28 / 04 / 2009, 17 : 09 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | موقوف | البيانات | التسجيل: | 24 / 12 / 2007 | العضوية: | 11 | العمر: | 41 | المشاركات: | 0 [+] | بمعدل : | 0 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 0 | نقاط التقييم: | 40 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى العام همّام !! .. ( قصة قصيرة ) ذاتَ صباحٍ مشرقٍ ، مرّ همّام على محمدٍ ليذهبا سويًا إلى المدرسة ، فقد كانا طالبين بالثانويةِ العامةِ ، كانت ابتسامة محمدٍ صافيةً جدًا ، أشرقُ من إشراقِ الصبح ، وبدا على مظهره بعض التغيرات ، غير أن أهم ما لاحظه همّام من تغير عليه هو بِنطالهُ !! .. فقد رفع محمدٌ بِنطَالهُ عن كعبيه مقدارَ إصبعين أو ثلاثة ، لفت هذا المنظر نظر همّام بشدة فسأله عن سرّ ذلك ، فقال محمد : الحمد لله لقد منّ الله عليّ بالهداية ، ورزقني الالتزام ، وهذه سنةٌ واجبةٌ عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأنا ولله الحمد أختلف إلى مسجد حيّنا منذ فترة ، وراجعت نفسي كثيرًا ، وقررت الالتزام ، وما أجمله يا همّام !! .. ظلّ همّامٌ شارد الذهن طوال ذلك اليوم صامتًا ، فقد أثار حديث محمد عن الصلاة ، وقراءة القرآن ، ودروس السيرة النبوية ، وقيام الليل ولذته ، وصلاة الفجر وروعتها .. شجونه .. لم يبذل محمد كثيرَ جهدٍ في دعوةِ همّامٍ للّحاقِ بركبِ الإيمان ، فهمّامٌ شابٌ طيبُ المعدنِ ، كريمُ المنبتِ ، وكانت ابتسامة محمد الصافية ، ومصحفه الذي لم يعد يفارقُ جيبهُ ، ومِسْوَاكهُ الذي يُطلُ برأسهِ الأنيقة من جيبهِ العلوي ، وحكاية بعض قصص الصحابة التي يستمع إليها في مسجده ، كل ذلك كان كفيلًا بأن منه همّام رُفقَتهُ إلى هذا المسجد الذي يتردّدُ عليه .. عاشا الرفيقان أجملَ أيامِ عُمْرهما يتنعمانِ بنعمةِ الإيمان ، فقد كانا زهرتي المدرسة والحي .. تخرجا من الثانوية والتحقا بكلية الطب ، ولم تكن فترة المدرسة بأنعم من الجامعة .. مرت السنِينَ سريعًا ، وتخرجَ الطبيبانِ الشابان ، وبدأ كل منهما رحلةَ الحياةِ العمليةِ .. حافَظا لفترة على ممارسة الطب في المستشفيات الحكومية بأجور رمزية جدًا ، مع المحاولة لإيجادِ فرصةِ عملٍ إضافي في أحد المستوصفات لتحسين دخليهما – فما أتعسَ حديثي التخرجِ في بلادي !! - ، وهم مع ذلك محافظان على جهدٍ دعويٍّ طيبٍ في مساجد حيّهم الهادئ .. ففي الصباحِ يداوون أبدانَ المسلمين .. وفي المساء يداوون قلوبهم بكلماتهم الرَقرَاقة ، وبحِلقِ القرآنِ الممتعة .. وبعد عامٍ من الكدحِ ، بدأ الضيقُ يجدُ سبيلهُ إلى قلبِ محمدٍ ، فَدخْلُهُ بسيطٌ جدًا ، وتكاليفُ الزواجِ كبيرةٌ ، والحاجةُ إلى الزواجِ ماسةٌ .. ناقشَ محمدٌ رفيقَ دربهِ كثيرًا في هذه المشكلة ، وكانَ رأيَ همّام دائمًا : ( من كانت الآخرةُ همهُ ؛ جعل الله غناهُ في قلبهِ ، وجمعَ لهُ شملهُ ، وأتتهُ الدنيا وهي راغمةٌ ) .. نَصْبِرُ وسَيَفتحُ اللهُ .. ولا ينبغي التضحيةُ بالعملِ في دينِ اللهِ ل***ِ مالٍ من هُنا أو هُناك .. وتحتَ حملُ أعباءِ الحياةِ .. قرّرَ محمدٌ السفر ! ، حاول معهُ همّامٌ كثيرًا ليُثنِيَهُ عن قَرارِه ، ولكنّ الفكرة كانت قد استحوذتْ عليه .. مرت سنين .. تزوج محمدٌ ، وانتقل إلى حيٍّ آخر اشترى فيه بيتًا له ولعائلته ، ولم يكن بينهُ وبين همّام إلا محادثاتٌ تليفونيةٌ على فتراتٍ متباعدة .. وبعدَ عشر سنين من الغربةِ ، عادَ محمدٌ في أجازةٍ كبيرة نوعًا ما ، وبصحبته زوجته وولديه ، وفي هذه المرة قرّر زيارة همّام صديق عمره ، فاستقل سيارته متوجهًا إلى حيّهِ القديم .. وكان اليومَ جُمُعَة .. فتوجه إلى مسجده حيث التزم ليؤديَ الصلاة ويلتقي بمن طالَ شَوقهُ إليهِ ، دخلَ .. فنظرَ في الصفَ الأوّل فلم يَجدهُ ، فقال في نفسه غيرتكَ ضغوطُ الحياةِ يا همامُ كما غيرتنا .. لحظاتٌ ورأى همّام داخلًا من بابِ المسجدِ يتخطى الرقاب متجهًا إلى الأمام ، فخالطته مشاعر مختلفة ، سعادةٌ لرؤيتهِ ، ودهشةٌ مِن تخطيهِ الناس .. استمر همّامٌ في طريقهِ حتى اعْتلى المنبر ملقيًا التحية على جموعِ المصلين .. أذّنَ المُؤذنُ .. وقام همّامٌ يعظُ الناسَ ويذكّرهُم .. ومحمدٌ مطرقٌ من الذهولِ .. يردِّدُ ( ما شاءَ اللهُ ، ما شاءَ اللهُ ) .. وبعد الصلاةِ تعانقَ الصديقانِ طويلًا .. وبكى محمد !! .. ولم يكن حرُّ اللقاء وحدهُ سببُ البكاءِ ! .. اصطحبه همّامٌ إلى منزلهِ القريب من المسجدِ .. فرأى محمدٌ شقتهُ المتواضعة ، وابنته مريم ، ومكتبته العامرة .. وبعدَ حديث طويل .. عَلِمَ فيه محمد أنّ همّام أسّسَ جمعية لكفالةِ الأراملِ والأيتام ، وله خطبٌ في أكثرَ من مكانٍ ، وله دروسٌ شِبه يوميةٍ .. وفي نهايةِ اللقاء سألهُ محمد : ألم تُفكر في السفرِ يومًا ؟ ، فردّ عليهِ قائلًا : وأتركُ هذا النعيم !! .. فقال محمدٌ : صَدقتَ .. ما أنعمَ الحياة بالدعوةِ إلى الله .. لم ينمْ محمدٌ تلكَ الليلة .. ورَكِبَهُ همٌّ شديد .. واعتصر قلبه ندمًا .. وأخذ يحادث نفسهُ : ليتني بقيت .. أجوعُ يومًا وأشبعُ يومًا .. وأكون قد شاركت في هذا النجاح .. وكانت هذه الأعمالُ في ميزاني .. مرّت تلك الليلة عليهِ بصعوبةٍ شديدة .. لم يَرََ مثلها من قبل .. وظلّ أيامًا في صراعٍ نفسيٍ رهيب .. بين البقاء ومعاودةُ البذل .. وبين السفر الذي اعتاد معه على مستوى معينٍ من المعيشةِ .. وبعدَ أسابيع .. قرر البقاء .. ونوى فتح دارٍ لتحفيظ القرآن !! .. اللهمّ اسْتعملنا ولا تَسْتَبدِل بِنَا ..
il~hl !! >> ( rwm rwdvm )
|
| |