الاسم والولادة:
الشيخ العابد الزاهد فهد بن عبيد آل عبدالمحسن
ولد في (1322هـ)
حياته وزهده
فقد كان مقتفياً لطريقة السلف الصالح زاهداً في حطام الدنيا متقللاً منها عليه آثار السكينة ونور العلم وبهاء الطاعة، وكان في ميدان الدعوة منذ نعومة أظفاره داعياً إلى الله على بصيرة يتخلل الناس بالموعظة في أغلب مساجد بريدة فالمحاسن تبكيه والمناقب تُعزى فيه ولو عادت بنا الذكريات إلى مجالس فهد العبيد العطرات لسكبنا على تلك المجالس العبرات، فكان بعض الناس بشكل أسبوعي في مسجد أبوزعاق ببريدة قبل أكثر من 25 سنة، فيزدحم المسجد بالحضور فينقلنا ذلك المشهد إلى مجالس ومواعظ الإمام ابن الجوزي، رحمه الله، كان يستهل مجلسه بتوطئة عن الزهد في الدنيا وأنها ظل زائل وخيال زائر ثم يورد وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم لابن عمر: (كنْ في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، كان يذهب إلى الأرياف في غرب بريدة على قدميه وذلك من أجل نفع الناس وإرشادهم ومناصحتهم، كان - رحمه الله - يقيم في منزله الطيني فيتردد عليه الناس من كل حدب وصوب فيفتح بابه لنفعهم ولا يتردد عن الوقوف معهم والشفاعة لهم، يذكر أنه لما تُوفي ابنه جلس في صدر المجلس يعظ الناس بالصبر والاستسلام لقدر الله وكأنه المُعزي لا المُعزَى له.
كان للشيخ فهد العبيد مراسلات كتابية مع جميع وشرائح المجتمع بداية من المواطن البسيط ومروراً بالوجهاء والأعيان ونهاية بالولادة والحكام ولقد وقعت على رسالة بعثها إلى الملك عبدالعزيز - رحمه الله - يوصيه فيها ببعض الوصايا القيمة. لو تتبعنا خصال الشيخ الحميدة وصفاته الطيبة لطال بنا المقام، رحمه الله رحمة واسعة وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
توفي :
في بريدة عام 1422 عن عمر يناهز الـ 100 سنه
وهنا احد معارفه يتحدث عنه:
لا ازعم أني من تلاميذه أو مريديه، بل محب يشتكي وصباً في محبته، عرفته عن قرب، وسبرته عن كثب في ايام مضت، وأزمنة انقضت، كانت ربيعاً لي في بريدة العلم والعلماء، لازمت مجلسه فرأيت فيه ومن فمه ومن كلماته الحكمة الصادقة، والموعظة الصامته، والعبرة الدامية والإيمان الصادق، واليقين الراسخ، والإقبال المتناهي على الآخرة، حقاً كان فريد زمانه، ونسيج وحده، حاول كثيرون أن يسلكوا مسلكه، أو يكونوا مثله، أو يظهروا بصورته، لكنهم لم يستطيعوا لأنه جعل الهم واحداً، الآخرة وحدها، هي الدار التي اختارها ومضى إليها، ولعل أربع صفات ميزته عن غيره من أبناء زمانه ووقته وهي: 1 أنه كان إسلامياً مطبقاً للإسلام بكل اشكاله وصوره وأنواعه، فالإسلام لحمته وسداه، ومبتدؤه ومنتهاه، وأدناه وأقصاه، إليه يسعى، وعليه يدور وله يعمل، وبه يعتصم، ومنه يستمد، وعنه يصدر ويورد، وفيه يحب ويبغض، فهو بالإسلام وللإسلام ومن الإسلام إلى الإسلام، وكل المسلمون إخوة له وإن بعدت الدار وشط المزار.
2 مطبقاً للقرآن: لأن القرآن مصدره الأول، منه يستمد، وعليه يعتمد، وبه يأنس، وإليه يحتكم يتعبد بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، ويتلذذ بقراءته، ويزداد إيماناً إذا تلي عليه، ويعيش في رحابه، متجاوباً مع آياته، متدبراً لمعانيه، يستخرج منه اللآلئ والجواهر، يصرفها في مواعظه ودروسه بعقل متفكر، وقلب متأثر، يشهد بذلك كل من استمع إليه وعرفه، فهو رجل القرآن حقاً ومن كان القرآن إمامه وقائده فلن يضل أبداً.
3 محباً للسنة: لأنه رجل جعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قدوته وأسوته في هديه وسلوكه وحياته كلها، واتخذ سيرته نبراساً ونوراً له، في تعبده وزهده، وإعراضه عن زخارف الحياة وزينة الدنيا، فهو رحمه الله يعيش في الخلف عيشه السلف، لا يهتم بما يهتم به أمثالنا من متاع وملك ورياض وزينة، تحسبه إذا رأيته سلمان الفارسي أو أبا ذر أو أبا الدرداء.
4 زاهداً وورعاً: رغم توفر اسباب الدنيا، وسهولة وصوله إليها، وحب الناس له، لكن تجرده وإخلاصه وربانيته، وزد مع تلك يقينه وتوكله وقوته، زهدته في النعيم الفاني، وعمقت في سويداء قلبه النعيم الباقي، فلله دره ما أحسن شمائله، وما أجمل مناقبه، علو في الحياة وعلو في الممات، لقد كان آية من آيات الزمان المتأخرين في ورعه، فلم تعرف له غيبة، ولم تعهد عنه نميمة، كانت اخلاقه من ذهب، وقلبه من ذهب، وبصره من نور، وضياء على وجهه ونور، يهدي الله لنوره من يشاء، فلذا أحببناه ورثيناه، متسائلين من مثله في تحرق على الدين وغيرة، وتوقد واعتدال ووسطية، ونقاء فكرة وصفاء نفسٍ وسلامة عقيدة، وحسن عبادة، ونظافة لسان من طعن أو تجريح، سواء بالتلويح أو التصريح، من مثله في حسن خلق ولين معشر، وسهولة مأخذ، وكثرة حياء ورقة طبع ودماثة نفس، إني إعلنها بكل صراحة دون أي خوف أو وجل، ودون أي موارية أو خجل، أني احبه وأتقرب إلى الله بحبه وأرجو ان احشر وإياه مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
ولست زاعماً هذا الحب لوحدي، أو متفرداً به، فمحبوه كثر بل كل من عرفه واقترب منه احبه على قدر معرفته به، وكلما ازداد منه قرباً ازداد له حباً.
وأخيراً عزائي لأحبتنا الصادقين وإخوتنا المخلصين في بريدة العلم والعلماء، في شيخهم وحبيبهم فهد بن عبيد بن عبد المحسن العبيد .وعزائي لأسرة الشيخ جميعاً ومنهم ابنه الأستاذ عبد الرحمن كما اخص أحفاده كما أخص شيخنا العلامة إبراهيم بن عبيد أطال الله عمره على الطاعة، وعزائي لأمة الإسلام في فقد هذا العالم الداعية الذي قل أن يجود الزمان بمثله.نسأل الله ان يغفر له ويرحمه وأن يأجر أمتنا في مصابها، وأن يخلفها خيراً وأن يجزي الشيخ عن دينه وأمته خير ما يجزي به العلماء الربانيين والأئمة الصادقين.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
sdvm hg.hi] ti] hgufd] vpli hggi