29 / 01 / 2008, 17 : 07 AM | المشاركة رقم: 9 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى نشيط | الرتبة | | البيانات | التسجيل: | 15 / 12 / 2007 | العضوية: | 8 | المشاركات: | 78 [+] | بمعدل : | 0.01 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 219 | نقاط التقييم: | 12 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | كاتب الموضوع : مسلم المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح [COLOR="DarkGreen"]شروط لا إله إلا الله الشرط السابع: المحبة المنافية للكره والبغض [الكاتب: أبو بصير الطرطوسي] من شروط صحة شهادة التوحيد محبتها ومحبة أهلها، وبغض أعدائها وما يضادها من الشرك والتنديد؛ وصفة هذه المحبة أن يكون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليه مما سواهما، وأن يكون الله تعالى وحده هو المحبوب لذاته، وما سواه فهو محبوب له وفيه عز وجل ، لا يُحب مع الله أحد وإنما يُحب فيه ولأجله.. وإن أحب المرء شيئاً لا يُحب ما يكرهه الله عز وجل، وإن كره شيئاً لا يكره ما يُحبه عز وجل وبخاصة التوحيد حق الله تعالى على العبيد. فإن وقع المرء في محبة الأنداد والشركاء، وكره ما أنزل الله تعالى على أنبيائه ورسله من التوحيد والدين.. وقع في الشرك والكفر، وخرج من دائرة الإسلام والإيمان، ولا ينفعه ما قدم من طاعات وأعمال. والدليل على ما تقدم، قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله} البقرة: 165. فمن أحب مخلوقاً لذاته بحيث يوالي فيه ويعادي فيه، ويوالي من يواليه ويعادي من يُعاديه - بغض النظر عن موافقتهم للحق أو مخالفته - فقد اتخذوا هذا المخلوق نداً لله تعالى، ودخلوا في عبادته من دون الله تعالى؛ لأن المحبوب لذاته هو الله تعالى وحده وما سواه يُحب له وفيه.. قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 10/267: لا يجوز أن يُحب شيء من الموجودات لذاته إلا هو سبحانه وبحمده، فكل محبوب في العالَم إنما يجوز أن يُحب لغيره لا لذاته، والرب تعالى هو الذي يجب أن يُحب لنفسه، وهذا من معاني إلهيته {ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، فإن محبة الشيء لذاته شرك فلا يُحب لذاته إلا الله، فإن ذلك من خصائص إلهيته فلا يستحق ذلك إلا الله وحده، وكل محبوب سواه لم يُحب لأجله فمحبته فاسدة اهـ. وقال ابن القيم رحمه الله في المدارج 1/99: فالله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لكمال محبته، مع الخضوع له والانقياد لأمره. فأصل العبادة: محبة الله، بل إفراده بالمحبة، وأن يكون الحب كله لله، فلا يُحب معه سواه، وإنما يُحب لأجله وفيه، كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه، فمحبتنا لهم من تمام محبته، وليست محبة معه كمحبة من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحبه. اهـ. وقال تعالى: {قالوا وهم فيها يختصمون. تالله إن كنا لفي ضلالٍ مبين. إذ نسويكم برب العالمين} الشعراء: 96-98. فهم إذ كانوا يسوون الأنداد والطواغيت برب العالمين لم يكونوا يسوونهم به عز وجل في خاصية القدرة على الخلق أو التصرف في الكون أو الخلق إيجاداً وضراً ونفعاً، فهم أعجز من ذلك بكثير.. وإنما كانوا يسوونهم بالله من جهة الطاعة والمحبة فيحبونهم كحب الله تعالى وأشد، ويقدمون أمرهم وطاعتهم على أمره وطاعته عز وجل، فحصلت بذلك تلك المساواة الشركية. قال ابن القيم رحمه الله: ومعلوم أنهم ما سووهم به سبحانه في الخلق والرزق، والإماتة والإحياء، والملك والقدرة، وإنما سووهم به في الحب والتأله والخضوع لهم والتذلل، وهذا غاية الجهل والظلم، فكيف يسوى التراب برب الأرباب؟! وكيف يسوى العبيد بمالك الرقاب؟! وقال: هذه التسوية لم تكن منهم في الأفعال والصفات بحيث اعتقدوا أنها مساوية لله سبحانه في أفعاله وصفاته وإنما كانت تسوية منهم بين الله وبينها في المحبة والعبودية والتعظيم.. ولم تكن تسويتهم لهم بالله في كونهم خلقوا السماوات والأرض أو خلقوهم أوخلقوا آباءهم، وإنما سووهم برب العالمين في الحب لهم كما يُحب الله فإن حقيقة العبادة هي الحب والذل.. اهـ. وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان " [28]. أي من كان هذا ديدنه وشأنه في جميع