عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 05 / 2009, 41 : 04 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
الجودي-1
اللقب:
عضو ملتقى
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية الجودي-1


البيانات
التسجيل: 12 / 04 / 2009
العضوية: 23893
المشاركات: 34 [+]
بمعدل : 0.01 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 202
نقاط التقييم: 12
الجودي-1 is on a distinguished road
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 23893
عدد المشاركات : 34
بمعدل : 0.01 يوميا
عدد المواضيع : 0
عدد الردود : 34
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
الجودي-1 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

بِِِِِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آل بيته الطاهرين أما بعد:
من هم الصحابة:
جاء في لسان العرب "صَحِـبَه يَصْحَبُه صُحْبة، بالضم، وصَحابة، بالفتح، وصاحبه: عاشره. والصَّحْب: جمع الصاحب... والأَصْحاب:جماعة.. والصاحب: الـمُعاشر...والجمع أَصحاب، وأَصاحيبُ، وصُحْبان...وصِحاب ... وصَحْب وصَحابة وصِحابة، حكاها جميعاً الأَخفش ... وفي حديث قيلة: خرجت أَبتغي الصَّحابة إِلى رسول اللّه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ؛ هو بالفتح جمع صاحب" ومن هنا نعلم أن الصحابة لغة هم الذين رأوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مسلمين وعاشروه مدة من الزمن، ولكن علماء الحديث جعلوا الصحابي أعم من ذلك فقالوا: هو كل مسلم رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حيًّا ومات على الإسلام ولو تخللت ذلك ردة، وبذلك يكون المائة والأربعة عشر ألفًا الذين شهدوا حجة الوداع والمسلمون الذين عاشوا في البوادي ورأوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولو للحظة واحدة صحابة، ولم يقفوا عند هذا الحد بل عدَّلوهم جميعهم عدالة مستمرة معهم طيلة حياتهم أي غير العدالة التي تثبت بدخول الإسلام وقد تتغير بعد ذلك إذا ما فسق صاحبها، بأدلة لا دلالة فيها على ذلك كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، ثم جعلوا تعديلهم الذي يعني حكمهم عليهم بعدم فعل كبيرة أو إصرار على صغيرة، توثيقًا لهم مع علمهم أن التوثيق حكم بالعدالة والضبط معًا وهم لم يبحثوا مسألة ضبط الصحابة بالمرة، وهذا تساهل كبير مخالف لقواعد التوثيق والجرح والتعديل التي قعدها وأقرها علماء الجرح والتعديل أنفسهم، وإليك بيان ذلك:
أدلتهم على تعديل الصحابة كلهم: قالوا الصحابة كلهم عدول واستدلوا على ذلك بأدلة عامة نذكرها ونذكر الرد على استدلالاتهم بها إن شاء الله تعالى:
1- قول الله عَزَّ وَجَلَّكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[آل عمران110]، وقولهوَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً[البقرة143]، وهاتان الآيتان لا دلالة فيهما على تعديل الصحابة عند كل منصف لأنهما لا علاقة لهما بالمسألة، وإنما هما تبينان خيرية الأمة الإسلامية في عهد الصحابة وفي عهد التابعين بل وفي كل وقت وحين وإلى يوم الدين على غيرها من الأمم لأنها أمة إسلامية وغيرها من الأمم إنما هي أمم إما جاهلية أو إسلامية لم تصل إلى درجتها من الفضل والخيرية، وهذه الخيرية للأمة الإسلامية بعمومها لا تعني مطلقًا عدالة كل فرد منها وفيها وإلا لما كانت هناك معاص كبيرة أو صغيرة يصر عليها، ولما كان هناك فساق ولما عذب أحد من أهل الملة الإسلامية في النار يوم القيامة وهذا قول لم يقل به أحد ولم يتخيله ذو لب لمناقضته الواقع والأدلة القطعية.
2- وقولهمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[الفتح29]، وهذه الآية أيضًا لا دلالة فيها على تعديل الصحابة عند كل منصف لأنها لا علاقة لها بالمسألة، وإنما هي تبين صفتين من صفات أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حال حياته لا بعد موته غير صفة العدالة، وقد تجتمع هاتان الصفتان مع الفسق في شخص واحد أي أن اتصاف المسلم بهما لا يعني لزوم عدالته، ثم إننا لو قلنا بلزوم عدالة من اتصف بهاتين الصفتين فنحكم بعدالتهم حال كونهم مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أي في حياته وليس بعد وفاته.
3- وقولهوَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[التوبة100]، وقولهلَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً[الفتح18]، وهاتان الآيتان لا دلالة فيهما على تعديل الصحابة عند كل منصف لأنهما لا علاقة لهما بالمسألة، وإنما هما تخبران عن رضا الله سبحانه وتعالى عن السَّابِقُينَ الْأَوَّلُينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وعن الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة، وهذا لا علاقة له بتعديل الصحابة من وجوه عدَّة:
1- أن هاتين الآيتين لم تخبرا عن رضا الله عن جميع من شملهم تعريف الصحابة عند علماء الحديث الذين استدلوا بها على عدالة جميع الصحابة بحسب تعريفهم وإنما عن جماعة منهم فقط.
2- أن هاتين الآيتين تخبران عن حكم من أحكام الله وهو الرضا عن المؤمنين المبنية على علم الله بحقيقة الأمر ومنتهاه وليس عن حكم من أحكام البشر المبنية على الظاهر والتي الجرح والتعديل جزء منها.
3- أن رضا الله عن المؤمنين لا يدل على عدالة كل واحد منهم لأن الله يرضى عن المسلمين جميعهم عدلهم وفاسقهم، ورضاه عنهم لا يعني رضاه عن كل عمل منهم وإنما يعني رضاه عنهم بالكلية بسبب إسلامهم أو توبتهم من الذنوب أو زيادة حسناتهم على سيئاتهم أو رحمة منه وفضلاً، يدل على ذلك أدلة كثيرة منها قول الله تبارك وتعالىلَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[المجادلة:22]، وفي هذه الآية بيان من الله قاطع أنه رضي عن كل المؤمنين الذين يشكلون حزب الله ومن المعلوم يقينًا أن فيهم العدل والفاسق، وهذا الرضا من الله الذي يعلم ما يستحقونه يوم القيامة من الجزاء والثواب بحسب ما يموتون عليه من الإيمان، وما روي عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم "إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربِّ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا ربِّ، وأي شيء أفضل من ذلك، فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً"(1 )، وهذا إخبار عن رضا الله عز وجل عن كل من دخل الجنة ومنهم من عذب في النار ثم أخرج منها ، ومنهم من لم يدخلها لزيادة سيئاته على حسناته كما دل على ذلك ما روي عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في بعض صلاته "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا فلما انصرف قلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: ينظر في كتابه ويتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك وكل ما يصيب المؤمن كفر الله عنه حتى الشوكة تشوكه"( 2) ، وما روي عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "تحشر هذه الأمة على ثلاثة أصناف صنف يدخلون الجنة بغير حساب وصنف يحاسبون حسابًا يسيرًا وآخر يجوزون على ظهورهم أمثال الجبال الراسية فسأل الله عنهم وهو أعلم فيقول هؤلاء عبيد من عبيدي لم يشركوا بي شيئًا وعلى ظهورهم الذنوب والخطايا حطوها واجعلوها على اليهود والنصارى وادخلوا الجنة برحمتي"(3) ، ومنهم من لم يدخلها أيضًا لتوبته ومغفرة الله له ذنوبه بهذه التوبة، دلَّ على ذلك أدلة كثيرة منها قول الله تبارك وتعالىوَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى[طه:82]، وقوله وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[آل عمران:135]، وقولهقُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[الزمر:53]، وقولهإِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً[الفرقان:70].
4- وقولهوَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ[الأنفال74]، وقولهلِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ[الحشر8-10]، وما قيل في الآيات السابقة يقال في هذه الآيات لأنها غاية ما فيها الشهادة لهم بالإيمان وليس بالعدالة إذ قد يجتمع الإيمان الحقيقي أي الموافق فيه الظاهر للباطن مع وجود المعصية والإصرار عليها.
5- وما روي عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"(4 )، وهذا الحديث لا دلالة فيه على تعديل الصحابة لأنه شهادة فقط بأن خير القرون قرن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا لا يعني عدالة كل من فيه سواء كان صحابيًّا أو تابعيًّا، وقد ثبت فيه بالدليل القاطع وقوع ردة واسعة فيمن صاحبوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحدث كذلك بغي واسع من مانعي الزكاة على أبي بكر رضي الله عنه ومن معاوية ومن ناصره على الإمام علي عليه السلام، وهذا فسق أصروا عليه وورثوه من بعدهم.
6- وما روي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه"(5 )، وهذا الحديث أيضًا لا دلالة فيه على تعديل الصحابة لأنه إما يحرم سب الصحابة لفضلهم أو يبين فضلهم على غيرهم وهذا لا يعني عدم فسق بعضهم بوقوعهم في كبائر الذنوب أو إصرارهم على صغائرها.
