ملتقى أهل العلم - من أي هذه الفئات الأربعة أنت؟

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اخواني اخواتي الافاضل عجبني هذا البحث الجميل ونقلته لكم اتمنى الاستفادة للجميع
جزاك الله خيرا
يا من قام بعمل هذا المجهود

ربّ اشرح لي صدري ويسّر
لي أمري

روى الأئمة الترمذي وابن ماجة وأحمد رحمهم الله عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
إنما الدنيا لأربعة نفر: فرجل آتاه الله علماً ومالاً، فهو يتقي الله فيه، يصل به رحمه، ويعرف لله فيه حقه؛ فهذا بأفضل المنازل . ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً، فهو يقول: لو أن لي كفلان لعملت بعمله، فهو ونيته؛ فهما في الأجر سواء. ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً، فهو يخبط في ماله، لا يرعى لله فيه حقه، ولا يصل به رحمه؛ فهذا بأخبث المنازل. ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً، فهو يقول: لو أن لي كفلان لعملت بعمله، فهو ونيته؛ فهما في الوزر سواء
هذا الحديث الشريف كما نرى قد قسم الناس إلى أربع فئات هي:

الفئة الأولى صاحب العلم والمال

فرجل آتاه الله علماً ومالاً، فهو يتقي الله فيه، يصل به رحمه، ويعرف لله فيه حقه؛ فهذا بأفضل المنازل
وكما قال عليه اصلاة والسلام المنتمي لهذه الفئة بهذه المواصفات لعمري أنه من أفضل المنازل على الإطلاق , وونُنَوِّهُ هنا أنّ الممدوح في هذا الحديث هو العلم وليس المال, ذلك أنّ المال وسيلة وليس غاية, على حين العلم غاية ووسيلة معا, والذي رفع صاحب هذه الفئة هو العلم, وهذا ان دلّ على شيء فانما يدلُّ على أنّ صاحب المال لا يكون ممدوحا الا اذا اقترن بعلم, وكما قال الامام على بن أبي طالب رضى الله عنه:

كفى بالعلم شرفاً أن يدَّعيهِ مَن ليس بأهلِه، وكفى بالجهلِ عاراً أن يتبرأَ منهُ مَنْ هو فيه
ويكفي العلم شرفا أنه ممدوحٌ في كتاب الله عزوجل كما في قوله عزوجل في سورة الزمر 9:
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ
وفي قوله تعالى في سورة آل عمران 18 أية الشهادة:
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قائما بالقِسطِ لا الهَ الا هو العزيزُ الحكيم
وفي قوله تعالى في سورة محمد 19

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وقال الامام البخاري رحمه الله عن قوله تعالى: قدّم الله عزوجل العلم على كلمة
لأن الله عز وجل لا يُعرف إلا بالعلم

الفئة الثانية : صاحب العلم فقط
ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً، فهو يقول: لو أن لي كفلان لعملت بعمله، فهو ونيته
وقوله صلى الله عليه وسلم : هو ونيته : يشرحه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
فالنية عبادة مستقلة بحد ذاتها ولا تفتقر إلى غيرها، على حين كل العبادات اطلاقا تفتقر إلى حسن النية , ووكما نرى فانّ المنتمي لهذه الفئة رجل الفئة وصل إلى مرتبة الأول بحسن نيته , وهذا ينبهنا لأمر هام هو قيمة النية الحسنة, وخطورة النية السيئة, فهو ونيته أي على ما نوى من خير فهما في الأجر سواء, تماما كقوله عليه الصلاة والسلام: من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعهُ , رينقصُ ذلك من أجورهم شيئا.
الفئة الثالثة : صاحب المال فقط
ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤتيه علما
شيخ هذه الطائفة وصاحبها قارون آتاه الله عزوجل مالاً لا تأكله النيران ولم يُؤتيه علما قط, فهو يتخبطُ في ماله لا يُدرك من حياته قيمة تذكر, وقارون كما كلنا يعلم مضرب المثل في الغنى والثراء، والله تبارك وتعالى قد سجل قصته في آخر سورة القصص 76- 77 قال عز وجل:
إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ
ولأنه اغتر بماله واغتر بربه الكريم الذي خلقه فسواه فعدله, فلم يمتثل للنصيحة فابتلعته الأرض يتجلجل فيها الى يوم القيامة ومن معه.
وهذه الفئة أخبث الفئات وقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم:
فهذا بأخبث المنازل

الفئة الرابعة : الذي خرج من الدنيا بلا مالِ وبلا علم
ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً
المنتمي لهذه خسر الدارين معا, كما في قوله تعالى في سورة الحج 11
خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
هذا الرجل ليس لديه لا مال ولا علم، وقد أساء من اقتدى به, لأنه اقتدى بجاهل لم يحاول أن يتعلم.

والآن ما المطلوب؟ على كل شخص منا أن يسأل نفسه هذا السؤال
من أي الفئات الأربعة أنا؟
وليكن أميناً في الاجابة

وأختم البحث بمسك الختام قوله تعالى في سورة ق

اذا يتلقى التلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد* ما يلفظُ من قولِ الا لديهِ رقيب عتيد