أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 

الإهداءات



الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: احتفال الاذاعة بغرة جمادى الآخرة 1446هـ من مسجد التليفزيون - هانى عبدالعزيز الحسينى - عباس فتحى صالح - سعيد هزاع (آخر رد :رفعـت)       :: صلاة الفجر للشيخ عبدالباري الثبيتي 3 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد النبوي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ بندر بليلة 3 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالمحسن القاسم 2 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد النبوي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ أحمد الحذيفي 2 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد النبوي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ عبدالباري الثبيتي 2 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد النبوي (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ ياسر الدوسري 2 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ ياسر الدوسري 2 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ بندر بليلة 2 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: دروس من الحرم 04 | ( الصوم حِكَم وأحكام ) لمعالي الشيخ أ.د.عبدالرحمن السند | الخميس 18-09-1445 (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع طويلب علم مبتدئ مشاركات 6 المشاهدات 4825  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 16 / 03 / 2008, 53 : 01 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 4.91 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
الحمد لله رب العالمين ، و يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم ، و الصلاة و السلام على عبده و رسوله محمد صلى الله عليه و سلم و على من تبعه بإحسان إلى يوم الدين ..

مع إقتراب اليوم الثاني عشر لربيع الأول ، يستعد الكثير من الناس للاحتفال بمولد الرسول – صلى الله عليه و سلم- متبعين بذلك بدعة ظهرت في القرن السابع عشر ، في عهد الفاطميين ..

و لقد تأصلت بدعة الاحتفال بالمولد في نفوس هؤلاء أكثر من تأصل السنة، فأصبح احتفال المسلمين بمولد الرسول – صلى الله عليه و سلم – كاحتفال النصارى بمولد عيسي عليه السلام. و إذا نظرنا إلى حياة الرسول – صلى الله عليه و سلم- و جدنا ه لم يحتفل بمولده و لم يأمر به و لم يفعله أحد من الصحابة و لا من التابعين و لا من تابعي التابعيين.


لذلك اخترت لأنقل لكم بعض ما قرأته في الشبه حول الاحتفال بالمولد النبوي و الرد عليها .

--------------------
الشبهة الأولى : قالوا إن الاحتفال بالمولد ليس بدعة ، بل هو سنة حسنة ، بدليل قول الرسول – صلى الله عليه وسلم- ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، و من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة ).

و الجواب :

أن السنة الحسنة تكون فيما له أصل في الشرع كالصدقة التي هي سبب ورود الحديث، فقد روي أن قوماً قدموا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- و هم في حالة يرثى لها من الحاجة و الفاقة ، فحث الرسول صلى الله عليه و سلم أصحابه بالتصدق لهؤلاء القوم و جاء رجل بصرة من الدراهم عجزت عن حملها يده فتسابق القوم إلى التصدق مقتدين بهذا الرجل، و عندها قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، و أما الاحتفال بالمولد النبوي فهو بدعة بعد مضي القرون المفضلة.


الشبهة الثانية : قالوا : صحيح أن الصحابة و التابعين و تابعي التابعين لم يحتفلوا و ذلك لقرب عهدهم بالرسول – صلى الله عليه و سلم- و ليسوا في حاجة إلى هذا الإحتفال لهذا السبب.


و الجواب:

أن بعد المسافة بيننا و بين الرسول – صلى الله عليه و سلم- لا يبرر الإحداث في دين الله ما ليس منه، و ما دام أن هذه القرون الثلاثة المفضلة و هم أفضل القرون إلى يوم القيامة ما دام أنهم لم يحتفلوا مع كونهم أشد حباً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن بعدهم فإن الصواب أن نترسم خطاهم لننال المحبة الحقيقة لسول الله – صلى الله عليه وسلم-


من كتاب رسائل في حكم المولد النبوي ، لمجموعة من العلماء .. .

afi p,g hgl,g] hgkf,d hgavdt










عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 16 / 03 / 2008, 54 : 01 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 4.91 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

الشبهة الثالثة : قالوا : لقد ظهر بدع كثيرة حسنة رضي بها علماء الإسلام و سار عليها المسلمون إلى يومنا هذا مثل جمع عمر بن الخطاب المسلمين في صلاة التروايح على إمام واحد، وغيّر قانون الطلاق الذي سار عليه الرسول- صلى الله عليه و سلم- و أبو بكر ، و ألغى صرف الصدقة للمؤلفة قلوبهم و جمع عثمان القرآن و لم يمكن جمع قبله ..


الجواب :

أما بالنسبة لصلاة التروايح : فإن الذي شرعها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- و صلاها و صلى الناس معه ثم تركها خشية أن تفرض عليهم و بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم- و انقطاع الوحي و زوال السبب الذي تركت من أجله ، وهو خشية فرضيتها أعاد عمر صلاتها جماعة. ثم إن فعل الخلفاء الراشدين سنة بدليل قوله – صلى الله عليه وسلم- : ( فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين) ، ففعل الخلفاء الراشدين لا يسمى بدعة و لذلك لم ينكر أحد من المسلمين عيهم شيئاً مما ذكر و لم ينازع فيه منازع على الإطلاق، و الأمة لا تجتمع على باطل، و المصلحة في هذه الأمور ظاهرة ، و أما بالنسبة للاحتفال بالمولد النبوي فهو على العكس إذ لا مصلحة ظاهرة منه، ورأيناه يؤدي إلى المخالفات و المفاسد، و الدليل على إن الاحتفال بالمولد ليس من قبيل ما ذكر أن تلك الأمور لم يحصل فيها منازعة ، أما الاحتفال بالمولد فمع مرور أكثر من ألف سنة على بدايته فما زال المسلمين و خاصة العلماء يعترضون عليه في الشام و في مصر و في الجزيرة العربية و في الهند و في باكستان وغيرها ، و ربنا جل شأنه يقول : ( فأن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) ، أي إلى الكتاب والسنة فما وافقها يؤخذ و ما خالفهما يترك .


الشبهة الرابعة : قالوا : هل تمنعون ذكر الله ، وقراءة سيرة الرسول – صلى الله عليه و سلم- ؟!

الجواب : لا نمنع ذكر الله ولا قراءة سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- بل بنحبذه و إنما نمنع تخصيص ذلك اليوم بيوم في السنة من غير مخصص.



الشبهة الخامسة : قالوا : إن الذين يحتفلون بمولد الرسول – صلى الله عليه وسلم- هم أكثر المسلمين ، والمانعون لذلك إنما هم قلة.

الجواب : إن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين له ولا بقلتهم و إنما يعرف بالدليل ، والقرآن تحدث عن الكثرة فقال ( و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ، و تحدث عن القلة فقال : ( و إن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم ).




الشبهة السادسة : قالوا : إن الرسول – صلى الله عليه وسلم- كان يصوم يوم الإثنين و لما سئل عنه قال : ( ذاك يوم ولدت فيه ) ، فالرسول – صلى الله عليه وسلم- كان يصوم الإثنين بمعنى أنه يحتفل به ، لأنه ولد فيه .

الجواب : لا ننكر مشروعية صوم يوم الإثنين و فضله ، و كذلك يوم الخميس فصومها مستحب ( على طول العام ) لا وفي وقت دون آخر ، و لكن قياس ما هو مشروع – و هو الصيام- على مالم يشرع – و هو قياس باطل



من كتاب رسائل في حكم المولد النبوي ، لمجموعة من العلماء .. .









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 16 / 03 / 2008, 54 : 01 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 4.91 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

بعض البدع التي تكون في يوم المولد النبوي ، اجتماع الناس و ذبح الولائم ، وصوم اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، وفي اجتماع الناس يقومون عند قراءة سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- معتقدين أن النبي – صلى الله عليه وسلم- يدخل إلى المجلس في تلك اللحظة بجسده الشريف، وقد زعموا أن روح النبي – صلى الله عليه وسلم- سياحة في ملكوت الله ، و يمكن أن تحضر مجالس الخير و مشاهد النور، كما ذكر ابن علوي ذلك في كتابه..

و الجواب .. أن يقال : أما القيام في الاحتفال بالمولد النبوي عند ذكر ولادة الرسول – صلى الله عليه وسلم- ، وخروجه إلى الدنيا فهو من المحدثات الداخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( و شر الأمور محدثاتها ، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار) ، و في قوله – صلى الله عليه وسلم- أيضا : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، و قد نهى الرسول – صلى الله عليه وسلم- عن القيام له وأخبر أن ذلك من فعل الأعاجم. قال أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم متوكئاً على عصا، فقمنا إليه، فقال : ( لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً) رواه الأمام أحمد و أبو داود و ابن ماجة. كما روى البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح على شرط مسلم عن أنس رضي الله عنه ، قال : ( ما كان شخص أحب إليهم من النبي – صلى الله عليه و سلم- ، و كانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك) و رواه الإمام أحمد و الترمذي ، و قال : هذا حديث حسن صحيح غريب.

و إذا كان النبي – صلى الله عليه و سلم- قد كره القيام له و نهى عنه و أخبر أنه من فعل الأعاجم فكيف بالقيام عند ذكر ولادته و خروجه إلى الدنيا فهذا أولى بالنهي لجمعه بين البدعة و التشبه بالأعاجم.

- و أما قول ابن علوي أن روح النبي صلى الله عليه وسلم جواله وسياحه في ملكوت الله .

فجوابه : أن يقال : إثبات مثل هذا يحتاج إلى دليل من الكتاب أو السنة و لا دليل على ذلك ، فأما التخرص و اتباع الظن فليس بدليل لقول الله تعالى ( وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً) ، و في الحديث الصحيح : ( إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث) متفق عليه.


----------

من كتاب رسائل في حكم المولد النبوي ..









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 16 / 03 / 2008, 02 : 11 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
ابو احمد الرفاعي
اللقب:
عضو ملتقى
الرتبة


البيانات
التسجيل: 28 / 01 / 2008
العضوية: 66
المشاركات: 20 [+]
بمعدل : 0.00 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 208
نقاط التقييم: 12
ابو احمد الرفاعي is on a distinguished road
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 66
عدد المشاركات : 20
بمعدل : 0.00 يوميا
عدد المواضيع : 2
عدد الردود : 18
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو احمد الرفاعي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

ابن تيمية يجيز الاحتفال بالمولد النبوي

بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .

فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول فما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟

والجواب :

أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرءان، ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة .

وممن نص جواز الاحتفال بالمولد ( أذكره من أجل تبيان الأمر لأتباعه ليس إلا) :
ابن تيمية - مجمع فتاوى ابن تيمية الجزء 23 ص / 1634 حيث يقول ما نصه:

"فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون لهم فيه أجر عظيم لحسن قصدهم وتعظيمهم لرسول الله ".

فتبينوا هداكم الله تعالى الى هذا الأمر/ وتبينوا الى أمر الافتاء بغير علم .
والله الهادي الى سواء السبيل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حول الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
للسيد العلامة الدكتور محمد بن علوي بن عباس المالكي الحسني



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أ
ما بعــــد :

فقد كثر الكلام عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وما كنت أود أن أكتب شيئاً في هذا الموضوع وذلك لأن ما شغل ذهني وذهن العقلاء من المسلمين اليوم هو أكبر من هذه القضية الجانبية التي صار الكلام عنها أشبه ما يكون بالحولية التي تُقرأ في كل موسم وتُنشر في كل عام حتى ملّ الناس سماع مثل هذا الكلام، لكن لما أحب كثير من الإخوان أن يعرفوا رأيي بالخصوص في هذا المجال، وخوفاً من أن يكون ذلك من كتم العلم أقدمت على المشاركة في الكتابة عن هذا الموضوع سائلين من المولى عزوجل أن يلهم الجميع الصواب آمين .

وقبل أن أسرد الأدلة على جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع عليه أحب أن أبين المسائل الآتية:

الأولى: أننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب الأمة .

الثانية: أننا لا نقول بسنية الاحتفال بالمولد المذكور في ليلة مخصوصة بل من اعتقد ذلك فقد ابتدع في الدين، لأن ذكره صلى الله عليه وسلّم والتعلق به يجب أن يكون في كل حين، ويجب أن تمتلئ به النفوس .
نعم: إن في شهر ولادته يكون الداعي أقوي لإقبال الناس واجتماعهم وشعورهم الفياض بارتباط الزمان بعضه ببعض، فيتذكرون بالحاضر الماضي وينتقلون من الشاهد إلى الغائب .

الثالثة: أن هذه الاجتماعات هي وسيلة كبرى للدعوة إلى الله، وهي فرصة ذهبية لا تفوت، بل يجب على الدعاة والعلماء أن يذّكروا الأمة بالنبي صلى الله عليه وسلّم بأخلاقه وآدابه وأحواله وسيرته ومعاملته وعبادته، وأن ينصحوهم ويرشدوهم إلى الخير والفلاح ويحذّروهم من البلاء والبدع والشر والفتن، وإننا دائما ندعو إلى ذلك ونشارك في ذلك ونقول للناس: ليس المقصود من هذه الاجتماعات مجرد الاجتماعات والمظاهر، بل هذه وسيلة شريفة إلى غاية شريفة وهي كذا وكذا، ومن لم يستفد شيئا لدينه فهو محروم من خيرات المولد الشريف .


أدلة جواز الاحتفال بمولد النبي صلّىالله عليه وسلّم


الأول: أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلى الله عليه وسلّم، وقد انتفع به الكافر .
وسيأتي في الدليل التاسع مزيد بيان لهذه المسألة، لأن أصل البرهان واحد وإن اختلفت كيفية الاستدلال وقد جرينا على هذا المنهج في هذا البحث وعليه فلا تكرار
فقد جاء في البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل يوم الاثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشّرته بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلّم .
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي

إذا كان هذا كافـراً جاء ذمـه *** بتبّت يداه في الجحيم مخلّدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائـمـا *** يُخفّف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره *** بأحمد مسرورا ومات موحّدا


وهذه القصة رواها البخاري في الصحيح في كتاب النكاح مرسلة ونقلها الحافظ ابن حجر في الفتح ورواها الإمام عبدالرزاق الصنعاني في المصنف والحافظ البيهقي في الدلائل وابن كثير في السيرة النبوية من البداية ومحمد ابن عمر بحرق في حدائق الأنوار والحافظ البغوي في شرح السنة وابن هشام والسهيلي في الروض الأُنُف والعامري في بهجة المحافل، وهي وإنْ كانت مرسلة إلا أنها مقبولة لأجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ لذلك ولكونها في المناقب والخصائص لا في الحلال والحرام، وطلاب العلم يعرفون الفرق في الاستدلال بالحديث بين المناقب والأحكام، وأما انتفاع الكفار بأعمالهم ففيه كلام بين العلماء ليس هذا محل بسطه، والأصل فيه ما جاء في الصحيح من التخفيف عن أبي طالب بطلب من الرسول صلى الله عليه وسلّم .

الثاني: أنه صلى الله عليه وسلّم كان يعظّم يوم مولده، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه، وتفضّله عليه بالجود لهذا الوجود، إذ سعد به كل موجود، وكان يعبّر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في الحديث عن أبي قتادة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سُئل عن صيام يوم الاثنين ؟ فقال (فيه وُلدتُ وفيه أُنزل عليَّ ) رواه الإمام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام .
وهذا في معنى الاحتفال به، إلاّ أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام أو إطعام طعام أو اجتماع على ذكر أو صلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم أو سماع شمائله الشريفة .

الثالث: أن الفرح به صلّى الله عليه وسلّم مطلوب بأمر القرآن من قوله تعالى ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم أعظم الرحمة، قال الله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .

الرابع: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت، فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لتذكّرها وتعظيم يومها لأجلها ولأنه ظرف لها .
وقد أصّل صلّى الله عليه وسلّم هذه القاعدة بنفسه كما صرح في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلّم: لما وصل المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له: إنهم يصومون لأن الله نجّى نبيهم وأغرق عدوهم فهم يصومونه شكرا لله على هذه النعمة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: نحن أولى بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه .

الخامس: أن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام المطلوبين بقوله تعالى: ( إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما ) .
وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً، فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية، وإمدادات محمدية، يسجد القلم في محراب البيان عاجزاً عن تعداد آثارها ومظاهر أنوارها .

السادس: أن المولد الشريف يشتمل على ذكر مولده الشريف ومعجزاته وسيرته والتعريف به، أولسنا مأمورين بمعرفته ومطالبين بالاقتداء به والتأسّي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته ؟ وكتب المولد تؤدي هذا المعنى تماما .

السابع: التعرّض لمكافأته بأداء بعض ما يجب له علينا ببيان أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة، وقد كان الشعراء يفدون إليه صلى الله عليه وسلّم بالقصائد ويرضى عملهم، ويجزيهم على ذلك بالطيبات والصلات، فإذا كان يرضى عمن مدحه فكيف لا يرضى عمن جمع شمائله الشريفة، ففي ذلك التقرب له عليه السلام باستجلاب محبته ورضاه .

الثامن: أن معرفة شمائله ومعجزاته وإرهاصاته تستدعي كمال الإيمان به عليه الصلاة والسلام، وزيادة المحبة، إذ الإنسان مطبوع على حب الجميل، ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل من أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلّم، وزيادة المحبة وكمال الإيمان مطلوبان شرعاً، فما كان يستدعيهما فهو مطلوب كذلك .

التاسع: أن تعظيمه صلى الله عليه وسلّم مشروع، والفرح بيوم ميلاده الشريف بإظهار السرور وصنع الولائم والاجتماع للذكر وإكرام الفقراء من أظهر مظاهر التعظيم والابتهاج والفرح والشكر لله بما هدانا لدينه القويم وما منّ به علينا من بعثه عليه أفضل الصلاة والتسليم .

العاشر: يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلّم في فضل يوم الجمعة وعدِّ مزاياه: ( وفيه خُلق آدم ) تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبيٍّ كان من الأنبياء عليهم السلام، فكيف باليوم الذي وُلد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين .

ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً، ولنوعه عموماً مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة شُكراً للنعمة وإظهاراً لمزية النبوة وإحياءً للحوادث التاريخية الخطيرة ذات الإصلاح المهم في تاريخ الإنسانية وجبهة الدهر وصحيفة الخلود، كما يؤخذ تعظيم المكان الذي وُلد فيه نبيٌّ من أمر جبريل عليه السلام النبيَّ صلى الله عليه وسلّم بصلاة ركعتين ببيت لحم، ثم قال له: ( أتدري أين صلّيت ؟ قال: لا، قال: صلّيتَ ببيت لحم حيث وُلد عيسى ) كما جاء ذلك في حديث شداد بن أوس الذي رواه البزّار وأبو يعلى والطبراني . قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجاله رجال الصحيح، وقد نقل هذه الرواية الحافظ ابن حجر في الفتح وسكت عنها .

الحادي عشر: أن المولد أمرٌ استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد، وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه الموقوف ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح ) أخرجه أحمد .

الثاني عشر: أن المولد اشتمل على اجتماع وذكر وصدقة ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحثّ عليها .

الثالث عشر: أن الله تعالى قال: ( وكلاًّ نقصُّ عليك من أنباء الرسل ما نثبّت به فؤادك ) فهذا يظهر منه أن الحكمة في قصّ أنباء الرسل عليهم السلام تثبيت فؤاده الشريف بذلك ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره أشد من احتياجه هو صلى الله عليه وسلّم .

الرابع عشر: ليس كل ما لم يفعله السلف ولم يكن في الصدر الأول فهو بدعة منكرة سيئة يحرم فعلها ويجب الإنكار عليها بل يجب أن يعرض ما أحدث على أدلة الشرع فما اشتمل على مصلحة فهو واجب، أو على محرّم فهو محرّم، أو على مكروه فهو مكروه، أو على مباح فهو مباح، أو على مندوب فهو مندوب، وللوسائل حكم المقاصد، ثم قسّم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام:
واجبة: كالرد على أهل الزيغ وتعلّم النحو .
ومندوبة: كإحداث الربط والمدارس، والأذان على المنائر وصنع إحسان لم يعهد في الصدر الأول .
ومكروه: كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف .
ومباحة: كاستعمال المنخل، والتوسع في المأكل والمشرب .
ومحرمة: وهي ما أحدث لمخالفة السنة ولم تشمله أدلة الشرع العامة ولم يحتو على مصلحة شرعية .

الخامس عشر: فليست كل بدعة محرّمة، ولو كان كذلك لحرُم جمع أبي بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن وكتبه في المصاحف خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم، ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة القيام مع قوله ( نعمت البدعة هذه ) وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والدبابات والطيارات والغواصات والأساطيل، وحرم الأذان على المنائر واتخاذ الربط والمدارس والمستشفيات والإسعاف ودار اليتامى والسجون، فمن ثَم قيّد العلماء رضي الله عنهم حديث (كل بدعة ضلالة ) بالبدعة السيئة، ويصرّح بهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين من المحدثات التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلّم، ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف وذلك كجمع الناس على إمام واحد في آخر الليل لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح، وكختم المصحف فيها وكقراءة دعاء ختم القرآن وكخطبة الإمام ليلة سبع وعشرين في صلاة التهجد وكنداء المنادي بقوله ( صلاة القيام أثابكم الله ) فكل هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلّم ولا أحد من السلف فهل يكون فعلنا له بدعة ؟

السادس عشر: فالاحتفال بالمولد وإن لم يكن في عهده صلّى الله عليه وسلّم فهو بدعة، ولكنها حسنة لاندراجها تحت الأدلة الشرعية، والقواعد الكلية، فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي عُلم ذلك في الدليل الثاني عشر .

السابع عشر: وكل ما لم يكن في الصدر الأول بهيئته الاجتماعية لكن أفراده موجودة يكون مطلوباً شرعاً، لأن ما تركّب من المشروع فهو مشروع كما لا يخفى .
الثامن عشر: قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: ما أحدث وخالف كتاباً أو سنة أو إجماعاً أو أثراً فهو البدعة الضالة، وما أحدث من الخير ولم يخالف شيئاً من ذلك فهو المحمود .ا.هـ .
وجرى الإمام العز بن عبد السلام والنووي كذلك وابن الأثير على تقسيم البدعة إلى ما أشرنا إليه سابقاً .

التاسع عشر: فكل خير تشمله الأدلة الشرعية ولم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة ولم يشتمل على منكر فهو من الدين .
وقول المتعصب إن هذا لم يفعله السلف ليس هو دليلاً له بل هو عدم دليل كما لا يخفى على مَن مارس علم الأصول، فقد سمى الشارع بدعة الهدى سنة ووعد فاعلها أجراً فقال عليه الصلاة والسلام: ( مَنْ سنّ في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كُتب له مثل أجر مَن عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ) .

العشرون: أن الاحتفال بالمولد النبوي إحياء لذكرى المصطفى صلى الله عليه وسلّم وذلك مشروع عندنا في الإسلام، فأنت ترى أن أكثر أعمال الحج إنما هي إحياء لذكريات مشهودة ومواقف محمودة فالسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والذبح بمنى كلها حوادث ماضية سابقة، يحيي المسلمون ذكراها بتجديد صُوَرِها في الواقع والدليل على ذلك قوله تعالى: ( وأذِّن في الناس بالحج ) وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ( وأرنا مناسكنا ) .
الحادي والعشرون: كل ما ذكرناه سابقا من الوجوه في مشروعية المولد إنما هو في المولد الذي خلا من المنكرات المذمومة التي يجب الإنكار عليها، أما إذا اشتمل المولد على شئ مما يجب الإنكار عليه كاختلاط الرجال بالنساء وارتكاب المحرمات وكثرة الإسراف مما لا يرضى به صاحب المولد صلى الله عليه وسلّم فهذا لاشك في تحريمه ومنعه لما اشتمل عليه من المحرمات لكن تحريمه حينئذ يكون عارضاً لا ذاتياً كما لا يخفى على مَن تأمّل ذلك .


رأي الشيخ ابن تيمية في المولد


يقول: قد يُثاب بعض الناس على فعل المولد، وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلّم وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع .
ثم قال: واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضاً شر من بدعة وغيرها فيكون ذلك العمل شراً بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية كحال المنافقين والفاسقين .
وهذا قد ابتلي به أكثر الأمة في الأزمان المتأخرة، فعليك هنا بأدبين:
أحدهما: أن يكون حرصك على التمسك بالسنة باطناً وظاهراً في خاصتك وخاصة من يطيعك واعرف المعروف وأنكر المنكر .
الثاني: أن تدعو الناس إلى السنة بحسب الإمكان، فإذا رأيت من يعمل هذا ولا يتركه إلا إلى شر منه فلا تَدْعُ إلى ترك المنكر بفعل ما هو أنكر منه أو بترك واجب أو مندوب تركه أضر من فعل ذلك المكروه، ولكن إذا كان في البدعة نوع من الخير فعوّض عنه من الخير المشروع بحسب المكان، إذ النفوس لا تترك شيئاً إلا بشئ ولا ينبغي لأحد أن يترك خيراً إلا إلى مثله أو إلى خير منه .
ثم قال: فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلّم كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء إنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال، مع أن مذهبه: أن زخرفة المصاحف مكروهة، وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط، وليس مقصود الإمام أحمد هذا وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة وفيه أيضاً مفسدة كُره لأجلها .


مفهوم المولد في نظري


إننا نرى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليست له كيفية مخصوصة لابد من الالتزام أو إلزام الناس بها، بل إن كل ما يدعو إلى الخير ويجمع الناس على الهدى و يرشدهم إلى ما فيه منفعتهم في دينهم ودنياهم يحصل به تحقيق المقصود من المولد النبوي .
ولذلك فلو اجتمعنا على شئ من المدائح التي فيها ذكر الحبيب صلى الله عليه وسلّم وفضله وجهاده وخصائصه ولم نقرأ القصة التي تعارف الناس على قراءتها واصطلحوا عليها حتى ظن البعض أن المولد النبوي لا يتم إلا بها، ثم استمعنا إلى ما يلقيه المتحدثون من مواعظ وإرشادات وإلى ما يتلوه القارئ من آيات .
أقول: لو فعلنا ذلك فإن ذلك داخل تحت المولد النبوي الشريف ويتحقق به معنى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وأظن أن هذا المعنى لا يختلف عليه اثنان ولا ينتطح فيه عنـزان .


القيام في المولد


أما القيام في المولد النبوي عند ذكر ولادته صلّى الله عليه وسلّم وخروجه إلى الدنيا، فإن بعض الناس يظن ظناً باطلاً لا أصل له عند أهل العلم فيما أعلم بل عند أجهل الناس ممن يحضر المولد ويقوم مع القائمين، وذاك الظن السيء هو أن الناس يقومون معتقدين أن النبي صلى الله عليه وسلّم يدخل إلى المجلس في تلك اللحظة بجسده الشريف، ويزيد سوء الظن ببعضهم فيرى أن البخور والطيب له وأن الماء الذي يوضع في وسط المجلس ليشرب منه .
وكل هذه الظنون لا تخطر ببال عاقل من المسلمين، وإننا نبرأ إلى الله من كل ذلك لما في ذلك من الجراءة على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلّم والحكم على جسده الشريف بما لايعتقده إلا ملحد مفتر وأمور البرزخ لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .
والنبي صلى الله عليه وسلّم أعلى من ذلك وأكمل وأجل من أن يُقال في حقه إنه يخرج من قبره ويحضر بجسده في مجلس كذا في ساعة كذا .
أقول: هذا افتراء محض وفيه من الجراءة والوقاحة والقباحة ما لا يصدر إلا من مبغض حاقد أو جاهل معاند .
نعم إننا نعتقد أنه صلى الله عليه وسلّم حيٌّ حياة برزخية كاملة لائقة بمقامه، وبمقتضى تلك الحياة الكاملة العليا تكون روحه صلى الله عليه وسلّم جوّالة سيّاحة في ملكوت الله سبحانه وتعالى ويمكن أن تحضر مجالس الخير ومشاهد النور والعلم، وكذلك أرواح خُلّص المؤمنين من أتباعه، وقد قال الإمام مالك: بلغني أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت .
وقال سلمان الفارسي: أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت . (كذا في الروح لابن القيم )
إذا علمت هذا فاعلم أن القيام في المولد النبوي ليس بواجب ولا سنة ولا يصح اعتقاد ذلك أبداً، وإنما هي حركة يعبّر بها الناس عن فرحهم وسرورهم فإذا ذكر أنه صلّى الله عليه وسلّم ولد وخرج إلى الدنيا يتصور السامع في تلك اللحظة أن الكون كله يهتز فرحاً وسروراً بهذه النعمة فيقوم مظهراً لذلك الفرح والسرور معبّراً عنه، فهي مسألة عادية محضة لادينية ، إنها ليست عبادة ولا شريعة ولا سنة وما هي إلا أنْ جرت عادة الناس بها


استحسان العلماء لقيام المولد وبيان وجوهه


واستحسن ذلك من استحسنه من أهل العلم، وقد أشار إلى ذلك البرزنجي مؤلف أحد الموالد بنفسه إذ قال بالنّص: ( وقد استحسن القيام عند ذكر مولده الشريف أئمةٌ ذوو رواية ورويّه، فطوبى لمن كان تعظيمه صلى الله عليه وسلّم غاية مرامه ومرماه )، ونعني بالاستحسان للشئ هنا كونه جائزاً من حيث ذاته وأصله ومحموداً مطلوباً من حيث بواعثه وعواقبه، لا بالمعنى المصطلح عليه في أصول الفقه، وأقل الطلاب علماً يعرف أن كلمة (استحسن) يجري استعمالها في الأمور العادية المتعارف عليها بين الناس فيقولون: استحسنت هذا الكتاب وهذا الأمر مستحسن واستحسن الناس هذه الطريقة، ومرادهم بذلك كله هو الاستحسان العادي اللغوي وإلا كانت أمور الناس أصولاً شرعية ولا يقول بهذا عاقل أو مَن عنده أدنى إلمام بالأصول .


وجوه استحسان القيام


الوجه الأول: أنه جرى عليه العمل في سائر الأقطار والأمصار واستحسنه العلماء شرقاً وغرباً، والقصد به تعظيم صاحب المولد الشريف صلى الله عليه وسلّم، وما استحسنه المسلمون فهو عند الله حسن، وما استقبحوه فهو عند الله قبيح كما تقدم في الحديث .
الوجه الثاني: أن القيام لأهل الفضل مشروع ثابت بالأدلة الكثيرة من السنة، وقد ألف الإمام النووي في ذلك جزءاً مستقلاً وأيّده ابن حجر وردّ على ابن الحاج الذي ردّ عليه بجزء آخر سّماه رفع الملام عن القائل باستحسان القيام .
الوجه الثالث: ورد في الحديث المتفق عليه قوله صلّى الله عليه وسلّم للأنصار ( قوموا إلى سيدكم ) وهذا القيام كان تعظيماً لسيدنا سعد رضي الله عنه ولم يكن من أجل كونه مريضاً وإلا لقال قوموا إلى مريضكم ولم يقل إلى سيدكم ولم يأمر الجميع بالقيام بل كان قد أمر البعض .
الوجه الرابع: كان من هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقوم تعظيماً للداخل عليه وتأليفاً كما قام لابنته السيدة فاطمة وأقرّها على تعظيمها له بذلك، وأمر الأنصار بقيامهم لسيدهم فدلّ ذلك على مشروعية القيام، وهو صلى الله عليه وسلّم أحق من عظّم لذلك .
الوجه الخامس: قد يقال إن ذلك في حياته وحضوره صلّى الله عليه وسلّم، وهو في حالة المولد غير حاضر، فالجواب عن ذلك أن قارئ المولد الشريف مستحضر له صلّى الله عليه وسلّم بتشخيص ذاته الشريفة، وهذا التصور شئ محمود ومطلوب بل لابد أن يتوفر في ذهن المسلم الصادق في كل حين ليكمل اتباعه له صلّى الله عليه وسلّم وتزيد محبته فيه صلّى الله عليه وسلّم ويكون هواه تبعاً لما جاء به .
فالناس يقومون احتراماً وتقديراً لهذا التصور الواقع في نفوسهم عن شخصية ذلك الرسول العظيم مستشعرين جلال الموقف وعظمة المقام وهو أمر عادي – كما تقدم – ويكون استحضار الذاكر ذلك موجباً لزيادة تعظيمه صلّى الله عليه وسلّم .


الكتب المصنفة في هذا الباب


الكتب المصنفة في هذا الباب كثيرة جداً، منها المنظوم ومنها المنثور ومنها المختصر والمطول والوسط، ولا نريد في هذه العجالة الموجزة أن نستوعب ذكر ذلك كله لكثرته وسعته، وكذلك لا نستطيع أن نقتصر على ذكر شئ من ذلك على وجه الإجمال، لأنه ليس مصنف أولى من مصنف في تقديم ذكره، وإن كان لابد أن يكون بعضها أفضل وأجلّ من بعض، ولذلك فإني سأقتصر هنا على ذكر كبار علماء الأمة من الحفّاظ الأئمة الذين صنّفوا في هذا الباب وظهرت لهم موالد مشهورة معروفة
فمنهم الحافظ محمد بن أبي بكر بن عبدالله القيسي الدمشقي الشافعي المعروف بالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي المولود سنة (777 هـ) والمتوفَّى سنة (842 هـ) قال عنه الحافظ ابن فهد في لحظ الألحاظ ذيل تذكرة الحفاظ صفحة 319: هو إمام حافظ مفيد مؤرخ مجيد له الذهن الصافي السالم الصحيح والخط الجيد المليح على طريقة أهل الحديث، وقال: كتب الكثير وعلّق وحشّى وأثبت وطبق وبرز على أقرانه وتقدم وأفاد كل مَن إليه يمّم .
وقد تولّى مشيخة دار الحديث الأشرفية بدمشق، وقال عنه الإمام السيوطي: صار محدّث البلاد الدمشقية، وقال الشيخ محمد زاهد في تعليقه على ذيل الطبقات: قال الحافظ جمال الدين بن عبدالهادي الحنبلي في الرياض اليانعة لما ترجم لابن ناصر الدين المذكور: كان معظِّماً للشيخ ابن تيمية محباً له مبالغاً في محبته .ا.هـ . قلت: وقد ذكر له ابن فهد مؤلفاً يُسمى ( الرد الوافر على مَن زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الاسلام كافر ) قلت: هذا الإمام قد صنف في المولد الشريف أجزاء عديدة، فمن ذلك ما ذكره صاحب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون صفحة 319 وجامع الآثار في مولد النبي المختار في ثلاث مجلدات واللفظ الرائق في مولد خير الخلائق وهو مختصر .ا.هـ. وقال ابن فهد وله أيضاً مورد الصادي في مولد الهادي .
ومن أولئك الحافظ عبدالرحيم بن الحسين بن عبدالرحمن المصري الشهير بالحافظ العراقي المولود سنة 725 هـ والمتوفَّى سنة 808 هـ .
وهو الإمام الكبير الشهير أبو الفضل زين الدين وحيد عصره وفريد دهره حافظ الإسلام وعمدة الأنام العلاّمة الحجة الحبر الناقد مَن فاق بالحفظ والاتقان في زمانه وشهد له بالتفرد في فنه أئمة عصره وأوانه، برع في الحديث والإسناد والحفظ والإتقان، وصار المشار إليه في الديار المصرية بالمعرفة، وماذا أقول في إمام كهذا وبحر خضم وفحل من فحول السنة وطود عظيم من أركان هذا الدين الحنيف، ويكفينا قبول الناس لقوله في الحديث والإسناد والمصطلح ورجوعهم إليه إذا قيل العراقي، وألفيته في هذا الباب عليها الاعتماد ويعرفه فضلاً وعلماً كل مَن له أدنى معرفة وصِلة بالحديث، إن هذا الإمام قد صنّف مولداً شريفاً أسماه (المورد الهني في المولد السني ) ذكره ضمن مؤلفاته غير واحد من الحفاظ مثل ابن فهد والسيوطي في ذيولهما على التذكرة .
ومن أولئك الحافظ محمد بن عبدالرحمن بن محمد القاهري المعروف بالحافظ السخاوي المولود سنة 831هـ والمتوفَّى سنة 902هـ بالمدينة المنورة، وهو المؤرخ الكبير والحافظ الشهير ترجمه الإمام الشوكاني في البدر الطالع وقال: هو من الأئمة الأكابر، وقال ابن فهد: لم ارَ في الحفاظ المتأخرين مثله، وهوله اليد الطولى في المعرفة وأسماء الرجال وأحوال الرواة والجرح والتعديل وإليه يُشار في ذلك، حتى قال بعض العلماء: لم يأتِ بعد الحافظ الذهبي مثله سلك هذا المسلك وبعده مات فن الحديث، وقال الشوكاني: ولو لم يكن له من التصنيف إلا الضوء اللامع لكان أعظم دليل على إمامته، قلت: وقد قال في كشف الظنون: إن للحافظ السخاوي جزءاً في المولد الشريف صلى الله عليه وسلّم .
ومن أولئك الحافظ المجتهد الإمام ملا علي قاري بن سلطان بن محمد الهروي المتوفى سنة 1014هـ صاحب شرح المشكاة وغيرها .
ترجمه الشوكاني في البدر الطالع وقال: قال العصامي في وصفه هو الجامع للعلوم النقلية والمتضلّع من السنة النبوية أحد جماهير الأعلام ومشاهير أولي الحفظ والأفهام، ثم قال: لكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة لاسيما الشافعي ا.هـ. ثم تكلف الشوكاني وقام يدافع وينافح عن ملا علي قاري بعد سوقه كلام العصامي، فقال: أقول هذا دليل على علو منـزلته فإن المجتهد شأنه أن يبين ما يخالف الأدلة الصحيحة ويعترضه سواء كان قائله عظيماً أو حقيراً، تلك شكاة ظاهر عنك عارها
قلت: هذا الإمام المحدّث المجتهد الذي ترجم له الشوكاني الذي قالوا عنه إنه مجتهد ومحدّث قد صنّف في مولد الرسول صلى الله عليه وسلّم كتاباً قال صاحب كشف الظنون: واسمه ( المورد الروي في المولد النبوي) قلت: وقد حقّقتُهُ بفضل الله وعلّقتُ عليه وطبعته لأول مرة .
ومن أولئك الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير .
قال الذهبي في المختص: الإمام المفتي المحدّث البارع ثقة متفنن محدّث متقن .ا.هـ . وترجمه الشهاب احمد بن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة في صفحة 374 جاء منها: أنه اشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله، وقال: وأخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه وامتحن لسببه، وكان كثير الاستحضار حسن المفاكهة، سار تصانيفه في البلاد في حياته وانتفع بها الناس بعد وفاته سنة 744هـ وقد صنّف الإمام ابن كثير مولداً نبوياً طُبع أخيراً بتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد .
ومن أولئك الحافظ وجيه الدين عبدالرحمن بن علي بن محمد الشيباني اليمني الزبيدي الشافعي (المعروف بابن الديبع ، والديبع بمعنى الأبيض بلغة السودان هو لقب لجده الأعلى علي بن يوسف) ولد في المحرم سنة 866هـ وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر من رجب الفرد سنة 944هـ وكان رحمه الله أحد أئمة الزمان، إليه انتهت مشيخة الحديث، حدّث بالبخاري أكثر من مائة مرة وقرأه مرة في ستة أيام .
وقد صنّف مولداً نبوياً مشهوراً في كثير من البلاد وقد حقّقناه وعلّقنا عليه وخرّجنا أحاديثه بفضل الله .

وكتبه
محمد علوي المالكي الحسني
خادم العلم الشريف ببلد الله الحرام
تم بحمد الله


رحمه الله تعالى رحمة الأبرار آمين






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاحتفال بالهجرة والمناسبات المختلفة

الدكتور يوسف القرضاوي
2007/01/17







هناك من المسلمين من يعتبرون أي احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية، أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي حديث عن هذه الموضوعات يعتبرونه بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين، ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟!

إننا حينما نتحدث عن هذه الأحداث نذكر الناس بنعمة عظيمة، والتذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا بذلك في كتابه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 9-10]، يذكر بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب حينما غزت قريش وغطفان وأحابيشهما النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين في عقر دارهم، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم، وأرادوا إبادة خضراء المسلمين واستئصال شأفتهم، وأنقذهم الله من هذه الورطة، وأرسل عليهم ريحاً وجنوداً لم يرها الناس من الملائكة، يذكرهم الله بهذا، اذكروا لا تنسوا هذه الأشياء، معناها أنه يجب علينا أن نذكر هذه النعم ولا ننساها، وفي آية أخرى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة: 11] يذكرهم بما كان يهود بني قينقاع قد عزموا عليه أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكروا مكرهم وكادوا كيدهم وكان مكر الله أقوى منهم وأسرع، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].