7- وما روي عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال "النجوم أمنةٌ للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنةٌ لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون"(6 )، وهذا الحديث أيضًا لا دلالة فيه على تعديل الصحابة لأنه إنما يبين أثر وجود الصحابة في تحقيق الأمان للمسلمين، وهذا ليس على إطلاقه فالذي وقع بين الصحابة من حروب واقتتال يبين ذلك ويؤكده وهو دليل على أن لا علاقة للحديث بتعديل الصحابة لأن اقتتالهم كان فيه المصيب والمخطئ، الظالم والمظلون، العدل والمجروح.
وبناء على ما ذكرناه نستطيع القطع بأنه لم يدل دليل على عدالة كل الصحابة بل منهم العدل ومنهم المجروح ومنهم من ثبت على عدالته ومنهم من رجع عنها ومنهم من ثبت على فسقه ومنهم من تاب منه، في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبعد موته، ولدينا من الأدلة غير ما ذكرناه من رد الاستدلال بالأدلة المتوهم أنها تعدلهم، والتي تثبت جرح العديد من الصحابة الكثير والتي منها:
1- قول الله تعالىوَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[التوبة:118]، فهؤلاء الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك جرحوا وقوطعوا خمسين يومًا حتى تاب الله عليهم، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: سمعت أبي كعب بن مالك، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم "أنه لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة غزاها قط غير غزوتين: غزوة العسرة وغزوة بدر، قال: فأجمعت صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضحى، وكان قلما يقدم من سفر سافره إلا ضحى، وكان يبدأ بالمسجد، فيركع ركعتين، ونهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن كلامي وكلام صاحبي، ولم ينه عن كلام أحد من المتخلفين غيرنا، فاجتنب الناس كلامنا، فلبثت كذلك حتى طال علي الأمر، وما من شيء أهم إلي من أن أموت فلا يصلي علي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو يموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأكون من الناس بتلك المنزلة، فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلي علي، فأنزل الله توبتنا على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حين بقي الثلث الآخر من الليل، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند أم سلمة، وكانت أم سلمة محسنة في شأني، معنية في أمري، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أم سلمة، تيب على كعب. قالت: أفلا أرسل إليه فأبشره، قال: إذًا يحطمكم الناس فيمنعونكم النوم سائر الليلة. حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفجر آذن بتوبة الله علينا، وكان إذا استبشر استنار وجهه، حتى كأنه قطعة من القمر، وكنا أيها الثلاثة الذين خلفوا عن الأمر الذي قبل من هؤلاء الذين اعتذروا، حين أنزل الله لنا التوبة، فلما ذكر الذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المتخلفين واعتذروا بالباطل، ذكروا بشر ما ذكر به أحد، قال الله سبحانه "يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله" الآية"(7 ).
2- وقولهوَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً[الأحزاب:13].
3- وقولهيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ[الحجرات6]، وهاتان الآيتان نزلتا في بعض الصحابة الذين فسقوا وجرحوا بأفعالهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقبل موته.
4- وما روي عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "أنا فرطكم على الحوض، وليرفعنَّ رجال منكم ثم ليختلجنَّ دوني، فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"(8 )، وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "ليردن علي ناس من أصحابي الحوض، حتى عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: أصيحابي؟ فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك"(9 )، وعن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم "إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدًا، ليردنَّ علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم. قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم، فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري، لسمعته وهو يزيد فيها: فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيَّر بعدي"( 10)، وعن أبي هريرة: أنه كان يحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال "يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي، فيجلون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى"( 11)، وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "بينا أنا نائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وينهم، فقال: هلم، قلت أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم"( 12).
ولقد جرح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعض أصحابه أمثال معاوية وغيره يدل على ذلك ما روي عن أبي سعيد قال "كنا نحمل لبنة لبنة(13 ) وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فينفض التراب عنه ويقول: ويحُ عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، قال يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن"(14 )، وما روي عن عائشة "أن رجلاً استأذن على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فقال: ائذنوا له فلبئس ابن العشيرة أو بئس رجل العشيرة فلما دخل عليه ألان له القول قالت عائشة: فقلت يا رسول الله قلت له الذي قلت ثم ألنت له القول. قال: يا عائشة إن شر الناس منزلةً عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه"(15 ). وما روي عن فاطمة بنت قيس قالت "قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: إذا حللت فآذنيني. فآذنته، فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أما معاوية فرجل ترب لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء، ولكن أسامة بن زيد قال: فقالت: بيدها هكذا أسامة أسامة، فقال لها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: طاعة الله وطاعة رسوله خير لك، قالت: فتزوجته فاغتبطت"(16 )، وكذلك سار على نفس المنهج أصحابه بعد وفاته يدل على ذلك ما روي عن أبي إسحاق قال "كنت مع الأسود بن يزيد جالسا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى فحصبه به فقال ويلك تحدث بمثل هذا، قال عمر لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة قال الله "لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة"(17 ).
