ملتقى أهل العلم - عرض مشاركة واحدة - مالك الرحبي و قصته " رحلتي الى النور "
عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 01 / 2008, 46 : 09 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية صقر الاسلام

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
صقر الاسلام غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : صقر الاسلام المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

الحلقة السادسة عشر

في اليوم التالي حصل تقريبا ما حصل بالأمس غير أن المفاجأ ة كانت وعلى غير المتوقع
حينما مشيت مع الشيخ في عودته لبيته بعد الدرس الصباحي ..
ناداني الشيخ وبانزعاج ظاهر وقال لي: لما لم يتصل صاحبك؟؟
قلت له: والله لا أدري ولكن في اتصالي السابق عليه قال هو مريض..
فلعله اتصل على تلفونكم فلم يجبه أحد!!
قال الشيخ: هات رقم تلفونه وسوف أتصل عليه أنا!!
لم أكن ساعتها أحمل رقم عباس فقلت له: سأحضره لك بعد صلاة الظهر..
وبعد الصلاة ناولت الشيخ ورقة عليها رقم الشيخ عباس ..
كنت قلقا للغاية .. فالشيخ محمد لمن خالطه رجل حازم ..
ولا أسهل عليه من أن يقول لي ارجع من حيث أتيت!!
وكون الشيخ يطلب رقم عباس ليتصل عليه من طرفه إن ذلك الفعل هو نبيل وتواضع
من شيخنا جزاه الله خيرا.. ورحمه وأسكنه جنات النعيم..
بعد صلاة العصر وانتهاء درس العامة ..أشار لي الشيخ وكنت أمامه بجوار المؤذن أن الحق بي!!
لحقته ومشيت بجواره ولكنه لم يكلمني في شيء..!!
انتظر الشيخ حتى انتهى الناس وقضى حوائجهم وبقيت أنا وهو بمفردنا نسير حتى
اقتربنا من البيت وكنت منتظرا دون أن استبق منه شيء!!
ولكن يعلم الله سبحانه وتعالى أنني قد خفت وظننت الظنون فربما أن أخي سعود أخبر
عباس بمشكلتي ..
وبدوره أطلع عباس الشيخ على الحاصل !!
قال الشيخ: خلاص!!
شدهت وظننت أنه خلاص سيخرجني ولكنه استأنف كلامه...
أنا كلمت عباس وهو أثنى عليك خيرا!!
وسكت!!
قلت في نفسي :ما معنى هذا الكلام؟؟؟
ثم أكمل شيخنا وهو يضم يديه ويشير بها للإمام ويزم شفتيه وقال :
سنقبلك في السكن!! بشرط أن تجتهد في الطلب..
لو كان بيدي في تلك اللحظة أن اصرخ من الفرح لفعلت!!
أي خبر سعيد هذا !! الحمد لله رب العالمين..
ثم قال الشيخ : وأنت يافلان الشمري!!!
اغتنم هذه الفرصة ، خاصة أنك ما زلت في مقتبل عمرك .. وفقك الله..
انصرفت بعد أن قبلت رأسه ودعوت له..
ما أجمل أن ترى بصيص الأمل بعد اليأس .. ما أجمل الشعور بالاستقرار
وخاصة في كنف ورعاية رجل بوزن الشيخ محمد عليه الرحمة والرضوان..
لم أطمع ولم أحلم بل والله الذي لا إله سواه ولم يخطر في بالي أن أحصل على أي
امتيازات مادية أو معنوية من قبل الشيخ محمد ..
بل كان يكفيني أن أحصل على ما حصل عليه
الآلاف سواي من طلبة العلم الذين يحيطون بشيخنا من كل صوب كل يبحث عن
رضاه بعد رضى الخالق سبحانه وتعالى فهو للجميع بمقام الأب الحاني ..
ومن ذا لا يبحث عن رضى والده..أو والدته..
وكذلك يكفيني ويشرفني أن أتتلمذ على يديه وأحصل على علم قل منه أو كثر..
انخرطت بعون الله سبحانه في طلب العلم والتحصيل فكان هو شغلي وهمي ..
اقتنيت عددا من الكتب ورتبتها على الرفوف في غرفتي الصغيرة..
تعرفت على عدد من الطلاب ولكن لم يكن اهتمامي منصبا على ذلك..
من الطلبة الذين عرفتهم وخالطتهم الأخ نافع الشمري ..
وكذلك الخ خالد الشمري .. ومنهم الأخ محمد زين العابدين!!
هذا الأخير هو مشرف السكن ..
وقد وصل من شرورة لكي يرتب سكنا له ولزوجته التي دخل بها قبل أسابيع!!