ذكر النعمة مطلوب إذن، نتذكر نعم الله في هذا، ونذكر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر وما يستخلص منها من دروس، أيعاب هذا؟ أيكون هذا بدعة وضلالة؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

دار الإفتاء المصريه تجيز مشروعية الإحتفال بالموالد
تجيز مشروعية الإحتفال بالموالد
القرآن الكريم أمرنا بتذكر الأنبياء والصالحين وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أول من سن لنا الإحتفال بمولده الشريف
" فإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " " النحل 43 "
إطلعنا على الطلب المقدم من / مشيخة عموم الطرق الصوفيه المقيد برقم 1186 لسنة 2007 بتاريخ 30/7/2007 المتضمن :
·ما حكم الإحتفال بالمولد النبوى وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين ؟
-المولد النبوى الشريف إطلاله للرحمه الالهيه بالنسبه للتاريخ البشرى جميعه, فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلّم بأنه " رحمه للعالمين " , وهذه الرحمه لم تكن محدوده , فهى تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم على صعيد حياتهم الماديه والمعنويه , كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان , بل تمتد على أمتداد التاريخ بأسره (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) ( الجمعه : 3 ) .
والإحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبى الرحمه وغوث الأمه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم , ومحبة النبى صلى الله عليه وآله وسلّم أصل من أصول الإيمان , وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلّم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخارى
قال ابن رجب : " محبة النبى صلى الله عليه وآله وسلّم من أصول الإيمان , وهى مقارنه لمحبة الله عز وجل , وقد قرنها الله بها , وتوعد من قدّم عليهما محبة شىء من الأمور المحببه طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك , فقال تعالى : ( قل إن كان آبائكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال إقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره ) ( التوبه : 24 ) , ولما قال سيدنا عمر للنبى صلى الله عليه وآله وسلّم : يا رسول الله , لأنت أحب إلى من كل شىء إلا نفسى , قال النبى صلى الله عليه وآله وسلّم : ( لا والذى نفسى بيده , حتى أكون أحب إليك من نفسك ) فقال له سيدنا عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسى , فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلّم " الآن يا عمر " رواه البخارى .
والإحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلّم هو الإحتفاء به , والإحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلّم أمر مقطوع بمشروعيته , لأنه أصل الأصول ودعامته الأولى , فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه , فعرف الوجود بأسره بإسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته , فالكون كله فى سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته .
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الإحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح فى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزى وابن كثير , والحافظ بن دحيه الأندلسى , والحافظ بن حجر , وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى .
ونص جماهير العلماء سلفاً وخلفاً على مشروعية الإحتفال بالمولد النبوى الشريف , بل ألف فى إستحباب ذلك جماعه من العلماء والفقهاء , بينوا بالأدله الصحيحه إستحباب هذا العمل , بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الإحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف , وقد أطال ابن الحاج فى
( المدخل ) فى ذكرى المزايا المتعلقه بهذ الإحتفال , وذكر فى ذلك كلاماً مفيداً يشرح صدور المؤمنين , مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه ( المدخل ) فى ذم البدع المحدثه التى لا يتناولها دليل شرعى , وللإمام السيوطى فى ذلك رساله مستقله سماها " حسن المقصد فى عمل المولد " .
والإحتفال فى لغة العرب : من حفل اللبن فى الضرع يحفل حفلاً وحفلاً وتحفلّل وإحتفل : إجتمع , وحفل القوم من باب ضرب وإحتفلوا : إجتمعوا وإحتشدوا . وعنده حفل من الناس : أى جمع , وهو فى الأصل مصدر , ومحفل القوم ومحتفلهم : مجتمعهم , وحفله : جلاه ,فتحفل واحتفل , وحفل كذا : بالى به , ويقال : لا تحفل به .
وأما الإحتفال بالمعنى المقصود فى هذا المقام , فهو لا يختلف كثيراً عن معناه فى اللغه , إذا المراد من الإحتفال بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر , والإنشاد فى مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلّم , وإطعام الطعام صدقه لله , إعلاناً لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , وإعلاناً لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم .
ويدخل فى ذلك ما إعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادى بها فى المولد الشريف , فإن التهادى أمر مطلوب فى ذاته , لم يقم دليل على المنع منه أوإباحته فى وقت دون وقت , فإذا إنضمت إلى ذلك المقاصد الصالحه الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحباً مندوباً إليه , فإذا كان ذلك تعبيراً عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم كان ذلك أشد مشروعيه وندباً وإستحباباً , لأن للوسائل أحكام المقاصد , والقول بتحريمه أوالمنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم .
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضله من أمثال هذه الإحتفالات , ولو سلم هذا – لعمر الحق – فإنه لا يكون مسوغاً لمنعها , لأنه لا يشك عاقل فى فرحهم – رضى الله عنهم به صلى الله عليه وآله وسلّم , ولكن للفرح آساليب شتى فى التعبير عنه وفى إظهاره , ولا حرج فى الأساليب والمسالك , لأنها ليست عباده فى ذاتها , فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلّم عباده وأى عباده , والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيله مباحه , ولكل فيها وجهة هو موليها .
على أنه قد ورد فى السنه النبويه ما يدل على إحتفال الصحابه الكرام بالنبى صلى الله عليه وآله وسلّم مع إقراره لذلك وإذنه فيه , فعن بريده الأسلمى رضى الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فى بعض مغازيه , فلما إنصرف جاءت جاريه سوداء فقال : يا رسول الله , إنى كنت قد نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى , فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : " إن كنت نذرت فإضربى , وإلا فلا " رواه الإمام أحمد والترمزى وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب .فإذا كان الضرب بالدف إعلاناً للفرح بقدوم النبى صلى الله عليه وآله وسلّم من الغزو أمراً مشروعاً أقره سيدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلّم وأمر بالوفاء بنذره , فإن إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلّم إلى الدنيا – بالدف أوغيره من مظاهر الفرح المباحه فى نفسها - أكثر مشروعيه وأعظم إستحباباً
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبى لهب – وهو من هو كفراً وعناداً ومحاربه لله ورسوله – بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نقره من كفه كل يوم إثنين فى النار , لأنه أعتق مولاته ثويبه لما بشرته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلّم كما جاء فى صحيح البخارى , فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين لميلاده وسطوع نوره على الكون ! .
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بنفسه الشريفه جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف , فقد صح عنه أنه كان يصوم يوم الإثنين ويقول : " ذلك يوم ولدت فيه " رواه مسلم من حديث أبى قتاده رضى الله عنه , فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمه بذاته الشريفه , فالأولى بالأمه الإحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلّم بشكر الله على منته ومنحته المصطفويه بكل أنواع الشكر , ومنها الإطعام والمديح والإجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك , - وكل ماعون ينضح بمافيه . وقد نقل الصالحى فى ديوانه الحافل فى السيره النبويه " سبل الهدى والرشاد فى هدى خير العباد " عن بعض صالحى زمانه : أنه رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلّم فى منامه , فشكى إليه أن بعض من ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الإحتفال بالمولد الشريف , فقال له النبى صلى الله عليه وآله وسلّم " من فرح بنا فرحنا به " .
وكذلك الحكم فى الإحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القرب المختلفه , فإن ذلك أمر مرغب فيه شرعاً , لما فى ذلك من التأسى بهم والسير على طريقتهم , وقد ورد الأمر الشرعى بتذكر الأنبياء والصالحين فقال تعالى : ( وأذكر فى الكتاب إبراهيم ) " مريم : 41 " ( وإذكر فى الكتاب موسى ) " مريم : 51 " وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء , بل يدخل فيه الصالحون أيضاً , حيث يقول تعالى : ( وإذكر فى الكتاب مريم ) " مريم : 16 " إذ من المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صديقه لا نبيه , كما ورد الأمر الشرعى أيضاً بالتذكير بأيام الله تعالى فى قوله سبحانه وتعالى : ( وذكرهم بأيام الله ) " إبراهيم : 5 " ومن أيام الله تعالى أيام الميلاد وأيام النصر , ولذلك كان النبى صلى الله عليه وآله وسلّم يصوم يوم الأثنين من كل أسبوع شكراً لله تعالى على نعمه إيجاده وإحتفالاً بيوم ميلاده كما سبق فى حديث أبى قتاده الأنصارى فى صحيح مسلم , كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر أصحابه بصيامه شكراً لله تعالى وفرحاً وإحتفالاً بنجاة سيدنا موسى عليه السلام , وقد كرم الله تعالى يوم الولاده فى كتابه وعلى لسان أنبياؤه فقال سبحانه : ( وسلام عليه يوم ولد ) " مريم : 15 " وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم : ( والسلام على يوم ولدت ) " مريم : 33 " , وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمة الإيجاد , وهى سبب لحصول كل نعمه تنال الإنسان بعد ذلك , فكان تذكره والتذكير به باباً لشكر نعم الله تعالى على الناس : فلا بأس من تحديد أيام معينه يحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين , ولا يقدح فى هذه المشروعيه ما قد يحدث فى بعض هذه المواسم من أمور محرمه , بل تقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات , وينبه أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساسى الذى أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفه .
والله سبحانه وتعالى أعلم

أمانة الفتوى
دار الإفتاء المصريه




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف


كنت كتبت بحثا مختصرا حول مشروعية إحياء مولد النبي صلى الله عليه وسلم في مقدمتي لكتاب جد والدتي الشيخ الإمام العارف أبي الهدى محمد الباقر بن محمد بن عبد الكبير الكتاني، الموسوم ب "يواقيت التاج الوهاج في قصة الإسراء والمعراج"، ثم نشرته في بعض المنتديات مع بعض إضافات، وأود نشره في منتداكم الكريم ليعم به النفع إن شاء الله تعالى:

الأصل في الاختلاف في حلية الاحتفال بالمولد الشريف هو: هل كل ما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم بدعة غير جائزة، أم أنه تجري عليه الأحكام التشريعية الخمسة: الإباحة، والاستحباب، والوجوب، والكراهة، والتحريم؟.

فأما الفريق المانع؛ فيرى أن كل ما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم مما له صفة دينية، ولم يكن مصلحة مرسلة، إحداث في الدين وبدعة غير جائزة. لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وفي حديث آخر: "ألا إن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، وفي آخر: "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد". وأن المولد مما يتدين به إلى الله تعالى، ويتخذ صفة شرعية، ولم يكن في العصر النبوي الكريم ولا القرون المثنى عليها بالحديث الذي رواه الشيخان عن عمران بن حصين: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".

وأما الفريق المجيز؛ فقال: نص الحديث على أن من أحدث في الدين ما ليس منه فهو رد. أما ما أحدث فيه ما هو منه فهو ليس مردودا. فالبدعة كما عرفها الإمام الشافعي رحمه الله: ما خالف سنة ولم يكن له أصل في الشريعة. فالاعتبار في الحادث: هل له أصل يجيزه من الشريعة الإسلامية أم لا، وهل فعله يأتي على حساب سنة أم لا؟. فقد تطور الزمان، وتطورت الحياة، فزيد فيها ما هو متصل بشعائر الدين من تعليم، وجمع، وتفريع مما أجمعت الأمة على جوازه، ولولا جوازه لما صلح الإسلام لكل زمان ومكان، واتصف بالكمال في الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم...}؛ كتدوين الكتب على الحالة التي هي عليها الآن، وفتح المعاهد الدينية المختصة، وتفريع العلوم الشرعية، وإحداث مجالس القضاء والفتيا، وغير ذلك مما لم يكن عينه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمعت الأمة على جوازه، وقام تحت أصل: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ولذلك فإن كل ما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم ينقسم تحت أمرين:

أمر لا علاقة له مباشرة بأمور الدين.(على تحفظنا في هذه العبارة فكل شيء له تعلق بالدين، لاشتمال النية والمصلحة والمفسدة عليه)، كالطرق والمعمار، والأنظمة الإدارية الحديثة.

أمر له مساس مباشر بالدين، كالمعاهد العلمية، والتأليف، والاحتفال بالمواسم الدينية...وما هو في حكم ذلك.

أما القسم الأول؛ فلا خلاف في إباحته.

أما القسم الثاني؛ فيقسم على الأقسام الخمسة من حيث موافقته ومخالفته للشريعة الإسلامية، نصا، وفلسفة، ومقاصد.

فما كان له تخريج على حكم سابق؛ خرج عليه (كالقياس مثلا)، وما كان له تخريج من السيرة النبوية والحديث الشريف حكم بحكمه، وما كان له تخريج على حسب المصالح والمفاسد حكم بحكمها، وما كان مدعاة إلى منكر، أو لا يتم واجب أو مستحب إلا بمقتضاه حكم بحكم ملازمه.

ومن هذا الأصل تحدث المجيزون على جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وخرجوا جوازه على عدة أمور:

فمن الحديث النبوي الشريف: ما رواه مسلم والترمذي وأبو داود عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين؟. فقال: "ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو: أنزل علي فيه". فجعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك اليوم خصيصة، وهي: الصيام. فجاز تخصيصه بفعل الخيرات وإطعام الطعام، والدعوة إلى الله تعالى، والحض على السرور بالسيرة النبوية، والفرح بظهور النور المحمدي صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك من جنس الصيام فرحا بمولده صلى الله عليه وسلم، فكله عبادة حمد الله تعالى بها على فضل منه لنا.

والأحاديث بمراعاة المناسبات عديدة، إذ من أصول الديانات: مراعاة المناسبات والأوقات والأزمنة والأمكنة التي يحدث فيها الخير أو الشر. ومن ذلك حديث القاتل مائة نفس، والذي أمر بالخروج من القرية التي ظلم فيها. ومنه: أثر قول اليهودي لعمر رضي الله عنه: "إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا". فقال عمر: "إني لأعلم حيث أنزلت، وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت: يوم عرفة، وإنا والله بعرفة. قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا: {اليوم أكملت لكم دينكم...}.[المائدة: 3]. رواه الشيخان بألفاظ متقاربة. ولا شك أن يوم العيد الشرعي هو يوم العاشر من ذي الحجة لا التاسع، فكان التاسع عيدا كذلك بمفهوم عمر رضي الله عنه.

كما خرجها العلماء كذلك على اعتبار الأصل في الفرح والعيد الإباحة، وكل مباح يتقلب في الأحكام التشريعية إلى الأقسام الخمسة بحسب ما يلازمه من النية، وأن الفرح المباح إذا اقترن بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم والتعلق به؛ صار مندوبا ومستحبا، ومحمودا.

وخرج على أن جمهور المسلمين، خاصة العلماء والملوك في عزة الإسلام؛ كانوا على ذلك من حيث الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، في المشرق والمغرب، ولم ينكر عليهم إلا الشاذ. وفي القرآن الكريم: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى}.[النساء: 115]. وفي الحديث: "من شذ شذ في النار"، و: "لا تجتمع أمتي على ضلال". ولا يقال: اتفق أهل الباطل، وبقي أهل الحق قلة. لأن من ضمن المتفقين على جواز الاحتفال أئمة الإسلام، ودعاة صالحون مجاهدون؛ كجل أو جميع علماء المغرب عبر التاريخ مثلا.

على أن الله تعالى في القرآن الكريم ندبنا إلى التذكير بأيامه سبحانه، وهي: الأيام التي تعد معالم للشريعة الغراء، فقال تعالى: {وذكرهم بأيام الله}.[إبراهيم: 5]. قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم (2380) عن أبي بن كعب: "وأيام الله: بلاؤه ونعماؤه".

وعلى هذا الاستدلال؛ يخرج أمر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من قسم الخلافي إلى قسم المندوب اتفاقا، بل ظاهر الآية يقتضي الوجوب، لتضمنها لفعل الأمر، ولا أغر في أيام الله تعالى من يوم إيجاده لمن فرق به الحق من الباطل، وأخرج به الناس من الظلمات إلى النور، فكان بذلك الاحتفال بيوم المولد الشريف طاعة لله تعالى، واقتفاء لأمر القرآن الكريم.

ولا يقال: لم يرد في السنة المباركة ما يقتضي الاحتفال بالمولد ولا غيره، فمفهوم ما فهمتـموه من الآية غير مفهوم.

لأن الآية – أولا – متضمنة للمعنى، ولا قرينة على دفع مفهومها. ثانيا: وجود نص الآية بذلك يدل على وجود نوع من احتفال في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده بتلك الأيام، فلا يعقل أن يأمر الحق تعالى بأمر ولا يقوم به الرعيل الأول من المسلمين، بدليل وصول أخبار ولادته صلى الله عليه وسلم إلينا، وهي قبل مبعثه، ولا ينبني عليها حكم شرعي، فلولا اعتناءٌ خاص لما وصلت أخبارها إلينا. والقرآن يؤرخ للسيرة النبوية كما لا يخفى على منغمس فيها. وثالثا: ورد ما يدل على الاعتناء بذلك اليوم المبارك من طرف النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق أعلاه. فلم يبق إلا دفع النصوص بالصدور.

ثم إن السبب الذي لفت الأمة وأعلامها إلى إحياء تلك المناسبات: هو ضعف شوكة الإسلام، وتكالب النصارى وغيرهم عليه، وعدم سد ولاة الأمر الباب في وجوه الزنادقة الذين يطعنون في نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فأحيوا ليلة المولد، وأحيوا ذكرى الإسراء والمعراج، وأحيوا مناسبة الهجرة الشريفة - ولا يخفى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرخ بها، بل وردت آثار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أول من دعا للتأريخ بها، ولا يؤرخ العرب إلا بأمر مهم كما لا يخفى، وهو نوع من الإحياء والاحتفال - وأحيوا غير ذلك..ولعم جدنا لوالتنا الإمام أبي الفضل محمد المهدي ابن الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني مؤلف حافل في الموضوع، وإن كان مازال مخطوطا، يسر الله ظهوره...

والحاصل؛ لا يعترض معرتض بأن السلف لم يحيوا الليلة المباركو؛ لأمور ومنها:

1- أنهم أحيوا ذكرها بما ورد عنهم من الروايات في أخبارها..

2- أنهم أحيوا مناسبات أخرى وخلدوها، كالهجرة وغيرها...

3- أن هناك ترابطا بين الحكم والمناسبة، فمهما توافقا وقع الحكم، ومهما تخالفا لم يقع، وهو أصل أصيل في الشرع...وإلا؛ فالصيام من أعظم العبادات؛ فلماذا منع منه الحاج بعرفة؟، ومثال ذلك كثير، وجوابه لعدم اقتضاء المناسبة، ولاقتضائها ما خالفه...فلما ظهر التشكيك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله، كتب الناس في دلائل النبوة، وأحيوا مناسبات جعلوها سببا لتعريف الناس بتلك الدلائل والأمارات...

غير أن الاحتفال بالمولد الشريف ينبغي أن يكون احتفالا شرعيا، دينيا، وعظيا، دعويا، لا أن يكون احتفال منكرات ومجون، وإسراف وبذخ في غير منفعة للمسلمين، وإلا؛ انقلب من الندب والاستحباب إلى حكم ما يشوبه من ذلك.

كما أنه لا ينكر على من لم يحتفل بالمولد الشريف؛ لوجود الخلاف فيه، ولا ينكر إلا على ما أجمعت عليه الأمة كما عليه جمهور الفقهاء. نعم: أصل الفرح والسرور، وتخصيص اليوم المذكور بالعبادة أو فعل الخير مما لا يختلف فيه إلا جاهل، فواجب على كل من في قلبه ذرة من إيمان الفرح بهذا اليوم، سواء بالعبادة لمن مشى مع ظاهر الحديث، أو بالاحتفال وجمع الناس لقراءة السيرة النبوية وذكر الشمائل المحمدية.{قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.

هذا تحرير أدلة المجيزين، وهم جل فقهاء الإسلام، ولا يخفى أن مذهبهم موفق لقواعد الفقه والاستنباط والله أعلم..

وأول من أقامه بالمغرب هو أمير سبتة أبو القاسم العزفي، ثم تأثر به آخر ملوك الموحدين محمد المرتضى، رحمهم الله تعالى، كما ألمحت لذلك شيختنا وخالتنا الأستاذة الدكتورة نور الهدى بنت الشيخ عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتانية في مقدمة تحقيقها الرائع لديوان ابن الصباغ الجذامي...المطبوع بالإمارات..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ



الاحتفال بمولد النبي (صلى الله عليه وآله)

العلامة جعفر سبحاني

لقد طال النزاع في الآونة الأخيرة عن طريق وسائل الإعلام وغيرها حول الاحتفال بمولد النبي الأكرم، وقد رفع بعضهم شعار البدعة فيه، بينما يراه الأكثرون أنّه من السنّة. وإليك دراسة الموضوع في ضوء الأدلة.


حب النبي أصل في الكتاب والسنّة

قد عرفت أن العنصر المقوّم للبدعة هو عدم الدليل على جواز العمل، فلو كان هناك دليل خاص على جواز العمل، أو دليل عام يشمل المصاديق المحدثة فليس ذلك ببدعة، وقد ذكرنا لك أمثالاً كثيرة، وفي ضوء ما ذكر نركّز في هذا الفصل على وجود دليل عام على الاحتفال بيوم ميلاده، وإن لم يكن هناك دليل خاص، وأمّا الدليل فكما يلي:

الحبّ والبغض خلّتان تتواردان على قلب الإنسان، تشتدّان وتضعفان، ولنشوئهما واشتدادهما أو ضعفهما عوامل وأسباب.