وبذلك نقطع بعدم عدالة كل الصحابة لا في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا بعد مماته، وكذلك نقطع بعدم ضبطهم كلهم ومن هنا يجب إجراء قواعد الجرح والتعديل عليهم كما تجرى على غيرهم من رواة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يعلم مقبول الرواية منهم من مردودها، والله تعالى أعلم وأحكم.



---
-------------------------------------------------------------------
(1 ) رواه البخاري(فتح) ج11ص415 ومسلم والترمذي رقم2552 وأحمد ج2ص88.
(2 ) رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة.
(3 ) رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد شرط مسلم ولم يخرجاه
(4 ) رواه البخاري(فتح) ج5ص259 ومسلم(شرح النووي) ج16ص131-133 والترمذي ج4ص548 والحاكم ج3ص191 وأحمد ج4ص276 والطبراني في الكبير ج2ص320 والهيثمي في مجمع الزوائد ج10ص19والبغوي في شرح السنة ج10ص138وابن حبان رقم2258 والبيهقي في السنن الكبرى ج10 ص122 وابن أبي شيبة ج12ص178 وأبو نعيم في الحلية ج2ص78 وابن عبد البر في الاستذكار ج1 ص239والطحاوي في مشكل الآثار ج3ص177وفي شرح معاني الآثار ج4ص152وأحمد ج4 ص276.
(5 ) رواه البخاري في فضائل الصحابة ج5ص10 ومسلم مثله ج4ص1967 رقم2540 وابو داود رقم 4658 والترمذي رقم3861 وقال: حسن صحيح وأحمد ج3ص11 وابن ماجة رقم161 والحاكم ج2ص478 وابن أبي شيبة ج12ص175 والبيهقي في السنن الكبرى ج10ص203 والهيثمي في مجمع الزوائد ج10ص21.
(6 ) رواه مسلم ج4ص1961 رقم2531 وأحمد ج4ص399 والحاكم ج3ص457 والبغوي في شرح السنة ج14ص71.
(7 ) رواه البخاري (فتح) ج8ص342-343.
(8 ) رواه البخاري(فتح) ج11ص463،465 ومسلموابن ماجة رقم4306 وأحمد ج1 رقم257،والبيهقي في السنن الكبرى ج4ص78، والطبراني في الكبير ج2ص181 وابن أبي شيبة ج11ص439 وابن عبد البر في التمهيد ج2ص292 وابن خزيمة..
( 9) رواه البخاري(فتح) ج11ص385،464وعبد الرزاق رقم20854.
( 10) رواه البخاري(فتح) ج11ص468.
(11 ) رواه البخاري(فتح) ج11ص464.
(12 ) رواه البخاري(فتح) ج8ص150.
(13 ) أي في بناء المسجد.
( 14) رواه البخاري(فتح) ج1ص541، ج7ص92، وأحمد ج3ص91.
(15 ) رواه البخاري(فتح) ج10ص452 ووفي إسناده محمد بن سراء البصري رمي بالقدر مسلم(شرح النووي) ج16ص144 واللفظ له لصحة إسناده وأبوداود(عون) ج13ص147-148 وعبد الرزاق رقم2044 والهيثمي في مجمع الزوائد ج8ص17 والبيهقي في السنن الكبرى ج10ص245.
(16 ) رواه أحمد ج6ص412-413 وأبوداود ج2ص287 رقم 2288، ج4ص2119 رقم4326 وابن ماجة ج1ص652 رقم 2024 ومسلم(شرح النووي) ج10ص104،ج18ص78-84 والترمذي ج3 ص475 رقم1180وقال:حسن صحيح والدارمي ج2ص135والطحاوي في شرح معاني الآثار ج3ص5.
(17 ) رواه مسلم في كتاب الطلاق باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها حديث رقم 1480.









عرض البوم صور الجودي-1   رد مع اقتباس