شؤونه وتعامله مع الآخرين فقد استكمل التوحيد والإيمان.. فالناس يتفاوتون في الإيمان والتوحيد تبعاً لتفاوتهم في الحب في الله، والبغض في الله وغير ذلك من الطاعات. أما من انتفى عنه مطلق الحب في الله، والبغض في الله.. فقد انتفى عنه مطلق التوحيد، ومطلق العبودية لله تعالى. وقال صلى الله عليه وسلم: " أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله تعالى " [29]. قلت: إذا كان أوثق عرى الإيمان والتوحيد: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله.. فإن مفهوم المخالفة يقتضي أن يكون أوثق عرى الكفر والشرك: الموالاة في المخلوق، والمعاداة في المخلوق، والحب في المخلوق، والبغض في المخلوق.. أيَّاً كان هذا المخلوق، وكانت صفته. وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن عبد حتى أكون أحبَّ إليه من أهله وماله والناس أجمعين "، وفي رواية: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " مسلم. والإيمان لا ينتفي إلا لنوع شرك وعبادة تصرف لغير الله تعالى، ونوع الشرك هنا يكمن في تقديم محبة وطاعة الآخرين على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته الذي أمر الله تعالى بمحبته وطاعته لطاعته لله تعالى في كل ما يصدر عنه؛ كما قال تعالى عنه صلى الله عليه وسلم: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} وهذه ليست لأحدٍ بعده صلى الله عليه وسلم . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله " مسلم. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بما فيه طاعة لله تعالى، ولا ينهى إلا عما فيه معصية لله تعالى . قال أبو سليمان الخطابي في شرحه لحديث " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولد ه ووالده والناس أجمعين ": معناه لا تصدق في حبي حتى تفنى في طاعتي نفسك، وتؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه هلاكك اهـ. ومن الأدلة كذلك على صحة شرط المحبة للتوحيد، أن انتفاء المحبة من لوازمه حصول ضدها من البغض والكراهية للتوحيد.. وكره أو بغض التوحيد كفر أكبر مخرج لصاحبه من الملة، كما قال تعالى: {والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم. ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم} محمد: 8-9. فعلل كفرهم وحبوط أعمالهم - ولا يُحبط العمل إلا الكفر والشرك - بأنهم كرهوا ما أنزل الله على أنبيائه ورسله من الدين؛ وأعظم ما أنزل الله تعالى على أنبيائه شهادة التوحيد: لا إله إلا الله. وقال تعالى عن الكافرين وهم يستغيثون في جهنم ولا مغيث: {ونادَوا يا مالك ليقضِ علينا ربك قال إنكم ماكثون. لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون} الزخرف: 77-78. فعلل سبب مكثهم في جهنم أنهم كانوا للحق الذي جاءهم من عند ربهم كارهون؛ وأعظم ما جاءهم من الحق شهادة التوحيد لا إله إلا الله.. فكانوا لها كارهين، فاستحقوا بذلك العذاب والخلود في نار جهنم. وقال تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر} محمد: 25-26. فهؤلاء ارتدوا وكفروا بعد أن ظهر لهم الإيمان ودخلوا فيه بسبب أنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر مما فيه مُضاهاةٍ وتكذيبٍ لشرع الله تعالى وتوحيده.. فكفروا وارتدوا بسبب مقولتهم هذه! فكيف بمن يقول لهم - كحال طواغيت العصر الذين قالوا لليهود والنصارى - سنطيعكم في كل الأمر؟! فكيف بالذين يدخلون في طاعة طواغيت الحكم وموالاتهم - كحال المتزلفين الذين هان عليهم دينهم - ويقولون لهم سنطيعكم في كل الأمر، وفي كل ما يصدر عنكم من تعليمات وأوامر وقوانين تضاهي شرع الله تعالى؟! فكيف بالذين كرهوا ما نزل الله تعالى ذاتهم؟! لا شك أنهم أولى بالكفر والارتداد ممن قال للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر وليس كله! وعليه فمن يأتي بشهادة التوحيد وهو لها ولأهلها كاره مبغض فهو كافر مرتد، مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار.. لا ينفعه شيء مما قدم من أعمال وطاعات. علامات المحبة الصادقة : سهل على كل أحد وهو متكئ على أريكته أن يدعي حب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم ، وحب التوحيد وأهله.. ولكن هل لهذا الإدعاء من برهان يصدقه أو يكذبه؟ أقول نعم لكل ادعاء علامات وبراهين تصدقه أو تكذبه، وللمحبة الصادقة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم علامات أهمها: 1) حصول المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم : فمن أصدق علامات المحبة المتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته؛ حيث كلما كملت المتابعة كلما قويت المحبة لله تعالى، وكلما نقصت المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وللشريعة التي جاء بها من عند ربه كلما ضعفت المحبة، فعلى قدر الاتباع والمتابعة تكون المحبة ارتفاعاً وانخفاضاً، ومن زعم المحبة من غير اتباع للنبي صلى الله عليه وسلم فهو كذاب أشر مهما زعم بلسانه أنه يحب الله ورسولَه. قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} آل عمران: 31. قال ابن كثير في التفسير: هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله اهـ. وقال ابن تيمية في الفتاوى 8/360: فكل من ادعى أنه يحب الله ولم يتبع الرسول فقد كذب، وليست محبته لله وحده، بل إن كان يحبه فهي محبة شرك، فإنما يتبع ما يهواه، كدعوى اليهود والنصارى محبة الله، فإنهم لو أخلصوا له المحبة لم يحبوا إلا ما أحب فكانوا يتبعون الرسول، فلما أحبوا ما أبغض الله مع دعواهم حبه كانت محبتهم من جنس محبة المشركين اهـ. وقال تلميذه ابن القيم في المدارج 1/99: وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها، فهي إنما تتحقق باتباع أمره واجتناب نهيه، فعند اتباع الأمر واجتناب النهي تتبين حقيقة العبودية والمحبة، ولهذا جعل اتباع رسوله علَماً عليها، وشاهداً لمن ادعاها، فقال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، فجعل اتباع رسوله مشروطاً بمحبتهم لله، وشرطاً لمحبة الله لهم، ووجود المشروط ممتنع بدون وجود شرطه وتحققه بتحققه، فعلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة، فانتفاء المتابعة ملزوم لانتفاء محبة الله لهم، فيستحيل إذاً ثبوت محبتهم لله، وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم .. اهـ. ومن دلالات الآية الكريمة أن من ينتفي عنه مطلق المتابعة الظاهرة لا يكون مؤمناً ولا محباً لله تعالى .. فهي دليل آخر على كفر من ينتفي عنه جنس العمل بالشريعة وإن أتى بالإقرار والتصديق ! 2) إيثار الله ورسوله في حال حصول الاختيار : من العلامات الدالة على المحبة الصادقة إيثار جانب الله تعالى ورسوله في حال حصل له الاختيار بين طاعة الله ورسوله وبين طاعة ما سواهما من الخلق وكل ما يتجاذبه من فتنة الحياة الدنيا.. فإن آثر جانب طاعة الله ورسوله وحبهما على كل ما يتجاذبه من زينة الحياة الدنيا وفتنتها فقد صدق في دعواه للمحبة، وإن آثر الطرف الآخر بكل زينته وفتنته على الله ورسوله وقدم طاعته على طاعتهما، فقد كذب في دعواه المحبة وكان من المشركين. قال تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} التوبة: 24. فهذه الأشياء من زينة الحياة الدنيا لو جمعت كلها في جانب - وهذا ما يقتضيه حرف العطف الوارد في الآية الكريمة - فقدمت على طاعة الله ورسوله وعلى حبهما لكان من المشركين الفاسقين الذين خسروا الدنيا والآخرة. قال ابن القيم في المدارج 1/100: دل على أن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي حب الله ورسوله وطاعة أمره، ولا يكفي ذلك في العبودية حتى يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما؛ فلا يكون عنده شيء أحب إليه من الله ورسوله، ومتى كان عنده شيء أحب إليه منهما فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله لصاحبه ألبتة، ولا يهديه الله، قال الله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} . فكل من قدم طاعة أحد من هؤلاء على طاعة الله ورسوله، أو قول أحد منهم على قول الله ورسوله، أو مرضاة أحد منهم على مرضاة الله ورسوله، أو خوف أحد منهم ورجاءه والتوكل عليه على خوف الله ورجائه والتوكل عليه، أو معاملة أحدهم على معاملة الله، فهو ممن ليس الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وإن قاله بلسانه فهو كذب منه، وإخبار بخلاف ما هو عليه، وكذلك من قدم حكم أحدٍ على حكم الله ورسوله، فذلك المقدَّم عنده