وبذلك سينتقل من السكن الحالي والذي هو سكن للعزاب فقط ليستأجر بيتا له ولعائلته..
الأخ محمد رجل عاقل وفيه حلم وأناة ولذلك كان اختياره للإشراف على السكن هو اختيار موفق..
كان الأخ محمد هو ملاذ الطلاب عند المحن بعد الله فهو الوسيط بينهم وبين الشيخ ..
ولقد كانت مهابة الشيخ محمد رغم تواضعه تمنع كثيرا منهم عن مخاطبته مباشرة..
ولكن يكفي أن يوصل الأخ محمد شكاويهم وطلباتهم ليبت فيه الشيخ ..
طلبت عن طريق الأخ محمد أن يوفروا لي كتبا ومراجع فوضعت قائمة كبيرة بالكتب..
سلمتها لمحمد .. فظهرت على وجهه ابتسامة صفراء ماكرة !!
وهز رأسه وقال: هل تظن الشيخ يوافق لك على هذه الكتب؟؟
قلت له قدمها له وسنرى..
وفعلا قدم محمد القائمة للشيخ بعد ظهر إحدى الأيام فوضعها الشيخ في جيبه..
بعد يوم أو في ذلك اليوم بعد العصر ناداني محمد وقال : انظر في ورقتك!!
فوقعت عيني على شخاميط بالقلم الأحمر وضعت على كل الكتب تقريبا وأضيف عليه
للتأكيد علامة X
ووافق على كتابين أو ثلاثة وأرفق معها قيمة الكتب نقدا معلقة بالفاتورة!!
أخذتها وحمدت الله تعالى واشتريت الكتابين فأضفتها لمكتبتي الصغيرة..
وعلى كل فقد وفر في السكن مكتبة علمية لا بأس بها وتحوي مراجع كثيرة للباحثين ومحبي القراءة .. ومع ذلك فالمكتبة شبه خالية ..
والسبب في ذلك
أن أغلب الطلاب قد يسر الله لهم مكاتب على حسب تخصصاتهم ومشاربهم في غرفهم..
فترى الطالب المهتم بعلم الحديث والتخريج أكثر كتبه ومراجعه من ذلك..
وينطبق الحال كذلك على طالب الفقه والتفسير وغيرها ..
أما أنا فقد كانت مكتبتي صغيرة ولكنها نمت وترعرعت حتى خرجت من سكن الطلاب..
وإنه ليعجز عن حملها الرجال الأشداء أولي القوة لكثرتها وتنوعها والحمد لله..!!


الحلقة السابعة عشر

كنت وبحمد الله مجدا في الطلب وقد انشغلت بالي وتفكيري تماما عن أي شيء آخر سوى العلم وطلبه
قد يلومني أحد على عدم اهتمامي بوالدي وأهلي ذلك الحين، وأنا والله أوافقهم هذا اللوم وأستحقه
ولكن ما الحيلة وما المخرج؟؟
لم أكن ذا رأي وهدى إلا أن الله تعالى برحمته لم يترك الأمور هكذا تسير بل بتدبير عجيب منه سبحانه حصلت وقائع هي أصل روايتنا هذه وهي ذروة سنامها ، وسأحكيها في وقتها كما هي ولا بد من التمهيد لها ولو طال ذلك!!
حتى تتضح الصورة وتنكشف الأوراق دون النيل من أحد بعينه فليس هذا مقصدي والله فلموتي ودفني مع سري عاجلا أو آجلا أهون على نفسي من كشف ذلك أو البوح به فالله سبحانه يعلم أنني أردت الفائدة لي ولمن سيقرأ هذه الرواية من أهلي وأصحابي الذين رغبوا في معرفة الحقيقة ، ولا اشك إن شاء الله أن كثيرا ممن وقع في نفوسهم شيء علي حينها حينما يطلعوا على ما سأخطه هنا أنه لو كان لديهم إنصاف( وهو عزيز ) فلا بد أن يزيل كثيرا من اللبس والخلط غير المقصود..
كذلك ينبغي العلم أنني حينما أحكي ما يفهم منه الثناء على شخصي لا اقصد والله ذلك بل إنني أروي ما حدث وما مضى عليه حوالي الخمسة عشر سنة خلت ويعلمها كثير من الطلبة ويشهدون عليها ، ولست ادعي أنني أكثر الطلبة أو اقلهم تحصيلا وعلما ولكن هذه هي الحقيقة وهذه الصورة كما وقعت ، لا يأتِّيني أحد غدا يقول لي أنت تمجد شخصك ؟؟
لا والذي بيده علم الساعة ما هذا قصدي بل غايتي من كل ذلك أن أكشف أمرا طالما رغبت في كشفه وفضيلة آن الأوان لبيانها وبالله التوفيق..
