عرض مشاركة واحدة
قديم 21 / 02 / 2008, 16 : 01 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 4.79 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

ومن تظاهر بجحد هذا النّوع من التّوحيد كفرعون فهو مقرٌّ به في الباطن، كما قال الله -تعالى- عنه: ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلاّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ[الإسراء:102]، وقال عنه وعن قومه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّ[النّمل:14].
وقال تعالى عن الأمم الأولى: ﴿وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ[العنكبوت:38].

وهذا النوع من التّوحيد كما لم يذهب إلى جحده طائفةٌ معروفةٌ من بني آدم، كذلك في الغالب لم يقع فيه شرك، فالكل مقرون بأنّ الله هو المنفرد بالخلق والتّدبير، ولم يثبت عن أحد من طوائف العالم إثبات خالقين متساويين في الصّفات والأفعال، فالثانوية من المجوس الذين يجعلون للعالم خالقين: خالقا للخير وهو النّور، وخالقا للشّر وهو الظلمة، لا يسوون الظلمة بالنّور، فالنّور عندهم هو الأصل، والظلمة حادثة، وهم متفقون على أنّ النّور خيرٌ من الظلمة. وكذلك النّصارى القائلون بالتثليث، لم يثبتوا للعالم ثلاثة أرباب منفصل بعضهم عن بعض، بل هم متفقون على أنّ خالق العالم واحد، ويقولون: إنّ الأب هو الإله الأكبر.

والحاصل أنّ إثبات توحيد الربوبيّة محلّ وفاق، والشرك فيه قليل، ولكن الإقرار به وحده لا يكفي العبد في حصول الإسلام، بل لا بدّ مع ذلك أن يأتي بلازمه، وهو: توحيد الإلهيّة، فإنّ الأمم الكفرية كانت تقرّ بتوحيد الربوبيّة، خصوصا مشركي العرب الذين بعث فيهم خاتم الرّسل -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكونوا بهذا مسلمين لمّا لم يأتوا بتوحيد الإلهيّة، والمستقرئ لآيات القرآن الكريم يجد أنّها تطالب بتوحيد الإلهيّة، وتستدل عليه بتوحيد الربوبيّة، فهي تطالب المشركين بما جحدوه وتستدل عليه بما أثبتوه. فهي تأمر بتوحيد العبادة، وتخبر عن إقرارهم بتوحيد الربوبيّة، فتذكر توحيد العبادة في سياق الطلب، وتوحيد الربوبيّة في سياق الخبر.

وأوّل أمرٍ جاء في المصحف هو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة:21-22].

وكثيرًا ما نجد في القرآن الكريم الدعوة إلى توحيد العبادة، والأمر به، والجواب عن الشُّبه الموجّهة إليه، وكلّ سورة في القرآن بل كلّ آية في القرآن فهي داعيةً إلى هذا التّوحيد، لأنّ القرآن إمّا خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهذا هو توحيد الربوبيّة. وإمّا دعاء إلى عبادته وحده لا شريك له وترك ما يعبد من دونه، وهذا هو توحيد الإلهيّة. وإمّا خبر عن إكرامه لأهل توحيده وطاعته في الدنيا والآخرة، وهذا جزاء توحيده. وإمّا خبر عن أهل الشرك وعن جزائهم في الدنيا والآخرة، وهذا جزاء من خرج عن حكم التّوحيد. وإمّا أحكام وتشريع، وهذا من حقوق التّوحيد، فإنّ التّشريع حق لله وحده.

وهذا التّوحيد بجميع أنواعه وحقوقه تضمّنته كلمةٌ واحدةٌ هي: "لا إله إلاّ الله"، فإنّها تتضمّن نفيا وإثباتا.
نفي الإلهيّة الحقّة عن كل ما سوى الله وإثباتها لله وحده. كما تتضمّن: ولاءً وبراءً؛ ولاء لله وبراء مما سواه.

ودين التّوحيد قائمٌ على هذين الأساسين، كما قال تعالى عن خليله إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- إنّه قال لقومه: ﴿نَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ[الزخرف:26-27] . وهذا منهاج كلّ رسول يبعثه الله، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[النّحل:36]، وقال تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَ[البقرة:256].
فمن قال: "لا إله إلاّ الله" فقد أعلن البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والتزم القيام بعبادة الله، وذلك عهد يقطعه الإنسان على نفسه: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيم [ الفتح:10].

فلا إله إلاّ الله: إعلان لتوحيد العبادة، لأنّ الإله معناه: المعبود، فمعناها: لا معبود بحق إلاّ الله.

فمن قال هذه الكلمة عارفا لمعناها، عاملاً بمقتضاها من نفي الشرك وإثبات الوحدانيّة لله، مع اعتقاد ذلك والعمل به فهو المسلم حقا.

ومن قالها وعمل بمقتضاها ظاهرًا من غير اعتقاد في القلب فهو المنافق.

ومن قالها بلسانه وعمل بخلافها من الشرك المنافي لمدلولها فهو الكافر، ولو قالها مرارًا وتكرارًا، كحال عُبّاد القبور اليوم، الذين ينطقون بهذه الكلمة ولا يفقهون معناها، ولا يكون لها أثر في تعديل سلوكهم وتصحيح أعمالهم، فتراه يقول: لا اله إلاّ الله، ثمّ يقول: المدد يا عبد القادر، يا بدوي، يا فلان يا فلان، يستنجد بالأموات، ويستغيث بهم في الملمات.

إنّ المشركين الأوّلين عرفوا من معنى هذه الكلمة ما لم يعرفه هؤلاء، حيث أدركوا أن الرّسول صلى الله عليه وسلم حينما قال لهم: (قولوا: لا إله إلاّ الله) فقد طلب منهم ترك عبادة الأصنام وعبادة الله وحده، ولهذا قالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِد[ص:5]
وقال قوم هود: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَ[الأعراف:70]
وقال قوم صالح له: ﴿أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَ[هود:62]
وقال قوم نوح له من قبل: ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْر[نوح:23]

هذا ما فهمه الكفّار من معنى: لا إله إلاّ الله؛ أنّه ترك لعبادة الأصنام، وإقبالٌ على عبادة الله وحده، فلهذا أَبَوا النّطق بها، لأنّه لا يجتمع مع عبادة اللات والعزّى ومناة.

وعُبّاد القبور اليوم لا يدركون هذا التناقض، فهم ينطقون بها مع بقائهم على عبادة الأموات.
وبعضهم يفسّر الإله بأنّه: القادر على الاختراع والخلق والإيجاد، فيكون معنى "لا إله إلاّ الله" عنده: لا قادر على الاختراع إلاّ الله. وهذا من أفحش الخطأ، فإنّ من فسّرها بذلك لم يزد على ما أقرّ به الكفّار، فإنّهم كانوا يقرّون بأنه: لا يقدر على الاختراع والخلق والرّزق والإحياء والإماتة إلاّ الله، كما ذكر الله -تعالى- ذلك عنهم ولم يصيروا به مسلمين.

نعم، هذا المعنى الذي يذكرونه داخل في معنى لا إله إلاّ الله، لكن ليس هو المقصود من هذه الكلمة. وللحديث بقية..









عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس