عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 04 / 2025, 42 : 05 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,454 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 236
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
ومن المغالطات المشهورة إذ :" يظن الكثيرون أن الغرب الأوروبي يمثل مهد الحرية والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان .. متناسين أن الشرق كان فيه الوجود الإنساني بـ قيمه الحضارية العلوية ومقاييسه الإنسانية أسبق بكثير من وجود الغرب وقيمه الحديثة ، التي تقوده اليوم إلى الإنحطاط الأخلاقي والقيمي بسبب الشطط في تطبيقات الحرية الفردية المطلقة التي يأخذ بها دون أدنى ضوابط تراعي الحفاظ على الأسرة والمجتمع أو الفرد ؛ وحتى على الفطرة السوية الطبيعية التي فطر عليها الخَلق ، ومنادة الغرب بالإشباع الخاطئ بل والترويج للإشباع الشاذ .. كما ولا يمكن لمفاهيم الحرية المطلقة أن تكسر قوانين الطبيعة بين المخلوقات والتي جبلت عليها وقوانين الخالق في خلقه ..
إن التطور الحضاري لمجتمع ما يرتبط ارتباطا وثيقا بالتطور العلمي والنضج السياسي والوعي الفکري على السواء وإن قياس مستويات هذا التطور يکون بمدى الإحساس بهامش الحرية في ممارسة الإبداع والتعبير فتقلص هامش الحرية يحول دون هذا التطور ويقف حجر عثرة أمام النمو الفکري لأفراد المجتمع ويحارب الفکر الحواري والمثمر، وبالتالي الزيادة في معدل الأمية والتخلف والجريمة والجهل والصراع الطبقي والديني والقيمي والثقافي .
فـ الحرية هي قضية الإنسان منذ بدء وعيه وهي من طبيعته وصراعه في الحياة متحدياً ومناضلا في کل المحاولات الفاعلة لمصيره . کذلک کان التاريخ حافلا بالتناقض في هذا الصراع بين الإنسان بفرديته وبين واقعه الاجتماعي محاولا کشف الحقيقة بفهم الوجود بين ذاتيته ومجتمع.
أولاً: الحرية المطلقة بين السيكولوجيا و الفلسفة :
التحرر [(الحرية المطلقة)] من كل الضوابط والقيم والمعايير المجتمعية والانفلات من كل المقاييس .. فهذه اثارت نقاشات واسعة حول تداعياتها النفسية والاجتماعية على الفرد ؛ فمن ناحية عززت هذه الحرية الابتكار والاستقلالية بيد أنها من ناحية آخرى أدت إلى تحديات اجتماعية وسلوكية أثرت سلباً على استقرار النظم الاجتماعية وعلى الهوية الفردية .. فقد رأى الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر حين ترتبط فكرة الحرية المطلقة ارتباطاً وثيقاً بالفلسفات الليبرالية والوجودية فيرى سارتر أن الإنسان «محكوم بأن يكون حراً» ، أي أنه مسؤول بشكل كامل عن أفعاله وقراراته ، بينما دعا جون ستيوارت مِيل إلى حرية الفرد ما دامت لا تسبب ضرراً للآخرين . لكن واقع المشكلة يكمن في أن تحديد مفهوم «الضرر» إذ يظل مسألة نسبية ، ما يفتح الباب أمام تفسيرات متباينة للحرية قد تؤدي إلى فوضى اجتماعية.. فـ. الحرية المطلقة من منظور سيكولوجي ، من الناحية النفسية، تُشير حسب نظرية «القلق الوجودي» لـ إيرفين يالوم إلى أن الحرية المطلقة قد تؤدي إلى شعور عميق بالقلق نتيجة غياب المعايير الخارجية التي توجه السلوك ؛ فحين يكون الإنسان حراً بلا حدود ؛ يصبح مسؤولاً عن صياغة قيمه الخاصة ، مما قد يولد حالة من التوتر والقلق وعدم اليقين . كذلك، يرى عالم النفس إريك فروم في كتابه «الهروب من الحرية» أن الحرية غير المنضبطة قد تدفع الأفراد إلى البحث عن هويات بديلة ، أو إلى الانخراط في أنماط سلوكية غير مستقرة ، بسبب عدم قدرتهم على تحمل ثقل المسؤولية الفردية المطلقة .
ثانياً: تداعيات الحرية المطلقة على السلوك الفردي
أدت الحرية المطلقة في بعض المجتمعات الغربية إلى تراجع القيم التقليدية الراسخة التي كانت توجه السلوك الاجتماعي ، مثل الأسرة ، والدين ، والالتزامات المجتمعية ، فقد أصبحت مفاهيم مثل «النجاح الفردي .. الشخصي» و«الإشباع الذاتي» أكثر أهمية من المسؤوليات الاجتماعية . ووفقاً لدراسات في علم النفس الاجتماعي ، فإن هذا التحول أدى إلى زيادة النزعة النرجسية بين الأفراد ، حيث باتت الأولوية لإشباع الحاجات الشخصية على حساب القيم الجماعية.
تشير دراسات علم النفس إلى أن الحرية المطلقة قد تكون عاملاً مؤثراً في تزايد معدلات القلق والاكتئاب ، وبخاصة بين الشباب ، فبدلاً من أن تؤدي الحرية إلى راحة نفسية ، فإنها قد تخلق ضغوطاً نفسية متزايدة بسبب غياب المعايير المحددة .. فعلى سبيل المثال ، وجدت دراسة نُشرت في مجلة «علم النفس غير الطبيعي» أن الأفراد الذين يعيشون في مجتمعات ذات حرية غير مقيدة يعانون من مستويات أعلى من التوتر ، مقارنة بأقرانهم في المجتمعات التي تضع حدوداً أخلاقية أو قانونية أكثر وضوحاً.
من تداعيات الحرية المطلقة أيضاً زيادة معدلات الإدمان على المخدرات ، والكحول ، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث يبحث الأفراد عن أشكال من الهروب النفسي في ظل غياب الضوابط الذاتية . فمع انتشار فلسفة «افعل ما تريد» ، أصبح الإشباع الفوري من السمات الأساسية للسلوك الاستهلاكي في المجتمعات الغربية ، مما أدى إلى أنماط حياة تفتقر إلى الانضباط والسيطرة الذاتية...
ثالثاً: تأثير الحرية المطلقة على النظم الاجتماعية
أدت الحرية المطلقة إلى تفكك الأسرة وتراجع العلاقات الاجتماعية ؛ فالأسرة كانت لقرون طويلة حجر الأساس في النظم الاجتماعية ، لكن مع تزايد النزعة الفردية في الغرب ، شهدت الأسرة تحولات جذرية ، حيث ارتفعت معدلات الطلاق ، وتراجعت معدلات الزواج ، وازدادت الأسر ذات العائل الواحد . ويرجع علماء الاجتماع هذا التفكك إلى غياب القيود المجتمعية عن العلاقات الشخصية ، حيث باتت القرارات تُتخذ بناءً على الرغبات الفردية دون اعتبار كافٍ للالتزامات العائلية.
ساهمت الحرية المطلقة أيضاً في تقليل الشعور بالانتماء، حيث بات الأفراد أقل ارتباطاً بجماعاتهم ، مثل العائلة أو الحي أو حتى الدولة ، ويرى عالم الاجتماع روبرت بوتنام في كتابه «البولينغ وحيداً» أن هذا التراجع في الروابط الاجتماعية أدى إلى انخفاض رأس المال الاجتماعي، مما يؤثر سلباً على التضامن الاجتماعي، ويؤدي إلى زيادة العزلة.
تزايد النزعات الفردية على حساب المصلحة العامة.. ففي ظل انتشار فلسفة «الحرية المطلقة»، أصبح من الصعب تحقيق توافق مجتمعي حول القضايا الكبرى مثل البيئة، والعدالة الاجتماعية، أو توزيع الثروة. ومع التركيز على الحقوق الفردية من دون الالتزامات الاجتماعية، باتت القرارات تُتخذ وفقاً للمصلحة الذاتية لا للمصلحة العامة، مما أدى إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.
وأخيراً : فـ ليس من حق الغرب كله أن يفرض قيمه وقناعاته ومفاهيمه الدينية والأخلاقية على غيره من الامم والدول والشعوب التي لا ترى في مثل تلك القيم إلا شذوذاً وسقوطاً قيمياً وأخلاقياً لتعارضها مع ما تؤمن به من أفكار وقيم ومبادئ ومقاييس وأخلاق ..
وكاتب هذه السطور مع الحرية التي تحفظ للإنسان كرامته الآدمية وللمجتمع وحدته وتطوره ومستقبله وتحافظ على فطرته السوية الطبيعية ، ولستُ مع أي حرية تتعارض مع الأفكار والقيم الإسلامية والمقاييس والقناعات والمبادئ .. تلك التي اقرتها شريعة السماء ومنهاج رسول السلام محمد بن عبدالله والقيم الأخلاقية التي تتسم بها مجتمعاتنا.

ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
الرَّمَادِيُّ
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ : ٢٩ / شوال ~ 27 أبريل 2025م
الْمَجَالِسُ السَّنيَّةُ الْنَّدِيَّة المتعلقة بـ (.أبواب كِتَابُ النِّكَاحِ ...)
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس