]. إن مما شجع شباب صدر الإسلام في جدهم ونشاطهم في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى والبذل فيها في كل ميدان، هو إدراكهم لفضل هذه الدعوة، وما رتبه الله سبحانه وتعالى عليها من الأجر العظيم والثواب الجزيل، كما في قوله سبحانه وتعالى )ومن أحسن قولاً مما دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين( وفي فضل الدعوة قال عليه الصلاة والسلام :"مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا" [أخرجه مسلم]. وإدراك هذا الفضل العظيم للدعوة إلى الله يجعل المسلم يجتهد في ذلك، كيف وشباب صدر الإسلام هم أحرص الناس على الخير، وأكثرهم رغبة فيما يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى؛ لذا فقد كان لشباب صدر الإسلام الذين حملوا الدعوة في حياته ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبعد مماته مواقف مشهودة، ونتائج محمودة؛ لأنهم حملوا الدعوة على أتم وجوهها، وفي شتى ميادينها. لقد كان أفراد شباب صدر الإسلام مدركين تماماً لمهمتهم في الدعوة إلى اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ، ولم يكن فهمهم للدعوة مقصوراً على بضع كلمات تلقى على الأفراد والجماعات، بل الأمر أشمل من ذلك، فهم يعرفون تماماً أن حماية القائد وتسهيل مهمته من الأساسيات في العمل الدعوي، وخاصة أن قائدهم كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الذي بموته انقطع الوحي من السماء. ويدركون أيضاً من الأمور المهمة في الدعوة: إحاطة الدعوة وحمايتها من كيد الكائدين، وبذل الجهد في خدمة أهلها، وفي كل سبيل من شأنه نشر هذا الدين، وتبليغ الدعوة إلى العالمين . فعلى سبيل المثال من مواقفهم المشهودة في الحرص على سلامة قائدهم، ما ورد عن عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ قالت: أرِق[1] النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: "ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة"، إذ سمعنا صوت السلاح، قال: "من هذا؟" قال: سعد يا رسول اللّه، جئت أحرسك، فنام النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا غطيطه[2]. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك أبعاد المعركة بين الحق والباطل، ويدرك خطورة الموقف، ويعلم أنه الهدف الأول من أهداف العدو، فكان على يقظة وانتباه وحذر شديد ـ وهكذا يجب أن يكون قادة الدعوة ـ وخاصة في الليل حيث يختلط الظلام، ويسهل تسلل الأعداء، فالنبي تمنى حراسة أصحابه له في الليل، مع قوة توكله ـ عليه الصلاة والسلام ـ، ولكنه سبب، وفعل الأسباب المشروعة لا ينافي التوكل على الله، ما لم يتعلق القلب بها. وبدون أمر من رسول اللّه صلى عليه وسلم يحمل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سلاحه ويتوجه لحراسة الرسول صلى عليه وسلم، إنه الشعور من جنود الدعوة بخطورة الموقف والحرص الشديد على سلامة القائد. وفي معركة أحد نماذج أخرى في التسابق لحماية القائد، كما علمنا أن طلحة ابن عبيدالله رضي الله عنه كان يدافع عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى شلت يده، كما ورد عن قيس ابن أبي حازم قال: "رأيت يد طلحة التي وقى بها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد شلت"[3]. وشماس بن عثمان الذي كان يقاتل دون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فكان صلى الله عليه وسلم لا يرمي ببصره يميناً ولا شمالاً، إلا رأى شماساً في ذلك الوجه، يذب بسيفه عنه[4]. وفي تلك المواقف تنبيه لرجال الدعوة لحراسة قادتها، مما يجعلهم بمنجى من أيدي الأعداء، وغدر الغادرين، ويجب ألا ننسى أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين، ذهبوا غيلة، وهم قمم في العدل والتقوى في هذا الوجود: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. وكلما كان عدل القادة وتقواهم وصلاحهم ونشاطهم في دعوتهم أكثر، كان أدعى للحراسة؛ لأن العدو لا يطيق وجودهم. كانت الدعوة ابتداء سرية، يلتقي الرسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين، والأصدقاء المقربين، والصفوة المختارة من الصحبة الأبرار، لرعاية دوحة الإسلام، حتى ينمو عودها وتشتد ساقها. ومثل الدعوة السرية كمثل الجنين في بطن أمه، فإنه لا يظهر للوجود قوياً صالحاً بل لابد له من فترة ينمو فيها جسمه، وتزداد قوته، حتى يقاوم دواعي الفناء، ويأخذ من عناصر البقاء في مجتمعه الجديد. فالدعوة كذلك، ولكن تُرى، ما هو ذلك الرحم الذي احتضن الجنين ورعاه، حتى ترعرع واكتملت قواه؟ إنه دار الأرقم بن أبي الأرقم! فتى من قريش، يبلغ حوالي ستة عشر عاماً. لم يكن سيداً من سادات قريش، ولم يكن صاحب مكانة اجتماعية بينهم، حتى ولم يكن شيخاً كبيراً يقدر لسنه، ومع هذا كله كانت داره هي المحضن الأول للدعوة الإسلامية ولعل ذلك يعود إلى أمور منها: 1- أن الأرقم لم يكن معروفاً بإسلامه. فما كان يخطر ببال قريش أن يتم لقاء محمد وأصحابه في داره. 2- أن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه كان فتى عند إسلامه، فلقد كان في حدود السادسة عشرة من عمره، ويوم تفكر قريش في البحث عن مركز التجمع الإسلامي، فلن يخطر ببالها أن تبحث في بيوت الفتيان الصغار من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بل يتجه نظرها وبحثها إلى بيوت كبار أصحابه، أو بيته هو نفسه ـ عليه الصلاة والسلام ـ. 3- قبيلة الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه هم بنو مخزوم، وقبيلة بني مخزوم هي التي تحمل لواء التنافس والحرب ضد بني هاشم، فلو كان الأرقم معروفاً بإسلامه، فلن يخطر في البال أن يكون اللقاء في داره؛ لأن هذا يعني أنه يتم في قلب صفوف العدو[5]. وفي الختام نسأل المولى جل وعلا أن يلهمنا رشدنا، وأن يوفقنا لصلاح ديننا ودنيانا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[ih] hg]u,m uk] afhf w]v hghsghl
|
| |