عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 05 / 2009, 38 : 08 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

3- وقل غيرُ مخلوقٍ كـلام مليكنـا *** بذلـك دان الأتقيـاء , وأفصحـوا

لعل الناظم بهذه الصفة قبل غيرها من الصفات , لمناسبة السياق , وذلك أنه بدأ في البيتين الأولين بذكر التمسك بالكتاب والسنة , فلما ذكر وجوب التسمك بالقرآن , بدأ بذكر أبيات فيها ذكر عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن والرد على الذين خالفوا الحق وباينوه وجانبوا معتقد أهل السنة فيه , فهذه الأبيات فيهابيانٌ موجز لمعتقد أهل السنة في هذه المسألة , وردٌّ على أصناف من أهل البدع , وهم طوائف عديدة , أشار المصنف إلى بعضهم فبدأ رحمه الله بالكلام في هذه المسألى بقوله ( وقل غيرُ مخلوقٍ كـلام مليكنـا )
( قْل ) الخطاب لصاحب السنة المتمسك بالكتاب والسنة , أي : قل معتقداً مؤمناً بهذا الأمر غير شاك فيه ولا متردد ,, لأن القول إذا أُطلق فإنه يشمل قول القلب واللسان , ومن ذلك قوله تعالى ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ... )( البقرة136 ) أي : قولوا ذلك بقلوبكم إيماناً واعتقاداً وبألسنتكم نطقاً وتلفظا .
( غير مخلوق كلام مليكنا ) وهذا فيه إثبات أمرين يتعلقان بصفة الكلام :
الأمر الأول : أن الكلام صفة الله , فالقرآن كلام الله وليس كلام أحد من المخلوقين , وإضافته إلأى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف , بخلاف المعتزلة الذين قالوا هو من باب إضافة المخلوق إلى الخالق .

والمضافات إلى الله تعالى على نوعين :
مضاف إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف مثل سمع الله وبصر الله وقدرة الله وكلام الله وعلم الله , وضابطه ما إذا كان المضاف وصفاً لا يقوم إلا بموصوف , ومضاف إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى الخالق مثل عبدالله وأمة الله وناقة الله وبيت الله , وضباطه ما إإذا كان المضاف عيناً قائما بنفسه .
وهكذا الشأن فيما يقال فيه ( من الله ) فقد يكون منه وصفاً , وقد يكون منه خلقاً . فقوله تعالى ( ... وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )( السجدة13 ) . القول وصفللرب سبحانه ونعت من نعوته .
وقوله ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ... )( الجاثية13 ) مافي السماوات ومافي الأرض جميعاً هو من الله خقلاً وإيجاداً .
وفي هذا الباب ضل طائفتان : المعتزلة حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة خلق وغيجاد , ليصلوا إلى مبتغاهم وهو القول بأن كلام الله مخلوق , وغلاة الصوفية حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة وصف , ليصلوا إلى متغاهم وهو القول بالحلول ووحدة الوجود تعالى الله عما يصفون .
والحق وسط بين ذلك , والحاصل أن إضافة الكلام إلى الله عزوجل من باب إضافة الصفة إلى الموصوف .
وعندما يقال كلام مليكنا يتضمن الأصل في الصفات , وهو ا، ما يضاف إلى الله من الصفات يثبت له على وجه يليق به , وهذا تضمنه قوله ( كلام مليكنا ) أي هي صفة لله تليق به لا تشبه صفات المخلوقين , فهو سبحانه له الكمال في ذاته وصفاته . ولذا قال بعض السلف ( إذا أردت أن تتعرف الفرق بين كلام الله وكلام المخلوقين فهو كالفرق بين الخالق والمخلوق )
والقاعدة عند أهل العلم : أن الإضافة تقتضي التخصيص , فعندما يضاف الكلام إلى الله فإنه يخصه ويليق بجلاله وكماله , وعندما يضاف الكلام إلى المخلوق فيخصه ويليق بعجزه ونقصه , ولا يلزم من اتفاق الشيئين في الاسم أن يتفقا في الحقيقة والمسمة . هذا بين المخلوق والمخلوق , فيكف بين المخلوق والخالق .
الأمر الثاني : قوله ( غير مخلوق ) وهذا فيه رد وإبطال لقول من قال إن كلام الله مخلوق من المخلوقات التي أوجدها الله بقدرته , فالناظم بين بطلان هذا المعتقد بقوله ( غير مخلوق ) والقول بخلق القرآن هو معتقد الجهمية والمعتزلة وغيرهم .
والجهمية يصرحون بهذه ويقولون : القرآن مخلوق والكلام مخلوق ولا يقولون هو كلام الله , ولهذا حاول شيخهم تحريف قوله تعالى ( ...وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) ( النساء164 ) إلى نصب لفظ الجلالة فراراً من إضافة الكلام إلى الله .
وأما المعتزلة فيضيفون الكلام إلى الله ولكنهم يجعلونه من باب إضافة المخلوق إلى الخالق.
والاشاعرة والكلابية أيضا يقولون بخلق القرآن , ولكن لا يصرحون بذلك , ويقولون : الكلام نوعان كلام نفسي ليس بحرف ولا صوت وهذا يضيفونه إلى الله , أم الكلام اللفظي الذي يشتمل على الحرق والصوت والذي هو القرآن افهو مخلوق , وهو عبارة أو حكاية عن كلام الله وليس كلام الله بل هو مخلوقٌ من جملة سائر المخلوقات , وبذلك يلتقون مع الجهمية .
فالمصنف بقوله ( غير مخلوق ) أبطل جميع هذه المقالات .
فالقرآن كلام الله حقيقة وهو بحرف وصت سمعه جبريل من الله عزوجل وألفاظه ومعانيه كلام الله , ليس كلام الله ألفاظه دون معانيه , ولا معانيه دون ألفاظه .
وقوله ( مليكنا ) فيه إثبات صفة الملك لله . فالله مالك الملك , والملك كله لله .
قال الله تعالة ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( آل عمران26 ) .
والمخلوق إذا ملك شيئاً فإنما هو بتمليك الله له , فالله مالك الدنيا والآخرة , والملك من معاني الربوبية , لأن الربوبية لها معانٍ منها : االسيد والمطاع والملك .
قوله رحمه الله ( بذلك ) الأشارة هنا إلى ما تقدم في الشطر الأول من بيان المعتقد الحق في كلام الله .
( دان الأتقياء ) أي : آنوا واعتقدوا ذلك , والأتقياء : دانوا بأن القرآن كلام الله غيرُ مخلوق , فهذا معتقدهم الذي لا يحيدون عنه , والنقول عنهم في ذلك كثيرة , فاللالكائي رحمه الله عقد فصلاً في ( شرح الاعتقاد ) في بيان أن كلام الله غير مخلوق وسكى أكثر من خمسمائة نفس من هؤلاء , وبعضهم يروي عنه بالإسناد , كلهم يقرر أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال إنه مخلوق فهو كافرٌ والنقول عنهم في هذا المعني كثيرة جدا .
وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله :

ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام حكاه عنهم بل قد حكاه قبله الطبراني

قوله ( الأتقياء ) اختيار هذه الصفة لأهل السنة في غاية الجودة والدقة , فالتقوى : هي الوقاية بأن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقييه , فتقوى الله عزوجل أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضب الله وسخطه وقاية تقيه بفعل الأوامر وترك النواهي , ولهذا أفضل ما فسرت به التقوى قول طلق بن حبيب رحمه الله: { التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله , وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله}
قال ابن القيم رحمه الله ( وهذا من أحسن ما عرفت به التقوى )
وقال الذهبي في ترجمته ( وقد أحسن وأجاد )
وكذلك شيخ الإسلام أشاد بهذا التعريف , وكذا ان رجب .
فهؤلاء الأعلام - أعني أئمة أهل السنة - اتقوا الله بلزوم السنن والطاعات وبترك النواهي والمحدثات , وأعظم ما تركوه وابتعدوا عنه الكفر والبدع والمحدثات والتي منها القول بخلق القرآن وإضافةً إلى ما فيه من كفر وضلال فقد ترتب عليه من المفاسد والأخطار عند من قال به شيء كثيراً ولذلك ترتب على قول الجهمية امتهان لكلام الله , وعدم مبالاة به , لأنه بزعمهم مخلوق من المخلوقات .
( وأفصحوا ) أي : إضافة إلى أنهم دانوا بذلك واعتقدوه بقلوبهم فقد أفصحوا به وصرحوا به وأبانوه وقرروه في المجالس ووضحوه , وانتصورا له , ولا سيما عندما يعلن أهل الباطل باطلهم ويصرحون بضلالهم .
ولهذا يُنقل عن أبي إسحاق الإسفراييني أنه كان كل جمعة يقف ويقول ( القرآن كلام الله غير مخلوق خرقاً لقول الباقلاني , وذلك حتى لا يظن من يأتي بعدنا أننا علة معتقده ) , وذلك لأنه كان في عصره , نقل ذلك عنه شيخ الإسلام ( شرح العقيدة الأصفهانية )
وهذا أي الإفصاح قد مضى عليه أهل السنة في تآليفهم , فما تجد كتاباً مؤلفاً في الاعتقاد إلا وفيه التصريح بذلك والإفصاح به , بل أفردوا في ذلك كتباً ومصنفات .










عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس