![]() |
انتظار الفرج بين العبادة والعمل السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة انتظار الفرج بين العبادة والعمل http://egyptwindow.net/Uploadedimage...12365441_n.jpg بقلم: محمد الجندي "خبير تربوى" الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم– وصلى اللهم على آله وصحبه ومن تمسك واهتدى بهديه إلى يوم الدين. أخرج الترمذى من حديث ابن مسعود: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ: انْتِظَارُ الْفَرَجِ». نحن معاشر الثوار مطالبين بأن نتمثل عبادة انتظار الفرج؛ لأنها من أسمى العبادات، خاصة وقت المحن والشدائد، لما لها من فوائد عظيمة وجليلة علينا نحن الثوار، وعلى كل مُصاب ومُبتلى ومظلوم، ومنها: * تعلقُ القلب بالله -سبحانه- وإحساسهُ بالعبودية التامة لجبار السماوات والأرض؛ لأن "القلب" يُدرك يقينًا أن لا سبيل للنجاة من الشدائد والمحن إلا باللجوء إلى القوي القهار -سبحانه- مع أنه قد يَنسى ذلك بعد النجاة.. وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم {وإذا مس الإنسان الضُر دعانا لجنبهِ أو قاعدًا أو قائمًا فلما كشفنا عنه ضُرَهُ مرَ كأن لم يدُعنا إلى ضُرٍ مسه..} [يونس: 12]. * إنها صرخة الاستغاثة والنجدة، تًنطلق من ضمير الإنسان إلى تلك القوة والطاقة، التي يؤمن بوجودها دون أن يراها، فإذا ضاقت بالعبد السُبل وانقطعت بالمكروب الحيل، فإنه يندفع بفطرته يستغيث بربه ويلجأ إليه يقينًا، بأنه وحده القادر على كشف الكَرب ورفع الضُر {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخُفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله يُنجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون} [الأنعام: 63-64]. * إن انتظار الفرج من الله تعالي يُنعش العبد المؤمن ويدفعة بقوة إلى اكتساب الأسباب المُعِينة على تجاوز المحن قدر المستطاع، ولا تمنع الشدائد -مهما عظُمت- المؤمن من الاستمرار في جهاده ومراجعة نفسه والاستعانة بالله حتى يُنزل عليه نصره وتوفيقه. *انتظار الفرج تحقق أهم سببًا لإجابة الدعاء: فالمحنة للمؤمن سببا مُقويًّا لذلك، ودافعًا إلى شدة التعلق والارتباط بالله سبحانه، ومهما تأخرت عنهُ الإجابة فإنه لا يمل ولا ييأس بل يزداد عبوديًّا وقربًا، وأملاً ورجاءً منه سبحانه، ومن ثَمَ يُحقق أحد أهم الأسباب للإجابة وهي الاضطرارُ، {أمن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض..} [النمل: 62]. وتأمل قول ابن عطاء الله حين قال: "لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء مُوجبا ليأسك فهو ضمن لك الإجابة فيما يختارُهُ لك لا فيما تختارَهُ لنفسك، وفي الوقت الذي يُريِد لا في الوقت الذي تُريِد". ربما يتصور العبد أن انتظار الفرج يعني أن يقعد الإنسان منتظرًا شيئًا يأتيه من وراء الغيب، دون بذل جهد منه، وهذا خطأ محض , فإنتظار الفرج الذي هو عبادة ليس قعوداً ولا استسلاماً للواقع والظلم، وإنما هو عمل قلبي روحي، وعمل عقلي فكري، وعمل مادي حسي، فهو اكتساب للأسباب كلها في الحقيقة، وما ألطف ما قال بن عطاء الله (إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية، وإرادتك الأسباب مع إقامة الله إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية). انتظار الفرج ببذل الجهد لكشف البلية ودفع المصيبة وتخفيف آثارها، حتى وإن كانت هذه الأسباب في الظاهر مما لا يكفي الشدة النازلة، فنحن إنما أٌمرنا باكتساب الأسباب المتاحة قدر الاستطاعة، والنصر إنما هو من الله وحده، فانتظار الفرج لا يكون أبدًا بالقعود وترك الأسباب بزعم التوكل على الله. فكلما أغلق أمامك باب، فابحث عن باب آخر؟