ولا شك أن حب الإنسان لذاته من أبرز مصاديق الحب، وهو أمر بديهي لا يحتاج إلى بيان، وجبلي لا يخلو منه إنسان ومن هذا المنطق حبّ الإنسان لما يرتبط به أيضاً، فهو كما يحبّ نفسه يحب كذلك كلّ ما يمت إليه بصلة، سواء كان اتصاله به جمسانياً، كالأولاد والعشيرة، أو معنوياً، كالعقائد والأفكار والآراء والنظريات التي يتبنّاها، وربّما يكون حبّه للعقيدة أشد من حبّه لأبيه وأمه، فيذبّ عن حياض العقيدة بنفسه ونفيسه، وتكون العقيدة أغلى عنده من كلّ شيء حتى نفسه التي بين جنبيه.

فإذا كانت للعقيدة هذه المنزلة العظيمة تكون لمؤسّسها ومغذّيها والدعاة إليها منزلة لا تقل عنها إذ لولاهم لما قام للعقيدة عمود، ولا اخضرّ لها عود، ولأجل ذلك كان الأنباء والأولياء بل جميع الدعاة إلى الأمور المعنوية والروحية محترمين لدى جميع الأجيال، من غير فرق بين نبي وآخر، ومصلح وآخر، فالإنسان يجد من صميم ذاته خضوعاً تجاههم، وإقبالاً عليهم.

ولهذا لم يكن عجيباً أن تحترم، بل تعشق النفوس الطيبة، طبقة الأنبياء والرسل، منذ أن شرّع الله الشرائع وبعث الرسل، فترى أصحابها يقدّمونهم على أنفسهم بقدر ما أوتوا من المعرفة والكمال.


حب النبي في الكتاب

ولوجود هذه الأرضية في النفس الإنسانية والفطرة البشريّة، تضافرت الآيات والأحاديث على لزوم حبّ النبي وكلّ ما يرتبط به، ليست الآيات إلا إرشاداً إلى ما توحي إليه فطرته، قال سبحانه: (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (1).

وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (2).

ويقول سبحانه: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (3).

فالآية الكريمة تأمر بأمور أربعة:

1ـ الإيمان به.

2ـ تعزيره.

3ـ نصرته.

4ـ اتّباع كتابه وهو النور الذي أنزل معه.

وليس المراد من تعزيره، نصرته، لأنّه قد ذكره بقوله: (ونصروه) وإنّما المراد توقيره، وتكريمه وتعظيمه بما أنّه نبيّ الرحمة والعظيمة، ولا يختصّ تعزيره وتوقيره بحال حياته بل يعمّها وغيرها، تماماً كما أنّ الإيمان به والتبعيّة لكتابه لا يختصّان بحال حياته الشريفة.

هذه هي العوامل الباعثة إلى حبّ النبي (صلّى الله عليه وآله) وهذه هي الآيات المرشدة إلى ذلك.

ولأجل دعم المطلب نذكر بعض ما ورد من الروايات في الحثّ على حبّه ومودّته.


حب النبي (صلّى الله عليه وآله) في السنة

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

1ـ (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده والناس أجمعين).

2ـ (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ الناس إليه من والده وولده).

3ـ (ثلاث من كنّ فيه ذاق طعم الإيمان: من كان لا شيء أحبّ إليه من الله ورسوله، ومن كان لئن يحرق بالنار أحبّ إليه من أن يرتدّ عن دينه، ومن كان يحبّ لله ويبغض لله).

4ـ (والله لا يكون أحدكم مؤمناً حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده).

5ـ (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه).

6ـ (من أحبّ الله ورسوله صادقاً غير كاذب، ولقي المؤمنين فأحبّهم، وكان أمر الجاهلية عنده كمنزلة نار ألقي فيها، فقد طعَم طعْم الإيمان، أو قال: فقد بلغ ذروة الإيمان).

إنّ الذي يرى سعادته في ما جاء به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من شريعة ودين، هو الذي يذوق طعم الإيمان، وتذوّق طعم الإيمان لا يتحقّق إلا عندما يستنّ الإنسان بسنّة رسول الله، ويعمل بشريعته فيحصل على سعادته.

7ـ عن أبي رزين قال: قلت يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: (أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، ويكون الله ورسوله أحبّ إليك ممّا سواهما، وتكون أن تحرق بالنار أحبّ إليك من أن تشرك بالله شيئاً، وتحبّ غير ذي نسب لا تحبّه إلا لله، فإذا فعلت ذلك قد دخل حبّ الإيمان في قلبك كما دخل قلب الظمآن حبّ الماء في اليوم القائظ).

8ـ (ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما).

9ـ عن أنس أن رجلاً سأل النبي (صلّى الله عليه وآله) عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال: (وما أعددت لها؟) قال: لا شيء، إلا أنّي أحبّ الله ورسوله، فقال: (أنت مع من أحببت). قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي (صلّى الله عليه وآله): (أنت مع من أحببت).

10ـ أبو ذر قال: يا رسول الله الرجل يحبّ القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم؟ قال: (أنت يا أبا ذر مع من أحببت). قال: فإنّي أحبّ الله ورسوله، قال: (فإنّك مع من أحببت)، قال: فأعادها أبو ذر، فأعادها رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

11ـ (من أحيا سنّتي فقد أحبّني ومن أحبّني كان معي في الجنّة).

12ـ (والذي نفس محمد بيده ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني، ثمّ لئن يراني أحبّ إليه من أهله وماله معهم).

13ـ (إن أحدكم سيوشك أن يحبّ ينظر إليّ نظرة بماله من أهل وعيال).

14ـ (من أشدّ أمّتي لي حُبّاً أناس يكونون بعدي، يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله).

15ـ (أشدّ أمتي لي حبّاً قوم يكونون بعدي يودّ أحدهم أنّه فقد أهله وماله وأنّه رآني).

16ـ (إنّ أناساً من أمّتي يأتون بعدي يودّ أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله).

17ـ (من دعا بهؤلاء الدعوات في دبر كلّ صلاة مكتوبة حلّت له الشفاعة منّي يوم القيامة: اللهم أعط محمد الوسيلة، واجعل في المصطفين محبّته، وفي العالمين درجته، وفي المقرّبين ذكر داره).

18ـ (من قال في دبر كلّ صلاة مكتوبة: اللهمّ أعط محمد الدرجة والوسيلة، اللهم اجعل في المصطفين محبّته، وفي العالمين درجته، وفي المقرّبين ذكره) من قال تلك في دبر كلّ صلاة فقد استوجب عليّ الشفاعة، ووجبت له الشفاعة).

وقد روي عن أبي بكر قال: الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله) أمحق للخطايا من الماء للنار، والسلام على النبي (صلّى الله عليه وآله) أفضل من أعتق الرقاب، وحبّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أفضل من عتق الأنفس أو قال: من ضرب السيف في سبيل الله عزّ وجلّ (4).


اختلاف الأمة في درجات حبّهم للنبي (صلّى الله عليه وآله)

وليست الأمّة المؤمنة في ذلك شرعاً سواء، بل هم فيه متفاوتون على اختلاف درجات عرفانهم به كاختلافهم في حبّ الله تعالى.

قال الإمام القرطبي: (كلّ من آمن بالنبي (صلّى الله عليه وآله) إيماناً صحيحاً لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبّة الراجحة غير أنّهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظّ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظّ الأدنى، كم كان مستغرقاً في الشهوات، محجوباً في الفضلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي (صلّى الله عليه وآله) اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده، ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجداناً لا تردّد فيه (5).


مظاهر الحبّ في الحياة

إن لهذا الحبّ مظاهر، إذ ليس الحبّ شيئاً يستقر في صقع النفس من دون أن يكون له انعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرّفاته، بل أنّ من خصائص الحبّ أن يظهر أثره على جسم الإنسان وملامحه، وعلى قوله وفعله، بصورة مشهودة وملموسة.

فحبّ الله ورسوله الكريم لا ينفك عن اتّباع دينه، والاستنان بسنّته، والإتيان بأوامره والانتهاء عن نواهيه، ولا يعقل أبداً أن يكون المرء محبّاً لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أشدّ الحبّ، ومع ذلك يخالفه فيما يبغضه ولا يرضيه، فمن ادّعى حباً في نفسه وخالفه في عمله، فقد جمع بين شيئين متخالفين متضادّين.

ولنعم ما قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في هذا الصدد موجهاً كلامه إلى مدّعي الحبّ الإلهي كاذباً:

تعصــــي الإله وأنت تظهر حبّه هذا لعمــــري فــي الفعال بديع

لو كــــان حبّـــك صادقاً لأطعته إن المحــبّ لمن يحبّ مطيع(6)


للحبّ مظاهر وراء الاتباع

نعم لا يقتصر أثر الحب على هذا، بل له آثار أخرى في حياة المحب، فهو يزور محبوبه ويكرمه ويعظّمه ويزيل حاجته، ويذبّ عنه ويدفع عنه كلّ كارثة ويهيئ له ما يريحه ويسرّه إذا كان حيّاً.

وإذا كان المحبوب ميّتاً أو مفقوداً حزن عليه أشد الحزن، وأجرى له الدموع كما فعل النبي يعقوب (عليه السلام) عندما افتقد ولده الحبيب يوسف (عليه السلام) فبكاه حتى ابيضّت عيناه من الحزن، وبقي كظيماً حتى إذا هبّ عليه نسيم من جانب ولده الحبيب المفقود، هشّ له وبشّ، وهفا إليه شوقاً وحبّاً.

بل يتعدّى أثر الحب عند فقد الحبيب وموته هذا الحدّ، فنجد الحبّ يحفظ آثار محبوبه، وكلّ ما يتّصل به، من لباسه وأشيائه، كقلمه ودفتره وعصاه ونظّارته. كما ويحترم أبناءه وأولاده، ويحترم جنازته ومثواه، ويحتفل كلّ عام بميلاده وذكرى موته، ويكرمه ويعظّمه حبّاً به ومودّة له.

إلى هنا ثبت، أنّ حب النبي وتكريمه أصل من أصول الإسلام لا يصحّ لأحد إنكاره، ومن المعلوم أن المطلوب ليس الحبّ الكامن في القلب من دون أن يرى أثره على الحياة الواقعية، وعلى هذا يجوز للمسلم، القيام بكلّ ما يعدّ مظهراً لحبّ النبي، شريطة أن يكون عملاً حلالاَ بالذات، ولا يكون منكراً في الشريعة، نظير:

1ـ تنظيم السنّة النبوية: وإعراب أحاديثها، وطبعها، ونشرها بالصور المختلفة، والأساليب الحديثة، وفعل مثل هذا بالنسبة إلى أقوال أهل البيت وأحاديثهم.

2ـ نشر المقالات والكلمات، وتأليف الكتب المختصرة والمطوّلة حول حياة النبي وعترته، وإنشاء القصائد بشتّى اللغات والألسن في حقّهم، كما كان يفعله المسلمون الأوائل.

فالأدب العربي بعد ظهور الإسلام يكشف عن أن إنشاء القصائد في مدح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان ممّا يعبّر به أصحابها عن حبّهم لرسول الله (صلّى الله عليه وآله). فهذا هو كعب بن زهير ينشئ قصيدة مطوّلة في مدح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) منطلقاً من إعجابه وحبّه له (عليه السلام)، فيقول في جملة ما يقول:

بانــت سعـاد فقلبي اليوم متبول متـــــيّم إثـــــرها لم يُفْد مكبول

نُبِّئــــتُ أنّ رسـول الله أوعدني والعـــفوُ عند رسول الله مأمول

ويقول:

مهــــلاً هــــــداك الــــذي أعطاك نا فلة القــــرآن فيها مواعظ وتفصيل

إنّ الرســـــول لنــــور يستضاء به مهـــند من سيوف الله مسـلول(7)

وقد ألقى هذه القصيدة في حضرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأصحابه، ولم ينكر عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

وهذا هو حسّان بن ثابت الأنصاري يرثي النبي (صلّى الله عليه وآله)، ويذكر فيه مدائحه، ويقول:

بطيبة رسم للرسول ومَعْهَد مُنير وقد تعفو الرسوم وتحمد

إلى أن قال:

يدلّ علـــــى الرحـمن من يقتدي به وينقذ من هـــــول الخــزايا ويرشد

إمام لهم يهديــــهم الحـــــقّ جاهداً معلم صدقٍ إن يطيعوه يَسْعَدوا(8)

وهذا هو عبد الله بن رواحة ينشئ أبياتاً في هذا السياق فيقول فيها:

خلوا بــــني الكـــفار عن سبيله خلّوا فكلّ الخــير فــــي رسوله

يا ربّ إنّــــــي مـــــؤمــن بقيله أعـــرف حقّ الله في قـبوله(9)

هذه نماذج ممّا أنشأه الشعراء المعاصرون لعهد الرسالة في النبي الأكرم ونكتفي بها لدلالتها على ما ذكرنا.

ولو قام باحث بجمع ما قيل من الأشعار والقصائد حول النبي الأكرم لاحتاج في تأليفه إلى عشرات المجلّدات. فإنّ مدح النبي كان الشغل الشاغل للمخلصين والمؤمنين منذ أن لبّى الرسول دعوة ربّه، ولا أظنّ أنّ أحداً عاش في هذه البسيطة، ونال من المدح بمقدار ما ناله الرسول (صلّى الله عليه وآله) من المدح بمختلف الأساليب والنظم.

وهناك شعراء مخلصون أفرغوا فضائل النبي ومناقبه في قصائد رائعة وخالدة، مستلهمين ما جاء في الذكر الحكيم والسنّة المطهّرة في هذا المجال، فشكر الله مساعيهم الحميدة وجهودهم المخلصة.

3ـ تقبيل كلّ ما يمتّ إلى النبي بصلة: كباب داره، وضريحه وأستار قبره، انطلاقاً من مبدأ الحبّ الذي عرفت أدلّته. وهذا أمر طبيعي وفطري، فبما أن الإنسان المؤمن لا يتمكّن بعد رحلة النبي (صلّى الله عليه وآله) من تقبيل الرسول (صلّى الله عليه وآله) (10) فيقبّل ما يتّصل به بنوع من الاتصال، وهو كما أسلفنا أمر طبيعي في حياة البشر حيث يلثمون ما يرتبط بحبيبهم ويقصدون بذلك نفسه. فهذا هو المجنون العامري كان يقبّل جدار بيت ليلى ويصرّح بأنّه لا يقبّل الجدار، بل يقصد تقبيل صاحب الجدار، يقول:

مرّ علــــى الـــــديار ديـار ليلى أقبّل ذا الجـــــدار وذا الجـــدارا

فما حبّ الديار شغــــفن قلـــبي ولكن حـــــبّ مـــن سكن الديارا

4ـ إقامة الاحتفالات في مواليدهم: وإلقاء الخطب والقصائد في مدحهم، وذكر جهودهم ودرجاتهم في الكتاب والسنّة، شريطة أن لا تقترن تلك الاحتفالات بالمنهيّات والمحرّمات.

ومن دعا إلى الاحتفال بمولد النبي في أي قرن من القرون، فقد انطلق من هذا المبدأ، أي حبّ النبي الذي أمر به القرآن والسنّة بهذا العمل.

هذا هو مؤلف تاريخ الخميس يقول في هذا الصدد: (لا يزال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده، ويعملون الولائم، ويتصدّقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون في المبرّات، ويعتنون بقراءة مولده الشريف، ويظهر عليهم من كرامته كلّ فضل عظيم) (11).

وقال أبو شامة المقدسي في كتابه: (ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل في اليوم الموافق ليوم مولده (عليه السلام) من الصدقات والمعروف بإظهار الزينة والسرور، فإنّ في ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء شعاراً لمحبّته) (12).

أنا لا أوافق الشيخ المقدسي في تسميته للاحتفال بالبدعة إلا أن يريد البدعة بالمعنى اللغوي، كما أنّ الاحتجاج على حسن الاحتفال بالأعمال الجانبيّة من صدقات ومعروف وإظهار الزينة..، فإنّ هذه الأمور الجانبيّة لا تسوغ الاحتفال، ولا تضفي عليه صبغة شرعية ما لم يكن هناك دليل في الكتاب والسنّة، وقد عرفت وجوده.

وقال القسطلاني: (ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده (عليه السلام)، ويعملون الولائم، ويتصدّقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون في المبرّات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كلّ فضل عظيم.. فرحم الله امرئً اتّخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً، ليكون أشدّ علّة على من في قلبه مرض وأعيا داء) (13).

إذا عرفت ما ذكرناه فلا نظنّ أن يشكّ أحد في جواز الاحتفال بمولد النبي الأكرم، احتفالاً دينياً في رضا الله ورسوله، ولا تصحّ تسميته بدعة، إذ البدعة هي التي ليس لها أصل في الكتاب والسنّة، وليس المراد من الأصل، الدليل الخاص، بل يكفي الدليل العام في ذلك.

ويرشدك إلى أن هذه الاحتفالات تجسيد لتكريم النبي، وجدانك الحرّ، فإنّه يقضي بلا مرية على أنّها إعلاء لمقام النبي وإشادة بكرامته وعظمته، يتلقاها كلّ من شاهدها عن كثب، على أن المحتفلين يعزّرون نبيّهم ويكرمونه ويرفعون مقامه اقتداء بقوله سبحانه: (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (14).


السنّة النبوية وكرامة يوم مولده

1ـ أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: (ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أنزل عليّ) (15).

يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ عند الكلام في استحباب صيام الأيام التي تتجدّد فيها نعم الله على عباده ـ ما هذا لفظه: (إنّ من أعظم نعم الله على هذه الأمّة إظهار محمد (صلّى الله عليه وآله) وبعثه وإرساله إليهم، كما قال الله تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فصيام تجدّدت فيه هذه النعمة من الله سبحانه على عباده المؤمنين حسن جميل، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجدّدها بالشكر) (16).

2ـ روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس (عليه السلام) قال: قدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألوا عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، ونحن نصومه تعظيماً له، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): (نحن أولى بموسى منكم) فأمر بصومه (17).

وقد استدلّ بان حجر العسقلاني بهذا الحديث على مشروعيّة الاحتفال بالمولد النبي على ما نقله الحافظ السيوطي، فقال: (فيستفاد فعل الشكر لله على ما منّ به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة ويعاد ذلك، نظر ذلك اليوم من كل سنة. والشكر لله يحصل بأنواع العبادة، كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم) (18).

3ـ وللسيوطي أيضاً كلام آخر نأتي بنصّه، يقول: (وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر، وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي (صلّى الله عليه وآله) عقّ عن نفسه بعد النبوة مع أنّه قد ورد أن جدّه عبد المطلب عقّ عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرّة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي (صلّى الله عليه وآله) إظهار للشكر على إيجاد الله إيّاه رحمة للعالمين وتشريع لأمّته كما كان يصلّي على نفسه، لذلك فيستحبّ لنا أيضاً إظهار الشكر بمولده بالاجتماع، وإطعام الطعام، ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرّات) (19).

4ـ أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيداً؟ فقال: أي آية؟ قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً) (20).

فقال عمر: إنّي لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) قائم بعرفة يوم الجمعة (21).

وأخرج الترمذي عن ابن عباس نحوه وقال: فيه نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة، وقال الترمذي: وهو صحيح (22).

(وفي هذا الأثر موافقة عمر بن الخطاب على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة عيداً لأنّ الزمان ظرف للحدث العظيم، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة كان موسماً لشكر تلك النعمة، وفرصة لإظهار الفرح والسرور) (23).

نرى أن المسيح عندما دعا ربّه أن ينزل مائدة عليه وعلى حواريه قال: (اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (24). فقد اتّخذ يوم نزول النعمة المادية التي تشبع البطون عيداً، والرسول الأكرم نعمة عظيمة منّ بها الله على المسلمين بميلاده، فلم لا نتّخذه يوم فرح وسرور؟


الاستدلال بالإجماع

ذكروا أن أول من أقام المولد هو الملك المظفر صاحب اربل، وقد توفي عام 630هـ، وربما يقال أوّل من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، أوّلهم المعجز لدين الله، توجه من المغرب إلى مصر في شوال 361هـ، وقيل في ذلك غيره، وعلى أي تقدير فقد احتفل المسلمون حقباً وأعواماً من دون أن يعترض عليهم أحد، وعلى أي حال فقد تحقّق الإجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه قبل أن يولد باذر هذه الشكوك، فلماذا لم يكن هذا الإجماع حجّة؟ مع أنّ اتّفاق الأمة بنفسه أحد الأدلة، وكانت السيرة على تبجيل مولد النبي إلى أن جاء ابن تيمية، والعزّ بن عبد السلام (25)، والشاطبي فناقشوا فيه ووصفوه بالبدعة، مع أن الإجماع انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون، أو ليس انعقاد الإجماع في عصر من العصور حجّة بنفسه؟


أوهام وتشكيكات

إن للقائلين بالمنع تشكيكات وشبه كلّها سراب، نذكرها بنصوصها:


أ. الاحتفال من العبادة

قال محمد حامد الفقي: (والمواليد والذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم) (26).