أحب إليه من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. اهـ. 3) البلاء والصبر عليه : فمن علامات الإيمان وصدق المحبة البلاء والصبر عليه كما قال تعالى: {أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون} العنكبوت: 2. أي أحسب الناس أن يدعوا المحبة وأنهم من أهل التوحيد والعبودية الخالصة لله تعالى ثم هم لا يُفتنون ولا يُبتلون في دينهم وفي سبيل نصرة هذه الدعوة.. ليميز منهم الصابر المجاهد الصادق في دعواه أنه من المؤمنين من غيره ممن ينقلب على عقبيه من أول فتنة تنزل في ساحته ! كما قال تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوَا أخبارَكم} محمد: 31. فصبرهم على البلاء هو علامة صادقة على صدق المحبة والعبودية،وصدق الجهاد في سبيل الله.. أما أولئك الذين يزعمون الإيمان والتوحيد ثم هم ينقلبون على أعقابهم لأدنى فتنة تصيبهم، أو تنزل في ساحتهم قال تعالى عنهم: {فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله} العنكبوت: 10. وقال تعالى: {وإن أصابته مصيبة انقلب على عقبيه خسر الدنيا والآخرة} الحج: 11. فالمرء يُبتلى على قدر دينه وإيمانه وتوحيده، وصدق محبته فإن قوي إيمانه وصدق في توحيده لله تعالى وحبه له عز وجل، اشتد عليه البلاء وصبَّره عليه، كما في الحديث: " يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ". وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الصالحين يُشدد عليهم..". وقال صلى الله عليه وسلم: " كما يُضاعف لنا الأجر كذلك يُضاعف علينا البلاء ". لذلك فإن الأنبياء - لكمال إيمانهم وصدق عبوديتهم لله تعالى - فإنهم أشد الناس بلاءً في الله وصبراً على البلاء، كما في الحديث: " أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل "، وقال صلى الله عليه وسلم: " ما أوذي أحد ما أوذيت في الله تعالى ". وعن أبي سعيد الخدري أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك، وعليه قطيفة فوضع يده عليه، فوجد حرارتها فوق القطيفة، فقال أبو سعيد: ما أشدُّ حُمَّاك يا رسول الله! قال: " إنا كذلك يشتد علينا البلاء ويُضاعف لنا الأجر ". فقال يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: " الأنبياء ثم الصالحون..". وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: والله يا رسول الله إني أحبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن البلايا أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه " [30]. أي توقع البلاء إن كنت صادقاً فيما تقول.. فعلامة حبك لي، أن تُبتلى في الله وتصبر على البلاء! وبعد، هذه علامات ودلالات المحبة الصادقة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم: الاتباع.. والإيثار.. والبلاء.. فمن عدمها عدم صدق المحبة وصدق التوحيد والعبودية لله تعالى وحده. وإن زعم بلسانه خلاف ذلك، وتشبع بما لم يُعط، وأظهر أنه من المؤمنين ومن الموحدين الذين يحبون الله تعالى ورسوله فواقع حاله ولسان عمله يحكم عليه بكل وضوح وصراحة: أنه من الكاذبين.. وأنه من المنافقين الكافرين ! [/COLOR]-------------------------------------------------------------------------------- [COLOR="Orange"][28] أخرجه أبو داود وغيره، السلسلة الصحيحة: 380. [29] أخرجه أحمد وغيره، صحيح الجامع الصغير: 2539. [30] أخرجه ابن حبان، السلسلة الصحيحة: 1586. قلت: وجميع ما تقدم من أحاديث عن البلاء هي صحيحة ولله الحمد. ومن هذه الأحاديث وغيرها نستفيد أن المبتلى في الله تعالى - وبخاصة منهم الذين يشتد عليهم البلاء في الله - يجب أن توسع في حقهم ساحات التأويل والأعذار في حال وقوعهم في الزلات والأمور المتشابهات.. وأن يُقدم في حقهم تحسين الظن على إساءة الظن بهم.. وهذا خلق سني نبوي شريف حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقع أحد من أصحابه في زلة وشبهة مريبة.. أقال عثرته وتأول له، وتذكر له الساحات التي ابتلي فيها في الله تعالى .. لا يا عمر، إنه من أهل بدر .. بينما من لم يُعرف عنه بلاء في الله كانت تضيق في حقه ساحة التأويل والأعذار.. وهذه قاعدة جليلة ينبغي التنبه لها عند الخوض في المسائل الكبار كمسائل الكفر والإيمان. [/COLOR]
|
| |