لنرجع لروايتنا ...
كما ذكرت توجهت للعلم بكل جوارحي وحصلت خيرا عظيما ، والخير هنا لا يقاس بالكثرة كما قد يتبادر لذهن البعض ، العلم أيها الإخوة والأخوات لمن ذاق طعمه حقيقة هو التأصيل المبني على منهج سديد تحت مظلة عالم راسخ العلم..
شيخنا كما سبق بيانه ربانا على الكيف لا على الكم..
إن كثيرا من علماء وطلبة العلم من زماننا بشكل مباشر أو غير مباشر قد تتلمذوا عليه.
ولو تأملت حال كثير من نجباء زماننا لرأيت من أول قوائم العلماء الذين تتلمذوا عليهم هو الشيخ ابن عثيمين رحمه الله..سواء مباشرة أم عن طريق الشريط والكتاب..
حدثني أحد طلبة العلم في الأردن أن مجموعة من طلبة العلم هناك يستمعون لأشرطة دروس الشيخ على ميكرفون الجامع فيتحلق عليه الطلبة ويغص المسجد منهم كأنهم بين يديه ويستمعون ويدونون ما يقوله الشيخ من علم وافر..!! كل ذلك من شريط!!
كان الشيخ يكلف الطلبة بالبحوث فكنت من المكثرين من ذلك بحمد الله ..
كنت أحيانا أجلس أبحث من بعد صلاة الفجر فلا ارفع رأسي عن الكتاب حتى يؤذن الظهر وأنا لا أشعر..
كان تخريج الحديث الواحد على حسب التأصيل العلمي المعروف يستغرق أحيانا ثلاثين ساعة متواصلة بدون نوم !!
كل ذلك مني قليل مقارنة بفطاحل الطلبة وجهابذته الذين حصلوا خيرا عظيما لدى شيخنا وليس هذا بمستغرب أو مستكثر على تلاميذه صغروا أم كبروا ..
ولو شئت لحدثتكم عن عجائب لا يكاد يصدقها المرء عن مواقف احتفظ فيها عنهم بارك الله فيهم ونفع بهم..
لكن حصل موقف عجيب وغريب سبب تحولا بل عمق العلاقة بيني وبين الشيخ من حيث لا أشعر !!!
طلب منا الشيخ أي من جميع طلبته، أن يقوموا ببحث حول الفوائد أو الحكم من جواز أن يباح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج أكثر من أربع نساء...
وكان التكليف بذلك البحث في دروس المساء ...ولا ادري هل كان في التفسير أم في درس البخاري نسيت والله!!
رجعت تلك الليلة وكنت حينها في غرفة الأخ نافع الشمري ...
حيث أن مراجعه وكتبه كثيرة...
قرأت في بعض المراجع مباحث حول هذا الموضوع ولكنها لم ترو الغليل!!
قرأت في أبواب النكاح من كتب الفقه والحديث فبالكاد استطعت استخراج فوائد محدودة العدد....دونتها في دفتر عندي ثم خرجت للبلاكون المقابل لمنارة المسجد في الجهة الجنوبية من سكن الطلاب وأضأت النور ثم جلست أتفكر في المسألة .. وكلما طرأت لي حكمة أو فائدة سارعت بتدوينها ورصدها ثم قمت بإضافتها للمبحث..
مر علي الأخ نافع ومحمد زين العابدين وطلبا مني النوم..
قلت سأفعل و سوف أصعد لغرفتي للنوم بعد أن أنهي كتابة بحثي..
وما زلت أدون واكتب وأتفكر حتى أذن علي الصبح ولم أنم دقيقة واحدة بل لم اشعر بالرغبة في النوم أصلا.. ولقد جمعت في تلك الليلة ما مجموعه أربعون فائدة!!
حملت ذلك الدفتر ونزلت به لصلاة الفجر ..وبعد الصلاة لحقت الشيخ وسلمته ذلك البحث..ولم أذكر له مراجعي أو ما عانيته من كتابة هذا البحث.. أو أي شيء فقط سلمته ورجعت لغرفتي فاستسلمت لنوم عميق ولم احضر درس الصباح!!
لم أكن أقدر ما هي نتائج هذا العمل .. بل كل ما كنت أتوقعه أن يحصل المبحث على تقدير معنوي وتوجيه ونقد لما فيه مما سيصقل موهبة البحث عندي وهذا يكفيني فخرا..
ذهبت لصلاة الظهر كما هي العادة وبعد الصلاة رافقت الشيخ وصحبته لأستفيد أي فائدة خلال مسيره..
ولكن حدث مرة أخرى مالم يكن في الحسبان ...
طلب الشيخ من الطلاب العودة للسكن وصرف الناس ثم أمسك الشيخ بيدي..
وقال : من أين دونت هذا البحث؟؟ وماهي مراجعك؟؟
قلت له وأنا مذهول وخائف كأنني أشعر بارتكاب خطأ أو مصيبة:
قرأت بعض المباحث البسيطة حول الموضوع ولكن غالب ما دونته استنتجته واستخرجته بنفسي!!
قال : هل أنت متأكد ؟؟
قلت: أي والله هذا ما حصل..!!
لا أشك لحظة أن الشيخ ارتاب من كلامي ولم يأخذه محمل الجد..
ولكنه لم يرد أن يشعرني بشيء أو يظهر انبهاره مما كتبته رغم حداثة سني وقرب الفترة التي قضيتها لديه..
اتصل الشيخ بغير علمي على الأخ محمد زين العابدين وسأله عني؟؟
ناداني الأخ محمد وحقق معي تحقيقا غير مباشر ..!!
سألته ما القصة؟؟
قال : بحثك الذي كتبته هذا يقول الشيخ انه فوق مستواك وأنه كلام عميق ونحو هذا الكلام..!! يقول محمد : ولقد أخبرت الشيخ انك لم تنم تلك الليلة حتى صلاة الصبح ..
في درس المساء وبعد أذان العشاء وانتهاء الدرس الأول..
أخرج الشيخ ذلك الدفتر وطلب من أحد طلابه الكبار أن يقرأه عليه علنا لكي ينقح البحث.. ويحكم عليه من قبل الجميع.. ولم يخبر الشيخ الطلاب أو القارئ أنه بحثي..
وكنت جالسا بجوار ذلك القارئ ..
أذكر ذلك الموقف والقارئ هو الشيخ خالد المزيني وهو احد أقدم وأقدر الطلاب علما وتحصيلا.. وكان ذو جرأة على الشيخ في إبداء رأيه والشيخ يحترمه ويحترم رأيه...
كان خطي (وما يزال) سيئا للغاية ويصعب علي قراءته أنا فما بالك بغيري..!!
كان الأخ يقرأ ويتوقف بسبب عدم وضوح كلمات وخربشات لا يفهمها غيري..!!
فكنت اقرب نظري له وأصحح العبارات وأساعده في تهجيها !!
نظر إلي القارئ بتعجب فقال : هل أنت من كتب هذا البحث ؟ كأنه يقول اصمت فهذا لا يعنيك !!
سكت ولم أجب .. ولا أذكر هل أخبرهم الشيخ بأنني أنا كتبت ذلك المبحث في ذلك الدرس أم لاحقا!! ولكنهم في النهاية علموا!!
أخذ الشيخ في التعليق على كل فائدة ويصحح العبارات ويقومها ويحذف المكرر حتى بلغ مجموع الفروق البينة بلا تكرار ولا تناقض خمسة وعشرون فائدة..!!
لم أستطع تذكر ما حصل في ذلك الدرس ولكن الذي أعرفه أن شيخنا رحمه الله كلما أراد أن يثني علي أمام احد يقول : فلان الشمري !! كتب بحثا ممتازا ويذكره بذاته من مناقبي!!
حينما أطلع على ذلك البحث (وهو عندي) الآن لا أشك أن مستواه العلمي بالنظر الثاقبة هو متواضع في ترتيبه وأسلوبه غير أنك حينما تنظر إليه من ناحية عدد الفوائد وصحتها بصرف النظر عن الأسلوب وما فيه من خلل والحكم عليه كمنهجية دقيقة من هذه الناحية لا شك أن ذلك يعتبر وفي سني ذلك إنجازا ..
انظروا للطفل الصغير حينما ترونه يفعل شيئا مميزا كأن يلفظ عبارة جديدة لأول مرة أو يقوم بحركة لم يعتد الوالدان على رؤيتها سوف يرون ذلك منه شيئا عجيبا .. وذلك بالنظر لمستواه العقلي والسن ونحو ذلك من مقاييس ..
أما لو حدث من غيره ممن يكبره بعدة سنوات مثلا فهو غير مستغرب بتاتا والفكرة واضحة إن شاء الله..
لا يهم الآن بالنسبة لك أخي الكريم أختي الكريمة الحكم على ما فعلته هل هو إنجاز أم غير إنجاز المهم لكم الآن هو معرفة ما حصل بعد ذلك من طوام ودواهي سأحكيها في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى يتبع إن شاء الله..









عرض البوم صور صقر الاسلام   رد مع اقتباس
  -->
--> -->