يلاحظ عليه أنّ العنصر المقوّم لصدق العبادة على العمل هو الاعتقاد بإلوهية المعظّم له أو ربوبيّته، أو كونه مالك لمصير المعظّم المحتفل، وأن بيده عاجله وآجله، ومنافعه ومضارّه ولا أقل بيده مفاتيح المغفرة والشفاعة.

وأمّا إذا خلا التعظيم عن هذه العناصر، واحتفل بذكرى رجل ضحّى بنفسه ونفيسه في طريق هداية المحتفلين، فلا يعدّ ذلك عبادة له، وإن أقيمت له عشرات الاحتفالات، وألقيت فيها القصائد والخطب.

ومن المعلوم أن المحتفلين المسلمين يعتقدون أن النبي الأكرم عبد من عباد الله الصالحين، وفي الوقت نفسه هو أفضل الخليقة، ونعمة من الله إليهم، فلأجل تكريمه يقيمون الاحتفال أداءً لشكر النعمة.


ب. لم يحتفل السلف بمولد النبي

قال ابن تيمية: إنّ هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحقّ به منّا، فإنّهم كانوا أشدّ محبّة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) وتعظيماً له منّا، وهم على الخير أحرص (27).

يلاحظ عليه: بما تعرّفت عليه في الفصل الرابع من أن المقياس في السنّة والبدعة هو الكتاب والسنّة وإجماع المسلمين أو السيرة العملية المتّصلة بعصر النبي، وأمّا غير ذلك فليس له وزن ولا قيمة ما لم يعتمد على هذه الأصول الأربعة، ولم يكن السلف أنبياءً ولا رسلاً، وليس الخلف بأقلّ منهم، بل الجميع أمام الكتاب وأمام السنّة سواسية، فلو كان هناك دليل من الكتاب والسنّة على جواز الاحتفال، فترك السلف لا يكون مانعاً، على أن ترك السلف لم يكن مقارناً بتحريم الاحتفال أو كراهيّته فغاية ما هناك أنّهم لم يفعلوا، وقد أمر الله بما في هذه الآية: (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (28) ولم يقل في حق النبي: (وما تركه فانتهوا عنه) فكيف الحال في حقّ السلف؟!


ج. إنّها مضاهاة للنصارى في ميلاد المسيح

يقول ابن تيمية: وكذلك ما يحدثه بعض الناس إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد المسيح (عليه السلام)، وإمّا محبّة للنبي وتعظيماً له والله لقد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع (29).

يلاحظ عليه: أنّ ابن تيمية ليس على يقين بأنّ المسلمين يقيمون الاحتفال مضاهاةً للنصارى، أضف إلى ذلك أن الأساس الذي يجب أن يبنى عليه عمل المسلم هو انطباق العمل على الكتاب والسنّة، فلا تكون المضاهاة مانعة عن اتّباع الكتاب والسنّة، وإن افترضنا أن أول من احتفل، احتفل مضاهاةً إلا أن المحتفلين في هذه القرون براء من هذه التهمة.


تخصيص المولد بيوم للاحتفال به بدعة

إن عموم الدليل يقتضي أن تكون جميع الأيام بالنسبة للاحتفال سواسية، فتخصيص يوم واحد في جميع البلاد بالاحتفال بدعة، وإن لم يكن أصل العمل بدعة (30).

هذا هو الدليل الهام للقائلين بالمنع، ولكن الجواب عنه واضح، وذلك لأن جميع الأيام بالنسبة إلى الاحتفال وإن كانت سواسية إلا أن تخصيص يوم واحد للاحتفال به، لأجل خصوصيات في ذلك اليوم، وليست في غيره إلا ما شذّ، وهو أن ذلك اليوم تشرّف بولادته، فهو من أفضل الأيام، كما أن البقعة التي ضمّت جسده الشريف هي من أفضل البقاع، ومن ثمّ خصّ النبي الأكرم يوم الاثنين بفضيلة الصوم، وبيّن أن سبب التخصيص هو أنّه (صلّى الله عليه وآله) ولد فيه، فصار كلّ ذلك سبباً لاختيار هذا اليوم دون سائر الأيام، نعم في وسعهم الاحتفال في غير هذا اليوم أيضاً، بل كلّ يوم أرادوا تكريم النبي والاحتفال به.

ثم إنّ الذي نلفت نظر القائل بالمنع إليه، هو أنّه لم يقترن ولن يقترن ادّعاء ورود الأمر الشخصي على هذا التخصيص، وإنّما الكلّ يتفق على جواز الاحتفال في جميع الأيام، غير أن تخصيص ذلك اليوم هو لأجل خصوصية كامنة فيه.

نعم من احتفل في مولد النبي وادّعى ورود الشرع به، أو حثّه على هذا التخصيص فهو مبتدع، ولا أظن على أديم الأرض رجلاً يدّعي ذلك.

وبعبارة موجزة، فإن كون الاحتفال بدعة رهن أمرين، وكلاهما منتفيان.

1ـ عدم الدليل العام على الاحتفال.

2ـ ادّعاء ورود الشرع بذلك اليوم الخاص وحثّه عليه.

فعندئذ فلا معنى لادّعاء البدعة.


هـ. الاحتفالات تشتمل على أمور محرّمة

إن هذه الاحتفالات مشتملة على أمور محرّمة في الغالب، كاختلاط النساء بالرجال، وقراءة المدائح مع الموسيقى والغناء (31).

يلاحظ عليه: أنّ هذا النوع من الاستدلال ينمّ عن قصور باع المستدل، وهذا يدلّ على أنّه قد أوعزه الدليل، فأخذ يتمسّك بالطحلب شأن الغريق المتمسّك به.

فإنّ البحث في نفس مشروعية العمل بحد ذاتها، وأمّا الأمور الجانبية العارضة عليه فلا تكون مانعاً من الحكم بالجواز، وما ذكره لا يختصّ بالاحتفال، بل كلّ عمل يجب أن يكون بعيداً عن المحرّمات، فعلى المحتفلين أن يلتزموا بذلك، ويجعلوا مجالسهم مهبطاً للنور.

وفي الختام نركز على أمر وهو أنّ الاستدلال على الجواز أن المنع بالأمور الجانبية خروج عن الاستدلال الفقهي، فإنّ الحكم بالجواز والمنع ذاتاً يتوقّف على كون الشيء بما هو هو جائزاً أو ممنوعاً، وأمّا الاستدلال على أحدهما بالأمور الطارئة فليس استدلالاً صحيحاً.

وهناك نكتة أخرى، وهي أن الاستدلال على الجواز بما جرت عليه سيرة العقلاء من إقامة الاحتفالات على عظمائهم قياس مع الفارق، لأنّ الاحتفالات الرائجة بين العقلاء من الأمور العادية، والأصل فيها هو الحليّة، وأمّا الاحتفال بمولد النبي فإنّما هو احتفال ديني، وعمل شرعي، فلا يقاس بتلك الاحتفالات، بل لابدّ من طلب دليل شرعي على جوازه، وبذلك تقدر على القضاء بين أدلّة الطرفين.

نعم لا يمكن أن ننكر أنّ ما يقيمه العقلاء من احتفال يؤثر في نفوسنا ويحفّزنا للإقبال على الاحتفال بمولد النبي، وفي هذا الصدد يقول العلاّمة الأميني.

(لعلّ تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات، والجري على مراسم النهضات الدينية، أو الشعبية العامة، والحوادث العالمية الاجتماعية، وما يقع من الطوارق المهمّة في الطوائف والأحياء، بعدِّ سنيّها، واتّخاذ رأس كل سنة بتلكم المناسبات أعياداً وأفراحاً، أو مآتماً وأحزاناً، وإقامة الحفل السارّ، أو التأبين، من الشعائر المطرّدة، والعادات الجارية منذ القدم، ودعمتها الطبيعة البشرية، وأسّستها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة، عند كلّ أمة ونحلة، قبل الجاهلية وبعدها، وهلمّ جرّاً حتى اليوم.

هذه مراسم اليهود، والنصارى، والعرب، في أمسها ويومها، وفي الإسلام وقبله، سجّلها التاريخ في صفحاته.

وكأنّ هذه السنّة نزعة إنسانية، تنبعث من عوامل الحبّ والعاطفة، وتسقى من منابع الحياة، وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل، والتقدير والإعجاب، لرجال الدين والدنيا، وأفذاذ الملأ، وعظماء الأمة إحياءً لذكراهم، وتخليداً لأسمائهم، وفيها فوائد تاريخية اجتماعية، ودروس أخلاقية ضافية راقية، لمستقبل الأجيال، وعظات وعبر، ودستور عملي ناجح للناشئة الجديدة، وتجارب واختبارات تولد حنكة الشعب، ولا تختص بجيل دون جيل، ولا بفئة دون فئة.

وإنّما الأيام تقتبس نوراً وازدهاراً، وتتوسّم بالكرامة والعظمة، وتكتسب سعداً ونحساً، وتتخذ صيغة ممّا وقع فيها من الحوادث الهامّة وقوارع الدهر ونوازله..) (32).


لمحة من تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

رسالة مقتضبة من كتاب (حسن المقصد في عمل المولد) تأليف العلامة جلال الدين السيوطي 849-911هـ، تحقيق محمد سعيد الطريحي.

لا شك أن الفاطميين هم أول من ابتدع فكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوي من تلقاء أنفسهم، كانوا يحتشدون لذلك احتشاداً شعبياً ذا روعة وجلال، وكان رجال الدولة يتغافلون عنهم ويغضون النظر عن تصرفاتهم، ولا يحاولون إزعاج أحد يقوم بذلك لأنهم لم يقبلوا أمر الإبطال إلا مكرهين، ولما آلت الخلافة الفاطمية إلى الآمر بأحكام الله في سنة (495هـ/1102م)، واغتيال الوزير الأفضل ابن أمير الجيوش، وإسناد منصب الوزارة إلى المأمون البطائحي، وفي يوم 13 ربيع الأول سنة (517هـ/1123م) صدر المرسوم الآمري بإطلاق الجواري الخاصة بالصدقات، والتي جرى عليها الرسم فيما مضى، فكانت: ستة آلاف درهم، وأربعين صينية فطرة، وأربعمائة رطل حلاوة، وألف رطل خبز، وذلك غير السكر واللوز والعسل والشيرج وأن يفرق من ذلك على المتولين وسدنة المشاهد، وغيرهم من الفقراء، وكان يتولى توزيع ذلك كله سناء الملك ابن ميسر القاضي (33).

وذكر تقي الدين المقريزي، عن ابن الطوير (34)، أن الرسم كان في الموالد الستة التي هي: مولد النبي (صلّى الله عليه وآله)، ومولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، ومولد السيدة فاطمة، ومولد ولديها الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومولد الخليفة الحاضر ـ وكان من عادة الخليفة أثناء هذه الموالد والاحتفالات يجلس في المنظرة القريبة من الأرض لإطلاق الأموال وملاحظة توزيعها في مستحقيها، وكانت هذه المنظرة قبالة دار فخر الدين جهاركس، والفندق المستجد. قال: فإذا كان اليوم الثاني عشر من ربيع الأول تقدم (الخليفة) بأن يعمل في دار الفطرة: عشرون قنطاراً من السكر اليابس، حلواء يابسة من طرائفها، وتعبّى في ثلاثمائة صينية من النحاس، وتفرق تلك الصواني في أرباب الرسوم قاضي القضاة، ثم داعي الدعاة، ويدخل في ذلك القراءة بالحضرة، والمتصدرون بالجوامع بالقاهرة، وقومة المشاهد، فإذا صلّى الخليفة الظهر ركب قاضي القضاة والشهود بأجمعهم إلى الجامع الأزهر، ومعهم أرباب تفرقة الصواني فيجلسون مقدار قراءة الختمة الكريمة، ثم يستدعي قاضي القضاة ومن معه ـ إن كانت الدعوة إليه ـ وإلا حضر الداعي ومعه نقباء الرسائل، فيركبون ويسيرون إلى أن يصلوا إلى آخر المضيق من السيوفيين قبل الابتداء بالسلوك بين القصرين، فيقفون هناك وقد سُلكت الطريق على السالكين من الركن المخلّق، ومن سويقة أمير الجيوش عند الحوض هناك، وكنست فيما بين ذلك ورشت بالماء رشّاً خفيفاً، وفرش تحت المنظرة (التي يجلس فيها الخليفة) بالرمل الأصفر، ثم يستدعى صاحب الباب من دار الوزارة، ووالي القاهرة ماضٍ وعائد لحفظ (النظام) ذلك اليوم، ومنع الزحام فيكون بروز صاحب الباب من الركن المخلّق هو وقت استدعاء القاضي ومن معه من مكان وقوفهم، فيقربون من المنظرة، ويترجلون قبل الوصول إليها بخطوات فيجتمعون تحت المنظرة دون الساعة الزمانية بسمت وتشوف لانتظار الخليفة فتفتح إحدى الطاقات فيظهر منها وجهه وما عليه من المنديل، وعلى رأسه عدة من الأستاذين المحنكين وغيرهم من الخواص منهم، ويفتح بعض الأستاذين طاقة ويخرج منها رأسه، ويده اليمنى في كمه ويشير به قائلاً: أمير المؤمنين يرد عليكم السلام، فيسلم بقاضي القضاة أولاً بنعوته، وبصاحب الباب بعده كذلك، والجماعة الباقية جملة جملة من غير تعيين أحد، ثم يستفتح قرّاء الحضرة بالقراءة ويكونون قياماً في الصدر ووجوههم إلى الحاضرين، وظهورهم إلى حائط المنظرة، فيقوم خطيب الجامع الأنور المعروف بجامع الحاكم، فيخطب كما يخطب فوق المنبر إلى أن يصل إلى ذكر النبي (صلّى الله عليه وآله) فيقول: وإن هذا يوم مولده إلى ما منّ الله به على ملّة الإسلام من رسالته، ثم يختم كلامه بالدعاء للخليفة، ثم يؤخّر ويقدم خطيب الجامع الأزهر فيخطب كذلك، ثم خطيب الجامع الأقمر فيخطب كذلك، والقرّاء في خلال القراءة يقرأون، فإذا انتهت خطابة الخطباء أخرج الأستاذ رأسه ويده في كمه من طاقته ورد على الجماعة السلام، ثم تغلق الطاقتان فينفض الناس.

وعلى هذه الرسوم وهاتيك القواعد مضى الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف طوال عهد الدولة الفاطمية، إلى أن زالت بقيام الدولة الأيوبية، وقام صلاح الدين، وخلع الخليفة العاضد الفاطمي، وقبض على أعقاب الأسرة الفاطمية، وألغى رسوم الدولة الفاطمية، ومن بين هاتيك الرسوم أعيادها ومواسمها وأيام احتفالاتها، ويؤيدنا في هذا الباب ما أورده السيد حسن السندوبي، قال: (وقد بحثت فيما كتبه الكتاب، وتتبعت ما دونه أصحاب الأخبار، عن أحداث هذه الدولة الأيوبية، وما رواه رواتها وفُصاحها من شؤونها، فلم أعثر على خبر يشير إلى أنه قد كان لهذه الدولة شيء من العناية بأمر إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، أو ينوّه بأن أحداً من ملوكها نهض به، أو فكر به، وهذا من غرائب تصرفات الدول، وتقلبات أوضاعها. إذ ممّا يمكن فهمه والتسليم به أن الدولة الأيوبية قد يكون من حقها الذي تجيزه السياسة القائمة على الانقلاب وتغيير الخطط الإدارية، أن تبطل الرسوم والتقاليد والعادات التي اقتضاها المذهب الشيعي إذا كان فيها غلوّ أو خروج على الشريعة، لأن الأيوبيين كانوا يذهبون إلى التسنّن، ولكن ما لا يمكن فهمه، ويبعد تصوره أن يدخل في مضمون ذلك إلغاء الاحتفال بذكرى المولد النبوي وذلك لأن إحياء هذه الذكرى والعناية بالاحتفال بها، وتعظيم شأنها وإنفاق الأموال في الأعمال الخيرية أثناء أيامها ولياليها، وتوزيع المبرات على أهل الفاقة من الشعب في خلالها ليس خاصاً بأهل مذهب أو أصحاب نحلة أو ذوي رأي، دون غيرهم من أهل المذاهب والآراء والنحل الأخرى، بل هو عام شامل لجميع المسلمين على السواء، يشترك في الاضطلاع بواجباته والنهوض بنوافله السنّي منهم والشيعي وغيرهما من أهل الإسلام).

وبالرغم ممّا جرى يظهر أن الدولة الأيوبية لم تشدد في إلغاء الاحتفال بالمولد النبوي، والدليل على ذلك أن الملك مظفر الدين صاحب أربل (35)، كان يحتفل بإحياء ذكرى المولد النبوي احتفالاً كان مضرب الأمثال والعظمة والجلال، وقد كان هذا الملك من عظماء الدولة الأيوبية، ومن أقوى أركانها، وكبار أعيانها، وكان من المشهود لهم بالكفاية التامة، والمعروفين بالنهوض بجلائل الأعمال الهامة، وكانت له المشاهد المذكورة مع صلاح الدين، والمواقف المشهودة في مكافحة الصليبيين، وبلغ من ثقة صلاح الدين به أن زوّجه من أخته (ربيعة خاتون) بنت أيوب.

ذكر سبط ابن الجوزي (36)، في كتابه مرآة الزمان، عمن شاهد سماط الملك المظفر في بعض هذه الاحتفالات المولدية، إنه عدّ في ذلك السماط خمسة آلاف رأس غنم مشوي وعشرة آلاف دجاجة ومائة فرس ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلو، قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية فيخلع عليهم، ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر، ويرقص معهم بنفسه، وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار.

ونقل السخاوي في (التبر المسبوك) أنه كان للملك المظفر صاحب اربل (بالمولد النبوي) أتم عناية، واهتمام جاوز الغاية، بحيث أثنى عليه بذلك الإمام العلامة أبو شامة في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث) قال: إن هذا يحسن ويُندب إليه، ويُشكر فاعله ويُثني عليه.

وذكر ابن خلكان طرفاً من وصف احتفال هذا الملك، فإن الوصف يقصر عن الإحاطة به كما يقول. فقال: إن أهل البلاد كانوا سمعوا بحسن اعتقاده فيه (أي في المولد) فكان في كل سنة يصل إليه من البلاد القريبة من اربل مثل بغداد، والموصل، والجزيرة، وسنجار، ونصيبين، وبلاد العجم، وتلك النواحي، خلق كثير من الفقهاء، والصوفية، والوعاظ، والقراء، والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرم إلى أوائل شهر ربيع الأول، ويتقدم مظفر الدين بنصب قباب من الخشب، كل قبة أربع أو خمس طبقات، ويعمل مقدار عشرين قبة أو أكثر منها قبة له، والباقي للأمراء وأعيان دولته لكل واحد قبة.

فإذا كان أول صفر زيّنوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، ويعدّ في كل قبة جوق من الأغاني، وجوق من أرباب الخيال (37)، ومن أصحاب الملاهي، ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات حتى يرتبوا فيها جوقاً وتبطل معايش الناس في تلك المدّة وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم.

وكانت القباب منصوبة من باب القلعة إلى باب الخانقاه المجاور للميدان، وكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، ويقف على قبة قبة، إلى آخرها، ويسمع غناءهم ويتفرج على خيالاتهم، وما يفعلون في القباب، ثم يبيت في الخانقاه ويعمل السماع فيها (38)، ثم يركب عقيب صلاة الفجر يتصيد، ثم يرجع إلى القلعة قبل الظهر، وهكذا يعمل كل يوم إلى ليلة المولد.

وكان يعمل (المولد) سنة في ثامن الشهر، وسنة في ثاني عشرة، السبب الاختلاف الذي فيه، فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً كثيراً زائداً عن الوصف، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي حتى يأتي بها إلى الميدان، ثم يشرعون في نحرها وينصبون القدور، فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات، وبعد أن يصلي المغرب في القلعة، ثم ينزل وبين يديه من الشموع المشتعلة شيء كثير، ومن جملتها شمعتان أو أربع من الشموع الموكبية التي تحمل كل واحدة منها على بغل، ومن ورائها رجل يسندها وهي مربوطة على أظهر البغل حتى ينتهي إلى الخانقاه.

وفي صبيحة يوم المولد تنزل الخلع من القلعة إلى الخانقاه على أيدي الصوفية وعلى أيد كل شخص منهم بقجة وهم متتابعون كل واحد وراء الآخر فينزل من ذلك شيء كثير ثم ينزل (الملك المظفر) إلى الخانقاه، ويجتمع الأعيان والرؤساء، وطائفة كبيرة من بياض الناس، وينصب كرسي للوعظ وقد نصب لمظفر الدين برج من الخشب له شبابيك إلى الموضع الذي فيه الناس، والكرسي، وشبابيك أخر للبرج إلى الميدان، وهو ميدان كبير في غاية الاتساع، ويجتمع فيه الجند ويعرضون ذلك النهار، والملك المظفر تارة ينظر إلى الجند، وتارة إلى الناس والوعاظ، ولا يزال كذلك حتى يفرغ الجند من عرضهم فعند ذلك يقدم السماط في الميدان للصعاليك، ويكون سماطاً عاماً فيه من الطعام والخبز شيء كثير لا يحد ولا يوصف، ويمد سماط ثان في الخانقاه للناس المجتمعين عند الكرسي.

وفي مدة العرض ووعظ الوعاظ يطلب (الملك المظفر) واحداً من الأعيان والرؤساء الوافدين لشهود هذا الموسم من الفقهاء والوعاظ والقراء والشعراء ويخلع على كل واحد منهم ثم يعود إلى مكانه فإذا تكامل ذلك كله حضروا السماط وحملوا منه لمن يقع التعيين على الحمل إلى داره ولا يزالون على ذلك إلى العصر أو بعده، ثم يبيت المظفر تلك الليلة هناك، ويعمل السماعات إلى بكرة.

هكذا دأبه في كل سنة، فإذا فرغوا من هذا الموسم تجهز كل إنسان للعود إلى بلدته فيدفع لكل شخص شيء من النفقة (39).

هذه صورة مختصرة للاحتفالات بمناسبة المولد النبوي أيام هذا الملك المظفر، وإذا كان هذا في بلاد المشرق، ففي بلاد المغرب أيضاً شاع إحياء المولد الكريم وبالأخص في تلمسان من ممالك أفريقية الإسلامية، إذ كان سلاطين بني زيّان يحتفلون بالمولد الشريف، ولا سيما في عهد السلطان أبو حمّو من آل زيان، فقد عني عناية خاصة تفوّق بها على أسلافه، وكان ذلك في القرن الثامن للهجرة، على ما ذكره المقرّي في نفح الطيب.

وفي المغرب الأقصى شاع تكريم هذا اليوم المبارك لا سيما في عهد السلطان أبي العباس أحمد المنصور الذي تولى الملك في أواخر القرن العاشر من الهجرة، وكذلك في تونس كما في كتاب (المؤنس في أخبار أفريقية وتونس) لمؤلفه الشيخ أبي عبد الله بن أبي القاسم الرعيني القيرواني المعروف بابن أبي دينار، قال: وأول من عُني بتعظيمه في البلاد المغربية السلطان أبو عنان المريني، ثم اقتدى به بنو أبي حفص من بعده، وكان ذلك في أول المائة الثامنة.

وشاع كذلك في البلدان الأفريقية الإسلامية وتلك التي تضمّ جماعات كبيرة من المسلمين، وفي دول آسيا المختلفة كالهند وباكستان وسيلان وإندونيسيا ودول جنوب شرق آسيا ذات الأقليات الإسلامية، وغيرها من البلاد، وما يزال الاحتفاء بالمولد جارياً شائعاً بين الكثير من المسلمين بوضع يلائم الظروف الحاضرة.




الهوامش:

1- سورة التوبة: الآية 24.

2- سورة المائدة: الآية 56.

3- سورة الأعراف: الآية 157.

4- راجع للوقوف على هذه الأحاديث ونظائرها جامع الأصول، ج1، نقلاً عن صحيح الباري ومسلم والترمذي والنسائي، وكنز العمال، ج2 و6 و12.

5- فتح الباري لابن حجر، ج1، ص50-51.

6- سفينة البحار، مادة (حب).

7- السيرة النبوية لابن هشام، ج2، ص513.

8- السيرة النبوية لابن هشام، ج2، ص666.

9- المصدر نفسه، ج2، ص371.

10- دخل أبو بكر حجرة النبي (صلّى الله عليه وآله) بعد رحيله وهو مسجّى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثمّ أكبّ عليه يقبّله ثم بكى فقال: بابي أنت يا نبي الله لا يجمع الله عليك موتتين، أمّا الموتة التي كتبت عليك فقد متّها. (لاحظ صحيح البخاري، ج2، ص17، كتاب الجنائز).

11- الديار بكري، تاريخ الخميس، ج1، ص323.

12- الحلبي، السيرة، ج1، ص83-84.

13- المواهب اللدنية، ج1، ص148.

14- سورة الانشراح: الآية 4.

15- مسلم، ج2، ص819.

16- ابن رجب الحنبلي، لطائف المعارف، ص98.

17- مسلم، الصحيح، ص1130، وأخرجه البخاري، ج7، ص215.

18- السيوطي، الحاوي للفتاوي، ج1، ص196.

19- المصدر السابق.

20- سورة المائدة: الآية 3.

21- البخاري، ج8، ص270، وكما أخرجه الترمذي في ج5، ص250 وفي الروايات المتضافرة أنّها نزلت في الثامن عشر من ذي الحجة في حجّة الوداع.

22- المصدر السابق.

23- عيسى الحميري، بلوغ المأمول، ص29.

24- سورة المائدة: الآية 114.

25- هو عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي، (227-660هـ فقيه شافعي، له من الكتب (التفسير الكبير) و(مسائل الطريقة) وغيرها (أعلام الزركلي، ج4، ص21، ط دار الملايين، بيروت).

26- محمد حامد الفقي في تعليقه على فتح المجيد: 154.

27- اقتضاء الصراط المستقيم، ص293-294.

28- سورة الحشر: الآية 7.

29- ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم، ص293.

30- صالح الفوزان، البدعة، ص17.

31- ابن الحاج، المدخل، ج2، ص2.

32- الأميني، سيرتنا وسنّتنا، ص38-39، ط الثانية.

33- هو القاضي سناء الملك عبد الله بن محمد بن ميسر، كان من أعيان الدولة وذوي الرأي فيها، تولى القضاء بمصر سنة 526هـ ثم سنة 528هـ ثم غضب الخليفة عليه فنفاه وقتل بعد ذلك سنة 531هـ.

34- هو أبو محمد عبد السلام المرتضى بن محمد الطوير الفهري، القيسراني الكاتب المصري، كان من أكابر الكتاب وأفاضل المؤرخين، له كتاب (نزهة المقلتين في أخبار الدولتين الفاطمية والصلاحية).

35- اربل: بلدة كبيرة بها قلعة حصينة في فضاء واسع من الأرض، وفيها أسواق عامرة ومنازل كثيرة وبقلعتها جامع للصلاة، وكانت من أعمال الموصل، وكانت الموصل من ولايات الدولة المصرية. قال ياقوت: وفي ربض هذه القلعة في عصرنا هذا مدينة كبيرة عريقة طويلة قام بعماراتها وبناء سورها وأسواقها وقيساريتها، الأمير مظفر الدين كوكبوري ابن زين الدين كوجك علي. وبمقامه بها قامت لها أسواق، وصار له هيبة. وقاوم الملوك ونابذهم بشهامة، وكثرت تجربته حتى هابوه فانحفظت بذلك أطرافه، وقصدها الغرباء وقطنها كثير منهم حتى صارت مصراً من الأمصار.


36- هو شمس الدين يوسف (قزاوغلي) ومعنى ذلك في اللغة التركية (ابن البنت) ولذلك قيل له سبط ابن الجوزي لأنه ابن بنت أبي الفرج ابن الجوزي، وهو من أصل تركماني، وكان ذا عناية بالتاريخ وله كتاب مرآة الزمان قيل أنه يقع في نحو أربعين مجلداً. طبع منه قطعة بصورة في شيكاغو بأمريكا سنة 1907 بها حوادث من سنة 495 إلى 645. توفي سنة 654هـ/1256م.

37- الخيال: هو ذلك الملعب الذي يعرف باسم خيال الظل، وكانت بقاياه موجودة في بعض البلاد العربية حتى النصف الأول من هذا القرن.

38- يريد بالسماع حلقات الذكر التي يقيمها الصوفية، ويتناشدون فيها الأشعار بأنغام وحركات خاصة، ويتظاهر فيها بعض الصوفية بالتواجد.

39- وفيات الأعيان، ج5، ص117-119.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأدلة على جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع عليه

الأولى : أننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه ، وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب الأمة .

الثانية : أننا لا نقول بسنية الاحتفال بالمولد المذكور في ليلة مخصوصة بل من اعتقد ذلك فقد ابتدع في الدين ، لأن ذكره صلّىالله عليه وسلّم والتعلق به يجب أن يكون في كل حين ، ويجب أن تمتلئ به النفوس .

نعم : إن في شهر ولادته يكون الداعي أقوي لإقبال الناس واجتماعهم وشعورهم الفياض بارتباط الزمان بعضه ببعض ، فيتذكرون بالحاضر الماضي وينتقلون من الشاهد إلى الغائب .

الثالثة : أن هذه الاجتماعات هي وسيلة كبرى للدعوة إلى الله ، وهي فرصة ذهبية لا تفوت ، بل يجب على الدعاة والعلماء أن يذّكروا الأمة بالنبي صلّىالله عليه وسلّم بأخلاقه وآدابه وأحواله وسيرته ومعاملته وعبادته ، وأن ينصحوهم ويرشدوهم إلى الخير والفلاح ويحذّروهم من البلاء والبدع والشر والفتن ، وإننا دائما ندعو إلى ذلك ونشارك في ذلك ونقول للناس : ليس المقصود من هذه الاجتماعات مجرد الاجتماعات والمظاهر ، بل هذه وسيلة شريفة إلى غاية شريفة وهي كذا وكذا ، ومن لم يستفد شيئا لدينه فهو محروم من خيرات المولد الشريف .

أدلة جواز الاحتفال بمولد النبي صلّىالله عليه وسلّم

الأول : أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلّىالله عليه وسلّم ، وقد انتفع به الكافر .

وسيأتي في الدليل التاسع مزيد بيان لهذه المسألة ، لأن أصل البرهان واحد وإن اختلفت كيفية الاستدلال وقد جرينا على هذا المنهج في هذا البحث وعليه فلا تكرار

فقد جاء في البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل يوم الاثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشّرته بولادة المصطفى صلّىالله عليه وسلّم .

ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي

إذا كان هذا كافـراً جاء ذمـه بتبّت يداه في الجحيم مخلّدا

أتى أنه في يوم الاثنين دائـمـا يُخفّف عنه للسرور بأحمدا

فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحّدا

وهذه القصة رواها البخاري في الصحيح في كتاب النكاح مرسلة ونقلها الحافظ ابن حجر في الفتح ورواها الإمام عبدالرزاق الصنعاني في المصنف والحافظ البيهقي في الدلائل وابن كثير في السيرة النبوية من البداية ومحمد ابن عمر بحرق في حدائق الأنوار والحافظ البغوي في شرح السنة وابن هشام والسهيلي في الروض الأُنُف والعامري في بهجة المحافل ، وهي وإنْ كانت مرسلة إلا أنها مقبولة لأجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ لذلك ولكونها في المناقب والخصائص لا في الحلال والحرام ، وطلاب العلم يعرفون الفرق في الاستدلال بالحديث بين المناقب والأحكام ، وأما انتفاع الكفار بأعمالهم ففيه كلام بين العلماء ليس هذا محل بسطه ، والأصل فيه ما جاء في الصحيح من التخفيف عن أبي طالب بطلب من الرسول صلّىالله عليه وسلّم .

الثاني : أنه صلّىالله عليه وسلّم كان يعظّم يوم مولده ، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه ، وتفضّله عليه بالجود لهذا الوجود ، إذ سعد به كل موجود ، وكان يعبّر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في الحديث عن أبي قتادة : أن رسول الله صلّىالله عليه وسلّم سُئل عن صيام يوم الاثنين ؟ فقال (فيه وُلدتُ وفيه أُنزل عليَّ ) رواه الإمام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام .

وهذا في معنى الاحتفال به ، إلاّ أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام أو إطعام طعام أو اجتماع على ذكر أو صلاة على النبي صلّىالله عليه وسلّم أو سماع شمائله الشريفة .

الثالث : أن الفرح به صلّىالله عليه وسلّم مطلوب بأمر القرآن من قوله تعالى ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة ، والنبي صلّىالله عليه وسلّم أعظم الرحمة ، قال الله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .

الرابع : أن النبي صلّىالله عليه وسلّم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت ، فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لتذكّرها وتعظيم يومها لأجلها ولأنه ظرف لها .

وقد أصّل صلّىالله عليه وسلّم هذه القاعدة بنفسه كما صرح في الحديث الصحيح أنه صلّىالله عليه وسلّم : لما وصل المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له : إنهم يصومون لأن الله نجّى نبيهم وأغرق عدوهم فهم يصومونه شكرا لله على هذه النعمة ، فقال صلّىالله عليه وسلّم : نحن أولى بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه .

الخامس : أن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام المطلوبين بقوله تعالى : ( إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما ) .

وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً ، فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية ، وإمدادات محمدية ، يسجد القلم في محراب البيان عاجزاً عن تعداد آثارها ومظاهر أنوارها .

السادس : أن المولد الشريف يشتمل على ذكر مولده الشريف ومعجزاته وسيرته والتعريف به ، أولسنا مأمورين بمعرفته ومطالبين بالاقتداء به والتأسّي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته ؟ وكتب المولد تؤدي هذا المعنى تماما .

السابع : التعرّض لمكافأته بأداء بعض ما يجب له علينا ببيان أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة ، وقد كان الشعراء يفدون إليه صلّىالله عليه وسلّم بالقصائد ويرضى عملهم ، ويجزيهم على ذلك بالطيبات والصلات ، فإذا كان يرضى عمن مدحه فكيف لا يرضى عمن جمع شمائله الشريفة ، ففي ذلك التقرب له عليه السلام باستجلاب محبته ورضاه .

الثامن : أن معرفة شمائله ومعجزاته وإرهاصاته تستدعي كمال الإيمان به عليه الصلاة والسلام ، وزيادة المحبة ، إذ الإنسان مطبوع على حب الجميل ، ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل من أخلاقه وشمائله صلّىالله عليه وسلّم ، وزيادة المحبة وكمال الإيمان مطلوبان شرعاً ، فما كان يستدعيهما فهو مطلوب كذلك .

التاسع : أن تعظيمه صلّىالله عليه وسلّم مشروع ، والفرح بيوم ميلاده الشريف بإظهار السرور وصنع الولائم والاجتماع للذكر وإكرام الفقراء من أظهر مظاهر التعظيم والابتهاج والفرح والشكر لله بما هدانا لدينه القويم وما منّ به علينا من بعثه عليه أفضل الصلاة والتسليم .

العاشر : يؤخذ من قوله صلّىالله عليه وسلّم في فضل يوم الجمعة وعدِّ مزاياه : ( وفيه خُلق آدم ) تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبيٍّ كان من الأنبياء عليهم السلام ، فكيف باليوم الذي وُلد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين .

ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً ، ولنوعه عموماً مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة شُكراً للنعمة وإظهاراً لمزية النبوة وإحياءً للحوادث التاريخية الخطيرة ذات الإصلاح المهم في تاريخ الإنسانية وجبهة الدهر وصحيفة الخلود ، كما يؤخذ تعظيم المكان الذي وُلد فيه نبيٌّ من أمر جبريل عليه السلام النبيَّ صلّىالله عليه وسلّم بصلاة ركعتين ببيت لحم ، ثم قال له : ( أتدري أين صلّيت ؟ قال : لا ، قال : صلّيتَ ببيت لحم حيث وُلد عيسى ) كما جاء ذلك في حديث شداد بن أوس الذي رواه البزّار وأبو يعلى والطبراني . قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد : ورجاله رجال الصحيح ، وقد نقل هذه الرواية الحافظ ابن حجر في الفتح وسكت عنها .

الحادي عشر : أن المولد أمرٌ استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ، وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه الموقوف ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح ) أخرجه أحمد .
__________________

بسم الله الرحمن الرحيم
المولد في الإسلام بين البدعة والإيمان
الشيخ هشام قباني
الغرض من هذا الكتاب
الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على نبيه ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هناك عيدين في الإسلام: عيد الأضحى وعيد الفطر، أما الاحتفالات الأخرى كالاحتفال بذكرى مولد الرسول ? فهي ليست إلزامية ولا ممنوعة. ومع ذلك وصلنا إلى وقت بتنا نسمع فيه الكثير من الانتقادات لهذا الاحتفال. ولم أشأ أن أتطرق إلى هذا الموضوع من قبل بسبب وجود قضايا أهم تشغل بال المسلمين في وقتنا الحاضر. فنحن نعيش في زمن يهدم فيه أعداء الإسلام أمة النبي ?من الداخل والخارج بلا رحمة، فيما يوجد القليل فقط من المؤمنين القادرين على مواجهتهم. وقد وصلنا إلى زمن جاهلية جديدة أضحت فيه الحقيقة سلعة، وبات الكذب هو الأصل.
نعيش اليوم في عصر يذبح فيه المسلمون في كل مكان. وقلوب المؤمنين تناجي الله عز وجل طالبة العون ليرسل إليهم من هو مؤيد بنصره وملائكته ليخلصهم من هاوية الجهل والقهر التي وقعوا فيها. وحيثما نظرنا نرى المسلمين يعذبون، ويقتلون ويؤذون لا لشيء إلا لقولهم «ربنا الله». وما يحدث في البوسنة وأذربيجان وكشمير وتايلندا وطاجكستان والجزائر، كما في كثير من أنحاء المعمورة لشواهد مرعبة على الطرق التي يعامل بها الإسلام والمسلمون، وبين الآلاف المؤلفة من العلماء ليس هناك سوى قلة منهم على استعداد لأن تدب الصوت وتطالب بالتغيير والعودة للشريعة وسنة المصطفى ?.
هذه هي حالنا، وفي هذا الوضع كنت متردداً لأن أبحث في أي موضوع قد يساء فهمه مما قد يثير فتنة بين المسلمين. فالله سبحانه وتعالى قد أمر في كتابه العزيز: ?واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا? (آل عمران: 103).
ومع ذلك نرى، وأكثر من أي مرة سابقة، أن ما يؤلم المسلمين ليس جميعه من تدبير أعدائهم. فمن بين أظهرنا تهاجم الأمة وتصاب إصابات بالغة من أناس معروفين لا نحب أن نسميهم. هم لا يحبذون مقارعة أعداء الدين لكنهم يجدون ضرورة في محاربة المسلمين والجماعات المؤمنة في العالم الإسلامي. لذلك وجدت لزاماً علي أن أعد العدة لكي أرد عن المؤمنين كيد هؤلاء المسلمين الذين لا هم لهم سوى إيجاد العيوب في إيمان المسلمين الآخرين بينما أعداء الأمة يمزقونها شر ممزق. وهم يجهدون في إيجاد أي نقطة يعتبرها أئمتهم موضع شك كعذر للازدراء والحط من إيمان المسلمين فيكيلوا إليهم نعوتاً من أمثال: مشركين، كافرين، مبتدعين. ولا يجدون أسهل من أن يبدلوا ما اتفق عليه أئمة المسلمين على مدى أربعة عشر قرناً ويسمونه: بدعاً، شركاً أو كفراً.
لذا، ومن أجل حماية المسلمين والمؤمنين من هكذا اتهامات خاطئة وغير مقبولة، خاصة في أميركا وكندا، حيث هناك ندرة في العلماء القادرين على الرد على هؤلاء الجهلة، وجدت لزاماً عليّ أن أعد هذا الرد. وإن شاء الله


فإني سأسرد الحقائق والبراهين على جواز الاحتفال بالمولد النبوي من القرآن والسنة واجتهاد أئمة المسلمين بنية الرد على انتقاد وتشكيك بعض العلماء الجهلة الذين يدّعون الإلمام بكل أمور الدين وكذلك من أجل مشاركة الآخرين بالفهم الذي أنعم الله به على علماء الإسلام الحقيقيين. وقبل أن نخوض في الشرح أود أن أطرح ثلاثة أمور:

1 – إن الاحتفال بذكرى مولد النبي? جائز، وأن الاجتماع للاستماع إلى السيرة والمدائح النبوية جائز، وإطعام الطعام وإدخال البهجة إلى قلوب الأمة في تلك المناسبة جائز.
2 - إن الاحتفال بالمولد النبوي يجب ألا يكون فقط يوم الثاني عشر من ربيع الأول بل يجب أن يقام في كل يوم من كل شهر وفي كل مسجد، لكي يشعر الناس بنور الإسلام ونور الشريعة تدخل في قلوبهم.
3 – ونقول بأن هذه التجمعات في المولد مفيدة ومنشطة لجهة دعوة الناس للإسلام وتعليم الأطفال أمور الدين، كما أن فيها فرصة ذهبية لا تعوض لكل الأئمة والدعاة لكي يرشدوا ويذكَروا الآمة المحمدية بأخلاقه وطريقة عبادته ومعاملته للناس. وهذه إحدى السبل لجعل الأطفال يحبون النبي ? ويذكرونه. عن طريق الحلوى والعصير والهدايا لإدخال البهجة إلى قلوبهم.

معنى الاحتفال بالمولد
إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو الاحتفال بالإسلام عينه، ذلك لأن النبي ? هو رمز الإسلام.
يقول الإمام متولي الشعراوي في كتابه "مائدة الفكر الإسلامي" ص 295، إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده.

الأدلة على أن الاحتفال بالمولد النبوي جائز
أثر الاحتفال بالمولد على الكفار
إن الابتهاج والاحتفال بيوم مولد النبي ? يعود بفائدة، بفضل الله ورحمته، حتى على الكافرين. وقد جاء في صحيح البخاري الذي ذكر في حديثه بأنه في كل يوم اثنين يطلق سراح أبي لهب من عذاب القبر لأنه أعتنق جاريته ثويبة عندما بشرته بخبر مولد النبي ?ه.
قال ابن كثير وهو من أئمة السلف في كتاب "البداية والنهاية" إن أول من أرضعته ? هي ثويبة مولاة أبي لهب وكان قد أعتقها حين بشرته بولادة النبي ?. ولهذا لما رآه أخوه العباس بعد موته في المنام بعدما رآه بشر خيبة، سأله: ما لقيت؟ قال: لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي لثويبة (وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع). وأصل الحديث في الصحيحين. وقد ذكر السهيلي وغيره أنه قال لأخيه العباس في هذا المنام: وإنه ليخفف عني في كل يوم اثنين.


احتفال النبي ? بالمناسبات التاريخية الكبرى
كان النبي ? دائم الربط بين المناسبات الدينية والأحداث التاريخية، وكلما مرت مناسبة هامة نبَه أصحابه للاحتفال بذلك اليوم والتأكيد على أهميته حتى لو كان الحدث قد تم في زمن سحيق. وهذا البدء يؤكده الحديث التالي من صحيح البخاري في كتاب الصوم باب 69 وكتاب الأنبياء باب 24 وابن ماجد ومالك في الموطأ والإمام أحمد: أن النبي ? قدم إلى المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه قوم فرعون، ونجى موسى، فنحن نصومه شكراً لله تعالى فقال: نحن أولى بصوم موسى منكم.

قال تعالى: صلوا على النبي ?
إن في إقامة ذكرى مولد النبي ? ما يحث على الثناء والصلاة عليه وهو واجب أمرنا الله تعالى بالقيام به:
?إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما? (الأحزاب:56)
فمجرد الاجتماع وذكر النبي ? يجعلنا نثني ونصلي عليه، فمن له ان يمنع الالتزام بواجب أمرنا الله به في كتابه العزيز. ولعمري ففي إنفاذ أمر من أمور الله نكتسب نوراً يملأ قلوبنا بفيض لا حد له. والجدير بالذكر أن هذا الأمر أتى بالجمع: إن الله وملائكته يصلون على النبي، كأنهم في اجتماع منعقد، فمن الخطأ الجسيم والحال هذه أن يقال بأن الصلاة على النبي ? يجب أن تكون على انفراد.

التكليف بالازدياد في حب النبي ? وتشريفه
يطلب الله من النبي ? بأن يذكّر أمته بأن على من يدعي حب الله عليه أن يحب نبيه أيضاً:
?قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله? 0(آل عمران: 31).
فالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف يعد من الالتزام بالتكليف بحب النبي ? وطاعته والإقتداء بسنته والفخر به لأن الله سبحانه وتعالى يفخر به في كتابه العزيز:
?وإنك لعلى خلق عظيم? (القلم: 4).
فحب النبي ? هو ما يميز المؤمنين في كمال إيمانهم. ففي حديث صحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله ? قال:
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين رواه البخاري ومسلم فكمال الإيمان يعتمد على حب النبي ? لأن الله تعالى وملائكته دائمون في تشريفه كما جاء في الآية السابقة: إن الله وملائكته يصلون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

مولد رسول الهدى
بقلم محمد الطواب


من أفضل الأعمال وأعظم القربات التى يتقرب العبد بها الى ربه و من البدع الحسنه التى ابتدعها السلف الصالح هى الاحتفال بذكرى مولد الهادى سيد الكونين وخاتم الأنبياء و المرسلين نبي الرحمه سيدنا و مولانا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لما يجرى فيها من تعظيم لشعائر الله تعالى، كما جاء في الذكر الحكيم "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"

وبداية من القرن الرابع والخامس حرص السلف الصالح على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه وذلك بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع التقرب الى الله تعالى من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار والمدائح في رسول الله عليه الصلاة و السلام، وذكر الكثير من المؤرخين مثل ابن الجوزي وابن كثير، و ابن دحية الأندلسي، و ابن حجر، والعلامه جلال الدين السيوطي عليهم رحمة الله .و اكدوا على استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف و بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل بحيث بما لا يدع اى فرصه لمنكر او معترض على جواز او شرعية او وجوب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف.

يقول العلامه جلال الدين السيوطي في كتابه "حسن المقصد في عمل المولد الذي ألفه في استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، قال رحمه الله تعالى ردا على سؤال احدهم عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول .. ما حكمه من حيث الشرع ، وهل هو محمود أو مذموم ، وهل يثاب فاعله ؟ قال السيوطى رحمه الله :" والجواب عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه و ينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من( البدع الحسنة) التي يثاب عليها صاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف و يذكر ان أبو الخطاب بن دحية، له مجلدا في المولد النبوي سماه(( التنوير في مولد البشير النذير)) وهو من اشهر الكتب التى افردت للاحتفال بالمولد النبوي وقد رد السيوطي يوما على من قال(( لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة)) ، بقوله الشهير : (( نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود)) وبين أن أبا الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى قد استخرج له أصلا من السنة ، واستخرج له السيوطي ايضا- أصلا ثانيا موضحا أن البدعة المذمومة هي التي(( لا تدخل تحت دليل شرعي)) في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة روى البيهقي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال )) المحدثات من الأمور ضربان : أحدهما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد وهذه محدثة غير مذمومة.))

وقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه في قيام شهر رمضان نعم البدعة هذه ، يعني أنها محدثة ولم تكن موجوده من قبل ، ولكنها بدعه حسنه و لاتخالف شرعا اوقرآنا ولا سنه و قال السيوطي:" ان عمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع ، فهي تعتبر غير مذمومة

يقول الامام الشافعي عن الاحتفال بالمولد : وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول ، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان، فهو إذن من البدع المندوبة كما عبر عنه بذلك العلامه العز ابن عبد السلام" وأصل الاجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة، لأن ولادته أعظم النعم علينا والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، وهذا ما رجحه ابن الحاج في المدخل حيث قال :"لأن في هذا الشهر من الله تعالى علينا بسيد الأولين والآخرين، فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير وشكر المولى على ما أولانا به من النعم العظيمة" والأصل الذي استند اليه الحافظ ابن حجر فى رأيه فى عمل المولد النبوي هو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء الى المدينه ووجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى وكلنا يعرف ماقاله نبينا فى ذلك واقدامه على الاحتفاء بهذه النعمه وشكره لله على نجاة موسى عليه السلام ، قال بن حجر:" فيستفاد منه فعل شكر الله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله على نعمه يكون بالاكثار فى العبادات كالسجود والصيام والصدقة وتلاوة القرآن، وأي نعمة أعظم من نعمة مولد هذا النبي محمدا نبي الرحمة في ذلك اليوم ويؤكد ابن حجر على ما ينبغي عمله في الاحتفال فيقول:" فينبغي أن نقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة وما كان مباحا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به"

أما الإمام السيوطي فالأصل الذي ذهب اليه للتأكيد على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ، هو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عق (( عقيقه)) عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي عليه الصلاة و السلام إظهار للشكر على إيجاد الله تعالى إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته، كما كان يصلي على نفسه لذلك فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من مظاهر التقرب الى الله و شكره على بعثه لنبيه الكريم و لامانع من إظهار المسرات لذلك دونما ابتذال او خروج على الشرع . ونقل السيوطي عن شمس الدين ابن الجزري من كتابه ((عرف التعريف بالمولد الشريف)) قوله : إنه صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في النار كل ليلة اثنين لإعتاقه ثويبة عندما بشرته بولادة النبي عليه الصلاة والسلام. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي عليه السلام، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنة النعيم.

أن الاحتفال له اسمى المعاني و المقاصد الكريمه التى يراد منها و بها تعريف اطفالنا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقدره العظيم الذي يحاول بعض المارقين و المجانين فى الغرب تقليل ذلك القدر و محاوله اظهاره فى صور مسيئه لاستفزاز المسلمين بين الحين و الاخر . نسأل الله أن ننال شفاعته والقرب منه لينير لنا ظلمات يوم القيامة إنه سميع مجيب.

ويجب ان نؤكد هنا على ان الاحتفال يجب ان لا يتطرق فيه البعض الى الغلو فى مدح الرسول الذى قد يصل بهم و العياذ بالله الى التضرع اليه و اتخاذه وسيطا بينهم و بين ربهم او اظهار الفاقه و الاضطرار اليه و سؤاله فيما لا يجب الا يطلب الامن الله سبحانه و تعالى وهذا هو الشرك بعينه .

وايضا يجب الا نعتبره عيد شرعيا لان اعياد المسلمين هى الفطر و الاضحى فقط ولايجب الا يزيد عن كونه احتفاءا و تعبيرا عن فرحتنا وشكرنا لله حمده على انعامه على البشريه بميلاد نبيه الكريم الذى ارسل رحمة للعالمين ..
الاحتفال بالذكرى العطره ليس باقامة المهرجانات و السرادقات و اماكن اللهو و العاب النشان و المارجيح و شراء الحلوى بانواعها الحمصيه و السمسميه و الملبن او العروسه للبنت و الحصان للولد .

الاحتفال بالذكرى العطره ليس بذلك العدد الضئيل و الحمدلله من الافلام المخجله التى يصر تليفزيوننا على اذاعته كل عام والذى يصور احدها اخت الرسول بأنها مطربه تغنى و تتمايل وسط الرجال ..للاسف يعتبرونه احتفالا بذكرى ميلاد الحبيب.

الاحتفال بذكرى الحبيب الذى لا يحتاج منا تحديدا ليوما بعينه للاحتفال به لا يجب ان تقتصر على يوم واجدا فى العام لاننا نحتفل به جميعا كل يوم عشرات المرات فى اذكارنا فى الصباح و المساء ونصلى عليه فى صلواتنا الخمس كل يوم ..
صلاة وسلاما على حبيبنا و نبينا و شفيعنا يوم القيامه ..الصادق الامين الشفيع النذير المختار المصطفى محمد بن عبد الله نبى الله ورسوله الكريم ......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ



عمرو - الجزائر الاسم
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف العنوان
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ؟ وكيف نحتفل به ؟ وهل كان سلف الأمة يحتفلون به ؟ السؤال
29/03/2007 التاريخ
الشيخ عبد الحليم محمود - رحمه الله المفتي

الحل

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :

فيقول الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
الاحتفال بالمولد النبوي سُنَّة حسنة من السُّنن التي أشار إليها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: "ومَنْ سنَّ سُنَّة حسنة فله أجرُها وأجرُ مَنْ عَمِل بها، ومَنْ سنَّ سُنَّةً سيئة فعليه وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عَمِل بها"، وذلك لأنَّ له أصولًا ترشد إليه وأدلة صحيحة تسوق إليه، استنبط العلماء منها وجه مشروعيته. ومن هذه الأدلة ما يأتي:

1. سئل ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن صوم الاثنين فقال: "فيه وُلِدْتُ، وفيه أُنْزِل عليَّ". رواه مسلم ، فجعل ولادته في يوم الاثنين سببًا في صومه .

2. سئل ابن حجر عن هذا المولد فكان مما قال : "وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما يثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق اللهُ فيه فرعونَ ونجَّي موسي، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنَّ به في يوم من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة" .

والشكر لله يحصل على أنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ـ وأيُّ نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم.

أما التاريخ الذي ابتدء به هذا الاحتفال فقد قال السيوطي:
إن أول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زيد الدين علي ابن بكتين، أحد الملوك الأمجاد والكبراء والأجداد، وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قيسون، وكان ذلك في القرن السابع.

ولا يعني ترك السلف لهذا العمل الصالح مخالفتَه للشرع؛ لأن السلف الصالح كان عندهم من اليقظة الدينية وحبِّ النبي الكريم ما يُغنيهم عن التذكير بيوم مولده للاحتفال.



وقد كانت الموالد كلها فيما مضى من نشأتها طاعة لله ـ عزَّ وجلّ ـ القصد منها الطعام وذكر الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وتعريف المسلمين بفضائل نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحثهم على متابعته، أمَّا ما يحدث في الموالد اليوم مما ينافى الاحتفال بهذه الذكرى مِنْ لَهْوٍ واختلاط النساء بالرجال، وانتشار المفاسد والموبقات، والإقبال على المحرمات ، وصرف عن طاعة الله، وطاعة رسوله ومقارفة للمعاصي إلا قليلًا من المحافظين على حرمات دينهم، فلم يكن له وجود فيما مضى، والموالد بحاجة إلى رعاية وتقويمٍ وفرض عقوبات على كل مستهتر بدينه لا يرعى لله ولا لرسوله حرمة .



ومما ينبغي التنبيه إليه أن الاحتفال بمولد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينبغي أن يكون باستعراض سُنَّته، والتذكير بدعوته، والاسترشاد بِهَديه، وأن يكون بالإكثار من العبادة والذكر والصدقة في سبيل الله .

والله أعلم .


نقلا عن موقع الاسلام اون لاين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ









عرض البوم صور ابو احمد الرفاعي   رد مع اقتباس
قديم 17 / 03 / 2008, 36 : 01 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 4.91 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

اولا مرحبا بك ضيفا عزيزا ثانيا بارك الله فيك ردود جميلية ولاكنها غير قوية وليست في محلها ويخشى على قائلها والعياد بالله الجهل والفهم الخاطئ على اصحابها لدا اعلم رحمك الله اخي الكريم وانظر واستوعب في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم نظر الله امرءا سمع مقالتي فاوعاها فاداها كما سمعها والحديث صحيح ثانيا من العجيب اخي الكريم ان تاتي باقوال وفي جعبتك ان كنت من متتبعي الاثر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم والدال على الشر كافاعله لانطيل الكلام فيما لافائدة منه ونختصر فنبدء برد الشبهة الاولى واسال الله التوفيق وان يرزقنا واياكم الاخلاص في القول والعمل وان يبصرك باالحق اخي الكريم فانه يخشى على اخواني في الله يوم الحشر ان يكونا من الدين يقال لهم سحقا سقا لاتدري مااحدثوا بعد انهم بدلوا وغيروا اليك الجواب الاول اخي الكريم اليك رد سماحة الوالد العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
السؤال : الأخ أ . م . م من الكويت يقول في سؤاله : ذكر أحد العلماء أن الإمام ابن تيمية - رحمه الله - يستحسن الاحتفال بذكرى المولد النبوي فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ ؟

الجواب : الاحتفال بالمولد النبوي - على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم - بدعة لا تجوز في أصح قولي العلماء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله ، وهكذا خلفاؤه الراشدون ، وصحابته جميعًا - رضي الله عنهم - ، وهكذا العلماء وولاة الأمور في القرون الثلاثة المفضلة ، وإنما حدث بعد ذلك بسبب الشيعة ومن قلدهم ، فلا يجوز فعله ولا تقليد من فعله ، والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية - رحمه الله - ممن ينكر ذلك ويرى أنه بدعة .

ولكنه في كتابه : " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " ذكر في حق من فعله جاهلاً ، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بمن فعله من الناس أو حبذ فعله أو دعا إليه كمحمد علوي مالكي وغيره لأن الحجة ليست في أقوال الرجال وإنما الحجة فيما قال الله سبحانه أو قاله رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، أو أجمع عليه سلف الأمة ، لقول الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً . سورة النساء ، ( الآية : 59 ) .

وقوله سبحانه : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ . الآية . سورة الشورى ، ( الآية : 10 ) .

وقوله سبحانه : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا . سورة الأحزاب ، ( الآية : 21 ) .

وهو - عليه الصلاة والسلام - لم يفعل ذلك ، وقد بلغ البلاغ المبين بأقواله وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - ، وأصحابه - رضي الله عنهم - لم يفعلوا ذلك ، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه .

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) . متفق على صحته .

وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) . أخرجه مسلم في " صحيحه " .

وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه : ( أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) . أخرجه مسلم في صحيحه .

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وقد كتبت في ذلك كتابة مطولة بعض الطول ، وفي بدع أخرى كبدع الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، وليلة النصف من شعبان ، وقد طبعت كلها في كتيب بعنوان : " التحذير من البدع " ، وهو يوزع من دار الإفتاء ومن وزارة الشؤون الإسلامية ، وهو موجود في كتابي بعنوان : " مجموع فتاوى ومقالات " في المجلد الأول : ( ص 227 ) ، فمن أحب أن يراجع ذلك فليفعل .

ونسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لمعرفة الحق واتباعه ، وأن يعيذنا جميعًا من البدع والمنكرات ما ظهر منها وما بطن .

إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .


سماحة الوالد الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز
" مجموعة فتاوى ومقالات " : (9/211)
وإليك قول الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية - رحمه الله - الصريح الواضح حيث يتبين انه ممن ينكر ذلك ويرى أنه بدعة .
-قال رحمه الله تعالى - في بدعية ( المولد ) : ( وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية : كبعض ليالي شهر ربيع الأول - التي يقال‏ :‏ أنها ليلة المولد - ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال - الذي يسميه الجهال ‏:‏ عيد الابرار - ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم‏ ) . " مجموع الفتاوى " : (25/298) .
ويتبع الموضوع ان شاء الله لكي يفهم القارئ ولا نشرده بكتابة كثير الكلام حتى يمل مما فعلته انت ووفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 17 / 03 / 2008, 46 : 01 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 4.91 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

نتابع ان شاء الله بيان هاده الشبهات الباطلة بتوفيق الله ومنه وفضله سائلين الله تبارك وتعالى ان يرزقنا الاخلاص في القول والعمل اخي الكريم فيما يخص استدلاك بالقصة في صحيح البخاري نصيحة لك ان تطلب العلم واليك الكلام حول هدا الحديث ولعلك ستقتنع ان شاء الله ببطلان هاده الاقوال التي لاتصدر من عاقل فاهم واليك الرد
فقد جاء في البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل يوم الاثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشّرته بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلّم .
هذا الأثر يروى عن عروة مرسلاً
كما في صحيح البخاري: قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهبٍ أعتقها فأرضعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أُرِيه بعض أهله بشرِّ حِيبةٍ، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة"([1]).
والمرسل ضعيف لا تقوم به حجة.
وقد استدل بهذا الخبر فيمن استدل به ابن الجزري إمام القرَّاء المشهور في كتابه (عرف التعريف بالمولد الشريف)، نقل السيوطي كلامه عقب ذكره لهذا الخبر حيث قال: "فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جُوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم به، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم؟! لعمري إنّما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنّات النعيم" ولم يعقّب عليه السيوطي بشيء.
وقال صاحب رسالة (حول الاحتفال): "فقد جاء في البخاري أنه يخفف عن أبي لهبٍ كلَّ يوم اثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لماّ بشرته بولادة المصطفى صلى الله عليه وسلم" فأوهم بكلامه هذا أنّ الخبر صحيح لوروده في أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل، وأوهم كذلك أنّ في الخبر الذي ساقه البخاري أنّه يخفف عن أبي لهب كلّ يوم اثنين، والذي يرجع إلى الصحيح لا يجد هذا الكلام.
وبعد بيان سقوط هذا الخبر من حيث عدم ثبوته؛ لا يبقى بعد ذلك أيُّ داعٍ إلى مناقشة المستدلين به، إلاّ أنّه على فرض كونه متصلاً لا يصح الاحتجاج به لأمور عدة:
أولها: أنّ هذا منام، والمنامات لا حجّة فيها، فكيف تشرع العبادات عن طريقها، قال ابن حجر: "النائم لو رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمره بشيء، هل يجب عليه امتثاله ولا بد أو لا بد أن يعرضه على الشرع الظاهر؟ فالثاني هو المعتمد" هذا في رؤيا مسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فكيف في رؤيا كافر لكافر([2]).
الثاني: أنّ فيه على فرض اتصاله أنّ الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة؛ لكنه لا يقوى على مخالفة ظاهر قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً} [الفرقان:23]، ولا على تخصيصه، والعمل لا يثاب عليه إلا إن كان بقصد القربة، وهي لا تحصل من الكافر، قال القاضي عياض: "انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذاباً من بعض"([3]).
الثالث: أنّ ما فيه من إعتاق أبي لهب لثويبة قبل إرضاعها للنبي صلى الله عليه وسلم مخالف لما عند أهل السير من أنّ إعتاق أبي لهب إيّاها كان بعد ذلك الإرضاع بدهر طويل، أشار إلى ذلك ابن حجر في فتح الباري([4])، وأوضحه في الإصابة ([5]).
وقد أورد ابن سعد في طبقاته مرسل عروة هذا وعقَّب عليه قائلاً: "وأخبرنا محمد بن عمر عن غير واحد من أهل العلم قالوا: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلها وهو بمكة، وكانت خديجة تكرمها وهي يؤمئذ مملوكة، وطلبت إلى أبي لهب أن تبتاعها منه لتعتقها فأبى أبو لهب، فلمّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أعتقها أبو لهب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إليها بصلة وكسوة، حتى جاءه خبرها أنّها توفيت سنة سبع مرجعه من خيبر، فقال: ((ما فعل ابنها مسروح؟)) فقيل: مات قبلها"([6]).
قال ابن عبد البر في السيرة النبوية بعد أن ذكر إرضاع ثويبة للرسول صلى الله عليه وسلم: "وأعتقها أبو لهب بعدما هاجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة"([7]).
وقال ابن الجوزي: "وكانت ثويبة تدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما تزوج خديجة، فيكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكرمها خديجة، وهي يومئذ أمة، ثم أعتقها أبو لهب".
وممّا سبق يتبين أنّه لم يثبت من طريق صحيح أنّ أبا لهب فرح بولادة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أن ثويبة بشرته بولادته، ولا أنّه أعتق ثويبة من أجل بشارتها إياه بولادة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أنه يخفف عنه كل يوم اثنين بسبب ذلك، كلّ ذلك لم يثبت، ومن ادَّعى شيئًا من ذلك فعليه إقامة الدليل على ما ادَّعاه، ولن يجد إلى الدليل الصحيح سبيلاً.









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 17 / 03 / 2008, 28 : 02 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
حنان
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية حنان


البيانات
التسجيل: 05 / 12 / 2007
العضوية: 1
المشاركات: 1,967 [+]
بمعدل : 0.32 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 404
نقاط التقييم: 30
حنان is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
حنان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

نصُ بيانِ هيئةِ كبارِ العلماءِ في محمد علوي مالكي

بيان هيئة كبار العلماء بالضال محمد علوي المالكي ، ونص قرارها المرقم 86 في 11|11|1401 هـ في الدورة السادسة عشرة المنعقدة بالطائف في شوال عام 1400 هـ :

نظر مجلس هيئة كبار العلماء فيما عرضه سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، مما بلغه من أن لمحمد علوي مالكي نشاطاً كبيراً متزايداً في نشر البدع والخرافات ، والدعوة الى الضلال والوثنية ، وأنه يؤلف الكتب ويتصل بالناس ، ويقوم بالأسفار من أجل تلك الأمور ، واطلع على كتابه الذخائر المحمدية ، وكتابه الصلوات المأثورة ، وكتابه أدعية وصلوات ، كما استمع الى الرسالة الواردة الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، من مصر ، وكان مما تضمنته :

( وقد ظهر في الأيام الأخيرة طريقة صوفية في شكلها لكنها في مضمونها من أضل ما عرفناه من الطرق القائمة الآن ، وإن كانت ملة الكفر واحدة.

هذه الطريقة تسمي ( العصبة الهاشمية والسدنة العلوية والساسة الحسنية الحسينية ) ويقودها رجلٌ من صعيد مصر يسميه أتباعه ( الإمام العربي ) وهو يعتزل الناس في صومعة له ويمرون عليه صفوفاً ويسلمون عليه ، ويحدثونه ويمنحهم البركات ، ويكشف لهم المخبوء بالنسبة لكل واحد ، وهذا كله من وراء ستار ، فهم يسمعون صوته ولا يرون شكله ، اللهم إلا الخاصة من أحبابه وأصحابه ، فهم المسموح لهم بالدخول عليه ، وعددهم قليل جداً ، وهو لا يحضر مع الناس الجمع ، ولا الجماعات ، ولا يصلي في المسجد الذي بناه بجوار صومعته ، ويعتقد أتباعه أنه يصلي الفرائض كلها في الكعبة المشرفة جماعة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.

ويعتقدون كذلك أنه من البقية الباقية من نسل الأئمة المعصومين ، وأن المهدي سيخرج بأمره ، وقد أنشأ لطريقته فروعاً في بعض مدن مصر ، يجتمع روادها فيها على موائد الأكل والشرب والتدخين ، ويأمرون مريديهم بحلق اللحي ، وعدم حضور الجماعة في المساجد ، وذلك تمهيداً لاسقاط الصلاة نفسها ، ويخشى أنهم امتداد لحركة باطنية جديدة ، فإن هناك وجه شبه بينهم وبين خصائص الباطنية ، فإنهم بالاضافة الى ما سبق محظور على أتباعهم إذاعة أسرارهم والسؤال عن أي شيء يرونه من شيوخهم ، كذلك الإسم الذي سموا به حركتهم والشعار الذي اتخذوه لها هو ( فاطمة علي الحسن الحسين ) ومما يؤيد هذا الظن أنهم يجاورون الضاحية التي دفن فيها ( أغا خان ) زعيم الاسماعيلية حيث لا تنقطع أتباع الاسماعيلية عن زيارة قبره ، والإتصال بالناس هناك ، وقد دفن أغا خان في مصر لهذه الغاية ، وقد ازداد أمر هؤلاء في نظرنا خطورة حين علمنا أن لهم اتصالات ببعض أفراد السعودية ، وقد هيأت لبعض أتباعهم فرص عمل في المملكة عن طريق هؤلاء الأفراد الذين لم نتعرف على أسمائهم بعد ، نظراً للسرية التي يحيطون بها حركتهم ، ونحن في سبيل ذلك إن شاء الله.

ولكن الذي وقفنا عليه وعرفناه يقيناً لا يقبل الشك أن الشيخ ( محمد بن عباس المالكي المكي الحسني ) يتصل بهم اتصالاً مباشراً ويزور شيخهم المحتجب ويدخل عليه ويختلي به ويخرج من عنده بعد ذلك طائفاً بأتباعه في البلاد ، متحدثاً معهم محاضراً فيهم خطيباً بينهم ، كأنه نائب عن الشيخ المزعوم ، ثم يختم زيارته بالتوجه الى ضريح أبي الحسن الشاذلي الشيخ الصوفي المعروف ، المدفون في أقصى بلاد مصر ، ومعه بطانةٌ من دهاقنة التصوف في مصر ، وهو ينشر بينهم مؤلفاته التي اطلعنا على بعضها فاستوقفنا منها كتابه المسمى ( الذخائر المحمدية ) وتحت يدي الآن نسخة منه بل الجزء الأول ، وهو يقع في 354 صفحة من الحجم الكبير ذيالطباعة الفاخرة ، وطبع بمطبعة حسان بالقاهرة ، ولا يوزع عن طريق دار نشر وإنما يوزع بصفة شخصية ، وبلا ثمن.

والذي يقرأ هذا الكتاب يجد المؤلف هداه الله قد أورد فيه كل المعتقدات الباطلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن بطريق ملتوٍ فيه من المكر والدهاء ما فيه ، حتى لا يؤخذ على المؤلف خطأ شخصي ، فهو يذيع تلك العقائد ويشيعها عن طريق النقل من بعض الكتب التي أساءت الى الإسلام في عقيدته وشريعته ، والتي وصلت برسول الله صلى الله عليه وسلم الى درجة من الغلو ، ما قال بها كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بل ورد بشأنها النهي الصريح عن مثل هذا الزيغ والزيف والضلال )

ثم ذكر أمثلة مما جاء في الكتاب من الضلال وختم رسالته بقوله ( نحن إنما نهتم بتعقب مثل هذه الأخطاء والخطايا من أجل أن ننبه الى خطورتها وخطرها من باب نصح المسلمين وإرشادهم وتحذيرهم مما يخشى منه على العقيدة الصحيحة والايمان الحق.

وإنما نكتب لكم به كذلك لتتصرفوا حياله بما فيه الخير للاسلام والمسلمين ، فكما أن مصر مستهدفة من أعداء الإسلام بحكم عددها وعدتها وإجماعها من حيث الأصل على السنة ، فإن السعودية مستهدفة بنفس القدر إن لم يكن أكثر بحكم موقعها من قلوب المسلمين ، وبحكم عقيدتها القائمة على حماية جناب التوحيد ، وعلى توجيه الناس الى السنة الصحيحة ، واهتمامها بنشر هذه العقيدة في كل مكان.

فلا أقل من أن ننبه الى بعض مواطن الخطر لتعملوا على درئه ما استطعتم ، والظن بكم بل الاعتقاد فيكم سيكون في محله إن شاء الله ، فإن الأمر جد خطير كما رأيتم ، من بعض فقرات الكتاب. أهـ ).

وقد تبين للمجلس صحة ما ذكر من كون محمد علوي داعية سوء ويعمل على نشر الضلال والبدع وأن كتبه مملوءة بالخرافات والدعوة الى الشرك والوثنية.

ورأى أن يعمل على إصلاح حاله وتوبته من أقواله ، وأن يبذل له النصح ويبين له الحق ، واستحسن أن يحضر المذكور لدى سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد ، رئيس المجلس الأعلى للقضاء ، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد ، ومعالي الشيخ سليمان بن عبيد ، الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين ، لمواجهته بما صدر منه من العبارات الالحادية والصوفية ، وإسماعه الكتاب الوارد من مصر ومعرفة جوابه عن ذلك ، وما لديه حول ما ورد في كتبه.

وقد حصل هذا الاجتماع المذكور في المجلس الأعلى للقضاء يوم الخميس الموافق 17 |10| 1400 هـ.

وأعد محضر بذلك الاجتماع تضمن إجابته بشأن تلك الكتب ، وما سأله عنه المشايخ مما جاء فيها. وجاء في المحضر الذي وقع فيه أن كتاب الذخائر المحمدية وكتاب الصلوات المأثورة له. أما كتاب أدعية وصلوات فليس له ، وأما الرجل الصوفي الذي في مصر فقد قال إنه زاره ومئات من أمثاله في الصعيد ، ولكنه ليس من أتباعه ويبرأ الى الله من طريقته ، وأنه لم يلق محاضرات في مصر ، وأنه أنكر عليه وعلى أتباعه ، وقد ذكر للمشايخ أنه له وجهة نظر في بعض المسائل ، أما الأمور الشركية فيقول إنه نقلها عن غيره ، وأنها خطأ فاته التنبيه عليه.

ولما استمع المجلس الى المحضر المذكور وتأكد من كون الكتابين له ، وعلم اعترافه بأنه جمع فيها تلك الأمور المنكرة ، ناقش أمره وما يتخذ بشأنه ، ورأى أنه ينبغي جمع الأمور الشركية والبدعية التي في كتابه الذخائر المحمدية مما قال فيها أنه خطأ فاته التنبيه عليه ، وتطبق على المحضر ، ويكتب رجوعه عنها ويطلب منه التوقيع عليه ، ثم ينشر في الصحف ويذاع بصوته في الاذاعة والتلفزيون ، فإن استجاب لذلك وإلا رفع لولاة الأمور لمنعه من جميع نشاطاته في المسجد الحرام ، ومن الاذاعة والتلفزيون ، وفي الصحافة ، كما يمنع من السفر الى الخارج ، حتى لا ينشر باطله في العالم الاسلامي ، ويكون سبباً في فتنة الفئام من المسلمين.

وقد قامت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بقراءة كتابيه المذكورين اللذين اعترف أنها له ومن إعداده وتأليفه ، وجمع الأمور الشركية والبدعية التي فيها وإعداد ما ينبغي أن يوجه له ، ويطلب منه أن يذيعه بصوته ، وبعث له عن طريق معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 2788 وتاريخ 12| 11|1400 هـ ، فامتنع عن تنفيذ ما رآه المجلس ، وكتب رسالة ضمنها رأيه ، ووردت الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد مشفوعةً بكتاب معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين ، رقم 2053|19 وتاريخ 26|12|1400 هـ.

وجاء في كتاب معاليه أنه اجتمع بالمذكور مرتين ، وعرض عليه خطاب سماحة الشيخ عبد العزيز ، وما كتبه المشائخ ، ولكنه أبدى تمنعاً عما اقترحوه ، وأنه حاول اقناعه ولم يقبل ، وكتب إجابة عما طلب منه مضمونها التصريح بعدم الموافقة على إعلان توبته .

وفي الدورة السابعة عشرة المنعقدة في شهر رجب عام 1401 هـ . في مدينة الرياض ، نظر المجلس في الموضوع وناقش الموقف الذي اتخذه حيال ما طلب منه ورأى أن يحاط ولاة الأمور بحاله والخطوات التي اتخذت لدفع ضرره وكف أذاه عن المسلمين ، وأعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بياناً يشتمل على جملة من الأمور الشركية والبدعية الموجودة في كتابه الذخائر المحمدية منها :

1 ـ نقل في ص 265 من الأبيات التي جاء فيها :
ولما رأيت الدهر قد حارب الورى * * * جعلـت لنفسي نعـل سيده حصنا
تحصنت منه فـي بديع مـثـالها * * * بسـورٍ منيعٍ نلت فـي ظله الأمنا

2 ـ نقل قصيدة للبكري في الصفحتين 158 ـ 159 تتضمن أنواعاً من الشرك الأكبر وفيها إعراض عن الله عز وجل قال فيها :
ما أرسل الرحمن أو يرسل * * * مـن رحمة تصعد أو تنزلُ
فــي ملكوت الله أو ملكه * * * من كل ما يختص أو يشمل
إلا وطـَه المصطفى عبده * * * نـبـيـه مـختاره المرسل
واسـطـة فيها وأصل لها * * * يـعـلـم هذا كل من يعقل
فلذ به مـن كل ما تشتكي * * * فـهـو شـفـيع دائماً يقبل
ولذ به مـن كل ما ترتجي * * * فـإنه الـمـرجـع والموئل
وناده إن أزمةٌ أنـشـبـت * * * أظفارها واسـتحكم المعضل
يـا أكـرم الخلق على ربه * * * وخـيـر من فيهم به يسأل
كم مسني الكرب وكم مرةً * * * فرجت كـربـاً بعضه يذهل
فـبالذي خصك بين الورى * * * بـرتـبـةٍ عنها العلا تنزل
عـجل بإذهاب الذي أشتكي * * * فإن توقفت فـمـن ذا أسأل

3 ـ ذكر في ص 25 : أن ليلة مولده صلى الله عليه وسلم أفضل من ليلة القدر. وهذا خطأ واضح ، فليلة القدر أفضل الليالي بلا شك.

4 ـ ذكر في الصفحات الثالثة والأربعين والرابعة والأربعين والخامسة والأربعين قصيدةً لابن حجر الهيثمي فيها إثبات حياة النبي صلى الله عليه وسلم على الاطلاق ، وأنه يصلي الصلوات الخمس ويتطهر ، ويجوز أن يحج ويصوم ، ولا يستحيل ذلك عليه وتعرض عليه الأعمال.

ونقل عن الهيثمي استجارته بالرسول صلى الله عليه وسلم وأقره على ذلك ، والاستجارة بغير الله نوعٌ من الشرك الأكبر.

5 ـ أورد في ص 52 ـ ما نصه : من استغرق في محبة الأنبياء والصالحين حمله ذلك على الإذن في تقبيل قبورهم والتمسح بها ، وتمريغ الخد عليها. ونسب أشياء من ذلك الى بعض الصحابة ، وأقر ذلك ولم ينكره ، مع أن تلك الأمور من البدع ووسائل الشرك الأكبر ، ونسبتها الى بعض الصحابة باطلة.

6 ـ ذكر في ص 60 : أن زيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم من كمال الحج ، وأن زيارته عند الصوفية فرضٌ ، وأن الهجرة الى قبره عندهم كالهجرة اليه حيا. وأقر ذلك ولم ينكره.

7 ـ ذكر عشر كرامات لزائر قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها رجم بالغيب وقول على الله بلا علم .

8 ـ دعا الى الاستجارة به صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به عند زيارته فقال ما نصه ( ويتأكد بتجديد التوبة في هذا الموقف الشريف وسؤال الله تعالى أن يجعلها لديه نصوحاً ، والاستشفاع به صلى الله عليه وسلم في قبولها والاكثار من الاستغفار والتضرع بتلاوة الآية المذكورة ، وأن يقول بعدها وقد ظلمت نفسي ظلما كثيراً ، وأتيت بجهلي وغفلتي أمراً كبيراً ، وقد وفدت عليك زائراً وبك مستجيراً.

ص 100 : ومعلوم أن الاستشفاع والاستجارة به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من أنواع الشرك الأكبر.

9 ـ ذكر في ص 10 ـ شعراً يقال مع الدعاء عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ومنه :
هذا نزيلك أضحى لا ملاذ له * * * إلا جنابك يا سؤلي ويا أملي
ومنه :
ضيف ضعيف غـريب قد أناخ بكم * * * ويستجيـر بكم يـا سـادة العـرب
يا مكرم الضيف يـاعون الزمان ويا * * * غوث الفقير ومرمى القصد والطلب

ونقل عن بعضهم في ص 102 شعراً تحت عنوان فضائل نبوية قرآنية :
أترضى مع الجاه المنيع ضياعنا * * * و نحن الـى أعتاب بابك ننسب
أفضهـا علينـا نفحـة نبويـة * * * تلـم شتـات المسلميـن وترأب

وهذه الأبيات الخمسة من الشرك الأكبر والعياذ بالله.

10 ـ نقل في ص 54 : بيتاً من الهمزية هو :
ليته خصني بـرؤية وجـه * * * زال عن كل من رآه العناء

وهذا كذبٌ وباطلٌ ، وقد رآه في حياته عليه الصلاة والسلام أقوامْ كثيرون ، فما زال عنهم عناؤهم ولا كفرهم .

11 ـ نقل في ص 157 غلوا في نعال الرسول صلى الله عليه وسلم في البيتين التاليين :
علـى رأس هذا الكـون نعـل محمد * * * سمـت فجميع الخلق تـحت ظلالـه
لـدي الطـور مـوسي نـودي اخلع * * * وأحمد الى العرش لم يؤمر بخلع نعاله

12 ـ ذكر في ص 166 قصيدة شركية للشيخ عمر الباقي الخلوتي منها :
يا ملاذ الورى وخير عيان * * * ورجـاء لكـل دان قصي
لك وجهي وجهت يا أبيض * * * الوجه فوجه اليه وجه الولي

13 ـ نقل في كتابه الذخائر المحمدية ص 284 عن ابن القيم من كتابه جلاء الأفهام ما يوهم أن الطريق الى الله والى جنته محصور في اتباع أهل البيت يعني أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وتصرف في كلام ابن القيم فلم ينقله على حقيقته ، لأن ابن القيم في كتابه المذكور تكلم على ابراهيم الخليل وآله من الأنبياء ، وذكر أن الله سبحانه بعث جميع الأنبياء بعد ابراهيم من ذريته ، وجعل الطريق اليه مسدوداً إلا من طريقهم ، ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فترك الشيخ محمد علوي مالكي نقل أصل كلام ابن القيم رحمه الله وتصرف فيه ، فنقل ما يوهم القراء أن المراد أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يخفي أن هذا الرأي هو مذهب الرافضة الاثني عشرية ، وأنهم يرون أن الأحاديث الواردة من غير طريق أهل البيت لا يحتج بها ولا يعمل بها ولو كان الراوي لها أبا بكر الصديق أو عمر أو عثمان وتدليسٌ شنيعٌ أراد به تحقيق مقصد سيئ خطير.

ومثل ما تقدم ما ذكره في الصفحتين الرابعة والخامسة من كتابه الصلوات المأثورة حيث يقول من جملة الدعاء الذي نقله ( وانشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة ) وقوله : ( ولا شيء إلا هو به منوط ) يعني بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد رفع البيان الى صاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء مشفوعاً بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 1280|2 وتاريخ 28|7|1401 هـ.

وفي الدورة الثامنة عشرة للمجلس ـ المنعقدة في شهر شوال عام 1401 هـ. أعيدت مناقشة موضوعه بناء على ما بلغ المجلس من أن شره في ازدياد ، وأنه لا يزال ينشر بدعه وضلالاته في الداخل والخارج ، فرأى أن الفساد المترتب على نشاطه كبير ، حيث يتعلق بأصل عقيدة التوحيد التي بعث الله الرسل من أولهم الى آخرهم لدعوة الناس اليها ، وإقامة حياتهم على أساسها ، وليست أعماله وآراؤه الباطلة في أمور فرعية اجتهادية يسوغ الاختلاف فيها ، وأنه يسعى الى عودة الوثنية في هذه البلاد وعبادة القبور والأنبياء ، والتعلق على غير الله ، ويطعن في دعوة التوحيد ويعمل على نشر الشرك والخرافات ، والغلو في القبور ، ويقرر هذه الأمور في كتبه ويدعو اليها في مجالسه ، ويسافر من أجل الدعوة لها في الخارج . انتهى .









عرض البوم صور حنان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018