الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | أبو عادل | مشاركات | 25 | المشاهدات | 16816 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
22 / 01 / 2010, 48 : 07 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح لما سأل عمرو بن العاص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه قال: "عائشة" [متفق عليه]. وعندما جاءت أم المؤمنين أم سلمة -رضى اللَّه عنها- إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتشتكى من أمر يتعلق بعائشة، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أم سلمة لا تؤذينى في عائشة؛ فإنه -واللَّه- ما نزل على الوحى وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها" [متفق عليه]. وُلدت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضى اللَّه عنها - قبل الهجرة بحوالى ثمانى سنوات، في بيت عامر بالإيمان، ممتلئ بنور القرآن، فأبوها الصديق أبو بكر صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وثانى اثنين إذ هما في الغار، وأول من آمن من الرجال، وأول خليفة للمسلمين بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأمها السيدة أم رومان بنت عامر، من أشرف بيوت قريش وأعرقها في المكانة. وقد شاركت السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- منذ صباها في نصرة الإسلام، فكانت تساعد أختها الكبيرة أسماء في تجهيز الطعام للنبى صلى الله عليه وسلم وأبيها وهما في الغار عند الهجرة. وبعد أن استقر مقام المسلمين في مدينة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرسل أبو بكر الصديق إلى ابنه عبد اللَّه يطلب منه أن يهاجر بأهل بيته: عائشة، وأسماء، وأم رومان، فاستجاب عبد اللَّه بن أبى بكر ومضى بهم مهاجرًا، وفى الطريق هاج بعير عائشة فصاحت أم رومان: وابنتاه وا عروساه. ولكن اللَّه لطف، وأسرع الجميع إلى البعير ليسكن، وكان في ركب الهجرة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة أم كلثوم بنتا رسول اللَّه ( وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، ونزلت السيدة عائشة مع أهلها في دار بنى الحارث بن الخزرج، ونزل آل النبي صلى الله عليه وسلم في منزل حارثة بن النعمان. وبدأتْ مرحلة جديدة في حياة أم المؤمنين عائشة - رضى اللَّه عنها - فقد تزوجها النبي ( وهى بنت ست سنين، وبنى بها وهى بنت تسع سنين. [البخاري]. وكان بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي دخلت فيه أم المؤمنين عائشة -رضى اللَّه عنها- حجرة واحدة من الطوب اللَّبِن - النَّـيِّـئ - والطين ، ملحق بها حجرة من جريد مستورة بالطين، وكان باب حجرة السيدة عائشة مواجهًا للشام، وكان بمصراع واحد من خشب، سقفه منخفض وأثاثه بسيط: سرير من خشبات مشدودة بحبال من ليف عليه وسادة من جلد حَشْوُها ليف، وقربة للماء، وآنية من فخارٍ للطعام والوضوء. وفى زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُك في المنام مرتين: أرى أنك في سَرقة (قطعة) من حرير، ويقول: هذه امرأتك. فأكشف فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه" [البخارى ومسلم وأحمد]. وانتظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يخطب عائشة حتى جاءته خولة زوج صاحبه عثمان بن مظعون ترشحها له. أحبت السيدة عائشة النبي حبَّا كبيرًا، ومن فرط هذا الحب كانت فطرتها - مثل النساء - تغلبها فتغار. ومرت الأيام بالسيدة عائشة هادئة مستقرة حتى جاءت غزوة بنى المصطلق، فأقرع النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه (أى أجرى القرعة بينهن لتخرج معه واحدة في السفر) وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك مع أزواجه إذا خرج لأمر، فخرج سهمها فخرجت معه صلى الله عليه وسلم، حتى إذا فرغ النبي من غزوته، وعاد المسلمون منتصرين، استراح المسلمون لبعض الوقت في الطريق، فغادرت السيدة عائشة هودجها، فانسلّ عِقدها من جيدها (عنقها)، فأخذت تبحث عنه.. ولما عادت كانت القافلة قد رحلت دون أن يشعر الرَّكْبُ بتخلفها عنه، وظلَّت السيدة عائشة وحيدة في ذلك الطريق المقفر الخالى حتى وجدها أحد المسلمين - وهو الصحابى الجليل صفوان بن المعطل - رضى اللَّه عنه - فركبت بعيره، وسار بها، واللَّه ما كلمها ولاكلمته، حتى ألحقها برسول اللَّه (، إلا أن أعداء اللَّه تلقفوا الخبر ونسجوا حوله الخزعبلات التي تداعت إلى أُذن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأثرت في نفسه، ونزلت كالصاعقة عليه وعلى أبيها"أبى بكر" وأمها "أم رومان" وجميع المسلمين، لكن اللَّه أنزل براءتها من فوق سبع سماوات فنزل في أمرها إحدى عشرة آية؛ لأنه يعلم براءتها وتقواها، فقال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11]. وتقول السيدة عائشة لما علمت بحديث الإفك: وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندى أبواى وقد بكيت ليلتى ويومًا، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندى وأنا أبكى استأذنتْ امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها، فجلست تبكى معي، فبينما نحن كذلك إذ دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجلس - ولم يجلس عندى من يوم قيل في ما قيل قبلها- وقد مكث شهرًا لا يُوحى إليه في شأنى شيء، فتشهَّد، ثم قال: "يا عائشة، فإنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللَّه، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى اللَّه وتوبى إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب اللَّه عليه". فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قَلَص دمعى حتى ما أُحِس منه قطرة، وقلتُ لأبي: أجب عنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما قال. قال: واللَّه لا أدرى ما أقول لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقلت لأمي: أجيبى عنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما قال. قالت: ما أدرى ما أقول لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن. إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم ما يُحَدِّثُ به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به، وإن قلتُ لكم إنى بريئة - واللَّه يعلم أنى بريئة - لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - واللَّه يعلم أنى بريئة - لتصدقني، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلا إلا قول أبى يوسف: فّصّبًرِ جّمٌيلِ بًمٍسًتّعّانٍ عّلّي" مّا تّصٌفٍون [يوسف:18]. ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن واللَّه ما ظننتُ أن يُنزِل في شأنى وحيًا، ولأنا أحقر في نفسى من أن يُتكلم بالقرآن في أمري، ولكنى كنت أرجو أن يرى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا تبرئني، فواللَّه ما رام مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أُنزل عليه الوحى ... فلما سُرِّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو يضحك (أى انكشف عنه الوحى ثم ابتسم)، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: "يا عائشة، احمدى الله، فقد برأك اللَّه". فقالت لى أمي: قومى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لا واللَّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلا اللَّه، فأنزل اللَّه تعالي: إن الذين جاءوا بالإفك. [البخاري]. وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالحها فقال لها ذات يوم : "إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على غَضْـبَـي". فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال : "أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر إلا اسمك. [البخاري]. تلك هي المؤمنة ،لا يخرجها غضبها عن وقارها وأدبها، فلا تخرج منها كلمة نابية، أو لفظة سيئة. ولما اجتمعت نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومعهن السيدة عائشة لطلب الزيادة في النفقة منه رغم علمهن بحاله، قاطعهن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تسعة وعشرين يومًا حتى أنزل اللَّه تعالى قوله الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا.وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 28-29]. فقام النبي صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة إنى ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلى حتى تستأمرى أبويك". قالت: وقد علم أن أبواى لم يكونا ليأمرانى بفراقه، قالت: ثم قال: "إن اللَّه تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ)[الأحزاب: 82]. حتى بلغ: (لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 29]. فقلت: في هذا أستأمر أبوي؟ فإنى أُريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة. وكذا فعل أزواج النبي جميعًا. وعاشت السيدة عائشة مع رسول اللَّه حياة إيمانية يملأ كيانها نور التوحيد وسكينة الإيمان، وقد حازت -رضى اللَّه عنها- علمًا غزيرًا صافيًا من نبع النبوة الذي لا ينضب، جعلها من كبار المحدثين والفقهاء، فرُوى عنها من صحيح الحديث أكثر من ألفين ومائة حديث، فكانت بحرًا زاخرًا في الدين، وخزانة حكمة وتشريع، وكانت مدرسة قائمة بذاتها، حيثما سارت يسير في ركابها العلم والفضل والتقي، فقد ورد عن أبى موسى -رضى اللَّه عنه- قال: ما أُشْكِلَ علينا -أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم- حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا. وكان للسيدة عائشة -رضى الله عنها- علم بالشعر والطب، بالإضافة إلى علمها بالفقه وشرائع الدين. وكان عروة بن الزبير -رضى الله عنه- يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشِعْر من عائشة -رضى الله عنها-. ومن جميل ما أسدته السيدة عائشة للمسلمين أنها كانت سببًا في نزول آية التيمم، يروى عنها أنها قالت: أقبلنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بِتُرْبان (بلد يبعد عن المدينة عدة أميال وهو بلد لا ماء به) وذلك وقت السحر، انسلت قلادة من عنقى فوقعت، فحبس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (أى أمر بالبقاء لالتماسها في الضوء) حتى طلع الفجر، وليس مع القوم ماء، فلقيت من أبى ما اللَّه به عليم من التعنيف والتأفُّف، وقال: في كل سفر للمسلمين يلقون منك عناء وبلاء، فأنزل اللَّه الرخصة في التيمم، فتيمم القوم وصلوا، قالت: يقول أبى حين جاء من اللَّه الرخصة للمسلمين: واللَّه ما علمت يا بنية إنك لمباركة !! ما جعل اللَّه للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر!! وفى رواية قال لها أُسيد بن حضير: جزاك اللَّه خيرًا، فواللَّه ما نزل بك أمر تكرهينه قط إلا جعل اللَّه لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة. لم يتزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكرًا غيرها، فلقد تزوجها بعد أم المؤمنين خديجة وأم المؤمنين سودة بنت زمعة رضى اللَّه عنهن جميعًا-؛ رغبة منه في زيادة أواصر المحبة والصداقة بينه وبين الصدِّيق -رضى اللَّه عنه-. وكانت منزلتها عنده صلى الله عليه وسلم كبيرة، وفاضت روحه الكريمة في حجرها. وعاشت -رضى اللَّه عنها- حتى شهدت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان - رضى اللَّه عنه - وحضرت معركة الجمل، وكانت قد خرجت للإصلاح. واشتهرت - رضى اللَّه عنها - بحيائها وورعها، فقد قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبى - رضى اللَّه عنه - واضعة ثوبى وأقول إنما هو زوجى وهو أبي، فلما دُفِن عمر - رضى اللَّه عنه - (معهما) واللَّه ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياءً من عمر - رضى اللَّه عنه-. وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج النبي ( حل لهما. وكانت -رضى الله عنها- كريمة؛ فيُروى أن "أم درة" كانت تزورها، فقالت: بُعث إلى السيدة عائشة بمال في وعاءين كبيرين من الخيش: ثمانين أو مائة ألف، فَدَعت بطبق وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسم بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك المال درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلُمى إفطاري، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم درة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا لحمًا بدرهم فنفطر به. فقالت: لا تُعنِّفيني، لو كنتِ ذكَّرتينى لفعلت. ومن أقوالها : * لا تطلبوا ما عند اللَّه من عند غير اللَّه بما يسخط اللَّه. * كل شرف دونه لؤم، فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه شرف فالشرف أولى به. * إن للَّه خلقًا قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ للجبناء، فأفٍّ للجبناء. * أفضل النســـاء التي لا تعرف عـيب المقـــال، ولا تهتـدى لمكر الرجــــال، فارغـة القـلب إلا من الـزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها. * التمسوا الرزق في خبايا الأرض. * رأت رجـًلا متمـاوتًا فقـالـت: ماهـذا؟ فقـيـل لهـا: زاهــد. قالت: كان عمــر بن الخطــــاب زاهدًا ولكنه كان إذا قال أسمع،وإذا مشى أسرع،وإذا ضرب في ذات اللَّه أوجع. * علِّموا أولادكم الشعر تعذُب ألسنتهم. هذه هي السيدة عائشة بنت الصديق -رضى اللَّه عنها- حبيبة رسول اللَّه (، والتى بلغت منزلتها عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مبلغًا عظيمًا، فقد رضى الله عنها لرضا رسوله صلى الله عليه وسلم عنها، فعن عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: "يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام". فقلتُ: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته" [متفق عليه]. وفى ليلة الثلاثاء 17 من رمضان في السنة 57 من الهجرة توفيت أم المؤمنين السيدة عائشة وهى في سن السادسة والستين من عمرها، ودفنت في البقيع، وسارت خلفها الجموع باكية عليها في ليلة مظلمة حزينة، فرضى اللَّه عنها وأرضاها. موسوعة الاسرة المسلمة. ( uhzam fkj Hfn f;v ):Hl hglclkdk>> ******m> | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 50 : 07 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح عائشة أم المؤمنين - الفقيهة.. السياسية الصديقة بنت الصديق أخرج الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما توفيت خديجة رضي الله عنها قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها: · يا رسول الله ألا تتزوّج؟ قال: · ومن؟ قالت: · إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا، قال: · فمن البكر؟ قالت: · ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر. قال: · فمن الثيب؟ قالت: · سودة بنت زمعة. قال: · فاذهبي فاذكريهما عليّ. فجاءت فدخلت بيت أبي بكر فوجدت أم رومان أم عائشة رضي الله عنهما، فقالت: "يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قالت: وددت، انتظري أبا بكر فإنه آت، فجاء أبوبكر فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، فقال: هل تصلح له؟ إنما هي بنت أخيه. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: ارجعي إليه فقولي: أنت أخي في الإسلام وأنا أخوك، وابنتك تصلح لي، فأتت أبا بكر فقال: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فأنكحه. وكل ما نعلمه عن عائشة يومذاك أنها بنت ست سنين أو سبع، وأنها كانت قد خطبت (لجبير بن المطعم بن عدي) وأن أبا بكر وعده.. فلما طلبها رسول الله.. ذهب أبو بكر إلى المطعم ليكلمه بشأن هذه الخطبة فوجد عنده امرأته (أم جبير)، فبادرت أبا بكر وقالت: لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى تصبيه (فيرتد عن دينه) وتدخله في دينك الذي أنت عليه، فاقبل أبو بكر على المطعم وقال له: ماذا تقول أنت؟ فقال: إنها لتقول ما تسمع. فخرج من عنده واعتبر هذا الكلام يحلّه من وعده السابق.. فدعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه عائشة. وهكذا دخلت عائشة التاريخ من أوسع أبوابه. عاشت في بيت النبي زوجة كريمة محبوبة، وشاهدة ذكية على ميراث النبوة تقتبس وتحفظ وتستوعب كل ما ترى.. لتكون بعد ذلك شاهد صدق ووزير خير ومعلّما لكل من أراد أن يتعرف على أحوال النبي في بيته وأهله. أما قوم عائشة فهم بنو تيم، عرفوا بالكرم والشجاعة والأمانة وسداد الرأي، كما كانوا مضرب المثل في البر بنسائهم والترفق بهن وحسن معاملتهن. وأما أبوها فأبو بكر الذي كان له إلى جانب هذا الميراث الطيب، شهرة ذائعة في دماثة الخلق وحسن العشرة ولين الجانب. وأجمع مؤرخو الإسلام على أنه (كان أنسب قريش لقريش، وأعلم الناس بها وبما كان فيها من خير وشر. وكان تاجرا ذا خلق معروف، يأتيه رجال قومه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لعلمه وخبرته وحسن مجالسته) [1]. وأما أمها فـأم رومان بنت عامر الكنانية، من الصحابيات الجليلات. قال فيها رسول الله [ عندما توفيت: اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفي رسولك. وقال فيها أيضا: (من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان). أما عائشة فالحديث عنها يطول.. وفي سيرتها عبر ودروس لا حصر لها تحتاج إليها كل امرأة مسلمة عاملة في موكب الدعوة. عائشة أمّ المؤمنين عندما يمعن الإنسان الحصيف النظر في سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين يجـد كيف أنها شهدت المواقع كلها.. وكيف أعدّها القدر على عينه لتصبح في بيت أبيها الصديق أو بيت زوجهــا النبي.. إحدى شاهدات العصر الإسلامي في مراحل قوته وضعفه، وفي مرحلة انبساطه وانكماشه، وفي مرحلة فتنه وعطائه.. نشأت في بيت كريم، فكان أبوها وجيها في قومه، ميسورا في تجارته، مضرب الأمثال في حلمه وصدقه. كان من أوائل المقبلين على اعتناق الدين الجديد، يقول فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أبي بكر.. ما عكم حين ذكرته له وما تردد فيه) [2]... وأصبح بالتالي هو وبيته وماله تحت تصرف الدعوة وقائدها.. يقول النبي: (ما نفعني مال قط، ما نفعنا مال أبي بكر). وعندما يسمع أبو بكر ذلك يبكي ويقول: وهل أنا ومالي إلا لك..؟ كان النبي لا يخطئ أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إمّا بكرة وامّا عشية[3]. عاشت عائشة الصغيرة في هذا البيت الكريم.. تشاهد الأحداث فتحفظها وتترسب آثارها في ذاكرتها.. فالطفل لا ينسى. شهدت إسلام أبيها.. وشهدت مرحلة الكفاح الدامي بين دعاة الحق وكفار قريش يسومونهم سوء العذاب.. وشهدت صراع العقيدة مع جميع الولاءات الجاهلية، فلقد ترك المؤمنون والمؤمنات أرضهم وملاعب صباهم ليهاجروا إلى الحبشة فرارا بدينهم.. وانحاز المؤمنون إلى فريقهم تاركين الأهل والآباء والأبناء وأصبحوا أمة من دون الناس.. وشهدت فصول الهجرة الكبرى.. هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبيها إلى المدينة المنورة. في بيتها وأمام عينيها خططا للهجرة، ومن ذلك المكان خرجا ولا يعلم بخروجهما أحد في مكة إلا عليّ بن أبي طالب وآل أبي بكر.. كانت عائشة وحيدة في البيت ترقب.. فأخوها عبد الله يتسلل بين الناس يتسمع ما يقولون.. وأسماء أختها تنشغل بتدبير طعام تحمله خفية إلى الغار إذا جنّ المساء [4]. تسمع من أخيها عبد الله، حنق قريش على المهاجرين.. ورصدهم مائة ناقة لمن يدلهم عليهما. وخروج نفر من فرسان قريش في طلبهما.. وتحدثها أختها أسماء بعد كل زيارة لها عن الغار وصعوبة البقاء فيه وعن المشركين المطاردين وهم يقفون على قيد خطوة منهما.. لم يكد يتحمل رأس الصبية الصغيرة كل هذا الصراع الذي اشتركت فيه كل عناصر الشر، ولكن ثقتها بالنبي وبأبيها الصديق وبعين الرحمن التي لا تنام.. كانت أكبر من كل مكر شيطاني مريد.. وتنفست عائشة الصعداء وهي تسمع لأختها أسماء تحدثها عما كان: (عند هدأة المساء في تلك الليلة التاريخية الخالدة على الدهر، جاء الدليل، عبد الله بن أريقط البكري يسوق الراحلتين اللتين أودعهما أبو بكر منذ أيام وراحلة له ثالثة، فأناخ عند فتحة الغار، فخرج الرسول وصاحبه، وجاءت أسماء بطعامها في سفرة وقد فاتها أن تجعل للسفرة عصاما، فلما همّا بالرحيل وأرادت أن تعلقها، أعوزها العصام تربط به السفرة إلى الرحل، فحلت نطاقها فشقته نصفين، علقت السفرة باحدهما، وانتطقت بالشق الآخر فكانت ذات النطاقين. ونظر أبو بكر إلى الراحلتين، فقرب أفضلهما للنبي وقال: - اركب فداك أبي وأمي. وسرى الركب ممعنا إلى الجنوب، في طريق غير مطروق، ووقفت أسماء تتبعه بعينيها وقلبها حتى أبعد.. فعادت وحدها إلى البيت.. وهي توجس خيفة من تنبه المطاردين.. وغابت عائشة عمّا حولها.. ومضت تسري بروحها في أثر الراحلين [5]. ولم توقظها غير طرقات عنيفة على الباب.. لقد جنّ جنون قريش.. جاءوا يسألونها في غلظة: - أين أبوك يا بنت أبي بكر..؟ وعندما نفت علمها بشيء.. كانت يد أبي جهل ترتفع فتلطم خد أسماء لطمة قاسية طرحت قرطها... ووصلت الأخبار إلى مكة بأن محمدا وصاحبه قد وصلا إلى يثرب.. وهدأت عائشة بعد طول قلق واضطراب.. واشتعل شوقها للحاق بالمهاجرين.. في دار الهجرة [6].. في الطريق إلى يثرب... بعد نحو شهر، جاء زيد بن حارثة من دار الهجرة ليصحب بنات المصطفى إليه، ومعه رسالة من أبي بكر إلى ابنه عبد الله، يطلب إليه فيها أن يلحق به، مصطحبا أم رومان زوج أبي بكر، وابنتيه أسماء وعائشة. مازالت عائشة تذكر تلك الرحلة المثيرة عبر الصحراء إلى المدينة.. فتقول: حتى إذا كنت بالبيداء نفر بعيري وأنا في محفّة معي فيها أمي فاستغاثت أم رومان مذعورة: وابنتاه، واعروساه.. فأسرع عبد الله بن أبي بكر وطلحة بن عبيد الله وزيد بن حارثة فردوا البعير النافر. ووصلوا أخيرا إلى يثرب واستقرت عائشة في السنّح في بيت أبيها أبي بكر. عائشة في بيت النبي وما أن استقر المقام في الموطن الجديد.. وأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء المسجد والمنزل الجديد.. حتى تحدث أبو بكر إلى محمد صلى الله عليه وسلم في إتـمام الزواج الذي عقده في مكة منذ ثلاث سنين.. وتصف عائشة حفل زفافها فتقول: جاء رسول الله بيتنا فاجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء، فجاءتني أمي وأنا في أرجوحة، فأنزلتني ثمّ سوّت شعري ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني فأدخلتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا.. وقالت: (هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهن، وبارك لهن فيك).. ووثب القوم والنساء فخرجوا، وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، ما نحرت عليّ جزور ولا ذبحت من شاة. وانتقلت عائشة بعد ذلك إلى بيتها الجديد، الذي لم يكن أكثر من حجرة صغيرة بنيت حول المسجد، من اللبن وسعف النخيل، ووضع فيه فراش من أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير، وعلى فتحة الباب أسدل ستار من الشعر. في هذا البيت البسيط المتواضع بدأت عائشة حياة زوجية حافلة، وكما كانت شاهدة على أحداث الإسلام منذ يومها الأول ترقبها في بيت أبيها الصديق.. فقد أصبحت شاهدة على حياة النبي القائد تنهل من علمه وحكمته وسيرته ما وسعها عقلها وذكاؤها أن تنهل وتتعلم.. لقد كانت عائشة باستمرار في وسط المعركة.. · معركة تقودها مع الضرائر من حولها في بيت زوجها، تحاول أن تستأثر بقلبه وحبه دون الأخريات.. رصيدها في ذلك حب رسول الله لأبيها: فقد كان من أحب الناس إليه وأقربهم منه.. ورصيدها أنها الوحيدة من بين جميع نسائه في السابق واللاحق من لدن خديجة حتى اخراهن التي زفّت بكرا إلى زوجها لم تعرف قط رجلا غيره.. ورصيدها أنها عروس حلوة، خفيفة الجسم، ذات عينين واسعتين وشعر جعد، ووجه مشرق، مشرب بحمرة.. تدل على صاحباتها بصغر سنّها وجمال طلعتها.. · ومعركة أخرى تخوضها مع مروجي الإفك.. حين أحبّ قادة النفاق في المدينة أن يحاربوا النبي في شخصها.. فاتهموها بعرضها ليضربوا بحجر واحد زوجها وأبيها وبيضة الإسلام كله بعد ذلك.. · وخاضت عائشة معركة السياسة تقوّم المعوج، وتنادي بالإصلاح. تخالف عثمان رضي الله عنه في حياته، وتنادي بمحاكمة قتلته بعد استشهاده.. وكما انشغلت عائشة بمعاركها المستمرة في حياتها.. فقد انشغل المستشرقون والمفترون طويلا في هذه المعارك في حياتها وبعد مماتها.. · ناصبها بعض المسلمين العداء فقد كانت في الموقف السياسي المناوئ لسيدنا علي كرم الله وجهه.. ومازالت منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا هدفا لكتابات جهلائهم وغرضا لافتراءاتهم.. · وناصبها البعض الآخر العداء.. لموقفها السياسي الجريء وتدخلها في الصراع السياسي الذي نشب بين سيدنا علي والزبير وطلحة رضي الله عنهم أجمعين ورأيهم أن ليس للمرأة إلا الجلوس في بيتها.. وما لها والسياسة! · أما المستشرقون فيتحدثون عن زواج غريب جمع بين زوج كهل وطفلة غريرة عذراء(!) ويقيسون بعين الهوى، ظروف الجزيرة العربية اليوم والأمس بأعرافهم حيث لا تتزوج الفتاة عادة قبل سن الخامسة والعشرين.. وكان يمكن غض النظر عن مثل دعواهم الباطلة هذه.. فمثل هذا الزواج كان شائعا قبل وبعد زواج النبي من عائشة. وبيئة الجزيرة التي تنضج فيها الفتاة في وقت مبكر غير بيئة أوروبا التي عليها يقيسون، ولقد أدرك ذلك المستشرق بودلي بعدما زار الجزيرة العربية فعاد من زيارته يقول: كانت عائشة على صغر سنها نامية ذلك النمو السريع الذي تنموه نساء العرب. ومثل هذا الزواج مازال عادة آسيوية، وشرق أوروبية وكذلك كان طبيعيا في إسبانيا والبرتغال حتى سنين قليلة [7]. ثم مالنا ولهؤلاء المستشرقين.. فإن عائشة من أعلى بيوتات الجزيرة، ومن أفصح قومها لسانا، ومن أشدّهن ثقة واعتدادا بنفسها.. فإذا هي أقبلت على هذا الزواج وتحدثت عنه وتاهت به.. فما بال الآخرين؟! يقول المؤرخ المنصف بودلي: (منذ وطئت قدمها بيت محمد، كان الجميع يحسون وجودها. ولو أن هناك شابة عرفت ماهي مقبلة عليه، لكانت عائشة بنت أبي بكر.. فلقد كونت شخصيتها منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه دور النبي الملحقة بالمسجد) [8]. لم تكن إذن مجرد طفلة غريرة ساذجة كما يدّعون!! لقد اكتمل نمو عائشة في بيت النبوة، ونضجت شخصيتها وتدرجت بين عيني الرسول من صبية يأتيها زوجها بصواحبها ليلعبن معها، أو يحملها على عاتقه لتطل على نفر من الحبشة يلعبون الحراب في المسجد، إلى شابة ناضجة مجربة، تسألها امرأة في مسألة دقيقة من مسائل الزينة والتجميل، فتجيبها: (إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتضعيهما أحسن مما هما فافعلي) [9]! حديث الإفك أما الحديث عن الإفك فقد أخرج ابن اسحاق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه. فلما كان غزوة بني المصطلق خرج سهمي عليهن معه، فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج، فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به. قالت: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي، قبل أن يؤذّن في الناس بالرحيل، وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار (خرز يماني). فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري. فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فألتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحّلون لي البعير ولم يشكّوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب، قد انطلق الناس. قالت: فتلففت ب***ابي، ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس إليّ. قالت: فوالله! إني لمضطجعة إذ مرّ بي صفوان بن المعطّل السلمي رضي الله عنه، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادي، فأقبل حتى وقف عليّ وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب. فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا متلففة في ثيابي. قال: ما خلّفك -يرحمك الله؟ قالت: فما كلمته، ثم قرّب إليّ البعير فقال: اركبي واستأخر عنّي. قالت: فركبت، وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس، فوالله! ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس. فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الأفك ما قالوا، فاضطرب العسكر ووالله! ما أعلم بشيء من ذلك. ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغني من ذلك شيء، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي. لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك، فأنكرت ذلك منه. كان إذا دخل عليّ وعندي أمـي تـمرضني. قال: (كيف تيكم) لا يزيد على ذلك. قالت: حتى إذا وجدت في نفسي فقلت: يا رسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني. قال: لا عليك. قالت: فانقلبت إلى أمي، ولا علم لي بشيء مما كان، حتى إذا نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة. فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب. قالت: فوالله! إنها لتمشي معي إذا عثرت في مرطها. فقالت: تعس مِسْطح! قلت: بئس لعمر الله!.. ما قلت لرجل من المهاجرين شهد بدرا. قالت: أَوَمَا بلغك الخبر يا بنت أبي بكر؟ قلت: وما الخبر؟ فأخبرتني بالذي كان من قول الإفك. قلت: أو قد كان هذا؟ قالت: نعم والله لقد كان. قالت: فوالله! ما قدرت على أن أقضي حاجتي، ورجعت، فوالله! مازلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي. وقلت لأمي: يغفر الله لك! تحدث الناس بما تحدثوا به، ولا تذكرين لي من ذلك شيئا. قالت: أي بنية! خففي عليك الشأن، فوالله! لقلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا كثّرن وكثّر الناس عليها. قالت: وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم- ولا أعلم بذلك- فحمد الله وأثنى عليه! ثم قال: (أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق؟ والله! ما علمت منهم إلا خيرا. ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي). قالت: وكان كِبْرُ ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مِسطح وحمنة بنت جحش وذلك أن أختها زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه، تناصيني في المنزلة عنده غيرها، فأما زينب رضي الله عنها فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا، وأما حمنة فـأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادّني لأختها، فشقيت بذلك. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ، فدعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى عليّ خيرا وقال: يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيرا، وهذا الكذب والباطل، وأما علي فإنه قال: يا رسول الله، إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف. وسل الجارية فإنها ستصدقك فدعا رسول الله بريرة يسألها. قالت: فقام إليها علي فضربها ضربا شديدا ويقول: اصدقي رسول الله. قالت: والله ما أعلم إلا خيرا، وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فتأتي الشاة فتأكله. قالت: ثم دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي. فجلس فحمد الله وأثنى عليه! ثم قال: (يا عائشة.. إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقي الله. وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقوله الناس، فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة من عباده). قالت: فوالله ما هو إلا أن قال لي ذلك، فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا، وانتظرت أبوي أن يجيبا عنّي رسول الله فلم يتكلما. قالت: وأيم الله! لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزّل الله فيّ قرآنا يُقرأ به ويُصلى به، ولكنّي كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب الله به عنّي لما يعلم من براءتي، ويخبر خبرا، وأما قرآنا ينزل فيّ فوالله! لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك. قالت: فلمّا لم أر أبوي يتكلمان قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله؟ فقالا: والله ما ندري بما نـجيبه. قالت: ووالله! ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام. قالت: فلما استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت: والله! لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا والله! إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس -والله يعلم أني منه بريئة- لأقولن مالم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني. قالت: ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره. فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: )فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون( [10]. قالت: فوالله! ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجّي بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله! ما فزعت وما باليت قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي، وأما أبواي، فوالذي نفس عائشة بيده! ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قاله الناس. قالت ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وانه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: (أبشري يا عائشة! قد أنزل الله عز وجلّ براءتك). قالت: قلت الحمد لله! ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت رضي الله عنهما، وحمنة بنت جحش رضي الله عنها وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدّهم [11]. وأخرجه أيضا الإمام أحمد وفي سياقه: قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه. فقلت: والله! لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل الذي أنزل براءتي، وأنزل الله عز وجل: )إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم. لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين. لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم، إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم. يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين. ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم. إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم( [12]. وحديث الإفك، الذي تناول بيت النبوة الطاهر الكريم، وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم إنسان على الله، وعرض صديقه الصديق أبي بكر رضي الله عنه أكرم إنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرض رجل من الصحابة صفوان بن المعطل رضي الله عنه يشهد رسول الله أنه لم يعرف عليه إلا خيرا.. هذا الحادث.. قد كلف أطهر النفوس في تاريخ البشرية آلاما لا تطاق، وكلف الأمة المسلمة كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل، وعلق قلب رسول الله وقلب زوجه عائشة التي يحبها، وقلب أبي بكر الصديق وزوجه، وقلب صفوان.. شهرا كاملا. علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لا يطاق [13]. والحادث مليء بالعبر.. يحتاج من يريد أن يعلق على مجمل حوادثه إلى كتاب كامل.. لقد أراد المرجفون النيل من الإسلام ومن صاحب الرسالة فاختاروا هدفهم في شخص السيدة عائشة بنت الصديق. فقد كانت شخصية هامة على كل الأصعدة: الأقرب من قلب رسول الله، والأفقه في دين الله، ومن بيت الصديق أقرب المؤمنين إلى رسول الله، ترعى المسلمات اجتماعيا، صاحبة رأي وفكر.. ومن هنا فإن تسديد الهدف لهذه الشخصية الكبيرة سيكون ذا واقع كبير وتأثير شديد على الإسلام وعلى صاحب الرسالة. وسام البراءة عائشة البريئة.. كانت تدرك أن الله تعالى مبرئها.. ولكنها لم تتوقع أن ينزل الله تعالى في شأنها قرآنا يتلى. (ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى. ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله [ في النوم رؤيا يبرئني الله تعالى بها).. وهكذا رفع القرآن من مكانة المرأة، واهتم رب العزة لقضيتها.. وأنزل فيها قرآنا يتعبد المسلمون بقراءته إلى ما شاء الله.. فبعد أن كانت المرأة في أنحاء الدنيا في جاهلية العرب وخارجها إنسانا هامشيا لا يحسب له أحد حسابا.. إذا به تنشغل السماء بمظلمته.. وينزل القرآن.. يبرأ صاحبة هذه المظلمة. واستعلت عائشة بالوسام القرآني.. وكانت تفاخر أبدا بقولها: (أنا التي أنزلت براءتي من السماء). ولم يكن وساما لصدر أم المؤمنين عائشة فحسب بل ولصدر جميع بناتها المسلمات الداعيات في كل مصر وعصر. عائشة العالمة دخلت عائشة بيت النبي وهي صغيرة، فترعرعت في مهبط الوحي، ومنبع العلم تغرف منه ما شاء لها ذكاؤها وعبقريتها، وتأثرت بهدي رسول الله فنشأت مجتهدة في دينها وعبادتها، وكان الرسول حفيا بها يعلمها، ويعني بها، ويخرج بها في مغازيه، وكانت أخبر الناس بتاريخ الرسول والمسلمين، كما كانت أعلم الناس بجاهلية العرب.. فلم ينتقل الرسول إلى جوار ربه حتى خلفها مرجعا وحجة يلجأ إليها الكبار والصغار متعلمين مستفتين. كان الناس يرون علم عائشة قد بلغ ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. كانت في المدينة مع الفقهاء الكبار كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس في مقام الأستاذ من تلاميذه. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحيل عليها كل ما تعلق بأحكام النساء أو بأحوال النبي البيتية، لا يضارعها في هذا الاختصاص أحد من النساء على الإطلاق. طار صيتها في التمكـن من العلم، ورجع إلى قولها كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وابنه وأبي هريرة وابن عباس وابن الزبير. وقد نقل عنها وحدها ربع الشريعة على ما يقول الحاكم في مستدركه [14]. قد ألّف بدر الدين الزركشي كتابا قصره على موضوع واحد هو استدراكات السيدة عائشة على الصحابة أسماه (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة) وقال في مقدمته: (هذا كتاب أجمع فيه ما تفردت به الصديقة أو خالفت فيه سواها برأي منها أو كان عندها سنة بينة، أو زيادة علم متقنة، أو ما أنكرت فيه على علماء زمانها، أو رجع فيه إليها أجلة من أعيان أوانها، أو حررته من فتوى، أو اجتهدت فيه من رأي رأته أقوى. وأورد الزركشي استدراكها على ثلاثة وعشرين من أعلام الصحابة مثل عمر وعلي وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم. وبلغ عدد استدراكاتها تلك تسعة وخمسين). هذه ثقافتها في بيت الرسول أما ما حملته من بيت أبيها الصديق فإحاطة واسعة بالأخبار والأشعار وأيام العرب وأنسابها ومفاخرها. ورسخت لها هذه المنزلة في العالم الإسلامي حينئذ، وانفردت بها دون غيرها من النساء والرجال. ولنقرأ معا ما كتب عنها الذهبي في كتابه سير النبلاء[15]: 1-عن أبي بردة عن أبيه قال: ما أشكل علينا أصحابَ محمد حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما. 2- قال الزهري: لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين لكانت عائشة أوسعهم علما. 3- قال مسروق: والله لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض. 4- قال عروة بن الزبير لعائشة: يا أمتاه لا أعجب من فقهك أقول: زوجة نبي الله وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس أقول: ابنة أبي بكر وكان أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب، من أين هو؟ قالت عائشة: (أي عريّة، إن رسول الله كان يسقم عنـدي آخر عمـره، وكانـت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات، وكنت أعالجها له، فمن ثمّ). وكنت أمرض فينعت له الشيء، ويمرض المريض فينعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض، فأحفظه. 5- قال معاوية: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم[16]. لقد أعد النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لتكون خير مصدر يرجع إليه المسلمون من بعده. كانت عائشة شابة لها من الذكاء والفطنة وقوة الذاكرة ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن على الكثير مما سيتركه لديها من تراث عظيم. لقد كان في نزول الوحي على النبي وهو في بيت عائشة دون غيرها من نسائه، إشارة لها بأن تتجه بكل كيانها إلى تفهم رسالة زوجها العظيمة، لتؤدي دورها في إرشاد المسلمين من بعده. فأخذ عنها المسلمون في عهد أبي بكر، واستشارها العلماء والفقهاء في عهد عمر وعثمان وعلي ومعاوية.. وبقيت حتى توفيت مرجعا للمسلمين في التعرف على أحكام دينهم. يقول الأستاذ سعيد الأفغاني: سلخت سنين في دراسة السيدة عائشة، كنت فيها حيال معجزة لا يجد القلم إلى وصفها سبيلا، وأخص ما يبهرك فيها علم زاخر كالبحر بعد غور، وتلاطم أمواج وسعة آفاق، واختلاف ألوان، فما شئت إذ ذاك من تمكن في فقه أو حديث أو تفسير أو علم بشريعة أو آداب أو شعر أو أخبار أو أنساب أو مفاخر أو طب أو تاريخ.. إلا أنت واجد منه ما يروعك عند هذه السيدة، ولن تقضي عجبا من اضطلاعها بكل أولئك وهي لا تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها[17]. عائشة وقضية المرأة كانت عائشة رضي الله عنها زعيمة الآخذين بناصر المرأة، والمنافحين عنها بلا منازع. وإليها كانت تتطلع أبصار المستضعفات لما تمّ لها من المكانة الكبيرة في العلم والأدب والدين. وإليها يرجـع الفضـل الأكبر - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - في إعظام الناس المرأة الإعظام اللائق، حتى ظهر كثير من اللائي طمحن إلى اقتفاء أثرها في الشجاعة الأدبية والجرأة. فإذا أحبت النساء أن يسألن من علم.. أو يبحثن عن مسألة.. توجهن إلى عائشة.. وإذا أحست المرأة بظلم زوجها.. جاءت عائشة تستفتيها وتطلب نصرتها.. في الحديث عن عبد الواحد بن أيمن قال: حدثني أبي قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها وعليها درع قِطْر ثمنه خمسة دراهم فقالت: (ارفع بصرك إلى جاريتي فإنها تُزهى أن تلبسه في البيت، وقد كان لي منه درع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانت امرأة تُقَيَّنُ بالمدينة إلا أرسلت إليّ تستعيره) [18]. عائشة والسياسة شاركت السيدة عائشة رضي الله عنها في أحداث عصرها السياسية. كان لها رأيها الواضح المؤيد أو المعارض. ففي عهد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما اقتصر دورها على الناحية العلمية والاجتماعية.. وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، سارت السيدة عائشة في الشطر الأول من خلافته سيرتها على زمن صاحبيه.. أما في الشطر الثاني.. فقد قرّب عثمان أقاربه فولاّهم الأمصار وفضّلهم على غيرهم من كبار رجال المسلمين.. وبسببهم أقصى الكثير من صحابة الرسول.. ويقال أنه أساء إلى رجال كانت لهم يد وسابقة.. وأغضبت هذه التصرفات الكثير من الناس.. وحاولت عائشة كما حاول الآخرون أن يسدوا النصح إلى عثمان، مبينين له فساد ما يتبع من سياسة. فكان يستمع إليهم، ثم لا يلبث أن يغلبه مستشاروه من ذوي رحمه فيعود إلى ما كان ينهج من تصرف. كان من ذلك أن ازداد غضب الكثيرين عليه. في هذه المرحلة مارست السيدة عائشة حقها في النصح والتسديد وأصبحت زعيمة للمعارضة بلا منازع. فعندما غضب الخليفة عثمان على عمّار بن ياسر رضي الله عنهما ويقال بأنه ضربه وشتمه.. نددت السيدة عائشة بفعله هذا وقالت على الملأ: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد. وحينما عزل عثمان عبد الله بن مسعود عن بيت مال الكوفة.. ونال منه وشتمه.. غضبت عائشة وقالت: أي عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله..؟ وولىّ عثمان على الكوفة أخاه من أمه الوليد بن عقبة، فبرم به أهلها وكرهوه، وأتى وفد منهم إلى عثمان يشكونه.. وحدث أمر مشابه مع ولاة عثمان في مصر والبصرة.. وفي كل ذلك كانت السيدة عائشة تعلن رأيها صراحة على الملأ.. تندد بالخطأ، وتأخذ جانب أصحاب رسول الله، وتطالب عثمان التزام جانب الصواب.. وفي أوج الأزمة حضرت وفود من البصرة والكوفة ومصر، وحاصرت المدينة وهم يطالبون بخلع الخليفة أو قتله. وبعث عثمان بعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما يستمع إلى شكايتهم، ويعدهم بإزالة أسبابها. وقام علي بمهمته خير قيام. فانصرف القوم وهم راضون مطمئنون. ولم يمض على هذا الأمر غير أيام قليلة حتى عاد الثائرون، فحاصروا المدينة من جديد، فقد اكتشفوا أن كتابا ممهورا بخاتم عثمان أرسل إلى والي مصر يطالبه بقتل هؤلاء بمجرد عودتهم.. وانفجر الموقف.. بين خليفة لا علم له بالكتاب.. وبين شكوك حامت حول مروان بن الحكم مستشاره وحامل ختمه.. وبين ثوار لم يعودوا يرضون بغير خلع الخليفة أو قتله.. في هذه الظروف تأهبت نساء النبي ومعهن السيدة عائشة لمغادرة المدينة إلى مكة يبغين الحج.. ولربما للبعد عن هذه الفتنة التي تعصف بالخلافة والخليفة. وحملت الأخبار إلى مكة نبأ مقتل الخليفة عثمان... تأثر الناس لهذا الحدث الجلل وأنكره جميع الصحابة بلا استثناء ومنهم بالطبع أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.. فالمعارضة ونصح الحاكم شيء والاعتداء المسلح على الخليفة شيء آخر.. الأسلوب الأول واجب شرعي يقوم به كل مسلم، والأسلوب الثاني خروج على الله ورسوله وخليفته. وكما كانت عائشة تطالب عثمان بالاستقامة على منهج رسول الله في سياسته.. فهي اليوم تطالب بالضرب بيد من حديد على أيدي الجناة القتلة.. وعندما سئلت في هذا قالت: رأيتهم استتابوه، فلما تاب، قتلوه وهو صائم في الشهر الحرام، والبلد الحرام، وأخذوا المال الحرام.. والله لأصبع عثمان خير من طباق الأرض من أمثالهم.. · هذا الموقف، فهمه بعضهم على أن عائشة غيّرت موقفها من عثمان.. وهو فهم غريب.. فعائشة العالمة الفقيهة تفرق بين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وبين قتل رجل صحابي جليل وخليفة عظيم مثل عثمان. · وفهم البعض أيضا أن عائشة هي التي أوقدت نيران الحرب بين المسلمين أنصار علي الذي بويع بالخلافة وأنصار عثمان الذين يطالبون بمحاكمة ومقاضاة القتلة.. أما عائشة فقد أعلنت بأبلغ بيان.. بأنها إنما خرجت للإصلاح بين الناس، (وأرجو فيه الأجر إن شاء الله). · وتعرضت السيدة عائشة إلى أقوال كثيرة.. كلها كذب وافتراء.. فقد نسبوا إليها القول: اقتلوا نعثلا فقد كفر[19]. · وذكر البلاذري أن السيدة عائشة قالت حين قتل عثمان: تركتموه كالثوب المنقى من الدنس ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش.. أجابها مسروق: هذا عملك: كتبتِ للناس تأمرينهم بالخروج إليه، فقالت السيدة: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت بسواد في بياض حتى جلست في مجلسي هذا. قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها[20]. لقد جانب الصواب الرجل الغيور الأديب سعيد الأفغاني في كتبه الكثيرة التي كتبها عن السيدة عائشة: عائشة والسياسة، الإسلام والمرأة.. وعلى الرغم من إعجابه الشديد بعظمة وفقه وبيان السيدة.. إلا أنه نعى عليها أن تتدخل في السياسة فهي وظيفة الرجل وحده.. لقد أخطأ الرجل مرتين: 1- مرة عندما حمّلها مسؤولية الحرب.. وإنما دخلتها للإصلاح.. ولم يفرق بين إصلاح بالكلمة.. وخروج على الخلافة بالسيف. 2- والمرة الثانية عندما تصور أن العمل السياسي وقف على الرجل وحده.. وهذا وهم وانهزام أمام الفكر الغربي.. الذي أعطى المرأة حقها السياسي.. فقال بعضهم ومنهم الأفغاني.. إنه ليس للمرأة حق في العمل السياسي. وأخيرا.. فهذه بإيجاز كلمات عن السيدة العظيمة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر أحب الناس إلى قلب رسول الله.. أحبها.. ونزل عليه الوحي في بيتها.. ودفن في حجرتها.. وتركها منارة للناس تعلمهم.. وللكبار تصوبهم.. وللخلفاء تنصح لهم بالحكمة والموعظة الحسنة. [1] نساء النبي- بنت الشاطئ، ص- 72. [2] البخاري. [3] السيرة - ابن هشام 2: 128. [4] السيرة - ابن هشام 2: 130. [5] نساء النبي - بنت الشاطئ، ص- 84. [6] نساء النبي - بنت الشاطئ، ص- 84. [7] الرسول - بودلي، ص- 129. [8] الرسول - بودلي، ص- 130. [9] نساء النبي - بنت الشاطئ، ص- 89. [10] يوسف - 18. [11] متفق عليه. [12] النور - (11-20). [13] في ظلال القرآن 4: 2495. [14] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني، ص- 16. [15] ص - 73. [16] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني ، ص- (18- 19). [17] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني، ص- (18، 19). [18] البخاري. [19] كذب هذه الرواية ابن تيمية - منهاج السنة 2: 188. [20] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني، ص- 54. منقول من الكتاب الالكتروني :أمهات المؤمنين في مدرسة النبوة مصطفى الطحان. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 50 : 07 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح عائشة أم المؤمنين - الفقيهة.. السياسية الصديقة بنت الصديق أخرج الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما توفيت خديجة رضي الله عنها قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها: · يا رسول الله ألا تتزوّج؟ قال: · ومن؟ قالت: · إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا، قال: · فمن البكر؟ قالت: · ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر. قال: · فمن الثيب؟ قالت: · سودة بنت زمعة. قال: · فاذهبي فاذكريهما عليّ. فجاءت فدخلت بيت أبي بكر فوجدت أم رومان أم عائشة رضي الله عنهما، فقالت: "يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قالت: وددت، انتظري أبا بكر فإنه آت، فجاء أبوبكر فقالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، فقال: هل تصلح له؟ إنما هي بنت أخيه. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: ارجعي إليه فقولي: أنت أخي في الإسلام وأنا أخوك، وابنتك تصلح لي، فأتت أبا بكر فقال: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فأنكحه. وكل ما نعلمه عن عائشة يومذاك أنها بنت ست سنين أو سبع، وأنها كانت قد خطبت (لجبير بن المطعم بن عدي) وأن أبا بكر وعده.. فلما طلبها رسول الله.. ذهب أبو بكر إلى المطعم ليكلمه بشأن هذه الخطبة فوجد عنده امرأته (أم جبير)، فبادرت أبا بكر وقالت: لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى تصبيه (فيرتد عن دينه) وتدخله في دينك الذي أنت عليه، فاقبل أبو بكر على المطعم وقال له: ماذا تقول أنت؟ فقال: إنها لتقول ما تسمع. فخرج من عنده واعتبر هذا الكلام يحلّه من وعده السابق.. فدعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه عائشة. وهكذا دخلت عائشة التاريخ من أوسع أبوابه. عاشت في بيت النبي زوجة كريمة محبوبة، وشاهدة ذكية على ميراث النبوة تقتبس وتحفظ وتستوعب كل ما ترى.. لتكون بعد ذلك شاهد صدق ووزير خير ومعلّما لكل من أراد أن يتعرف على أحوال النبي في بيته وأهله. أما قوم عائشة فهم بنو تيم، عرفوا بالكرم والشجاعة والأمانة وسداد الرأي، كما كانوا مضرب المثل في البر بنسائهم والترفق بهن وحسن معاملتهن. وأما أبوها فأبو بكر الذي كان له إلى جانب هذا الميراث الطيب، شهرة ذائعة في دماثة الخلق وحسن العشرة ولين الجانب. وأجمع مؤرخو الإسلام على أنه (كان أنسب قريش لقريش، وأعلم الناس بها وبما كان فيها من خير وشر. وكان تاجرا ذا خلق معروف، يأتيه رجال قومه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لعلمه وخبرته وحسن مجالسته) [1]. وأما أمها فـأم رومان بنت عامر الكنانية، من الصحابيات الجليلات. قال فيها رسول الله [ عندما توفيت: اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفي رسولك. وقال فيها أيضا: (من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان). أما عائشة فالحديث عنها يطول.. وفي سيرتها عبر ودروس لا حصر لها تحتاج إليها كل امرأة مسلمة عاملة في موكب الدعوة. عائشة أمّ المؤمنين عندما يمعن الإنسان الحصيف النظر في سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين يجـد كيف أنها شهدت المواقع كلها.. وكيف أعدّها القدر على عينه لتصبح في بيت أبيها الصديق أو بيت زوجهــا النبي.. إحدى شاهدات العصر الإسلامي في مراحل قوته وضعفه، وفي مرحلة انبساطه وانكماشه، وفي مرحلة فتنه وعطائه.. نشأت في بيت كريم، فكان أبوها وجيها في قومه، ميسورا في تجارته، مضرب الأمثال في حلمه وصدقه. كان من أوائل المقبلين على اعتناق الدين الجديد، يقول فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أبي بكر.. ما عكم حين ذكرته له وما تردد فيه) [2]... وأصبح بالتالي هو وبيته وماله تحت تصرف الدعوة وقائدها.. يقول النبي: (ما نفعني مال قط، ما نفعنا مال أبي بكر). وعندما يسمع أبو بكر ذلك يبكي ويقول: وهل أنا ومالي إلا لك..؟ كان النبي لا يخطئ أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إمّا بكرة وامّا عشية[3]. عاشت عائشة الصغيرة في هذا البيت الكريم.. تشاهد الأحداث فتحفظها وتترسب آثارها في ذاكرتها.. فالطفل لا ينسى. شهدت إسلام أبيها.. وشهدت مرحلة الكفاح الدامي بين دعاة الحق وكفار قريش يسومونهم سوء العذاب.. وشهدت صراع العقيدة مع جميع الولاءات الجاهلية، فلقد ترك المؤمنون والمؤمنات أرضهم وملاعب صباهم ليهاجروا إلى الحبشة فرارا بدينهم.. وانحاز المؤمنون إلى فريقهم تاركين الأهل والآباء والأبناء وأصبحوا أمة من دون الناس.. وشهدت فصول الهجرة الكبرى.. هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبيها إلى المدينة المنورة. في بيتها وأمام عينيها خططا للهجرة، ومن ذلك المكان خرجا ولا يعلم بخروجهما أحد في مكة إلا عليّ بن أبي طالب وآل أبي بكر.. كانت عائشة وحيدة في البيت ترقب.. فأخوها عبد الله يتسلل بين الناس يتسمع ما يقولون.. وأسماء أختها تنشغل بتدبير طعام تحمله خفية إلى الغار إذا جنّ المساء [4]. تسمع من أخيها عبد الله، حنق قريش على المهاجرين.. ورصدهم مائة ناقة لمن يدلهم عليهما. وخروج نفر من فرسان قريش في طلبهما.. وتحدثها أختها أسماء بعد كل زيارة لها عن الغار وصعوبة البقاء فيه وعن المشركين المطاردين وهم يقفون على قيد خطوة منهما.. لم يكد يتحمل رأس الصبية الصغيرة كل هذا الصراع الذي اشتركت فيه كل عناصر الشر، ولكن ثقتها بالنبي وبأبيها الصديق وبعين الرحمن التي لا تنام.. كانت أكبر من كل مكر شيطاني مريد.. وتنفست عائشة الصعداء وهي تسمع لأختها أسماء تحدثها عما كان: (عند هدأة المساء في تلك الليلة التاريخية الخالدة على الدهر، جاء الدليل، عبد الله بن أريقط البكري يسوق الراحلتين اللتين أودعهما أبو بكر منذ أيام وراحلة له ثالثة، فأناخ عند فتحة الغار، فخرج الرسول وصاحبه، وجاءت أسماء بطعامها في سفرة وقد فاتها أن تجعل للسفرة عصاما، فلما همّا بالرحيل وأرادت أن تعلقها، أعوزها العصام تربط به السفرة إلى الرحل، فحلت نطاقها فشقته نصفين، علقت السفرة باحدهما، وانتطقت بالشق الآخر فكانت ذات النطاقين. ونظر أبو بكر إلى الراحلتين، فقرب أفضلهما للنبي وقال: - اركب فداك أبي وأمي. وسرى الركب ممعنا إلى الجنوب، في طريق غير مطروق، ووقفت أسماء تتبعه بعينيها وقلبها حتى أبعد.. فعادت وحدها إلى البيت.. وهي توجس خيفة من تنبه المطاردين.. وغابت عائشة عمّا حولها.. ومضت تسري بروحها في أثر الراحلين [5]. ولم توقظها غير طرقات عنيفة على الباب.. لقد جنّ جنون قريش.. جاءوا يسألونها في غلظة: - أين أبوك يا بنت أبي بكر..؟ وعندما نفت علمها بشيء.. كانت يد أبي جهل ترتفع فتلطم خد أسماء لطمة قاسية طرحت قرطها... ووصلت الأخبار إلى مكة بأن محمدا وصاحبه قد وصلا إلى يثرب.. وهدأت عائشة بعد طول قلق واضطراب.. واشتعل شوقها للحاق بالمهاجرين.. في دار الهجرة [6].. في الطريق إلى يثرب... بعد نحو شهر، جاء زيد بن حارثة من دار الهجرة ليصحب بنات المصطفى إليه، ومعه رسالة من أبي بكر إلى ابنه عبد الله، يطلب إليه فيها أن يلحق به، مصطحبا أم رومان زوج أبي بكر، وابنتيه أسماء وعائشة. مازالت عائشة تذكر تلك الرحلة المثيرة عبر الصحراء إلى المدينة.. فتقول: حتى إذا كنت بالبيداء نفر بعيري وأنا في محفّة معي فيها أمي فاستغاثت أم رومان مذعورة: وابنتاه، واعروساه.. فأسرع عبد الله بن أبي بكر وطلحة بن عبيد الله وزيد بن حارثة فردوا البعير النافر. ووصلوا أخيرا إلى يثرب واستقرت عائشة في السنّح في بيت أبيها أبي بكر. عائشة في بيت النبي وما أن استقر المقام في الموطن الجديد.. وأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء المسجد والمنزل الجديد.. حتى تحدث أبو بكر إلى محمد صلى الله عليه وسلم في إتـمام الزواج الذي عقده في مكة منذ ثلاث سنين.. وتصف عائشة حفل زفافها فتقول: جاء رسول الله بيتنا فاجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء، فجاءتني أمي وأنا في أرجوحة، فأنزلتني ثمّ سوّت شعري ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني فأدخلتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا.. وقالت: (هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهن، وبارك لهن فيك).. ووثب القوم والنساء فخرجوا، وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، ما نحرت عليّ جزور ولا ذبحت من شاة. وانتقلت عائشة بعد ذلك إلى بيتها الجديد، الذي لم يكن أكثر من حجرة صغيرة بنيت حول المسجد، من اللبن وسعف النخيل، ووضع فيه فراش من أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير، وعلى فتحة الباب أسدل ستار من الشعر. في هذا البيت البسيط المتواضع بدأت عائشة حياة زوجية حافلة، وكما كانت شاهدة على أحداث الإسلام منذ يومها الأول ترقبها في بيت أبيها الصديق.. فقد أصبحت شاهدة على حياة النبي القائد تنهل من علمه وحكمته وسيرته ما وسعها عقلها وذكاؤها أن تنهل وتتعلم.. لقد كانت عائشة باستمرار في وسط المعركة.. · معركة تقودها مع الضرائر من حولها في بيت زوجها، تحاول أن تستأثر بقلبه وحبه دون الأخريات.. رصيدها في ذلك حب رسول الله لأبيها: فقد كان من أحب الناس إليه وأقربهم منه.. ورصيدها أنها الوحيدة من بين جميع نسائه في السابق واللاحق من لدن خديجة حتى اخراهن التي زفّت بكرا إلى زوجها لم تعرف قط رجلا غيره.. ورصيدها أنها عروس حلوة، خفيفة الجسم، ذات عينين واسعتين وشعر جعد، ووجه مشرق، مشرب بحمرة.. تدل على صاحباتها بصغر سنّها وجمال طلعتها.. · ومعركة أخرى تخوضها مع مروجي الإفك.. حين أحبّ قادة النفاق في المدينة أن يحاربوا النبي في شخصها.. فاتهموها بعرضها ليضربوا بحجر واحد زوجها وأبيها وبيضة الإسلام كله بعد ذلك.. · وخاضت عائشة معركة السياسة تقوّم المعوج، وتنادي بالإصلاح. تخالف عثمان رضي الله عنه في حياته، وتنادي بمحاكمة قتلته بعد استشهاده.. وكما انشغلت عائشة بمعاركها المستمرة في حياتها.. فقد انشغل المستشرقون والمفترون طويلا في هذه المعارك في حياتها وبعد مماتها.. · ناصبها بعض المسلمين العداء فقد كانت في الموقف السياسي المناوئ لسيدنا علي كرم الله وجهه.. ومازالت منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا هدفا لكتابات جهلائهم وغرضا لافتراءاتهم.. · وناصبها البعض الآخر العداء.. لموقفها السياسي الجريء وتدخلها في الصراع السياسي الذي نشب بين سيدنا علي والزبير وطلحة رضي الله عنهم أجمعين ورأيهم أن ليس للمرأة إلا الجلوس في بيتها.. وما لها والسياسة! · أما المستشرقون فيتحدثون عن زواج غريب جمع بين زوج كهل وطفلة غريرة عذراء(!) ويقيسون بعين الهوى، ظروف الجزيرة العربية اليوم والأمس بأعرافهم حيث لا تتزوج الفتاة عادة قبل سن الخامسة والعشرين.. وكان يمكن غض النظر عن مثل دعواهم الباطلة هذه.. فمثل هذا الزواج كان شائعا قبل وبعد زواج النبي من عائشة. وبيئة الجزيرة التي تنضج فيها الفتاة في وقت مبكر غير بيئة أوروبا التي عليها يقيسون، ولقد أدرك ذلك المستشرق بودلي بعدما زار الجزيرة العربية فعاد من زيارته يقول: كانت عائشة على صغر سنها نامية ذلك النمو السريع الذي تنموه نساء العرب. ومثل هذا الزواج مازال عادة آسيوية، وشرق أوروبية وكذلك كان طبيعيا في إسبانيا والبرتغال حتى سنين قليلة [7]. ثم مالنا ولهؤلاء المستشرقين.. فإن عائشة من أعلى بيوتات الجزيرة، ومن أفصح قومها لسانا، ومن أشدّهن ثقة واعتدادا بنفسها.. فإذا هي أقبلت على هذا الزواج وتحدثت عنه وتاهت به.. فما بال الآخرين؟! يقول المؤرخ المنصف بودلي: (منذ وطئت قدمها بيت محمد، كان الجميع يحسون وجودها. ولو أن هناك شابة عرفت ماهي مقبلة عليه، لكانت عائشة بنت أبي بكر.. فلقد كونت شخصيتها منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه دور النبي الملحقة بالمسجد) [8]. لم تكن إذن مجرد طفلة غريرة ساذجة كما يدّعون!! لقد اكتمل نمو عائشة في بيت النبوة، ونضجت شخصيتها وتدرجت بين عيني الرسول من صبية يأتيها زوجها بصواحبها ليلعبن معها، أو يحملها على عاتقه لتطل على نفر من الحبشة يلعبون الحراب في المسجد، إلى شابة ناضجة مجربة، تسألها امرأة في مسألة دقيقة من مسائل الزينة والتجميل، فتجيبها: (إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتضعيهما أحسن مما هما فافعلي) [9]! حديث الإفك أما الحديث عن الإفك فقد أخرج ابن اسحاق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه. فلما كان غزوة بني المصطلق خرج سهمي عليهن معه، فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج، فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به. قالت: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي، قبل أن يؤذّن في الناس بالرحيل، وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار (خرز يماني). فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري. فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فألتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحّلون لي البعير ولم يشكّوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب، قد انطلق الناس. قالت: فتلففت ب***ابي، ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس إليّ. قالت: فوالله! إني لمضطجعة إذ مرّ بي صفوان بن المعطّل السلمي رضي الله عنه، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادي، فأقبل حتى وقف عليّ وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب. فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا متلففة في ثيابي. قال: ما خلّفك -يرحمك الله؟ قالت: فما كلمته، ثم قرّب إليّ البعير فقال: اركبي واستأخر عنّي. قالت: فركبت، وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس، فوالله! ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس. فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الأفك ما قالوا، فاضطرب العسكر ووالله! ما أعلم بشيء من ذلك. ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغني من ذلك شيء، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي. لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك، فأنكرت ذلك منه. كان إذا دخل عليّ وعندي أمـي تـمرضني. قال: (كيف تيكم) لا يزيد على ذلك. قالت: حتى إذا وجدت في نفسي فقلت: يا رسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني. قال: لا عليك. قالت: فانقلبت إلى أمي، ولا علم لي بشيء مما كان، حتى إذا نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة. فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب. قالت: فوالله! إنها لتمشي معي إذا عثرت في مرطها. فقالت: تعس مِسْطح! قلت: بئس لعمر الله!.. ما قلت لرجل من المهاجرين شهد بدرا. قالت: أَوَمَا بلغك الخبر يا بنت أبي بكر؟ قلت: وما الخبر؟ فأخبرتني بالذي كان من قول الإفك. قلت: أو قد كان هذا؟ قالت: نعم والله لقد كان. قالت: فوالله! ما قدرت على أن أقضي حاجتي، ورجعت، فوالله! مازلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي. وقلت لأمي: يغفر الله لك! تحدث الناس بما تحدثوا به، ولا تذكرين لي من ذلك شيئا. قالت: أي بنية! خففي عليك الشأن، فوالله! لقلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها، لها ضرائر، إلا كثّرن وكثّر الناس عليها. قالت: وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم- ولا أعلم بذلك- فحمد الله وأثنى عليه! ثم قال: (أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق؟ والله! ما علمت منهم إلا خيرا. ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي). قالت: وكان كِبْرُ ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مِسطح وحمنة بنت جحش وذلك أن أختها زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه، تناصيني في المنزلة عنده غيرها، فأما زينب رضي الله عنها فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا، وأما حمنة فـأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادّني لأختها، فشقيت بذلك. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ، فدعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى عليّ خيرا وقال: يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيرا، وهذا الكذب والباطل، وأما علي فإنه قال: يا رسول الله، إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف. وسل الجارية فإنها ستصدقك فدعا رسول الله بريرة يسألها. قالت: فقام إليها علي فضربها ضربا شديدا ويقول: اصدقي رسول الله. قالت: والله ما أعلم إلا خيرا، وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فتأتي الشاة فتأكله. قالت: ثم دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي. فجلس فحمد الله وأثنى عليه! ثم قال: (يا عائشة.. إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقي الله. وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقوله الناس، فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة من عباده). قالت: فوالله ما هو إلا أن قال لي ذلك، فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا، وانتظرت أبوي أن يجيبا عنّي رسول الله فلم يتكلما. قالت: وأيم الله! لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزّل الله فيّ قرآنا يُقرأ به ويُصلى به، ولكنّي كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب الله به عنّي لما يعلم من براءتي، ويخبر خبرا، وأما قرآنا ينزل فيّ فوالله! لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك. قالت: فلمّا لم أر أبوي يتكلمان قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله؟ فقالا: والله ما ندري بما نـجيبه. قالت: ووالله! ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام. قالت: فلما استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت: والله! لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا والله! إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس -والله يعلم أني منه بريئة- لأقولن مالم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني. قالت: ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره. فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: )فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون( [10]. قالت: فوالله! ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجّي بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله! ما فزعت وما باليت قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي، وأما أبواي، فوالذي نفس عائشة بيده! ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قاله الناس. قالت ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وانه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: (أبشري يا عائشة! قد أنزل الله عز وجلّ براءتك). قالت: قلت الحمد لله! ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك، ثم أمر بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت رضي الله عنهما، وحمنة بنت جحش رضي الله عنها وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدّهم [11]. وأخرجه أيضا الإمام أحمد وفي سياقه: قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه. فقلت: والله! لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل الذي أنزل براءتي، وأنزل الله عز وجل: )إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم. لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين. لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم، إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم. يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين. ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم. إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم( [12]. وحديث الإفك، الذي تناول بيت النبوة الطاهر الكريم، وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم إنسان على الله، وعرض صديقه الصديق أبي بكر رضي الله عنه أكرم إنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرض رجل من الصحابة صفوان بن المعطل رضي الله عنه يشهد رسول الله أنه لم يعرف عليه إلا خيرا.. هذا الحادث.. قد كلف أطهر النفوس في تاريخ البشرية آلاما لا تطاق، وكلف الأمة المسلمة كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل، وعلق قلب رسول الله وقلب زوجه عائشة التي يحبها، وقلب أبي بكر الصديق وزوجه، وقلب صفوان.. شهرا كاملا. علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لا يطاق [13]. والحادث مليء بالعبر.. يحتاج من يريد أن يعلق على مجمل حوادثه إلى كتاب كامل.. لقد أراد المرجفون النيل من الإسلام ومن صاحب الرسالة فاختاروا هدفهم في شخص السيدة عائشة بنت الصديق. فقد كانت شخصية هامة على كل الأصعدة: الأقرب من قلب رسول الله، والأفقه في دين الله، ومن بيت الصديق أقرب المؤمنين إلى رسول الله، ترعى المسلمات اجتماعيا، صاحبة رأي وفكر.. ومن هنا فإن تسديد الهدف لهذه الشخصية الكبيرة سيكون ذا واقع كبير وتأثير شديد على الإسلام وعلى صاحب الرسالة. وسام البراءة عائشة البريئة.. كانت تدرك أن الله تعالى مبرئها.. ولكنها لم تتوقع أن ينزل الله تعالى في شأنها قرآنا يتلى. (ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى. ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله [ في النوم رؤيا يبرئني الله تعالى بها).. وهكذا رفع القرآن من مكانة المرأة، واهتم رب العزة لقضيتها.. وأنزل فيها قرآنا يتعبد المسلمون بقراءته إلى ما شاء الله.. فبعد أن كانت المرأة في أنحاء الدنيا في جاهلية العرب وخارجها إنسانا هامشيا لا يحسب له أحد حسابا.. إذا به تنشغل السماء بمظلمته.. وينزل القرآن.. يبرأ صاحبة هذه المظلمة. واستعلت عائشة بالوسام القرآني.. وكانت تفاخر أبدا بقولها: (أنا التي أنزلت براءتي من السماء). ولم يكن وساما لصدر أم المؤمنين عائشة فحسب بل ولصدر جميع بناتها المسلمات الداعيات في كل مصر وعصر. عائشة العالمة دخلت عائشة بيت النبي وهي صغيرة، فترعرعت في مهبط الوحي، ومنبع العلم تغرف منه ما شاء لها ذكاؤها وعبقريتها، وتأثرت بهدي رسول الله فنشأت مجتهدة في دينها وعبادتها، وكان الرسول حفيا بها يعلمها، ويعني بها، ويخرج بها في مغازيه، وكانت أخبر الناس بتاريخ الرسول والمسلمين، كما كانت أعلم الناس بجاهلية العرب.. فلم ينتقل الرسول إلى جوار ربه حتى خلفها مرجعا وحجة يلجأ إليها الكبار والصغار متعلمين مستفتين. كان الناس يرون علم عائشة قد بلغ ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه. كانت في المدينة مع الفقهاء الكبار كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس في مقام الأستاذ من تلاميذه. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحيل عليها كل ما تعلق بأحكام النساء أو بأحوال النبي البيتية، لا يضارعها في هذا الاختصاص أحد من النساء على الإطلاق. طار صيتها في التمكـن من العلم، ورجع إلى قولها كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وابنه وأبي هريرة وابن عباس وابن الزبير. وقد نقل عنها وحدها ربع الشريعة على ما يقول الحاكم في مستدركه [14]. قد ألّف بدر الدين الزركشي كتابا قصره على موضوع واحد هو استدراكات السيدة عائشة على الصحابة أسماه (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة) وقال في مقدمته: (هذا كتاب أجمع فيه ما تفردت به الصديقة أو خالفت فيه سواها برأي منها أو كان عندها سنة بينة، أو زيادة علم متقنة، أو ما أنكرت فيه على علماء زمانها، أو رجع فيه إليها أجلة من أعيان أوانها، أو حررته من فتوى، أو اجتهدت فيه من رأي رأته أقوى. وأورد الزركشي استدراكها على ثلاثة وعشرين من أعلام الصحابة مثل عمر وعلي وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم. وبلغ عدد استدراكاتها تلك تسعة وخمسين). هذه ثقافتها في بيت الرسول أما ما حملته من بيت أبيها الصديق فإحاطة واسعة بالأخبار والأشعار وأيام العرب وأنسابها ومفاخرها. ورسخت لها هذه المنزلة في العالم الإسلامي حينئذ، وانفردت بها دون غيرها من النساء والرجال. ولنقرأ معا ما كتب عنها الذهبي في كتابه سير النبلاء[15]: 1-عن أبي بردة عن أبيه قال: ما أشكل علينا أصحابَ محمد حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما. 2- قال الزهري: لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين لكانت عائشة أوسعهم علما. 3- قال مسروق: والله لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض. 4- قال عروة بن الزبير لعائشة: يا أمتاه لا أعجب من فقهك أقول: زوجة نبي الله وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس أقول: ابنة أبي بكر وكان أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب، من أين هو؟ قالت عائشة: (أي عريّة، إن رسول الله كان يسقم عنـدي آخر عمـره، وكانـت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات، وكنت أعالجها له، فمن ثمّ). وكنت أمرض فينعت له الشيء، ويمرض المريض فينعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض، فأحفظه. 5- قال معاوية: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم[16]. لقد أعد النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لتكون خير مصدر يرجع إليه المسلمون من بعده. كانت عائشة شابة لها من الذكاء والفطنة وقوة الذاكرة ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن على الكثير مما سيتركه لديها من تراث عظيم. لقد كان في نزول الوحي على النبي وهو في بيت عائشة دون غيرها من نسائه، إشارة لها بأن تتجه بكل كيانها إلى تفهم رسالة زوجها العظيمة، لتؤدي دورها في إرشاد المسلمين من بعده. فأخذ عنها المسلمون في عهد أبي بكر، واستشارها العلماء والفقهاء في عهد عمر وعثمان وعلي ومعاوية.. وبقيت حتى توفيت مرجعا للمسلمين في التعرف على أحكام دينهم. يقول الأستاذ سعيد الأفغاني: سلخت سنين في دراسة السيدة عائشة، كنت فيها حيال معجزة لا يجد القلم إلى وصفها سبيلا، وأخص ما يبهرك فيها علم زاخر كالبحر بعد غور، وتلاطم أمواج وسعة آفاق، واختلاف ألوان، فما شئت إذ ذاك من تمكن في فقه أو حديث أو تفسير أو علم بشريعة أو آداب أو شعر أو أخبار أو أنساب أو مفاخر أو طب أو تاريخ.. إلا أنت واجد منه ما يروعك عند هذه السيدة، ولن تقضي عجبا من اضطلاعها بكل أولئك وهي لا تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها[17]. عائشة وقضية المرأة كانت عائشة رضي الله عنها زعيمة الآخذين بناصر المرأة، والمنافحين عنها بلا منازع. وإليها كانت تتطلع أبصار المستضعفات لما تمّ لها من المكانة الكبيرة في العلم والأدب والدين. وإليها يرجـع الفضـل الأكبر - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - في إعظام الناس المرأة الإعظام اللائق، حتى ظهر كثير من اللائي طمحن إلى اقتفاء أثرها في الشجاعة الأدبية والجرأة. فإذا أحبت النساء أن يسألن من علم.. أو يبحثن عن مسألة.. توجهن إلى عائشة.. وإذا أحست المرأة بظلم زوجها.. جاءت عائشة تستفتيها وتطلب نصرتها.. في الحديث عن عبد الواحد بن أيمن قال: حدثني أبي قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها وعليها درع قِطْر ثمنه خمسة دراهم فقالت: (ارفع بصرك إلى جاريتي فإنها تُزهى أن تلبسه في البيت، وقد كان لي منه درع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانت امرأة تُقَيَّنُ بالمدينة إلا أرسلت إليّ تستعيره) [18]. عائشة والسياسة شاركت السيدة عائشة رضي الله عنها في أحداث عصرها السياسية. كان لها رأيها الواضح المؤيد أو المعارض. ففي عهد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما اقتصر دورها على الناحية العلمية والاجتماعية.. وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، سارت السيدة عائشة في الشطر الأول من خلافته سيرتها على زمن صاحبيه.. أما في الشطر الثاني.. فقد قرّب عثمان أقاربه فولاّهم الأمصار وفضّلهم على غيرهم من كبار رجال المسلمين.. وبسببهم أقصى الكثير من صحابة الرسول.. ويقال أنه أساء إلى رجال كانت لهم يد وسابقة.. وأغضبت هذه التصرفات الكثير من الناس.. وحاولت عائشة كما حاول الآخرون أن يسدوا النصح إلى عثمان، مبينين له فساد ما يتبع من سياسة. فكان يستمع إليهم، ثم لا يلبث أن يغلبه مستشاروه من ذوي رحمه فيعود إلى ما كان ينهج من تصرف. كان من ذلك أن ازداد غضب الكثيرين عليه. في هذه المرحلة مارست السيدة عائشة حقها في النصح والتسديد وأصبحت زعيمة للمعارضة بلا منازع. فعندما غضب الخليفة عثمان على عمّار بن ياسر رضي الله عنهما ويقال بأنه ضربه وشتمه.. نددت السيدة عائشة بفعله هذا وقالت على الملأ: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد. وحينما عزل عثمان عبد الله بن مسعود عن بيت مال الكوفة.. ونال منه وشتمه.. غضبت عائشة وقالت: أي عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله..؟ وولىّ عثمان على الكوفة أخاه من أمه الوليد بن عقبة، فبرم به أهلها وكرهوه، وأتى وفد منهم إلى عثمان يشكونه.. وحدث أمر مشابه مع ولاة عثمان في مصر والبصرة.. وفي كل ذلك كانت السيدة عائشة تعلن رأيها صراحة على الملأ.. تندد بالخطأ، وتأخذ جانب أصحاب رسول الله، وتطالب عثمان التزام جانب الصواب.. وفي أوج الأزمة حضرت وفود من البصرة والكوفة ومصر، وحاصرت المدينة وهم يطالبون بخلع الخليفة أو قتله. وبعث عثمان بعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما يستمع إلى شكايتهم، ويعدهم بإزالة أسبابها. وقام علي بمهمته خير قيام. فانصرف القوم وهم راضون مطمئنون. ولم يمض على هذا الأمر غير أيام قليلة حتى عاد الثائرون، فحاصروا المدينة من جديد، فقد اكتشفوا أن كتابا ممهورا بخاتم عثمان أرسل إلى والي مصر يطالبه بقتل هؤلاء بمجرد عودتهم.. وانفجر الموقف.. بين خليفة لا علم له بالكتاب.. وبين شكوك حامت حول مروان بن الحكم مستشاره وحامل ختمه.. وبين ثوار لم يعودوا يرضون بغير خلع الخليفة أو قتله.. في هذه الظروف تأهبت نساء النبي ومعهن السيدة عائشة لمغادرة المدينة إلى مكة يبغين الحج.. ولربما للبعد عن هذه الفتنة التي تعصف بالخلافة والخليفة. وحملت الأخبار إلى مكة نبأ مقتل الخليفة عثمان... تأثر الناس لهذا الحدث الجلل وأنكره جميع الصحابة بلا استثناء ومنهم بالطبع أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.. فالمعارضة ونصح الحاكم شيء والاعتداء المسلح على الخليفة شيء آخر.. الأسلوب الأول واجب شرعي يقوم به كل مسلم، والأسلوب الثاني خروج على الله ورسوله وخليفته. وكما كانت عائشة تطالب عثمان بالاستقامة على منهج رسول الله في سياسته.. فهي اليوم تطالب بالضرب بيد من حديد على أيدي الجناة القتلة.. وعندما سئلت في هذا قالت: رأيتهم استتابوه، فلما تاب، قتلوه وهو صائم في الشهر الحرام، والبلد الحرام، وأخذوا المال الحرام.. والله لأصبع عثمان خير من طباق الأرض من أمثالهم.. · هذا الموقف، فهمه بعضهم على أن عائشة غيّرت موقفها من عثمان.. وهو فهم غريب.. فعائشة العالمة الفقيهة تفرق بين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وبين قتل رجل صحابي جليل وخليفة عظيم مثل عثمان. · وفهم البعض أيضا أن عائشة هي التي أوقدت نيران الحرب بين المسلمين أنصار علي الذي بويع بالخلافة وأنصار عثمان الذين يطالبون بمحاكمة ومقاضاة القتلة.. أما عائشة فقد أعلنت بأبلغ بيان.. بأنها إنما خرجت للإصلاح بين الناس، (وأرجو فيه الأجر إن شاء الله). · وتعرضت السيدة عائشة إلى أقوال كثيرة.. كلها كذب وافتراء.. فقد نسبوا إليها القول: اقتلوا نعثلا فقد كفر[19]. · وذكر البلاذري أن السيدة عائشة قالت حين قتل عثمان: تركتموه كالثوب المنقى من الدنس ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش.. أجابها مسروق: هذا عملك: كتبتِ للناس تأمرينهم بالخروج إليه، فقالت السيدة: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت بسواد في بياض حتى جلست في مجلسي هذا. قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها[20]. لقد جانب الصواب الرجل الغيور الأديب سعيد الأفغاني في كتبه الكثيرة التي كتبها عن السيدة عائشة: عائشة والسياسة، الإسلام والمرأة.. وعلى الرغم من إعجابه الشديد بعظمة وفقه وبيان السيدة.. إلا أنه نعى عليها أن تتدخل في السياسة فهي وظيفة الرجل وحده.. لقد أخطأ الرجل مرتين: 1- مرة عندما حمّلها مسؤولية الحرب.. وإنما دخلتها للإصلاح.. ولم يفرق بين إصلاح بالكلمة.. وخروج على الخلافة بالسيف. 2- والمرة الثانية عندما تصور أن العمل السياسي وقف على الرجل وحده.. وهذا وهم وانهزام أمام الفكر الغربي.. الذي أعطى المرأة حقها السياسي.. فقال بعضهم ومنهم الأفغاني.. إنه ليس للمرأة حق في العمل السياسي. وأخيرا.. فهذه بإيجاز كلمات عن السيدة العظيمة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر أحب الناس إلى قلب رسول الله.. أحبها.. ونزل عليه الوحي في بيتها.. ودفن في حجرتها.. وتركها منارة للناس تعلمهم.. وللكبار تصوبهم.. وللخلفاء تنصح لهم بالحكمة والموعظة الحسنة. [1] نساء النبي- بنت الشاطئ، ص- 72. [2] البخاري. [3] السيرة - ابن هشام 2: 128. [4] السيرة - ابن هشام 2: 130. [5] نساء النبي - بنت الشاطئ، ص- 84. [6] نساء النبي - بنت الشاطئ، ص- 84. [7] الرسول - بودلي، ص- 129. [8] الرسول - بودلي، ص- 130. [9] نساء النبي - بنت الشاطئ، ص- 89. [10] يوسف - 18. [11] متفق عليه. [12] النور - (11-20). [13] في ظلال القرآن 4: 2495. [14] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني، ص- 16. [15] ص - 73. [16] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني ، ص- (18- 19). [17] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني، ص- (18، 19). [18] البخاري. [19] كذب هذه الرواية ابن تيمية - منهاج السنة 2: 188. [20] عائشة والسياسة- سعيد الأفغاني، ص- 54. منقول من الكتاب الالكتروني :أمهات المؤمنين في مدرسة النبوة مصطفى الطحان. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 53 : 07 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح عائشة أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين (ع) بنت الإمام الصديق الأكبر ، خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، بن كعب بن لؤي ; القرشية التيمية ، المكية ، النبوية ، أم المؤمنين ، زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أفقه نساء الأمة على الإطلاق . وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر ، بن عبد شمس ، بن عتاب ابن أذينة الكنانية . هاجر بعائشة أبواها ، وتزوجها نبي الله قبل مهاجره بعد وفاة الصديقة خديجة بنت خويلد ، وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرا ، وقيل : بعامين . ودخل بها في شوال سنة اثنتين ، منصرفه -عليه الصلاة والسلام- من غزوة بدر ، وهي ابنه تسع . فروت عنه علما كثيرا طيبا مباركا فيه . وعن أبيها . وعن عمر ، وفاطمة ، وسعد ، وحمزة بن عمرو الأسلمي ، وجدامة بنت وهب . حدث عنها إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلا ، وإبراهيم بن يزيد التيمي كذلك ، وإسحاق بن طلحة ، وإسحاق بن عمر ، والأسود بن يزيد ، وأيمن المكي ، وثمامة بن حزن ، وجبير بن نفير ، وجُميع بن عمير . والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي ، والحارث بن نوفل ، والحسن ، وحمزة بن عبد الله بن عمر ، وخالد بن سعد ، وخالد بن معدان -وقيل : لم يسمع منها- وخباب صاحب المقصورة ، وخبيب بن عبد الله بن الزبير ، وخلاس الهجري ، وخيار بن سلمة ، وخيثمة بن عبد الرحمن ، وذكوان السمان ; ومولاها ذكوان ، وربيعة الجرشي -وله صحبة- ، وزاذان أبو عمر الكندي ، وزرارة بن أوفى ، وزِرّ بن حبيش ، وزيد بن أسلم ، وسالم بن أبي الجعد -ولم يسمعا منها- وزيد بن خالد الجهني وسالم بن عبد الله ، وسالم سبلان ، والسائب بن يزيد ، وسعد بن هشام ، وسعيد المقبري ، وسعيد بن العاص ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وسليمان بن بريدة وشريح بن أرطاة ، وشـريح بن هانئ ، وشريق الهوزني ، وشقيق أبو وائل ، وشهر بن حوشب ، وصالح بن ربيعة بن الهدير. وصعصعة عم الأحنف ، وطاوس ، وطلحة بن عبد الله التيمي ، وعابس بن ربيعة ، وعاصم بن حميد السكوني ، وعامر بن سعد ، والشعبي ، وعباد بن عبد الله بن الزبير ، وعبادة بن الوليد ، وعبد الله بن بريدة ، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث البصري ، وابن الزبير ابن أختها ، وأخوه عروة ، وعبد الله بن شداد الليثي ، وعبد الله بن شقيق ، وعبد الله بن شهاب الخولاني ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة ، وابن عمر وابن عباس ، وعبد الله بن فروخ ، وعبد الله بن أبي مليكة ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وأبوه ، وعبد الله بن عكيم ، وعبد الله بن أبي قيس ، وابنا أخيها : عبد الله والقاسم ، ابنا محمد ، وعبد الله بن أبي عتيق محمد ، ابن أخيها عبد الرحمن ، وعبد الله بن واقد العمري ، ورضيعها عبد الله بن يزيد ، وعبد الله البهي وعبد الرحمن بن الأسود ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام. وعبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي ، وعبد العزيز ، والد ابن جريج ، وعبيد الله بن عبد الله ، وعبيد الله بن عياض وعراك - ولم يلقها - وعروة المزني ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن يسار ، وعكرمة ، وعلقمة وعلقمة بن وقاص ، وعلي بن الحسين ، وعمرو بن سعيد الأشدق ، وعمرو بن شرحبيل ، وعمرو بن غالب ، وعمرو بن ميمون ، وعمران بن حطان ، وعوف بن الحارث ، رضيعها ، وعياض بن عروة ، وعيسى بن طلحة ، وغضيف بن الحارث ، وفروة بن نوفل ، والقعقاع بن حكيم ، وقيس بن أبي حازم ، وكثير بن عبيد الكوفي . رضيعها ، وكريب ، ومالك بن أبي عامر ، ومجاهد ، ومحمد بن إبراهيم التيمي -إن كان لقيها- ومحمد بن الأشعث. ومحمد بن زياد الجمحي ، وابن سيرين ، ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وأبو جعفر الباقر -ولم يلقها- ومحمد بن قيس بن مخرمة ، ومحمد بن المنتشر ، ومحمد بن المنكدر -وكأنه مرسل - ومروان العقيلي أبو لبابة ومسروق ، ومصدع أبو يحيي ومطرف بن الشخير ، ومقسم مولى ابن عباس ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، ومكحول -ولم يلحقها - وموسى بن طلحة ، وميمون بن أبي شبيب ، وميمون بن مهران ، ونافع بن جبير ، ونافع بن عطاء ، ونافع العمري ، والنعمان بن بشير ، وهمام بن الحارث ، وهلال بن يساف ، ويحيي بن الجزار ويحيي بن عبد الرحمن بن حاطب ، ويحيي بن يعمر ، ويزيد بن بابنوس ويزيد بن الشخير ، ويعلى بن عقبة ، ويوسف بن ماهك وأبو أمامة بن سهل. وأبو بردة بن أبي موسى ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وأبو الجوزاء الربعي ، وأبو حذيفة الأرحبي ، وأبو حفصة ، مولاها ، وأبو الزبير المكي -وكأنه مرسل- وأبو سلمة بن عبد الرحمن . وأبو الشعثاء المحاربي ، وأبو الصديق الناجي ، وأبو ظبيان الجنبي ، وأبو العالية رفيع الرياحي ، وأبو عبد الله الجدلي وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو عطية الوادعي ، وأبو قلابة الجرمي -ولم يلقها- وأبو المليح الهذلي ، وأبو موسى ، وأبو هريرة ، وأبو نوفل بن أبي عقرب ، وأبو يونس مولاها ، وبهية مولاة الصديق ، وجسرة بنت دجاجة ، وحفصة بنت أخيها عبد الرحمن ، وخيرة والدة الحسن البصري ، وذفرة بنت غالب ، وزينب بنت أبي سلمة ، وزينب بنت نصر ، وزينب السهمية ، وسمية البصرية ، وشُمَيسة العتكية ، وصفية بنت شيبة ، وصفية بنت أبي عبيد ، وعائشة بنت طلحة ، وعمرة بنت عبد الرحمن ، ومرجانة ، والدة علقمة بن أبي علقمة ، ومعاذة العدوية ، وأم كلثوم التيمية . أختها ، وأم محمد ، امرأة والد علي بن زيد بن جدعان . وطائفة سوى هؤلاء . مسند" عائشة يبلغ ألفين ومائتين وعشرة أحاديث. اتفق لها البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثا ، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين ، وانفرد مسلم بتسعة وستين . وعائشة ممن ولد في الإسلام ، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وكانت تقول : لم أعقل أبوي إلا وهما يَدِِينان الدِّينَ . وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخا أعمى يستعطي. وكانت امرأة بيضاء جميلة . ومن ثَمَّ يقال لها : الحُمَيْرَاء . ولم يتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بِكْرًا غيرها ، ولا أَحَبَّ امرأة حبها . ولا أعلم في أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ، بل ولا في النساء مطلقا ، امرأة أعلم منها. وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها . وهذا مردود ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا ، بل نشهد أنها زوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة ، فهل فوق ذلك مفخر -وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يُلحق ، وأنا واقف في أيَّتِهما أفضل- . نعم جزمتُ بأفضلية خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها . هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أُرِيتُكِ في المنام ثلاث ليال ، جاء بك الملك في سَرَقة من حرير فيقول : هذه امرأتُك . فأَكْشِفُ عن وجهك فإذا أنت فيه . فأقول : إن يكُ هذا من عند الله يُمْضِهِ . وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي ، عن ابن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة : أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة . حسنه الترمذي وقال : لا نعرفه إلا من حديث عبد الله . ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلا . بشر بن الوليد القاضي : حدثنا عمر بن عبد الرحمن عن سليمان الشيباني ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن جدته ، عن عائشة أنها قالت : لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران : لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوجني ، ولقد تزوجني بِكْرًا ، وما تزوج بِكرًا غيري ، ولقد قُبض ورأسه في حجري ، ولقد قَبَّرتُه في بيتي ، ولقد حفت الملائكة ببيتي ، وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه ، وإني لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري من السماء ، ولقد خُلِقْتُ طَيَّبَةً عند طيِّب ، ولقد وُعِدْتُ مغفرة ورزقا كريما رواه أبو بكر الآجري ، عن أحمد بن يحيي الحلواني عنه . وإسناده جيد وله طريق آخر سيأتي . وكان تزويجه -صلى الله عليه وسلم- بها إثر وفاة خديجة ، فتزوج بها وبسودة في وقت واحد ، ثم دخل بسودة ، فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شَوَّال بعد وقعة بدر . فما تزوج بكرا سواها ، وأحبها حبا شديدا كان يتظاهر به ، بحيث إن عمرو بن العاص ، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة ، سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- : أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة . قال : فمن الرجال ؟ قال : أبوها . وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض ، وما كان عليه السلام ليحب إلا طيبا . وقد قال : لو كنتُ متَّخِذًا خليلاً من هذه الأمة ، لاتَّخَذْتُ أبا بكر خليلا ، ولكن أخُوَّةَ الإسلامِ أفضلُ فأحبَّ أفضلَ رجلٍ من أمته وأفضلَ امرأةٍ من أمته ، فمن أبغض حبِيبَيْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو حريٌ أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله . وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرا مستفيضا ، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربا إلى مرضاته . قال حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة . قالت : فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة ، فقلن لها : إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة ، فقولي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان . فذكرت أم سلمة له ذلك . فسكت ، فلم يرد عليها . فعادت الثانية . فلم يرد عليها . فلما كانت الثالثة قال : يا أم سلمة ، لا تؤذيني في عائشة ، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها متفق على صحته . وهذا الجواب منه دال على آن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها ، وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها . إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا أخي أبو بكر ، عن سليمان بن بلال ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : أن نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كُنَّ حزبين ، فحزبٌ فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة ، والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه . وكانوا المسلمون قد علموا حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة ، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخَّرها ، حتى إذا كان في بيت عائشة بعث بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت عائشة. فتكلم حزب أم سلمة فقُلن لها : كلمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلم الناس ، فيقول : من أراد أن يهدي إلى رسول الله هدية فليهد إليه حيث كان من نسائه . فكلمته أم سلمة بما قلن . فلم يقل لها شيئا . فسألنها . فقالت : ما قال لي شيئا . فقلن : كلميه . قالت : فكلمته حين دار إليها . فلم يقل لها شيئا . فسألنها . فقالت : ما قال لي شيئا . فقلن لها : كلميه . فدار إليها فكلمته . فقال لها : لا تؤذيني في عائشة ؛ فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة . فقالت : أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله . ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأرسلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، تقول إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر . فكلمته ، فقال : يا بنية ، ألا تحبين ما أحب ؟ قالت : بلى . فرجعت إليهن وأخبرتهن . فقلن : ارجعي إليه . فأبت أن ترجع . فأرسلن زينب بنت جحش . فأتته فأغلظت ، وقالت : إن نساءك ينشدنك الله العدل في ابنة أبي قحافة . فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة ، وهي قاعدة ، فسبَّتها حتى إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لينظر إلى عائشة هل تتكلم . قال : فتكلمت عائشة ترُدُّ على زينب حتى أسكتتها . فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عائشة ، وقال : إنها ابنة أبي بكر . فضيلة : إسماعيل بن جعفر : أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن ، سمع أنسا يقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام متفق عليه من طرق عن أبي طوالة . شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة ، عن أبي موسى ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، قال : كَمُلَ من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام . فضيلة أخرى : روى الحاكم في "مستدركه" من طريق يوسف بن الماجشون ، قال : حدثني أبي ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن عائشة ، قالت : قلت - يا رسول الله ، مَنْ ِمْن أزواجك في الجنة ؟ قال : أما إنك منهن . قالت : فخُيِّل إليَّ أن ذاك لأنه لم يتزوج بِكْرًا غيري . موسى -وهو الجهني- عن أبي بكر بن حفص ، عن عائشة : أنها جاءت هي وأبواها ، فقالا : إنا نحب أن تدعو لعائشة بدعوة ونحن نسمع . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : اللهم اغفر لعائشة بنت أبي بكر الصديق مغفرة واجبة ظاهرة باطنة . فعجب أبواها . فقال : أتعجبان ، هذه دعوتي لمن شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . أخرجه الحاكم في "مستدركه" من طريق سفيان بن عيينة عن موسى . وهو غريب جدا . فضيلة أخرى : شعيب ، عن الزهري : حدثني أبو سلمة ، أن عائشة قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : يا عائش ، هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام . قالت : وعليه السلام ورحمة الله ، ترى ما لا نرى يا رسول الله . زكريا بن أبي زائدة ، عن عامر ، عن أبي سلمة ، أن عائشة حدثته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها : إن جبريل يقرئك السلام . فقالت : وعليه السلام ورحمة الله . وأخرج النسائي من طريق معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة نحو الأول . وفي "مسند أحمد" عن سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : رأيتك يا رسول الله وأنت قائم تكلم دحية الكلبي . فقال : وقد رأيته ؟ قالت : نعم . قال : فإنه جبريل وهو يقرئك السلام . قالت : وعليه السلام ورحمة الله ، جزاه الله من زائر ودخيل ، فنعم الصاحب ، ونعم الدخيل . قال : والدخيل : الضيف . مجالد ليس بقوي . كثير بن هشام : حدثنا الحكم بن هشام ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : قالت عائشة لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- : فُضِّلْتُ عليكن بعشر ولا فخر : كنت أحب نسائه إليه ، وكان أبي أحب رجاله إليه ، وابتكرني ولم يبتكر غيري ، وتزوجني لسبع ، وبنى بي لتسع ، ونزل عذري من السماء ، واستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه في مرضه ، فقال : إنه ليَشُقُّ علي الاختلافُ بينكن ، فائْذَنَّ لي أن آكون عند بعضكن ، فقالت أم سلمة : قد عرفنا من تريد ، تريد عائشة . قد أذنا لك . وكان آخر زاده من الدنيا ريقي ، أتي بسواك ، فقال : انكثيه يا عائشة . فنكثته ، وقُبض بين حجري ونحري ، ودُفن في بيتي هذا حديث صالح الإسناد ، ولكن فيه انقطاع . فضيلة باهرة لها : خالد الحذاء ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عمرو بن العاص : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمله على جيش ذات السلاسل قال : فأتيته ، فقلت : يا رسول الله ، أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة. قال : من الرجال ؟ قال : أبوها . قال الترمذي : هذا حديث حسن . قلت : قد أخرجه البخاري ومسلم . ابن المبارك ، ويحيي بن سعيد الأموي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ابن أبي حازم ، عن عمرو بن العاص ، أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : مَنْ أحب الناس اليك ؟ قال : عائشة . قال : مِن الرجال ؟ قال : أبوها . هذا حديت صحيح ، أخرجه النسائي ، والترمذي وحسنه وغربه . الترمذي : حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن حميد ، عن أنس قال : قيل : يا رسول الله مَن أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة . قيل : مِن الرجال ؟ قال : أبوها . قال : هذا حديث حسن غريب . تزويجها بالنبى -صلى الله عليه وسلم- : روى هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوفى خديجة ، وأنا ابنة ست ، وأدخلت عليه وأنا ابنة تسع ، جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة فهَيَّأْنَنِي وصنعنني ثم أتين بي إليه -صلى الله عليه وسلم . قال عروة : فمكثت عنده تسع سنين . وأخرج البخاري من قول عروة : أن خديجة توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين ، فلبث -صلى الله عليه وسلم- سنتين أو قريبا من ذلك ، ونكح عائشة ، وهي بنت ست سنين . ابن إدريس ، عن محمد بن عمرو ، عن يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : قالت عائشة : لما ماتت خديجة ، جاءت خولة بنت حكيم فقالت : يا رسول الله ، ألا تَزَوَّجْ ؟ قال : ومن ؟ قالت : إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا ؟ قال : مَن البِكر ومن الثيِّب ؟ قالت : أمّا البكر ، فعائشة ابنة أحب خلق الله إليك ، وأما الثَّيِّب ، فسودة بنت زمعة ، قد آمنت بك واتبعتك . قال : اذكريهما عليَّ . قالت : فأتيت أم رومان فقلت : يا أم رومان ، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قالت : ماذا ؟ قالت : رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر عائشة . قالت : انتظري ، فإن أبا بكر آت . فجاء أبو بكر ، فذكرت ذلك له . فقال : أوتصلح له وهي ابنة أخيه ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أنا أخوه وهو أخي ، وابنته تصلح لي . فقام أبو بكر . فقالت لي أم رومان : إن المُطعِم بن عدي كان قد ذكرها على ابنه ، ووالله ما أخلف وعدًا قط . قالت : فأتى أبو بكر المطعِمَ . فقال : ما تقول في أمر هذه الجارية ؟ قال : فأقبل على امرأته ، فقال : ما تقولين ؟ فأقبلت على أبي بكر ، فقالت : لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تدخله في دينك ! فأقبل عليه أبو بكر ، فقال : ما تقول أنت ؟ قال : إنها لتقول ما تسمع . فقام أبو بكر وليس في نفسه من الموعد شيء ، فقال لها : قولي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليأت . فجاء ، فملكها . قالت : ثم انطلقت إلى سودة ، وأبوها شيخ كبير وذكرت الحديث . هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أُدْخِلْتُ على نبي الله وأنا بنت تسع ، جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة ، فهيأنني ، وصنعنني ، ثم أتين بي إليه . هشام ، عن أبيه ، عنها ، أنها قالت : كنت ألعب بالبَنَات - تعني اللُّعَب- فيجيء صواحبي ، فينقمِعْنَ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فيخرج رسول الله ، فيدخلن عليَّ ، وكان يسربهن إليَّ ، فيلعبن معي . وفي لفظ : فكن جوارٍ يأتِينَ يلْعَبْنَ معي بها ، فإذا رأيْنَ رسول الله تقمعن فكان يسربهن إلي . وعن عائشة قالت : دخل عليَّ رسول الله وأنا ألعب بالبنات . فقال : " ما هذا يا عائشة ؟ قلت : خيل سليمان ولها أجنحة . فضحك . الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم على باب حجرتي ، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ، وإنه ليسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ، ثم يقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف . فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو . وفي لفظ معمر ، عن الزهري : فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن التي تسمع اللهو . ولفظ الأوزاعي عن الزهري في هذا الحديث قالت : قدم وفد الحبشة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقاموا يلعبون في المسجد ، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه ، وأنا أنظر إليهم حتى أكون أنا التي أسأم . وفي حديث سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : أن عمر وجدهم يلعبون ، فزجرهم . فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : دعهم فإنهم بنو أرفدة . الواقدي قال : حدثني موسى بن محمد بن عبد الرحمن ، عن ريطة ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : لمّا هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة خلفنا وخلف بناته ، فلما قدم المدينة ، بعث إلينا زيد بن حارثة وأبا رافع ، وأعطاهما بعيرين وخمس مائة درهم أخذها من أبي بكر ، يشتريان بها ما نحتاج إليه من الظهر . وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الليثي ببعيرين أو ثلاثة ، وكتب إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان وأنا وأختي أسماء . فخرجوا ، فلما انتهوا إلى قديد ، اشترى زيد بتلك الدراهم ثلاثة أبعرة . ثم دخلوا مكة ، وصادفوا طلحة يريد الهجرة بآل أبي بكر . فخرجنا جميعا ، وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة وأم أيمن وأسامة ، فاصطحبنا جميعا ، حتى إذا كنا بالبيض نفر بعيري وقدامي محفة فيها أمي ، فجعلت أمي تقول : وابنتاه ! واعروساه ! حتى أدرك بعيرنا . فقدمنا ، والمَسْجد يُبْنَى وذكر الحديث . شأن الإفك: كان في غزوة المريسيع سنة خمس من الهجرة ، وعمرها -رضي الله عنها- يومئذ اثنتا عشرة سنة . فروى حماد بن زيد ، عن معمر ، والنعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه . فأقرع بيننا في غزوة المُرَيْسِيع . فخرج سهمي . فهلك فيَّ مَنْ هلك . وكذلك ذكر ابن إسحاق والواقدي وغير واحد : أن الإفك كان في غزوة المريسيع . يونس ، عن ابن شهاب : أخبرني عروة ، وابن المسيب ، وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله ، عن حديث عائشة حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله تعالى . وكلٌّ حدثني بطائفة من حديثها ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض ، قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أَقْرَعَ بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه . فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج سهمي ، فخرجت معه بعدما نزل الحجاب ، وأنا أُحمل في هودج وأُنزل فيه ، فسرنا ، حتى إذا فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوته تلك ، وقفل ودنونا من المدينة ، آذن ليلة بالرحيل . فقمت حينئذ فمشيت حتى جاوزت الجيش . فلما قضيت حاجتي ، أقبلت إلى رحلي ، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع ، فالتمسته ، وحبسني التماسه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي ، فرحلوه على بعيري ، وهم يحسبون أني فيه -وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم إنما يأكلن العُلْقَة من الطعام- فلم يستنكروا خفة المحمل حين رفعوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا ، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش . فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب . فأممتُ منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي . فبينا أنا جالسة غلبتني عيني ، فنمت . وكان صفوان بن المُعَطَّل السلمي ، ثم الذكواني ، من وراء الجيش ، فأدلج ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني ، فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب . فاسترجع ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفت . فخَمَّرتُ وجهي ب***ابي ، والله ما كلمني كلمة ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، فأناخ راحلته ، فوطئ على يديها فركبتها . فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك فيَّ ، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي بن سلول . فقدمنا المدينة ، فاشتكيت شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك ، ويريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل علي ، فيسلم ، ثم يقول : كيف تيكم ؟ ثم ينصرف فذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت بعدما نقهت . فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا . وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن تتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول من التبرز قبل الغائط ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخدها عند بيوتنا . فانطلقت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم بن عبد مناف ، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن المطلب . فأقبلت أنا وهي قبل بيتي ، قد فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مِرْطِها ، فقالت : تعِس مِسطح ! فقلت لها : بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرًا ؟ قالت : أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال ؟ قلت : وما ذاك ؟ فأخبرتني الخبر ، فازددت مرضا على مرضي . فلما رجعت إلى بيتي ، ودخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلم ثم قال : كيف تيكم ؟ فقلت : آتأذن لي أن آتي أبوي ؟ وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قِبَلِهِمَا . فأذن لي . فجئْتُ أبويَّ ، فقلت : يا أمتاه ، ما يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية، هوني عليك ، فوالله لقلَّمَا كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها . فقلت : سبحان الله ! وقد تحدث الناس بهذا ؟ ! فبكيت الليلة حتى لا يرقأ لي دمع ولا اكتحل بنوم . ثم أصبحت أبكي . فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، حين استلبث الوحي ، يستأمرهما في فراق أهله . فأما أسامة ، فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود ، فقال : يا رسول الله، أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا . وأما علي فقال : لَم يُضَيِّق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، واسأل الجارية ، تصدقك . فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بريرة فقال : أي بريرة ، هل رأيت من شيء يريبك ؟ قالت : لا والذي بعثك بالحق ، إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن ، تنام عن عجين أهلها ، فيأتي الداجن ، فيأكله . فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول ، فقال وهو على المنبر : يا معشر المسلمين ، مَنْ يعذرني مِنْ رجلٍ قد بلغني أذاه في أهل بيتي ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي . فقام سعد بن معاذ ، فقال : يا رسول الله ، أنا أعذرك منه ، إن كان من الأوس ، ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج ، أمرتنا ، ففعلنا أمرك . فقام سعد بن عبادة -وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية- فقال لسعد : كذبت لعمر الله ! لا تقتله ، ولا تقدر على قتله . فقام أُسيد بن حضير -وهو ابن عم سعد بن معاذ- فقال : كذبت! لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين . فتثَاوَرَ الحيان : الأوس والخزرج ، حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم على المنبر . فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا وسكت . قالت : فبكيت يومي ذلك وليلتي ، لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، فأصبح أبواي عندي ، وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ، ولا يرقأ لي دمع ، حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي . فبينما هما جالسان عندي ، وأنا أبكي ، استأذنت عليَّ امرأة من الأنصار ، فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، فبينما نحن على ذلك ، دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فسلم ، ثم جلس ، ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل ، ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء . قالت : فتشهد ، ثم قال : أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة ، فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب ، فاستغفري الله ، وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب ، تاب الله عليه . فلمّا قضى مقالته ، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله فيما قال ، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فقلت لأمي : أجيبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، قالت : ما أدري ما أقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقلت وأنا يومئذ حديثة السن لا أقرأ كثيرأ من القرآن : إني والله لقد علمت ، لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم ، وصدَّقْتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة - والله يعلم أني بريئة- لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر ، والله يعلم أني بريئة ، لَتُصدقُنِّي . والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف : فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ثم تحولت ، فاضطجعت على فراشي ، وأنا أعلم أني بريئة ، وأن الله -تعالى- يبرئني ببراءتي ولكن والله ما ظننت أن الله ينزل في شأني وحيًا يُتلى ، ولشأني كان في نفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يُتلي ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النوم رؤيا يبرئني الله بها . قالت : فوالله ما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولا خرج أحد من أهل البيت ، حتى نزل عليه الوحي ; فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق ، وهو في يوم شات ، من ثقل القول الذي ينزل عليه . فلما سُرِّيَ عنه وهو يضحك ، كان أول كلمة تكلم بها : يا عائشة ، أما والله لقد برَّأك الله. فقالت أمي : قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله . وأنزل الله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ العشر الآيات كلها . فلما أنزل الله هذا في براءتي ، قال أبو بكر -وكان يُنْفِقُ على مِسطح لقرابته وفقره- : والله لا أنفق على مِسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة . فأُنزلت : وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ قال : بلي والله ، إني لأحب أن يغفر الله لي . فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا . قالت : وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل زينب بنت جحش عن أمري . فقالت : أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيرا ، وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك وهذا الحديث له طرق عن الزهري . ورواه هشام بن عروة ، عن أبيه . قال أبو معشر السندي حدثني أفلح بن عبد الله بن المغيرة ، عن الزهري ، قال : كنت عند الوليد بن عبد الملك ، فذكر حديث الإفك بطوله ، وفيه : أن ذاك في غزوة بني المصطلق وأن سهمها وسهم أم سلمة خرج . وروى معمر ، عن الزهري ، قال : كنت عند الوليد فقال : الذي تولى كبره علي . فقلت : لا . حدثني سعيد وعروة وعلقمة وعبيد الله ، كلهم سمع عائشة تقول : إن الذي تولى كِبْرَه عبد الله بن أبي . فقال لي : فما كان جرمه ؟ قلت : سبحان الله ! حدثني من قومك أبو سلمة ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، أنهما سمعا عائشة تقول : كان مسيئا في أمري . يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : لما تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القصة التي نزل بها عذري على الناس ، نزل فأمر برجلين وامرأة ، ممن كان تكلم بالفاحشة في عائشة ، فجلدوا الحد . قال : وكان رماها ابن أُبُيّ، ومسطح ، وحسان ، وحمنة . الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : دخل حسان بن ثابت على عائشة يُشَبِّب بأبيات له فيها ، فقال : حَصَــانٌ رَزَانٌ مــا تُـزَنُّ بِرِيبَـةٍ وتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِل قالت : لست كذاك . فقلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك ، وقد أنزل الله تعالى : وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ قالت : وأي عذاب أشد من العمى . ثم قالت : كان يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم . . ابن إسحاق : حدثني محمد بن إبراهيم التيمي ، قال : كان صفوان بن المعطل قد كثَّر عليه حسان في شأن عائشة ، وقال يُعَرِّضُ به : أمْسَى الجَلابِيبُ قد عزُّوا، وقد كَثُرُوا وابـنُ الفُرَيْعَـةِ أمسـى بَيْضَةَ البلدِ فاعترضه صفوان ليلة وهو آتٍ من عند أخواله بني ساعدة ، فضربه بالسيف على رأسه ، فاستعدوا عليه ثابت بن قيس ، فجمع يديه إلى عنقه بحبل ، وقاده إلى دار بني حارثة . فلقيه ابن رواحة ، فقال : ما هذا ؟ فقال : ما أعجبك إنه عدا على حسان بالسيف ، فوالله ما أراه إلا قد قتله . فقال : هل علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما صنعت به ؟ فقال : لا . فقال : والله لقد اجترأت ، خلِّ سبيله . فسنغدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فنُعْلِمُه أمره ، فخلى سبيله ، فلما أصبحوا ، غدوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فذكروا له ذلك . فقال : أين ابن المعطل ؟ فقام إليه ، فقال : ها أناذا يا رسول الله . فقال : ما دعاك إلى ما صنعت ؟ قال : آذاني يا رسول الله ، وكثَّر علي ، ولم يرض حتى عرض بي في الهجاء ، فاحتملني الغضب ، وها أناذا ، فما كان عليَّ من حقٍّ ، فخذْنِي به . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ادعوا لي حسان بن ثابت، فأتي به . فقال : يا حسان . أتشوهتَ على قومي أن هداهم الله للإسلام -يقول : تنفست عليهم- يا حسان ، أحسن فيما أصابك. قال : هي لك يا رسول الله . فأعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- سِيرين القبطية . فولدت له عبد الرحمن ، وأعطاه أرضا كانت لأبي طلحة ، تصدق بها أبو طلحة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . قال ابن إسحاق ; وقال حسان في عائشة : رأيتُـكِ -وليغفِــرْ لَــكِ اللـه- حُــرَّة مِـنَ الْمُحْصَنَـاتِ غـيْـرِ ذَاتِ غَـوَائِـلِ حَصَـــانٌ رَزَانٌ مــا تُــزَنُّ بِرِيبَــةٍ وتُصْبِـحُ غَـرْثَي مِـنْ لُحُـومِ الغَـوَافِـلِ وإنَّ الــذي قــد قِيــلَ ليس بِلائِـــقٍ بِـكِ الدَّهْـرَ بَـلْ قِيْـلَ امْـرئٌ مُتَمَاحِــلِ فـإنْ كُـنْـتُ أَهْـجُـوكُم كمَـا بَلَّغُـوكُـمْ فَلا رَفَعَــتْ سَــوْطِي إلــيَّ أنَــامِلي وكـيـفَ وَوُدِّي مـا حَـيِيتُ ونُصْـــرَتِي لآلِ رَسُــولِ اللــهِ زَيْــنِ المَحَــافِلِ وإنِ َّلـهُـم عِـزًّا يُـرَى الـنَّـاسُ دُونَـهُ قِـصَـارًا وطَـالَ العِـزُّ كُـلَّ التَّطَـــاوُلِ عَقيلــةُ حــيٍّ مِـن لُـؤَيِّ بْـنِ غَـالِبِ كِـرَامِ المَسَاعِـي مَـجْدُهُمْ غَيْـرُ زَائِــلِ مُـهَذَّبَــةٌ قَـدْ طَـيَّـبَ اللـهُ خِيمَـهَـا وطَهَّرَهَــا مِــنْ كُــلِّ سُـوءٍ وبَـاطِلِ ابن أبي أويس : حدثني أخي ، عن سليمان بن بلال ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قلت : يا رسول الله ، أرأيت لو أنك نزلت واديا فيه شجرة قد أُكِلَ منها ، ووجدت شجرةً لم يؤكل منها ، فأيهما كنت تُرْتِعُ بعيرك؟ قال : الشجرة التي لم يؤكل منها . قالت : فأنا هي . تعني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوَّج بكرا غيرها . سفيان بن عيينة : عن أبي سعد ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن . أبيه ، قال : قالت عائشة -رضي الله عنها- : ما تزوَّجني النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أتاه جبريل بصورتي ، وقال : هذه زوجتك . فتزوجني ، وإني لجارية عليَّ حَوْفٌ . ولما تزوجني ، وقع عليَّ الحياء وإني لصغيرة . تفرد به أبو سعد ، وهو سعيد بن المرزبان البقال ، لين الحديث . والحَوْفُ : شيء يشد في وسط الصبي من سيور . يحيي بن يمان ، عن الثوري ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الله بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شَوَّال ، وأعْرَسَ بيَّ في شَوَّال . فأيُّ نسائه كان أحظى عنده منِّي . وكانت العرب تستحب لنسائها أن يدخلن على أزواجهن في شَوَّال . وقالت عائشة : ما غرت على امرأةٍ ما غرت على خديجة من كثرة ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرها . قلت : وهذا من أعجب شيء أن تغار -رضي الله عنها- من امرأة عجوز تُوُفِّيَتْ قبل تزوُّج النبي -صلى الله عليه وسلم- بعائشة بمُديدة ، ثم يحميها الله من الغيرة من عدة نسوة يشاركنها في النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فهذا من ألطاف الله بها وبالنبي -صلى الله عليه وسلم-، لئلا يتكدَّر عيشُهما . ولعله إنما خفف أمر الغيرة عليها حُبُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لها وميْلُه إليها . فرضي الله عنها وأرضاها . معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : دخلت امرأة سوداء على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فأقبل عليها . قالت : فقلت : يا رسول الله ، أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال! فقال : إنها كانت تدخل على خديجة ، وإنَّ حُسن العهد من الإيمان . أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي سنة ست عشرة وست مائة ، أخبرنا هبة الله بن الحسن الدقاق ، أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن علي بن زكري حدثنا علي بن محمد المعدل ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز حدثنا سعدان بن نصر : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن ابن عون : حدثنا القاسم بن محمد ، عن عائشة -رضي الله عنها- ، أنها قالت : مَنْ زَعَم أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه ، فقد أعظم الفِرْيَةَ على الله -تعالى- ، ولكنه رأى جبريل مرَّتَيْنِ في صُورَتِه ، وخلْقه سادًّا ما بين الأفق . هذا حديث صحيح الإسناد . ولم يأتنا نص جلي بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى الله -تعالى- بعينيه . وهذه المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها ، فأما رؤية المنام ، فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة ، وأما رؤية الله عيانا في الآخرة ، فأمر متيقَّن تواترت به النصوص . جمع أحاديثها الدارقطني والبيهقي وغيرهما . يتبع... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 57 : 07 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح أبو الحسن المدائني ، عن يزيد بن عياض ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : دخل عيينة بن حصن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وعنده عائشة ، وذلك قبل أن يُضرب الحجاب ، فقال : من هذه الحميراء يا رسول الله ؟ قال : هذه عائشة بنت أبي بكر. قال : أفلا أنزل لك عن أجمل النساء ؟ قال : لا . فلما خرج ، قالت عائشة : من هذا يا رسول الله ؟ قال : هذا الأحمق المطاعُ في قومه . هذا حديث مرسل ، ويزيد متروك وما أسلم عيينة إلا بعد نزول الحجاب . وقد قيل : إن كل حديث فيه : يا حميراء ، لم يصح . وأَوْهَى ذلك تشْمِيسُ الماء ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لها : لا تفعلي يا حُمَيْرَاء فإنَّه يورث البَرَص . فإنه خبر موضوع . والحمراء ، في خطاب أهل الحجاز : هي البيضاء بشُقْرة ، وهذا نادر فيهم ، ومنه في الحديث : رجلٌ أحمر كأنه من الموالي يريد القائل أنه في لون الموالي الذين سبوا من نصارى الشام والروم والعجم . ثم إن العرب إذا قالت : فلان أبيض ، فإنهم يريدون الحنطي اللون بحلية سوداء ، فإن كان في لون أهل الهند ، قالوا : أسمر وآدم ، وإن كان في سواد التكرور ، قالوا : أسود ، وكذا كل من غلب عليه السواد . قالوا : أسود ، أو شديد الأدمة . ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- : بعثت إلى الأحمر والأسود . فمعنى ذلك : أن بني آدم لا ينفكون عن أحد الأمرين . وكل لون بهذا الاعتبار يدور بين السواد والبياض ، الذي هو الحمرة . أحمد في "مسنده" حدثنا عباد بن عباد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول لها : إني أعرف غضبك إذا غضبتِ ورضاكِ إذا رضيتِ. قالت : وكيف تعرف ؟ قال : إذا غضبتِ قلت : يا محمد . وإذا رضيتِ قلتِ : يا رسولَ الله . هذا حديث غريب ، والمحفوظ ما أخرجا في "الصحيحين" لأبي أسامة ، عن هشام بلفظ : إني لأعلم إذا كنتِ عنِّي راضِيَة وإذا كنْتِ عليَّ غَضْبَى. قالت : وكيف يا رسول الله ؟ قال : إذا كنتِ عنِّي راضية ، قلتِ : لا وربِّ محمد . وإذا كنتِ عليَّ غضْبَي ، قلتِ : لا وربِّ إبراهيم . قلت : أجل والله ، ما أهْجُرُ إلا اسمك . تابعه علي بن مسهر . وأخرج النسائي حديث علي . هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أنها استعارت قلادة في سفر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فانسلّت منها . وكان ذلك المكان يقال له : الصلصل . فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فطلبوها حتى وجدوها . وحضرت الصلاة ، ولم يكن معهم ماء ، فصلوا بغير وضوء . فأنزل الله آية التيمم . فقال لها أسيد بن الحضير : جزاك الله خيرا ، فوالله ما نزل بك أمرٌ قط تكرهينه إلا جعل الله لك فيه خيرا . رواه ابن نمير ، وعلي بن مسهر عنه . مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره ، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش ، انقطع عقدي ، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه ، وأقام الناس معه وليسوا على ماء . فأتى الناسُ أبا بكر -رضي الله عنه- . فقالوا : ما ترى ما صنعتْ عائشة ، أقامت برسول الله وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء! قالت : فعاتبني أبو بكر ، فقال ما شاء الله أن يقول ، وجعل يطعن بيده في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان النبي -صلى الله عليه وسلم- على فخذي . فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح على غير ماء . فأنزل الله آية التيمم ، فتيمموا . فقال أُسيد بن حضير -وهو أحد النقباء: ما هذا بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر! قالت : فبعثنا البعير الذي كنت عليه ، فوجدنا العقد تحته متفق عليه . وفي "مسند أحمد" من طريق محمد بن إسحاق : حدثنا يحيي بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كنا بتربان -بلد بينه وبين المدينة بريد وأميال ، وهو بلد لا ماء به- وذلك من السَّحَرِ ، انسلَّت قلادة من عُنُقِي ، فوقعت ، فحبس علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لالتماسها حتى طلع الفجر ، وليس مع القوم ماء . فلقيت من أبي ما الله به عليم من التعنيف والتأفيف . وقال : في كل سفر للمسلمين منك عناء وبلاء . فأنزل الله الرخصة في التيمم ، فتيمم القوم ، وصلوا . قالت : يقول أبي حين جاء من الله من الرخصة للمسلمين : والله ما علمت يا بنية إنك لمباركة! ماذا جعل الله للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر . أبو نعيم : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العَيْزار بن حريث ، عن النعمان بن بشير ، قال : استأذن أبو بكر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فإذا عائشة ترفع صوتها عليه ، فقال : يا بنت فلانة ، ترفعين صوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فحال النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبينها . ثم خرج أبو بكر ، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يترضَّاها ، وقال : ألم تريْنِي حُلْتُ بين الرَّجُل وبينَك " . ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى ، فسمع تضاحكهما ، فقال : أشركاني في سَلْمِكُما كما أشركتماني في حربكما . أخرجه أبو داود والنسائي من طريق حجاج بن محمد ، عن يونس نحوه . لكنه قال : عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار ، عن النعمان . ورواه عمرو العنقزي عن يونس ، عن أبيه ، فأسقط العيزار . وروى نحوه أحمد في "مسنده" عن وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن النعمان . موسى بن علي بن رباح ، سمعت أبي يقول : أخبرني أبو قيس مولى عمرو ، قال : بعثني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة : سلْهَا أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُقَبِّلُ وهو صائم؟ فإنْ قالت : لا . فقُلْ : إنَّ عَائِشَة تخبر الناس أنَّه كان يُقَبِّل وهو صائم . فقالت : لعلَّه أنَّه لم يكُنْ يتمَالك عنها حبًّا ، أما إيَّاي ، فلا . أحمد في "مسنده" : حدثنا عثمان بن عمر : حدثنا يونس الأيلي : حدثنا أبو شداد ، عن مجاهد ، عن أسماء بنت عميس ، قالت : كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعي نسوة ، فما وجدنا عنده قِرًى إلا قدحا من لبن . فشرب منه ، ثم ناوله عائشة . فاستحيت الجارية ، فقلنا : لا تردي يد رسول الله ، خذي منه . فأخذت منه على حياء ، فشربت . ثم قال : ناولي صواحبك . فقلنا : لا نشتهيه . فقال : لا تجمعن جوعا وكذبا. فقلت : يا رسول الله ، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه : لا تشتهيه أيُعَدُّ ذلك كذبًا ؟ قال : إن الكذب يكتب ، حتى تكتب الكُذَيْبَة كُذَيْبَة . هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من طريق أبي شداد ، وليس بالمشهور . قد روى عنه ابن جريج أيضا . ثم هو خطأ ، فإن أسماء ، كانت وقت عرس عائشة بالحبشة مع جعفر بن أبي طالب ، ولا نعلم لمجاهد سماعا عن أسماء ، أو لعلها أسماء بنت يزيد ، فإنها روت عجز هذا الحديث . زكريا بن أبي زائدة ، عن خالد بن سلمة ، عن البهي ، عن عروة ، قال : قالت عائشة : ما علمتُ حتى دخلت عليَّ زينب بغير إذن وهي غضبى ، ثم قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أَحْسَبُكَ إذا قَلَبَتْ لك بُنَيَّة أبي بكر ذُرَيْعَتَيْهَا ؟ ثم أقبلتْ عليَّ ، فأعرضتُ عنها . فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : دُونَكِ فَانْتَصِرِي ، فأقبلتُ عليها حتى رأيتُ قد يَبُسَ رِيقُها في فمها ، فما ترد عليَّ شيئًا . فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتهلَّلُ وجهُه أحمد بن عبيد الله النرسي : حدثنا يحيي الخواص : حدثنا محاضر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : أتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غير يومي يطلب منِّي ضَجْعًا . فدقَّ ، فسمعت الدقَّ ، ثم خرجت ، ففتحت له . فقال : ما كنت تسمعين الدقَّ. قلت : بلى ، ولكنني أحببت أن يعلم النساءُ أنك أتيتني في غير يومي . هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : سابقني النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فسبقته ما شاء ، حتى إذا رَهِقَني اللحم ، سابقني ، فسبقني . فقال : يا عائشة هذه بتلك . ورواه أبو إسحاق الفزاري عن هشام ، فقال : عن أبيه ، وعن أبي سلمة عنها . أخرجه هكذا أبو داود . أبو سعد البقال عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه : قالت عائشة : تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أتاه جبريل بصورتي ، وإني لجارية علي حوف . فلما تزوجني ، ألقى الله علي حياء وأنا صغيرة . الحَوْفُ : سيور في الوسط . مِسعر ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيني العظم فأتَعَرَّقُه ، ثم يأخذه ، فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي . رواه شعبة والناس عن المقدام ، أخرجه مسلم . أخبرنا علي بن محمد ، ومحمد بن علي ، وعلي بن بقاء وأهله فاطمة الآمدية ، وأحمد بن إبراهيم الدباغ ، وعبد الدائم الوزان ، وعبد الصمد الزاهد ، ومحمد بن هاشم العباسي ، ونصر بن أبي الضوء ، وزينب بنت سليمان ، وعدة ، قالوا : أخبرنا الحسين بن المبارك : أخبرنا عبد الأول بن عيسي : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد : أخبرنا عبد الله بن أحمد : أخبرنا محمد بن يوسف : حدثنا محمد بن إسماعيل : حدثنا أبو نعيم : حدثنا عبد الواحد بن أيمن : حدثني ابن أبي مليكة ، عن القاسم ، عن عائشة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج ، أقرع بين نسائه ، فطارت القرعة لعائشة وحفصة ، وكان إذا كان بالليل ، سار مع عائشة يتحدث . فقالت حفصة : ألا تركبين الليلة بعيري ، وأركب بعيرك تنظرين وأنظر . فقالت : بلى . فركبت . فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جمل عائشة ، وعليه حفصة ، فسلّم عليها ، ثم سار حتى نزلوا ، وافتقدته عائشة فلما نزلوا ، جعلت رجليها بين الإذخر وتقول : يا رب ، سلِّط عليَّ عَقْربًا أو حيَّة تلدغُني ، رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئًا . أخرجه مسلم عن إسحاق ، عن أبي نعيم ، فوقع لنا بدلا عاليا . زياد بن أيوب : حدثنا مصعب بن سلام : حدثنا محمد بن سوقة ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه : قال : انتهينا إلى علي -رضي الله عنه-، فذكر عائشة ، فقال : خليلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم. هذا حديث حسن . ومصعب فصالح لا بأس به . وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ما وقع بينهما ، فرضي الله عنهما . ولا ريب أن عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل ، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ . فعن عمارة بن عمير ، عمن سمع عائشة : إذا قرأت : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ بكت حتى تبل خمارها . قال أحمد في "مسنده" : حدثنا يحيي القطان ، عن إسماعيل : حدثنا قيس ، قال : لما أقبلت عائشة ، فلما بلغت مياه بني عامر ليلا . نبحت الكلاب . فقالت : أي ماء هذا ؟ قالوا : ماء الحَوْأَب . قالت : ما أظنني إلا أنني راجعة . قال بعض من كان معها : بل تقدمين فيراك المسلمون ، فيصلح الله ذات بينهم . قالت : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم : كيف بإحداكن تَنْبَحُ عليها كلاب الحَوْأَب . هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجوه . عن صالح بن كيسان وغيره : أن عائشة جعلت تقول : إن عثمان قتل مظلوما ، وأنا أدعوكم إلى الطلب بدمه ، وإعادة الأمر شورى . هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قال للزبير يوم الجمل : هذه عائشة تملك الملك لقرابتها طلحة ، فأنت علام تقاتل قريبك عليا ! فرجع الزبير ، فلقيه ابن جرموز ، فقتله . قلت : قد سقت وقعة الجمل ملخصة في مناقب علي ، وإن عليا وقف على خباء عائشة يلومها على مسيرها . فقالت : يا بن أبي طالب ، ملكْتَ فَأَسْجِحْ . فجهَّزها إلى المدينة ، وأعطاها اثني عشر ألفا . فرضي الله عنه وعنها . وفي "صحيح البخاري" من طريق أبي حصين عن عبد الله بن زياد ، عن عمار بن ياسر ، سمعه على المنبر يقول : إنها لزَوجة نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة . يعني: عائشة . وفي لفظ ثابت : أشهد بالله إنها لزوجته . شعبة ، عن الحكم ، عن أبي وائل : سمع عمارا يقول ، حين بعثه علي إلى الكوفة ليستنفر الناس : إنا لنعلم إنها لزوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم بها ، لتَتَّبَعُوهُ ، أو إيَّاها . . أبو إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن غالب : أن رجلا نال من عائشة عند عمار ، فقال : اغرب مقبوحا ، أتؤذي حبيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ . صححه الترمذي في بعض النسخ ، وفي بعض النسخ : هذا حديث حسن. وقال الترمذي : حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا زياد بن الربيع : حدثنا خالد بن سلمة المخزومي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : ما أشكل علينا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- حديث قط ، فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علما . هذا حديث حسن غريب . عبد الرحمن بن المبارك : حدثنا زياد بن الربيع : حدثنا خالد بن أبي سلمة المخزومي ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، قال : ما أشكل علينا . . . فذكره . فأما زياد ، فثقة . وخالد -صوابه : ابن سلمة- احتج به مسلم . بشر بن المفضل : حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ابن أبي مليكة : أن ذكوان : أبا عمرو ، حدثه قال : جاء ابن عباس -رضي الله عنهما- يستأذن على عائشة ، وهي في الموت . قال : فجئت وعند رأسها عبد الله ابن أخيها عبد الرحمن ، فقلت : هذا ابن عباس يستأذن . قالت : دعني من ابن عباس ، لا حاجة لي به ، ولا بتزكيته . فقال عبد الله : يا أمه ، إن ابن عباس من صالحي بنيك ، يودعك ويسلم عليك . قالت : فائذن له إن شئت . قال : فجاء ابن عباس ، فلما قعد ، قال : أبشري ، فوالله ما بينك وبين أن تفارقي كل نَصَبٍ ، وتلقي محمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- والأحبَّة ، إلا أن تفارق روحك جسدك . قالت : إيهًا، يا بن عباس! قال : كنتِ أحبَّ نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. -يعني: إليه- ولم يكن يحب إلا طيبا ، سقطت قلادتك ليلة الأبواء ، وأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لِيَلْقِطَهَا ، فأصْبَح الناس ليس معهم ماء ، فأنزل الله فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فكان ذلك من سببك ، وما أنزل الله بهذه الأمة من الرخصة . ثم أنزل الله -تعالى- براءتك من فوق سبع سماوات ، فأصبح ليس مسجد من مساجد يذكر فيها الله إلا براءتك تُتْلى فيه آناء الليل والنهار . قالت : دعني عنك يا ابن عباس ، فوالله لوددت أني كنت نسيا منسيا . يحيى القطان ، عن عمر بن سعيد ، عن ابن أبي مليكة : أن ابن عباس استأذن على عائشة ، وهي مغلوبة ، فقالت : أخشي أن يثني عليَّ . فقيل : ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ومن وجوه المسلمين . قالت : ائذنوا له . فقال : كيف تجدينك؟ فقالت : بخيرٍ إنِ اتَّقَيْتُ . قال : فأنتِ بخير إن شاء الله ، زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ولم يتزوج بكرا غيرك ، ونزل عذرك من السماء . فلما جاء ابن الزبير ، قالت له : جاء ابن عباس ، وأثنى علي ، ووددت أني كنت نسيا منسيا . وقال القاسم بن محمد : اشتكت عائشة ، فجاء ابن عباس ، فقال : يا أم المؤمنين ، تقدمين على فرط صدق على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى أبي بكر -رضي الله عنه . أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن علوان : أخبرنا ابن قدامة سنة إحدى عشرة وست مائة : أخبرنا محمد بن البطي : أخبرنا أحمد بن الحسن : أخبرنا أبو القاسم بن بشران : أخبرنا أبو الفضل بن خزيمة : حدثنا محمد بن أبي العوام : حدثنا موسى بن داود : حدثنا أبو مسعود الجرار ، عن علي بن الأقمر ، قال : كان مسروق إذا حدث عن عائشة ، قال : حدثتني الصديقة بنت الصديق ، حبيبة حبيب الله ، المبرأة من فوق سبع سماوات ، فلم أكذبها . الأعمش : عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : قلنا له : هل كانت عائشة تحسن الفرائض ؟ قال : والله ، لقد رأيت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض . أنبأنا ابن قدامة ، وابن علان ، قالا : أخبرنا حنبل : أخبرنا ابن الحصين : أخبرنا ابن المذهب : أخبرنا أحمد بن جعفر : حدثنا عبد الله بن أحمد : حدثني أبي : حدثنا أبو معاوية عبد الله بن معاوية الزبيري ، قدم علينا مكة ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، قال : كان عروة يقول لعائشة : يا أمتاه ، لا أعجب من فقهك ; أقول : زوجة نبي الله ، وابنة أبي بكر . ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس ; أقول : ابنة أبي بكر ، وكان أعلم الناس . ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو ، أو ما هو !. قال : فضربت على مَنْكِبِه ، وقالت : أيْ عُرَيَّة ، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسقم عند آخر عمره -أو في آخر عمره- وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه ، فتَنْعَتُ له الأنعات ، وكنت أعالجها له ، فمن ثَمَّ . قرأت على محمد بن قايماز : أخبركم محمد بن قوام : أخبرنا أبو سعيد الراراني أخبرنا أبو علي الحداد : أخبرنا أبو نعيم : أخبرنا عبد الله بن جعفر : أخبرنا أحمد بن الفرات ; أخبرنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ما رأيت أحدا أعلم بالطب من عائشة -رضي الله عنها-. فقلت : يا خالة ، ممن تعلمت الطب ؟ قالت : كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض ، فأحفظه . سعيد بن سليمان ، عن أبي أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، قال : لقد صحبت عائشة ، فما رأيت أحدا قط كان أعلم بآية أنزلت ، ولا بفريضة ، ولا بسُنَّةٍ ، ولا بشِعْرٍ ، ولا أَرْوَى له ، ولا بيوم من أيام العرب ، ولا بنسب ، ولا بكذا ، ولا بكذا ، ولا بقضاء ، ولا طب ، منها . فقلت لها : يا خالة ، الطب ، من أين علمته ؟ فقالت : كنت أمْرَضُ فيُنْعَتُ لي الشيء ، ويمرض المريض فينعت له ، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض ، فأحفظه . قال عروة : فلقد ذهب عامة علمها ، لم أسأل عنه . إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عمر بن عثمان ، عن ابن شهاب : حدثنا القاسم بن محمد : أن معاوية دخل على عائشة ، فكلمها. قال : فلما قام معاوية ، اتكأ على يد مولاها ذكوان ، فقال : والله ، ما سمعت قط أبلغ من عائشة ، ليس رسول الله -صلى الله عليه وسلم . عمر بن عثمان التيمي ، ليس بالثبت . الزهري -من رواية معمر والأوزاعي عنه ، وهذا لفظ الأوزاعي عنه- قال : أخبرني عوف بن الطفيل بن الحارث الأزدي -وهو ابن أخي عائشة لأمها : أن عائشة بلغها أن عبد الله بن الزبير كان في دار لها باعتها ، فتسخَّط عبد الله بيع تلك الدار ، فقال : أما والله لتنتهين عائشة عن بيع رباعها ، أو لأحجرن عليها . قالت عائشة : أو قال ذلك؟ قالوا : قد كان ذلك . قالت : لله عليَّ ألا أكلِّمَه ، حتى يفرِّق بيني وبينه الموتُ . فطالت هجرتها إياه ، فنقَّصه الله بذلك في أمره كله . فاستشفع بكل أحد يرى أنه يثقل عليها ، فأبت أن تكلمه . فلما طال ذلك ، كلم المِسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث ، أن يشملاه بأرديتهما ثم يستأذنا ، فإذا أذنت لهما ، قالا : كلنا ؟ حتى يدخلاه على عائشة ، ففعلا ذلك . فقالت : نعم كلكم ، فليدخل . ولا تشعر . فدخل معهما ابن الزبير ، فكشف الستر ، فاعتنقها ، وبكى ، وبكتْ عائشة بكاء كثيرًا ، وناشدها ابن الزبير اللهَ والرَّحِمَ ، ونشدها مسور وعبد الرحمن بالله والرحم ، وذكرا لها قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فلما أكثروا عليها ، كلَّمته ، بعدما خَشِي ألا تكلمه . ثم بعثت إلى اليمن بمال ، فابتيع لها أربعون رقبة ، فأعتقتها . قال عوف : ثم سمعتها بعد تذكر نذرها ذلك ، فتبكي ، حتى تبل خمارها . قال ابن المديني : كذا قال . والصواب عندي : عوف بن الحارث بن الطفيل بن سخبرة . وكذلك رواه صالح بن كيسان ، عن الزهري ، وتابعه معمر . قال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة أفقه الناس ، وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال الزهري لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل . قال حفص بن غياث : حدثنا إسماعيل ، عن أبي إسحاق ، قال : قال مسروق : لولا بعض الأمر ، لأقمت المناحة على أم المؤمنين ، يعني عائشة . وعن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمَّه . القاسم بن عبد الواحد بن أيمن : حدثنا عمر بن عبد الله بن عروة ، عن جده عروة ، عن عائشة ، قالت : فخرت بمال أبي في الجاهلية - وكان ألف ألف أوقية- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة ، كنتُ لك كأبِي زَرْعٍ لأمِّ زَرْعٍ . هكذا في هذه الرواية : ألف ألف أوقية . وإسنادها فيه لين . وأعتقد لفظة : "ألْف" -الواحدة ، باطلة- فإنه يكون : أربعين ألف درهم ، وفي ذلك مفخر لرجل تاجر ، وقد أنفق ماله في ذات الله . ولما هاجر كان قد بقي معه ستة آلاف درهم ، فأخذها صحبته أما ألف ألف أوقية ، فلا تجتمع إلا لسلطان كبير . قال الزهري ، عن القاسم بن محمد : إن معاوية لما حج ، قدم ، فدخل على عائشة ، فلم يشهد كلامها إلا ذكوان مولى عائشة . فقالت لمعاوية : أَمِنْتَ أنْ أُخَبِّأَ لك رجلاً يقتُلُكَ بأخي محمد ؟ قال : صدقت -وفي رواية أخرى : قال لها : ما كنت لِتَفْعَلِي- ثم إنَّها وعظته ، وحضَّته على الاتِّبَاع . وقال سعيد بن عبد العزيز التنوخي : قضى معاوية عن عائشة ثمانية عشر ألف دينار ، هذه رواية منقطعة . والصحيح رواية عروة بن الزبير : أن معاوية بعث مرة إلى عائشة بمائة ألف درهم ، فوالله ما أمست حتى فرقتها . فقالت لها مولاتها : لو اشتريت لنا منها بدرهم لحما ؟ فقالت : ألا قلت لي . يحيي بن أبي زائدة ، عن حجاج ، عن عطاء : أن معاوية بعث إلى عائشة بقلادة بمائة ألف ، فقسمتها بين أمهات المؤمنين . الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة : أنها تصدقت بسبعين ألفًا ; وإنها لترقع جانب درعها -رضي الله عنها . أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن ابن المنكدر ، عن أم ذَرَّة ، قالت : بعث ابن الزبير إلى عائشة بمال في غرارتين ، يكون مائة ألف ، فدعت بطبق ، فجعلت تقسم في الناس ، فلما أمست ، قالت : هاتي يا جارية فطوري . فقالت أم ذرة : يا أم المؤمنين ، أما استطعت أن تشتري لنا لحما بدرهم ؟ قالت : لا تعنفيني ، لو أذكرتيني لفعلتُ . مطرف بن طريف ، عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد ، قال : فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف ، عشرة آلاف ، وزاد عائشة ألفين ، وقال : إنها حبيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم . شعبة : أخبرنا عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : أن عائشة كانت تصوم الدهر . ابن جريج ، عن عطاء ، قال : كنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير ، وهي مجاورة في جوف ثبير في قبة لها تركية عليها غشاؤها ، وقد رأيت عليها ، وأنا صبي ، درعا معصفرا . وروى سليمان بن بلال ، عن عمرو بن أبي عمرو : سمع القاسم يقول : كانت عائشة تلبس الأحمرين : الذهب والمعصفر ، وهي محرمة . وقال ابن أبي مليكة : رأيت عليها درعا مضرجا . وقال معلى بن أسد : حدثنا المعلى بن زياد : ، قال : حدثتنا بكرة بنت عقبة : أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة ، فسألتها عن الحناء . فقالت : شجرة طيبة ، وماء طهور ، وسألتها عن الحِفاف ، فقالت لها : إن كان لك زوج ، فاستطعت أن تنزعي مقلتيك ، فتصنعينهما أحسنَ مما هما ، فافْعلِي . المعليان ، ثقتان . وعن معاذة العدوية ، قالت : رأيت على عائشة ملحفة صفراء . الواقدي : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن هشام ، عن أبيه ، قال : ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتا وأكثر . مسعر ، عن حماد ، عن إبراهيم النخعي ، قال : قالت عائشة : يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة! . ابن علية ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قالت عائشة : توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي ، وفي يومي وليلتي ، وبين سحري ونحري . ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر ، ومعه سواك رطب ، فنظر إليه ، حتى ظننت أنه يريده ، فأخذته ، فمضغته ونفضته وطيبته ، ثم دفعته إليه ، فاستن به كأحسن ما رأيته مستنا قط ; ثم ذهب يرفعه إلي ، فسقطت يده ، فأخذت أدعو له بدعاء كان يدعو به له جبريل ، وكان هو يدعو به إذا مرض ، فلم يدعُ به في مرضه ذاك . فرفع بصره إلى السماء ، وقال : الرفيق الأعلى ، وفاضت نفسه . فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا . هذا حديث صحيح . عمر بن سعيد بن أبي حسين : حدثنا ابن أبي مليكة : حدثني أبو عمرو ذكوان مولى عائشة ، قال : قدم دُرْجٌ من العراق ، فيه جوهر إلى عمر ، فقال لأصحابه : تدرون ما ثمنه ؟ قالوا : لا . ولم يدروا كيف يقسمونه ، فقال : أتأذنون أن أرسل به إلى عائشة . لحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياها ؟ قالوا : نعم . فبعث به إليها . فقالت : ماذا فُتح على ابن الخطاب بعد رسول الله ؟ اللهم ، لا تُبْقِنِي لعطِيَّتِه لقابل . هذا مرسل . وأخرج الحاكم في "مستدركه" من طريق يحيي بن سعيد الأموي : حدثنا أبو العنبس سعيد بن كثير ، عن أبيه ، قال : حدثتنا عائشة : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر فاطمة . قالت : فتكلمت أنا . فقال : أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة. قلت : بلى والله ، قال : فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة . إسماعيل بن أبي خالد : أخبرنا عبد الرحمن بن الضحاك : أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة ، فقالت : لي خلال تسع ، لم تكن لأحد ، إلا ما آتى الله مريم -عليها السلام- . والله ما أقول هذا فخرا على صواحباتي . . فقال ابن صفوان : وما هن ؟ قالت : جاء الملك بصورتي إلى رسول الله ، فتزوجني ; وتزوجني بكرا ; وكان يأتيه الوحي ، وأنا وهو في لحاف ; وكنت من أحب الناس إليه ; ونزل في آيات ، كادت الأمة تهلك فيها ; ورأيت جبريل ، ولم يره أحد من نسائه غيري ; وقبض في بيتي ، لم يَلِه أحد -غير الملك- إلا أنا صححه الحاكم . العدام بن حوشب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الآية قال : نزلت في عائشة خاصة . علي بن عاصم -وفيه لين- : حدثنا خالد الحذاء ، عن ابن سيرين ، عن الأحنف ، قال : سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء بعدهم ، فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من فِيّ عائش ة . وقال موسى بن طلحة : ما رأيت أحدا أفصح من عائشة . وفي "المستدرك" بإسناد صالح ، عن أم سلمة : أنها لما سمعت الصرخة على عائشة ، قالت : والله لقد كانت أحب الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أباها . . قال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني ابن أبي سيرة ، عن عثمان بن أبي عتيق ، عن أبيه ، قال : رأيت ليلة ماتت عائشة حمل معها جريد بالخرق والزيت وأوقد ، ورأيت النساء بالبقيع ، كأنه عيد . قال محمد بن عمر : حدثنا ابن جريج ، عن نافع ، قال : شهدت أبا هريرة صلى على عائشة بالبقيع ، وكان خليفة مروان على المدينة ، وقد اعتمر تلك الأيام . قال عروة بن الزبير : دفنت عائشة ليلا . قال هشام بن عروة ، وأحمد بن حنبل ، وشباب وغيرهم : توفيت سنة سبع وخمسين . وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى ، والواقدي ، وغيرهما : سنة ثمان وخمسين . قال الواقدي : حدثنا ابن أبي سبرة ، عن موسى بن ميسرة عن سالم سبلان : أنها ماتت في الليلة السابعة عشرة من شهر رمضان بعد الوتر . فأمرت أن تدفن من ليلتها ، فاجتمع الأنصار ، وحضروا ، فلم ير ليلة أكثر ناسا منها . نزل أهل العوالي ، فدفنت بالبقيع . إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، قال : قالت عائشة - وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها ، فقالت : إني أحدثت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثًا ، ادفنوني مع أزواجه . فدفنت بالبقيع -رضي الله عنها . قلت : تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل ، فإنها ندمت ندامة كلية ، وتابت من ذلك : على أنّها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير ، كما اجتهد طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وجماعة من الكبار -رضي الله عن الجميع . روى إسماعيل ابن علية ، عن أبي سفيان بن العلاء المازني ، عن ابن أبي عتيق ، قال : قالت عائشة : إذا مر ابن عمر ، فأرونيه . فلما مر بها ، قيل لها : هذا ابن عمر . فقالت : يا أبا عبد الرحمن ، ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا قد غلب عليك -يعني ابن الزبير . وقد قيل : إنها مدفونة بغربي جامع دمشق . وهذا غلط فاحش ، لم تقدم -رضي الله عنها- إلى دمشق أصلا ، وإنما هي مدفونة بالبقيع . ومدة عمرها : ثلاث وستون سنة وأشهر . ذكر شيء من عالي حديثها : أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي غير مرة : أخبرنا محمد بن هبة الله بن أبي حامد الدينوري سنة عشرين وست مائة ببغداد : أخبرنا عمي أبو بكر محمد بن أبي حامد : سنة تسع وثلاثين وخمس مائة ، أخبرنا عاصم بن الحسن العاصمي : أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد : حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى : حدثنا ابن عيينة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى مكة ، دخلها من أعلاها ، وخرج من أسفلها . أخرجه الأئمة الستة سوى ابن ماجه ، عن ابن مثنى . فوافقناهم بعلو ، ولله الحمد . أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله في شعبان سنة اثنتين وتسعين وست مائة : أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي : أخبرنا تميم ابن أبي سعد الجرجاني : أخبرنا أبو سعد الكنجروذي : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان : أخبرنا أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن بكار : حدثنا أبو معشر ، عن سعيد ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : يا عائشة ، لو شِئْتُ ، لسارت معي جبال الذهب ، جاءني ملك إنَّ حُجْزَتَه لتساوي الكعبة ، فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : إن شئت نبيا عبدا ، وإن شئت نبيا ملكا ؟ فنظرت إلى جبريل ، فأشار إلي : أن ضع نفسك . فقلت : نبيا عبدا . فكان -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك لا يأكل متكئًا ، يقول : آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد . هذا حديث حسن غريب ، ولا يمكن أن يقع لنا حديث أم المؤمنين أقرب إسنادا من هذا . قرأت على ابن عساكر ، عن أبي روح : أخبرنا تميم : حدثنا أبو سعد : أخبرنا ابن حمدان : أخبرنا أبو يعلى : حدثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم ، عن علي بن هاشم ، عن هشام بن عروة ، عن بكر بن وائل ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة قط ، ولا ضرب خادما له قط ، ولا ضرب بيده شيئا ، إلا أن يجاهد في سبيل الله . وما نيل منه شيء فانتقمه من صاحبه ، إلا أن تنتهك محارم الله ، فينتقم . أخرجه النسائي ، عن أحمد بن علي القاضي ، عن أبي معمر . فوقع لنا بدلا عاليا . يحيي بن سعيد القطان : حدثنا أبو يونس ، حاتم بن أبي صغيرة عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة -رضي الله عنها : أنها قتلت جانًّا ، فأُتِيَتْ في منامها : والله لقد قتلت مسلمًا . قالت : لو كان مسلمًا لم يدخل على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقيل : أوَكان يدخل عليك إلا وعليك ثيابك . فأصبحت فَزِعة ، فأمرت باثني عشر ألف درهم ، فجعلتها في سبيل الله . عفيف بن سالم ، عن عبد الله بن المؤمل ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة بنت طلحة ، قالت : كان جانٌّ يطلع على عائشة ، فحرَّجت عليه مرة ، بعد مرة ، بعد مرة . فأبى إلا أن يظهر ، فعدَتْ عليه بحديدة ، فقتلته . فأُتِيِتْ في منامها ، فقيل لها : أقتلتِ فلانا ، وقد شهد بدرًا ، وكان لا يطلع عليك ، لا حاسرا ولا متجرِّدة ، إلا أنه كان يسمَع حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فأخذها ما تقدَّم وما تأخر ; فذكرت ذلك لأبيها . فقال : تصدقي باثني عشر ألفا ديَّته . رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن عفيف ، وهو ثقة . وابن المؤمل ، فيه ضعف . والإسناد الأول أصح . وما أعلم أحدا اليوم يقول بوجوب دية في مثل هذا . قال أبو إسحاق ، عن مصعب بن سعد ، قال : فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف ، وزاد عائشة ألفين ، وقال : إنها حبيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم . عن الشعبي : أن عائشة قالت : رويت للبيد نحوا من ألف بيت ، وكان الشعبي يذكرها ، فيتعجب من فقهها وعلمها ، ثم يقول : ما ظنكم بأدب النبوة . وعن الشعبي قال : قيل لعائشة : يا أم المؤمنين ، هذا القرآن تلقيته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكذلك الحلال والحرام ; وهذا الشعر والنسب والأخبار سمعتها من أبيك وغيره ; فما بال الطب ؟ قالت : كانت الوفود تأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلا يزال الرجل يشكو علة ، فيسأله عن دوائها . فيخبره بذلك . فحفظت ما كان يصفه لهم وفهمته . هشام بن عروة ، عن أبيه : أنها أنشدت بيت لبيد : ذَهَـبَ الذين يُعَاشُ فـي أَكْنَافِهـِم وبَقِيتُ فـي خَلْفٍ كَجِلْـدِ الأجْـرَبِ فقالت : رحم الله لبيدا ، فكيف لو رأى زماننا هذا !. قال عروة : رحم الله أم المؤمنين ؟ فكيف لو أدركت زماننا هذا . قال هشام : رحم الله أبي ، فكيف لو رأى زماننا هذا !. قال كاتبه : سمعناه مسلسلا بهذا القول بإسناد مقارب . محمد بن وضاح : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا وكيع ، عن عصام بن قدامة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أَيَّتُكُنَّ صاحبة الجملِ الأدْبَبِ ، يُقتل حولها قتلى كثير ، وتنجو بعدما كادتْ . قال ابن عبد البر : هذا الحديث من أعلام النبوة ، وعصام ثقة . وقال أبو حسان الزيادي ، عن أبي عاصم العباداني عن علي بن زيد ، قال : باعت عائشة دارا لها بمائة ألف ، ثم قسمت الثمن ، فبلغ ذلك ابن الزبير ؟ فقال : قسمت مائة ألف! والله لتنتهين عن بيع رباعها ، أو لأحجرن عليها . فقالت : أهو يحجر علي ؟ لله علي نذر إن كلمته أبدا. فضاقت به الدنيا حتى كلمته ! فأعتقت مائة رقبة . قلت : كانت أم المؤمنين من أكرم أهل زمانها ; ولها في السخاء أخبار ، وكان ابن الزبير بخلاف ذلك . . حماد بن سلمة : حدثنا هشام بن عروة ، عن عوف بن الحارث ، عن رميثة ، عن أم سلمة ، قالت : كلمني صواحبي أن أكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر الناس فيَهْدُون له حيث كان ; فإن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ; وإنا نحب الخير . فقلت : يا رسول الله ، صواحبي كلمنَنِي -وذكرت له- فسكت ، فلم يراجعني . فكلمته فيما بعد مرتين أو ثلاثا ; كل ذلك يسكت ، ثم قال : لا تؤذيني في عائشة ، فإني والله ما نزل الوحي عليَّ ، وأنا في ثوب امرأة من نسائي ، غير عائشة ، قلت : أعوذ بالله ، أن أسوءك في عائشة . أخرجه النسائي . يحيي بن سعيد الأموي : حدثني أبو العنبس سعيد بن كثير ، عن أبيه ، قال : حدثتنا عائشة : رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر فاطمة . فتكلمت أنا . فقال : أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة ؟ قلت : بلى ، والله . وقال الزهري : لو جمع علم الناس كلهم ، وأمهات المؤمنين ، لكانت عائشة أوسعهم علما . ابن عيينة ، عن موسى الجهني ، عن أبي بكر بن حفص ، عن عائشة : أن أبويها قالا للنبي -صلى الله عليه وسلم- : إنا نحب أن تدعو لعائشة ونحن نسمع . فقال : اللهم اغفر لعائشة مغفرة واجبة ، ظاهرة باطنة فعجب أبواها لحسن دعائه لها . فقال : أتعجبان ؟ هذه دعوتي لمن شهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله . أخرجه الحاكم . الأعمش ، عن أبي وائل ، عن مسروق : قالت لي عائشة : رأيتني على تلٍّ ، وحولي بقر تنحر . قلت : لئن صدقت رؤياك ، لتكونن حولك ملحمة قالت : أعوذ بالله من شرك ، بئس ما قلت . فقلت لها : فلعله إن كان أمر . قالت : لأن أَخِرَّ من السماء أحبّ إليَّ من أن أفعل ذلك . فلما كان بعد ، ذكر عندها : أن عليا -رضي الله عنه- قتل ذا الثُّدَيَّة . فقالت لي : إذا أنت قدمت الكوفة ، فاكتب لي ناسا ممن شهد ذلك . فقدمت ، فوجدت الناس أشياعا ، فكتبت لها من كل شيعة عشرة ; فأتيتها بشهادتهم ، فقالت : لعن الله عمرا ، فإنه زعم أنه قتله بمصر . قال الحاكم : هذا على شرط البخاري ومسلم . روى مغيرة بن زياد ، عن عطاء ، قال : كانت عائشة أفقه الناس وأعلمهم ، وأحسن الناس رأيا في العامة . قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل : حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن أبي وائل : حدثني مسروق : حدثتني أم رومان : قالت : بينا أنا قاعدة ، وَلَجَتْ عليَّ امرأة من الأنصار ، فقالت : فعل الله بفلان وفعل ! فقالت أم رومان : وما ذاك ؟ قالت : ابني فيمن حدث الحديث . قالت : وما ذاك ؟ قالت : كذا وكذا . قالت عائشة : سمع رسول الله ؟ قالت : نعم . قالت : وأبو بكر ؟ قالت : نعم . فخَرَّت مغشيا عليها ، فما أفاقت إلا وعليها حُمَّى بنافض ، فطرحت عليها ثيابها . فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : ما شأن هذه ؟ قلت : يا رسول الله ، أخذتها الحمى بنافض . قال : فلعل في حديث تُحُدِّثَ به ؟ قلت : نعم . فقعدت ، فقالت : والله ، لئن حلفت لا تصدقوني ، ولئن قلت لا تعذروني ; مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه : والله المستعان على ما تصفون . قالت : وانصرف ، ولم يقل شيئا . فأنزل الله عذرها . قالت : بحمد الله ، لا بحمد أحد ، ولا بحمدك صحيح غريب . المصدر. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 58 : 07 PM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح حديث الإفك وبراءة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها. · عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فلما كان غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه ،كما كان يصنع فخرج سهمي عليهن معه ، فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت وكان النساء إذ ذاك يأكلن العلق لم يهجهن اللحم فيثقلن ،وكنت إذا رحل لي بعيرى جلست في هودجي ، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله ، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به . قالت : فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلاً حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات به بعض الليل ، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل , فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، وقد أخذ الناس في الرحيل ، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحلون لي البعير وقد كانوا فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع ، فأحتموله فشدوه على البعير ولم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير فأنطلقوا به . فرجعت إلى العسكر وما فيه داعٍ ولا مجيب ، قد انطلق الناس . قالت : فتلففت ب***ابي ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو أفتقدت لرجع الناس إلي . قالت : فوالله إني لمضطجعة إذا مر بي صفوان بن المعطل السلمي وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته فلم يبت مع الناس ، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال : إنا لله وإنا ليه راجعون ! ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وأنا متلففة في ثيابي . قال . ما خلفك يرحمك الله ؟ قالت : فما كلمته ثم قرب إلي البعير فقال : اركبي . وأستأخر عني . قالت : فركبت وأخذ برأس البعير فأنطلق سريعا يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس وما أفتقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس فلما أطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، وارتج العسكر ووالله ما أعلم بشيء من ذلك . ثم قدمنا المدينة فلم أبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغني من ذلك شئ . وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي , لايذكروني لي منه قليلاً ولا كثيراً ، إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي ، كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي ، فلم يفعل ذلك بي في شكواي ذلك ، فأنكرت ذلك منه ، كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني قال : " كيف تيكم " ؟ لا يزيد على ذلك . قالت : حتى وجدت في نفسي فقلت : يارسول الله ، حين رأيت ما رأيت من جفائه لي : لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني . قال : (( لا عليك )) . قالت : فأنقلبت إلى أمي ولا علم لي بشيء مما كان ، حتي نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة , كنَّا قومًا عربًا لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم نعافها ونكرهها , إنما كنا نخرج في فسح المدينة وإنما كانت النساء يخرجن في كل ليلة في حوائجهن ،فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب ، قالت " فوالله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها فقالت : تعس مسطح . ومسطح لقب واسمه عوف . قالت : فقلت بئس لعمرو الله ما قلت لرجل من المهاجرين ، وقد شهد بدراً . قالت : أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ؟ قالت : قلت :وما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان من قوله أهل الإفك . قلت : أو قد كان ؟ هذا قالت : نعم ، والله لقد كان . قلت : قوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ، ورجعت ، فوالله مازلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي . قالت : وقلت لأمي : يغفر الله لك تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً ! قالت : أي بنية خففي عليك الشأن فوالله لقل ما كانت إمرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر لا كثرن وكثر الناس عليها . قالت : وقد قام رسول الله فخطبهم ، ولا أعلم بذلك ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " إيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق ، والله ماعلمت عليهم إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجل والله ماعلمت منه إلاخيراً ، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي " . قال : وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مسطح وحمنه بنت جحش , وذلك أن اختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه تناصبني في المنزلة عنده غيرها . فأما زينب فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيراً ، وأما حمنة فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضارني لأختها فشقيت بذلك . فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة قال أسيد بن حضير : يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفيكهم وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا أمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم . قالت : فقام سعد بن عبادة ، وكان قبل ذلك يرى رجلا صالحاً فقال : كذبت لعمر الله ما تضرب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ولو كانوا من قومك ما قلت هذا . فقال أسيد بن حضير : كذبت لعمر الله ولكنك منافق تجادل عن المنافقين . قالت : وتساور الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخروج شر . ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي فدعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى خيراً ، ثم قال : يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلاخيرا ، وهذا الكذب والباطل . وأما علي فإنه قال : يارسول الله إن النساء لكثير وإنك لقادر على أن تسخلف ، وسل الجارية فإنها ستصدقك . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة يسألها . قالت : فقام إليها علي فضربها ضرباً شديداً ويقول : أصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : فتقول : والله ما أعلم إلا خيراً ، وما كنت أعيب على عائشة شيئاً إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتي الشاة فتأكله ! . قالت : ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه قال : " يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس ، فاتقى الله ، وإن كنت قد قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله ، فإن الله يقبل التوبة عن عبادة " . قالت : فوالله إن هو إلا أن قال لي ذلك فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئاً ، وأنتظرت أبوي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما . قالت : وايم الله لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأناً من أن ينزل الله في قرآناً يقرأ به ويصلي به ، ولكني كنت أرجو أني يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئاً يكذب الله به عني لما يعلم من براءتي ويخبر خبراً ، وأما قرآناً ينزل في فوالله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك . قالت : فلما لم أر أبوي يتكلمان قلت لهما : ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالا : والله ما ندري بما نجيبه . قالت : ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام . قالت : فلما استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت : والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا ، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني منه بريئة لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني . قالت : ثم ألتمست اسم يعقوب فما أذكر فقلت : ولكن سأقول كما قال أبو يوسف : " فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون " قالت : فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه ، فسجى بثوبه ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فوالله ما فزعت وما باليت ، قد عرفت أني بريئة وأن الله غير ظالمي ، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس . قالت : ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات ، فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول : " أبشري يا عائشة ، قد أنزل الله عز وجل براءتك " . قالت : قلت : الحمد لله . ثم خرج إلى الناس فحطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك ، ثم أمر بمسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش ، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدهم . غريب القصة : ـ العلق : وفي رواية العلقة أي القليل من الطعام . ـ هودجي : الهردج محمل له قبة تستر بالثياب ونحوه . ـ جزع ظفار : ظفار المدينة المعروفة في اليمن ، والجزع خرز في سواده بياض كالعروق قال ابن حجر : " لعل عقدها كان من الظفر أحد أنواع القسط وهو طيب الرائحة يتبخر به ، فلعله عمل مثل الخرز فأطلقت عليه جزعا تشبيها به ونظمته قلادة إما لحسن لونه أو لطيب ريحه " . ـ كيف تيكم : بكسر المثناة الفوقية وهى في الإشارة للمؤنث مثل ذاكم في المذكر قال في التنقيح : وهي تدل على لطف من حيث سؤاله عنها وعلى نوع جفاء من قوله تيكم . ـ الكنف : جمع كنيف وهو الساتر المتخذ لقضاء الحاجة . ـ مرطها : المرط هو كساء من خز أو صوف كتان يؤتزر به وتتلفع به المرأة . ( معجم الوسيط 2/864) . ـ ضرائر : زوجات الرجل الواحد ، وسميت الواحدة منهن ضرة لأن كل واحدة يحصل لها الضرر من الأخرى نتيجة الغيرة . ـ لعمر الله : أي وبقاء الله ، وفي صحيح البخاري في " الإيمان والنذور" قال : " باب قول الرجل : لعمر الله " . ـ قلص دمعي : استمسك وانقطع وذلك أن عظم المصيبة تثير الحزن والغضب وإذا اجتمعا في مصاب انقطع الدمع . - استعجما على : أي لم يجيبا . ـ الجمان : أي اللؤلؤ . الفوائد والعبر : 1- مشروعية القرعة حتى بين النساء ، وفي المسافرة بهن والسفر بالنساء حتىفي الغزو . 2- جواز حكاية ما وقع للمرء من الفضل ولو كان فيه مدح ناس أو ذم إذا تضمن ذلك إزالة توهم النقص عن الحاكي إذا كان بريئا عند قصد نصح من يبلغه ذلك لئلا يقع فيما وقع فيه من سيق ، وأن الاعتناء بالسلامة من وقوع الغير في الإثم أولى من تركه يقع في الإثم وتحصيل الأجر للموقع فيه . 3- استعمال التوطئة فيما يحتاج إليه من الكلام . 4- الهودج يقوم مقام البيت في حجب المرأة . 5- جواز ركوب المرأة الهودج على ظهر البعير ولو كان ذلك مما يشق عليه حيث يكون مطيقا لذلك . 6- خدمة الأجانب للمرأة من وراء الحجاب . 7- جواز تستر المرأة بالشيء المنفصل عن البدن . 8- توجه المرأة لقضاء حاجتها وحدها وبغير إذن خاص من زوجها بل اعتماداً على الإذن العام المستند إلى العرف العام . 9- جواز تحلى المرأة في السفر بالقلادة ونحوها ، وصيانة المال ولو قل للنهي عن إضاعة المال ، فإن عقد عائشة لم يكن من ذهب ولا جوهر . 10- شؤم الحرص على المال لأنها لو لم تطل في التقتيش لرجعت بسرعة فلما زاد على قدر الحاجة أثر ما جرى . 11- توقف رحيل العسكر على إذن الأمير . 12- استعمال بعض الجيش ساقة يكون أمينا ليحمل الضعيف ويحفظ ما يسقط ، وغير ذلك من المصالح . 13- الاسترجاع عند المصيبة . 14- تغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي . 15- إغاثة الملهوف وعون المنقطع وإنقاذ الضائع وإكرام ذوي القدر وإيثارهم بالركوب وتجشم المشقة لأجل ذلك . 16- حسن الأدب مع الأجانب خصوصا النساء لاسيما في الخلوة ، والمشى أمام المرأة ليستقر خاطرها وتأمن مما يتوهم من نظره لما عساه ينكشف منها حركة المشى . 17- ملاطفة الزوجة وحسن معاشرتها والتقصير من ذلك عند إشاعة ما يقتضي النقص وإن لم يتحقق ، وفائدة ذلك أن تفطن لتغير الحال فتعتذر أو تعترف ، وإنه لا ينبغي لأهل المريض أن يعلموه بما يؤذي باطنه لئلا يزيد ذلك في مرضه . 18- السؤال عن المريض وإشارة إلى مراتب الهجران بالكلام والملاطفة، فإذا كان السبب محققا فيترك أصلا ، وإن كان مظنونا فيخفف ، وإن كان مشكوكا فيه أو محتملاً فيحسن التقليل منه لا للعمل بما قيل بل لئلا يظن بصاحبة عدم المبالاة بما قيل في حقة ، لأن ذلك من خوارم المروءة . 19- إن المرأة إذا خرجت لحاجة تستصحب من يؤنسها أو يخدمها ممن يؤمن عليها . 20- ذب المسلم عن المسلم خصوصا من كان من أهل الفضل , وردع من يؤذيهم ولو كان منهم . 21- بيان فضيلة أهل بدر ، وإطلاق السب على لفظ الدعاء بالسوء على الشخص . 22- البحث عن الأمر القبيح إذا أشيع وتعرف صحته وفساده بالتنقيب على من قيل فيه هل وقع منه قبل ذلك ما يشبهه أو يقرب منه واستصحاب حال من اتهم بسوء إذا كان قبل ذلك معروفا بالخير إذا لم يظهر عنه بالبحث ما يخالف ذلك . 23- فضيلة قوية لأم مسطح لانها لم تحاب ولدها في وقوعه في حق عائشة بل تعمدت سبه على ذلك . 24- تقوية لأحد الاحتمالين في قوله صلى الله عليه وسلم عن أهل بدر " أن الله قال لهم اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم " وأن الراجح أن المراد بذلك أن الذنوب تقع منهم لكنها مقرونة بالمغفرة تفضيلا لهم على غيرهم بسبب ذلك المشهد العظيم ومر جوحيه القول الآخر أن المراد أن الله تعالى عصمهم فلا يقع منهم ذنب ، نبه على ذلك الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به . 25- مشروعية التسبيح عند سماع ما يعتقد السامع أنه كذب ، وتوجيهه هنا أنه سبحانه وتعالى ينزه أن يحصل لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدنيس فيشرع شكره بالتزيه في مثل هذا نبه عليه أبو بكر بن العربي . 26- توقف خروج المرأة من بيتها على إذن زوجها ولو كانت إلىبيت أبوبها . 27- البحث عن الأمر المقول ممن يدل عليه المقول فيه ، والتوقف في خبر الواحد ولو كان صادقا ، وطلب الارتقاء من مرتبة الظن إلى مرتبة اليقين ، وأن خبر الواحد إذا جاء شيئا بعد شيء أفاد القطع لقول عائشة " لأستيقن الخبر من قلبهما " وأن ذلك لا يتوقف علىعدد معين . 28- استشارة المرء أهل بطانته ممن يلوذ به بقرابة وغيرها ، وتخصيص من جربت صحة راية منهم بذلك ولول كان غيره أقرب ، والبحث عن الحال من أتهم بشئ ،وحكاية ذلك للشكف عن أمره ولا يعاد ذلك غيبة . 29- استعمال " لا نعلم إلا خيرا " في التزكية ، وأن ذلك كاف في حق من سبقت عدالته ممن يطلع على خفى أمره . 30- التثبت في الشهادة ، وفطنة الإمام عند الحادث المهم ، والاستنصار بالأخصاء على الأجانب ، وتوطئة العذر لمن يراد إيقاع العقاب به أو العتاب له ، واستشارة الأعلى لمن هو دونه ، واستخدام من ليس في الرق ، وأن من استفسر عن حال شخص فأراد بيان مافيه من عيب فليقدم ذكر عذره في ذلك إن كان يعلمه كما قالت بريرة في عائشة حيث عابتها بالنوم عن العجين فقدمت قبل ذلك أنها جارية حديثة السن . 31- إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي لانه صلى الله عليه وسلم لم يجزم في القصة بشيء قبل نزول الوحي نبه عليه أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به ، وأن الحمية لله ورسوله لا تذم . 32- فيه فضائل جمة لعائشة ولأبويها ولصفوان ولعلي بن أبي طالب وأسامة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير . 33- إن التعصب لأهل الباطل يخرج عن اسم الصلاح ، وجواز سب من يتعرض للباطل ونسبته إلى ما يسوءه وإن لم يكن ذلك في الحقيقة فيه ، لكن إذا وقع منه ما يشبه ذلك جاز إطلاق ذلك عليه تغليظاً له ، وإطلاق الكذب على الخطأ والقسم بلفظ لعمر الله . 34- الندب إلى قطع الخصومة ، وتسكين ثائرة الفتنة ، وسد ذريعة ذلك ، واحتمال أخف الضررين بزوال أغلطهما , وفضل احتمال الأذى . 35- مباعدة من خالف الرسول ولو كان قريبا حميما، وفيه أن من آذى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل يقتل لأن سعد بن معاذ أطلق ذلك ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم . 36- مساعدة من نزلت فيه بلية بالتوجع والبكاء والحزن ، وفيه تثبت أبي بكر الصديق في الأمور لأنه لم ينقل عنه في هذه القصة مع تمادي الحال فيها شهرا كلمة فما فوقها ، إلا ما ورد عنه في بعض طرق الحديث أنه قال : " والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية ، فكيف بعد أن أعزنا الله بالأسلام " وقع ذلك في حديث ابن عمر عند الطبراني . 37- ابتداء الكلام في الأمر المهم بالتشهد والحمد والثناء وقول أما بعد ، وتوقيف من نقل عنه ذنب على ما قيل بعد البحث عنه، وأن قول كذا وكذا يكني بها عن الأحوال كما يكنى بها عن الأعداد ولا تختص بالأعداد . 38- مشروعية التوبة وأنها تقبل من المعترف المقلع المخلص ، وأن مجرد الاعتراف لا يجزيء فيها ، وأن الاعتراف بما لم يقع لا يجوز ولو عرف أنه يصدق في ذلك ، ولا يؤخذ على ما يترتب على اعترافه ، بل عليه أن يقول الحق أو يسكت ، وأن الصبر تحمد عاقبته ويغبط صاحبه . 39- تقديم الكبير في الكلام وتوقف من اشتبه عليه الامر في الكلام . 40- تبشير من تجددت له نعمة أو انعدمت عنه نقمة ، وفيه الضحك والفرح والاستبشار عند ذلك ، ومعذرة من انزعج عند وقوع الشدة لصغر سن ونحوه ، وإدلال المرأة على زوجها وأبويها ، وتدرج من وقع في مصيبة فزالت عنه لئلا يهجم على قلبه الفرح من أول وهلة فيهلكه ،يؤخذ ذلك من ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الوحي ببراءة عائشة بالضحك ثم تبشيرها ثم إعلامها ببراءتها مجملة ثم تلاوته الآيات على وجهها ، وقد نص الحكماء على أن من أشتد عليه العطش لا يمكن من المبالغة في الرى في الماء لئلا يفضى الأمر لربه ، وأن من قوى على ذلك خف عنه الهم والغم كما وقع في حالتي عائشة قبل استفسارها عن حالها وبعد جوابها بقولها : والله المستعان . 41- التسبيح عند التعجب واستعظام الأمر ، وذم الغيبة وذم سماعها وزجر من يتعاطاها لاسيما إن تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه ، وذم إشاعة الفاحشة ، وتحريم الشك في براءة عائشة . 42- تأخير الحد عمن تيخضى من إيقاعة به الفتنة ، نبه على ذلك ابن بطال مستندا إلى أن عبدالله بن أبي كان ممن قذف عائشة ولم يقع في الحديث أنه ممن حد ، وتعقبه عياض بأنه لم يثبت أنه قذف بل الذي ثبت أنه كان يستخرجه ويستوشيه ، قلت : وقد ورد أنه لم يثبت أنه قذف صريحاً ، ووقع ذلك في مرسل سعيد بن جبير عند ابن أبي حاتم وغيره وفي مرسل مقاتل بن حيان عند الحاكم في الأكليل .. أ . هـ 43- تعديل النساء بعضهن بعضا ( قاله البخاري ) . 44- حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه ( قاله البخاري ) . قلت : والرائع في هذه القصة براءة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 01 : 08 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح زواج الرسول صلى اللـه عليه وسلم من عائشة أم المؤمنين. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فنقرر بادئ ذي بدء أن أم المؤمنين عائشة عندما خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن هو أول المتقدمين لخطبتها بل سبقه غيره ، فقد ذكر بعض المؤرخين أن جبير بن المطعم بن عدي تقدم لخطبة عائشة، وعلى هذا فأم المؤمنين كانت في عمر الزواج ، وكانت تطيقه فلا غرو إذأ أن يخطبها النبي صلى الله عليه وسلم . ويذكر سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء ظروف نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين عائشة فيقول سماحته : أولاً: إنّ زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتوكيد الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق ، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة الوثيق وهذا دليل على انها كانت في سن زواج . ثانياً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدي، فهي ناضجة من حيث الأنوثة مكتملة بدليل خطبتها قبل حديث خولة. ثالثاً: أنّ قريش التي كانت تتربّص بالرسول صلى الله عليه وسلم الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، لم تُدهش حين أُعلن نبأ المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي. رابعاً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها لم تكن أول صبيّة تُزفّ في تلك البيئة إلى رجل في سنّ أبيها، ولن تكون كذلك أُخراهنّ. لقد تزوّج عبد المطلب الشيخ من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة وهي آمنة بنت وهب ثمّ لقد تزوّج سيدنا عمر بن الخطّاب من بنت سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وهو في سنّ جدّها، كما أنّ سيدنا عمر بن الخطّاب يعرض بنته الشابة حفصة على سيدنا أبي بكر الصدّيق وبينهما من فارق السنّ مثل الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها. ولكنّ نفراً من المستشرقين يأتون بعد أكثر من ألف وأربع مائة عام من ذلك الزواج فيهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهل والطفولة ، ويقيسون بعين الهوى زواجاً عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين. ويجب الانتباه إلى أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً وهو في سنّ الثامنة عادة، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة. وأياً ما يكون الأمر فإنّه عليه الصلاة والسلام لم يتزوّج السيدة عائشة رضي الله عنها من أجل المتعة، وهو الذي بلغ الخامسة والخمسين من عمره، وإنّما كان ذلك لتوكيد الصلة مع أحبّ الرجال إليه عن طريق المصاهرة، خاصّة بعد أن تحمّل أعباء الرسالة وأصبحت حملاً ثقيلاً على كاهله، فليس هناك مجال للتفكير بهذا الشأن. ولو كان عليه الصلاة والسلام همّه النساء والاستمتاع بهنّ لكان فعل ذلك أيّام كان شاباً حيث لا أعباء رسالة ولا أثقالها ولا شيخوخة، بل عنفوان الشباب وشهوته الكامنة. غير أنّنا عندما ننظر في حياته في سنّ الشباب نجد أنّه كان عازفاً عن هذا كلّه، حتّى إنّه رضي بالزواج من السيدة خديجة رضي الله عنها الطاعنة في سنّ الأربعين وهو ابن الخامسة والعشرين. ثمّ لو كان عنده هوس بالنساء لما رضي بهذا عمراً طويلاً حتّى تُوفّيت زوجته خديجة رضي الله عنها دون أن يتزوّج عليها. ولو كان زواجه منها فلتة فهذه خديجة رضي الله عنها توفّاها الله، فبمن تزوّج بعدها؟ لقد تزوّج بعدها بسودة بنت زمعة العامرية جبراً لخاطرها وأنساً لوحشتها بعد وفاة زوجها ، وهي في سنّ كبير، وليس بها ما يرغّب الرجال والخطّاب. هذا يدلّ على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنده أهداف من الزواج إنسانية وتشريعية وإسلامية ونحو ذلك. ومنها أنّه عندما عرضت عليه خولة بنت حكيم الزواج من عائشة فكّر الرسول صلى الله عليه وسلم أيرفض بنت أبي بكر ، وتأبى عليه ذلك صحبة طويلة مخلصة ،ومكانة أبي بكر عند الرسول والتي لم يظفر بمثلها سواه. ولمّا جاءت عائشة رضي الله عنها إلى دار الرسول صلى الله عليه وسلم فسحت لها سودة المكان الأول في البيت ، وسهرت على راحتها إلى أن توفّاها الله ، وهي على طاعة الله وعبادته، وبقيت السيدة عائشة رضي الله عنها بعدها زوجة وفيّة للرسول صلى الله عليه وسلم تفقّهت عليه حتّى أصبحت من أهل العلم والمعرفة بالأحكام الشرعية. وما كان حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها إلاّ امتداداً طبيعياً لحبّه لأبيها رضي الله عنهما. ولقد سُئل عليه الصلاة والسلام: من أحبّ الناس إليك؟ قال: (عائشة) قيل: فمن الرجال؟ قال: (أبوها). هذه هي السيدة عائشة رضي الله عنها الزوجة الأثيرة عند الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبّ الناس إليه. لم يكن زواجه منها لمجرّد الشهوة ، ولم تكن دوافع الزواج بها المتعة الزوجية بقدر ما كانت غاية ذلك تكريم أبي بكر وإيثاره وإدناؤه إليه وإنزال إبنته أكرم المنازل في بيت النبوّة . منقول . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 04 : 08 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح أم المؤمنين هي عائشـة بنت أبي بكر الصديـق، عبد الله بن أبي قحافـة عثمان بن عامر من ولد تيـم بن مرة، ولدت السيـدة عائشـة بعد البعثة بأربع سنين، وعقد عليها رسـول اللـه -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة بسنة، ودخـل عليها بعد الهجرة بسنة أو سنتيـن... وقُبِضَ عنها الرسول الكريم وهي بنـت ثمان عشرة سنة، وعاشت ست وستين سنة، وحفظت القرآن الكريم في حياة الرسول وروت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألفي حديث ومائي وعشرة أحاديث... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 16 : 08 PM | المشاركة رقم: 9 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الرؤيا المباركة . قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم-: (أُريتُـكِ -وهو يخاطب عائشـة- في المنام ثلاث ليالٍ، جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير، وهو الحرير الأبيض، فيقول: (هذه إمرأتك)... فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي؟... فأقول: (إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ)... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 01 / 2010, 17 : 08 PM | المشاركة رقم: 10 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الخِطبة عندما ذكرت خولة بنت حكيـم لرسـول الله -صلى الله عليه وسلم- اسم عائشة لتخطبها له، تهلل وجهه الشريف لتحقق الرؤيا المباركة، ولرباط المصاهـرة الذي سيقرب بينه وبين أحـب الناس إليه... دخلت خولة إلى بيت أبي بكر، فوجدت أم عائشة فقالت لها: (ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة؟)... قالت أم عائشة: (وما ذاك؟)... أجابت: (أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ له عائشة)... فقالت: (ودِدْتُ، انتظري أبا بكر فإنه آتٍ)... وجاء أبو بكر فقالت له: (يا أبا بكر، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة؟! أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخطبُ عائشـة)... فذكر أبو بكر موضعـه من الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقال: (وهل تصلح له؟... إنما هـي ابنة أخيه؟)... فرجعت خولة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقالت له ذلك، فقال: (ارجعي إليه فقولي: أنت أخي في الإسلام، وأنا أخوك، وبنتك تصلحُ لي)... فذكرت ذلك لأبي بكر فقال: (انتظريني حتى أرجع)... فذهب ليتحلل من عِدَةٍ للمطعم بن عدي، كان ذكرها على ابنه، فلما عاد أبو بكر قال: (قد أذهبَ الله العِدَة التي كانت في نفسـه من عدِتِه التي وعدها إيّـاه، ادْعي لي رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-)... فدعتْه وجاء، فأنكحه، فحصلت قرابة النسب بعد قرابة الدين... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018