، وكلما امتنع عنك سببٌ فتعلق بسببٍ آخر، واستعن بسنن الله في الكون بعضها علي بعض، تأمل قول الإمام الشهيد حسن البنا (لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلاية، ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا ببعضها على بعض، وترقبوا ساعة النصر، وما هي منكم ببعيد). وقد كان قوم نوح يسخرون من صنع السفينة؛ لأنهم لم يكونوا يرون من صنعها فائدة {ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإن نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يُخزيه ويحل عليه عذاب مقيم} [هود 38–39]. وكان نوح -عليه السلام- نفسه يُدرك أنها ليست سوى ألواح ودُسر، وليست هي العاصمة بذاتها من الغرق، ولهذا لمَ ظن ابنه أنها لن تنفع مع أمواج كالجبال، والتجأ إلى قمة الجبل قال له نوح -عليه السلام-: {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} [هود: 43]. على ذلك فإنَّنا معاشرَ الثُّوَّار مطالَبُون باكتسابِ أسبابِ النصرِ في ثورتِنا المظَفَّرة بإذنِ الله، وذلك من خلال: * تعميقِ الصلةِ بالله ذكرًا ودعاءً واستغفارًا وقيامًا بالليل. * استمرارِ الحراكِ الثوريِّ، والتفنُّنِ في وسائلِه السلميةِ المبدِعةِ، والتطويرِ المستمرِّ في وسائلِ مواجهةِ القمعِ الانقلابيِّ. *التحديثِ المستمرِّ لآلياتِ وفاعلياتِ الثورة. *التوعيةِ المنتظمةِ للثوارِ ولجماهيرِ الشعبِ بحقائقِ الثورة وإنجازاتِها. *الحشدِ المستمرِّ لطوائفِ الشعبِ حولَ أهدافِ الثورةِ الأساسية (العيش - الحرية - العدالة الاجتماعية - الكرامة الإنسانية). *نشْرِ المكاسبِ الرائعةِ للثورةِ والثوارِ على الأرضِ، وكشْفِ التراجُع المستمرِّ للانقلابِ ورُعاته ودُعاتِه والرُعبِ الذي يكبرُ في صدورِهم يومًا بعد يوم. * التأكيدِ على أن النصرَ الكبيرَ يقتربُ بقدْرِ ما تشتدُّ عزائمُ الثوار وتتّحِدُ جهودُهم وتذوبُ خلافاتُهم، ويقوى ثباتُهم، فيأتيهم فرجُ الله القريبُ إن شاء الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]. * لْنَكُنْ حريصينَ كلَّ الحرصِ على سلميَّةِ ثورتِنا، وعلى تمامِ الحَذَرِ من محاولاتِ الانقلابيين خِداعَنا أو استفزازَنا وجَرَّنا بعيدًا عن هذه السلميَّة، حتى يجدُوا لأنفسِهم ويُقدِّمُوا للعالمِ مبرراتٍ وذرائعَ لما يرتكبونَ من جرائمَ، بعد أن انكشفُوا أمامَ الدُّنيا كلِّها. وأما القصاص من القتلة فقادم بإذن الله مع انتصار الثورة المباركة {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} [الإسراء: 51]. ولئن تأخَّر النصرُ عن أسبابِه أو تأخَّر عنَّا فعلينا أنْ نرجعَ إلى أنفسِنا باللَّوْمِ وإلى ربِّنَا بالتوبةِ، ونُوقِنَ بأنَّ المعركةَ لم تَنْتَهِ بعدُ، بل لا تزالُ فيها جَوْلاتٌ ستنتهِي حتمًا بالنصرِ الكبيرِ الذي سيغيِّرُ وجهَ الدنيا بإذنِ الله، مع التوبةِ والصدقِ ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم 4-6]. اللَّهُمَّ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، اجْعَلْنَا مِمَّن استَغَاثَ بِكَ فَأَغَثْتَهُ، ودَعَاكَ فَأَجَبْتَهُ، وتَضَرَّعَ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَهُ، وتَوَكَّلَ عَلَيْكَ فَكَفَيْتَهُ، واسْتَعْصَمَ بِكَ فَعَصَمْتَهُ، وَوَثقَ بِكَ فَحَمَيْتَهُ، واسْتَهْدَاكَ فَهَدَيْتَهُ، وانْقَطَعَ إِلَيْكَ فَآوَيْتَهُ، واسْتَنْصَرَ بِكَ فَنَصَرْتَهُ، وَأَنْتَ خَيْرُ النَّاصِرِين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والله أكبر ولله الحمد |
رد: انتظار الفرج بين العبادة والعمل |
For best browsing ever, use Firefox. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي