" اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَب
دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ
يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم "
يقول ابن القيم رحمه الله:
وهذا هو النور الذي اودعه الله في قلب عبده من معرفته ومحبته والايمان به وذكره
وهو نوره الذي انزله اليهم فاحياهم به وجعلهم يمشون به بين الناس واصله في قلوبهم ثم تقوى مادته فتتزايد حتى تظهر على وجوههم وجوارحهم وابدانهم ،بل وثيابهم ودورهم ، يبصره من هو من جنسهم
وان كان سائر الخلق له منكر !!
فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور ،وصار بإيمانهم يسعى بين ايديهم في ظلمة الجسر حتى يقطعوه
فمنهم من نوره كالشمس
واخر كالقمر
وآخر كالنجوم
وآخر كالسراج
إذ كانت هذه حال نوره في الدنيا فاعطي على الجسر بمقدار ذلك بل هو نفس نوره ظهر له عيانا
نورعلى نور !
ضرب الله عز وجل مثلا لهذا النور بالمشكاة ،وهي الكوة في الحائط ، فهي مثل الصدر ،وفي تلك المشكاة زجاجة من اصفى الزجاج ،حتى شبهت بالكوكب الدري في بياضه وصفائه وهي مثل القلب !
وشبه بالزجاجة لانها جمعت اوصافا هي في قلب المؤمن ،وهي الصفاء والرقة والصلابة ، فيرى الحق والهدى بصفائه ،وفي اثر " القلوب آنية الله في ارضه ، فأحبها اليه ارقها واصلبها واصفاها "
وفي الزجاجة مصباح ،وهو النور الذي في الفتيلة وهي حاملته ،ولذلك النور مادة وهو الزيت قد عصر من زيتونة في اعدل الاماكن ،فزيتها اصلى الزيت وابعده من الكدر حتى انه من صفائه ليكاد يضئ بلا نار ثم خالط النار فاشتدت بها اضائته فكان ذلك
نورا على نور!
وهكذا المؤمن
قلبه مضئ يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله ،ولكن لا مادة له من نفسه فجائت مادة الوحي فباشرت قلبه
وخالطت بشاشته فازداد نورا بالوحي على نوره الذي فطره الله تعالى عليه ،فاجتمع له نور الوحي الى نور
الفطرة ،
نور على نور !!
فهذه مادة المصباح وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن .....
k,v ugn k,v